الخميس , 26 ديسمبر 2024
الرئيسية / Uncategorized / سلسلة مواجهة ساخنة بين الأجيال

سلسلة مواجهة ساخنة بين الأجيال

المقالة الأولى

قالت الشابة الجريئة الذكية: تقول لنا يا دكتور إن التعليم والإعلام والثقافة هى أهم أعمدة بناء الوجدان، وإن الأسرة والمدرسة والمجتمع مسؤولون عما نراه من عنف وتحرش وفساد، إذن عليكم ألا تنتقدوا الشباب بل يجب أن تلوموا أنفسكم كجيل مسؤول عن كل ذلك؟

قلت: عندك الحق كله يا ابنتى.

قالت: فلنبدأ بالتعليم، ما هو الموقف من وجهة نظرك؟

قلت: يقضى الطفل والشاب من عمره حوالى ثمانية عشر عاما فى مؤسسات التعليم المسؤولة عنها الدولة، ومن هنا تكمن أهمية وصول رؤية ورسالة قادة المجتمع الخاصة بحقوق المواطنة والانتماء إلى مصر والفخر والاعتزاز بها، واحترام المرأة وحقوقها بشكل تراكمى مباشر وغير مباشر لأطفالنا وشبابنا. ولا يوجد مكان يتجمع فيه كل المواطنين لمدة 14 سنة فى المدرسة و4 سنوات فى الجامعة فى إطار له جدران، محدد الزمان والمكان مثل المؤسسات التعليمية.

وعلينا أن نعترف أنه إذا تخرج الشاب أحادى الفكر، متعصبا، وغير قابل للتعددية، عنيفا أو متطرفا ومتحرشا من هذه المؤسسات التعليمية، فلابد أننا نفعل شيئا خطأ.

قالت الشابة: مع كل احترام، أنا أشك أن لدى الأجيال المسؤولة رؤية متفقا عليها واستراتيچية تراكمية وأعتقد وزملاء لى، أن سبب التحدى الذى يواجهه الشباب هو التباس أفكار جيل الآباء. نحن بكل اخطائنا نتاج عدم وضوح رؤيتكم وتخبط أفكاركم.

قلت: هات كل ما عندك..

قالت: أنتم جيل مع من سبقوكم التبست عندكم المفاهيم سياسيا واجتماعيا وثقافيا. هل نحن دولة مدنية حديثة كما يقول بعضكم وكما نؤمن نحن أم دولة دينية سلفية.. الأمور أمامنا مختلطة. هل يحترم المجتمع حرية الرأى ويحترم المرأة ومؤمن بالتعددية وعنده التسامح الذى يقبل المختلف عنه؟. أشك أن جيلكم مستقر على توجهاته، أنتم فى صراع حول مفاهيم منذ بدء القرن العشرين وتلوموننا على ما حدث فى وجداننا.

قلت: حتى لا ندخل فى جدل بدلا من الحوار، فأنا أوافقك ولكنى أبحث عن الحلول.

قالت: نعود للتعليم..

قلت: فى كتاب د. طه حسين الشهير «مستقبل الثقافة فى مصر» كان يتحدث عن الأمية فقال بحكمة، إن محو الامية لا يعنى تعلم القراءة والكتابة ولكنها محو أمية القراءة والكتابة والفهم، لأننا لو محونا أمية القراءة والكتابة بدون فهم أصبح من يقرأ ولا يفهم، عرضة لان يتحكم فيه من يفكر. فالمسألة ليست قراءة وكتابة لكنها مسألة تتضمن عمق فهم، وقدرة على الاختيار، واتخاذ القرار، والتمييز بين الخطأ والصواب.

إن تحدى التعليم مسألة عابرة للحدود، فلا يوجد شىء اسمه تعليم مصرى أو أجنبى فالتعليم واحد، لانه يقوم على اسس واحدة والتطور يسير فيه على نفس النهج، لكن فى آخر 10 سنوات حدث شىء لم يكن موجودا من قبل وجاءت جائحه كوفيد ١٩ وأوضحت عمق الأزمة.

فى آخر 10 سنوات أصبحت التكنولوجيا فرضا رئيسيا فى الحياة، والتعليم يتغير تغيرات شاملة فى وسائله ووسائل توصيل المعرفة للطلاب. فقد أصبحت المعرفة متاحة للجميع وبدون تكلفة، فتغير دور التعليم من مجرد نقل المعرفة لأذهان الطلاب إلى معايشة الطلاب فى المدرسة والجامعة بما يعنى أن القضية أصبحت رقمية التعليم وأنسنته وليست منهجا يتغير وإنما نموذج للمعايشة داخل إطار مؤسسة التعليم فى إطار رقمى وإنسانى فى نفس الوقت.

إننا نتكلم الان على التعليم بعد كورونا، والتعليم عن بعد والوسائل الجديدة وكيفية استخدامها. ولكننى أعى أنه من الممكن أن ننجح فى تطوير التعليم ونستخدم وسائل التطور بشكل فائق، لكننا قد نخرج أيضا وبدون قصد، المبتكر والعالم والمبدع والعبقرى ولكنه فى نفس الوقت، المتطرف فى الفكر والعنيف والمتحرش. فالمسألة ليست فى إدخال منهج لحقوق الإنسان لمنع العنف أو إصدار التعليمات بمنع التحرش واحترام المختلف، ولكنها طريقة حياة داخل المؤسسة التعليمية التى يخرج منها هذا الشاب/ الشابة قادرا على التمييز بين الحق والباطل وأن يعيش فى إطار يحترم حقوق الاخرين من غير منهجية العنف الزائد الموجود فى المجتمعات الحديثة. إن صنع الوجدان يتم فى مؤسسات التعليم، فى الاسرة، من الإعلام، فى مناخ الثقافة العامة والفنون. وتتداخل فى التعليم أمور جديدة مثل اللعب والالكترونيات واستخدام الانترنت والوصول للمعارف غير المحدودة واليوتيوب وغيرها.

كل هذه التكنولوجيا متاحة للأطفال والشباب بدون أى تحكم من جانبنا ومن يحاول الوقوف أمام استخدامها فمصير جهوده الفشل.

هل هذه محنة أم فرصة..!

إذا تعلمنا كيفية استخدام أدوات العصر لخلق الوجدان الذى يسمح بالتسامح وقبول التعددية وقبول الاخر واحترامه والسلام مع النفس ومع الآخرين أصبحت لدينا فرصة للقفز فوق تحديات بنيت عبر السنين. وإذا انتظرنا أن يأتى الحل بالدعاء والتمنى فإن المجتمع سينزلق أكثر ويغرق فى تناقضات فرضت على جيلنا ومن سبقونا نتيجة الجهل، بين الحداثة والسلفية وبين التنوير والجاهلية وبين العلم والمعرفة وخرافات الماضى ومعتقدات خلقت فى وجدان الناس فى وقت كانت فيه المعرفه قليلة ومنهجية العلم غائبه.

والحكمه والخبرة تقول:

أولا: إنه لا يوجد نظام تعليمى يرتقى فوق مستوى معلميه، فلو أننا نتكلم عن منهج يدرس وعن إدراك للحقوق يتم تدريسه للاجيال الحديثة، وصناعة مستقبل، وصناعة شخصية فيجب تركيز هدفنا على القائمين على العملية التعليمية من معلمين ومديرين لأنهم الميسرون لحصول الطالب على المعرفة فى المؤسسة التعليمية فيجب أن نحدد هدفنا بالارتقاء بمستوى المعلم ومستوى التعليم معا.

الحكمة الثانية تقول، إنه لتحسين مستوى التعليم يجب تهيئة المناخ للمتعلم فإذا كان مناخ التعليم قبيحا وليس به جمال فلا تنتظر من المتعلم أن يحب الجمال أو أن يصفو وأيضا لو كان المناخ مليئا بالكذب وانعدام الامانة فلا يجب أن ننتظر من التعليم أن يرتقى لمستوى أعلى نظنه سيتواجد وحده.

الحكمة الثالثة تذكرنا بالذى يفرق الإنسان عن سائر المخلوقات وما الذى أودعه الله فى الانسان يميزه عنهم؟.. الإجابة هى الخيال والحلم وتراكم المعرفة والإرادة الحرة فى اتخاذ قراره.

الأطفال هم أكثرنا خيالا وأوسعنا حلما ولو تأملنا العنف الذى نقدمه لأطفالنا فى الألعاب والأفلام السينيمائية والرسوم المتحركة لأدركنا حجم البث الوجدانى الذى نغرزه فيهم ويشكل أحلامهم. ويجىء البث الآخر من مدعى التدين بالخرافات التى لا أساس لها فى ديننا السليم الجميل لتكتمل منظومة وجدانية لا علاقة لها بالحداثة والعلم.

إن احترامى للأزهر الشريف يعلمه القاصى والدانى، إلا أن هذا لا يمنعنى من التساؤل فى كيفية التأثير على وجدان طالب يقضى أربع عشرة سنة من الدراسة فى مدارس ثم أربعة أعوام فى جامعة فى التعليم الأزهرى ولم يجلس بجانبه مسيحى ولم تجلس بجانبه فتاة- أن يتقبل أن يكون هؤلاء مواطنين معه لهم نفس الحقوق.

إذا كانت هناك سياسات فيجب تطبيقها على الجميع لأنه لا ينبغى أن يكون لدى مسار يسمح بأحادية الفكر، ومسار آخر يسمح بتعددية الفكر فالرسالة لا بد لها أن تتغير فأنا لم أصادف إلى الآن رسالة تجمع بين التوجهين. نحن نريد إبداعا أكثر فى دمج الأفكار وإزاله الالتباس.

فى رأيى أن ذلك مسؤولية الحكومات وقادة المجتمع، ويجب أن نظهر جدية حقيقية فى التعامل فى هذا الأمر. بدون أن نفعل هذه المفاهيم الإنسانية ونعرفها وندمجها فى وسائل التكنولوجيا الجديدة فمن الصعب جدا أن نتوقع جيلا جديدا أكثر إبداعا وأكثر عبقرية وأكثر تسامحا وأقل تطرفا فى نفس الوقت.

نعم يا ابنتى، عندك حق وعلى جيلنا أن يسعى معكم وبكم للخروج من هذا المأزق وتخطى الالتباس فى المفاهيم وفرض طريق بلا تناقض بين ما نقول وما نفعل.

وللحديث بقية..

 

المقالة الثانية

استمرارا فى المواجهة بين الأجيال، امتد الحوار بينى وبين شباب الحالمين بالغد وبعضٍ من أهاليهم حول اختلاف وجهات النظر واتهامات الشباب للجيلين الأكبر بأنهم السبب فى تضارب مفاهيمهم واختلاط قيمهم.

قالت الشابة الثائرة المثقفة: كنت قد ذكرت لنا يا دكتور أنك تريد تضمين بعض القيم الإنسانية المهمة فى برامج مؤسسات التعليم، بهدف البناء الصحى لوجدان الأطفال والشباب، ونريد مناقشتك فى ماهية هذه القيم، وهل لها نفس المفهوم لدينا.

قلت: هذا موضوع مهم، لأننى متفق معكم أن جيلنا ومن قبله ومن بعده قد يكونون سببا فى اضطراب مفاهيم بعض القيم لديكم، خصوصا بتكرار ذكرها وفى نفس الوقت العمل بعكسها.

وقد كنت مع مجموعة من الباحثين قد حددنا ٣٥ قيمة إنسانية مهمة لابد من إرسائها فى المجتمع والتأكد من الاتفاق على معاييرها ووسائل قياسها بشكل علمى..

قالت: هناك نوعان من القيم، قيم تدّعونها وقيم تعيشونها، فأى نوع تقصد؟

قلت: أفهم ما تعنين، رغم قسوته إلا أننى أتقبله. وعليكم أن تفهموا أن أولى مراحل الحقيقة هى الاعتراف بالواقع وتحديده، وهذا هو سبب اهتمامى بالقيم وتعريفها معكم وتوضيح نوعية الفجوة التى من الممكن أن تكون قد حدثت بين الأجيال فى هذا الأمر. عندما أستعمل كلمة «قيم» فإنى أعنى بها القيم التى نعيشها، أى التى لا نخالفها فى أفعالنا وفى علاقاتنا وتعاملنا مع الآخرين، وفى علاقتنا مع الطبيعة، وفى مواقفنا العملية وطالتى نكون على استعداد لدفع الثمن من أجلها، هى المبادئ التى تحكم ما نفعله، وليس ما نقوله أو نفكر فيه، إلا إذا كان ذلك متوافقاً مع ما نفعله. فأفعالنا هى المقرر الحقيقى للقيم التى نحملها ونعيش بموجبها.

فلا معنى للحوار عن القيم بمعزل عن الممارسة والسياق المجتمعى بمختلف أبعاده. كما أنه لا معنى للحوار عن قيم فى السياسة وأخرى فى التعليم وثالثة فى الدين وأخرى فى الاقتصاد أو فى العلوم أو فى المجتمع أو فى الفنون.. وكأن هناك مجموعات مختلفة من القيم فى المجالات المختلفة، فالقيم لا تتجزأ ويجب ألا تتجزأ.

قالت واحدة من الأمهات التى تحضر الحوار: كيف تقول أن القيم لا تقسم، فهناك قيم دينية مثلا علينا إرساؤها وفرضها على أولادنا.

قلت: يا سيدتى القيم ليست شعارات تُرفع وإنما قناعات تُترجَم من خلال تصرفاتنا وسلوكنا وتعاملنا مع الآخرين. هى مبادئ متضمنة فى أفعالنا وعلاقاتنا. وقد جاء فى الإسلام أن «الدين هو المعاملة»، وجاء على لسان المسيح عليه السلامإِنْ قَالَ أَحَدٌ: «إِنِّي أُحِبُّ اللهَ» وَأَبْغَضَ أَخَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ. بعبارة أخرى، تؤكد العبارتان أن المعيار الدينى يعود إلى علاقتنا مع أنفسنا ومع الآخرين، كيف نعاملهم ومدى صدقنا معهم ومحبتنا لهم، أى أن الفاصل بين الواقع والادعاء بالنسبة للقيم يكمن فى الأفعال وليس فى الأقوال. بالنسبة للنبى محمد وللمسيح، عليهما السلام، كان تركيزهما على الإنسان الصالح، وعلى مكارم الأخلاق، ولا تختلف الأديان كلها فى نوعية القيم الإنسانية الفاضلة. القيم عابرة للأديان.

قالت الشابة الأولى: وما هذه القيم الرئيسية التى تتكلم عنها؟

قلت: اخترنا ٣٥ قيمة، وهى الصدق- الدقة- الجمال- السماحة- المحبة- النظافة- الحرية- الصبر- الشجاعة- الرحمة- الإيمان- العلم- الإحسان- الشكر- الاعتذار- الغفران- العطاء- الاحترام- الرأفة- الامتنان- السعادة- الصداقة- المسؤولية- المواطنة- التواضع- العدالة- الإتقان- البر بالوالدين- الكبرياء- الاستماع- التضحية- الطاعة والاحترام- التكافل- النزاهة- المشاركة.

قال شاب آخر: سأختار أربع قيم مما تقول يا دكتور أرى أننا سنختلف فى تعريفها، ونناقشها معك.

قلت: تفضلوا.

قالت زميلته: اخترنا قيم الصبر، والشجاعة، والتضحية، والاحترام والطاعة.

علق ثالث- مما يدل أنهم بذكاء عندما عرفوا موضوع الحوار قاموا بواجبهم فى النقاش سويا قبل اللقاء معى، وهو ما أسعدنى- علق قائلا: مثلا عندى رغبة فى تغيير قيمة الصبر التى ندعو إليها. هناك صبر سلبى لا أستحسنه، وهو الرضا بالمرض والألم والفشل وأحيانا نسميه قضاء الله. وما نعتبره قضاء الله قد لا يكون نهائيا، ويستطيع الإنسان تغييره وتعديله، هذا صبر سلبى، أما الصبر الإيجابى فهو السعى الحثيث لتغيير الواقع غير المرضى أو المؤلم والبحث عن علاج وأخذ الدواء إن وجد.

وتغيير ما فى النفس ليتغير ما حولها. يا دكتور قيمة الصبر الأيوبى هو الرضا بما نظن أن الله قد قسمه لنا وانتظار فرجه.

ونحن لا يرضينا ذلك ولا نود نقله بهذا المعنى للأطفال.

الصبر ليس مفتاح الفرج بل التفكير فى الخلاص والسعى لتغيير الواقع إن كان غير مناسب هو مفتاح الفرج.

عاوزين نغير اليافطة الموجودة فى مكاتب الموظفين التى تقول الصبر مفتاح الفرج إلى السعى والعمل مفتاح الفرج.. المعرفة مفتاح الفرج.

قلت: أحسنتم فى التعبير وأوافقكم على المدخل فى تعديل المفهوم.

قالت زميلته: أنا أساسا أرى أن قيمة التضحية غريبة، لأنه لا يوجد شىء يمكن وصفه بالتضحية.

ابتسمت متعجبا وقلت إذن أنتِ لا تعترفين بتضحية الأم لأولادها، أو التضحية فى الحب التى كتب عنها الشعراء والأدباء مثلا؟!!!

قالت: لقد علمتنا أن نبحث عن تعريف كل كلمة ومعناها قبل الخوض فى أى حوار، وتعريف التضحية هو بذل النَّفس أو الوقت أو المال لأجل غاية أسمى، ولأجل هدف أرجى، بدون مقابل، وحضرتك ركز معانا فى جمله بدون مقابل.. إذن التضحية هى الفعل الذى لا مقابل له، والحقيقة أن كل أفعال البشر لها مقابل، فسعادة الأم بنجاح أولادها أو النجاح فى حمايتهم مقابل. الطبيعة تقول إن ما يفعله الآباء لأولادهم يسعدهم أكثر، وسعادتهم جزاؤهم. وبذل المال والنفس فى انتظار الأجر والثواب عند الله هو مقابل كبير جدا. ولا توجد تضحية فى علاقات المحبة، لأن سعادة المحبين بالعطاء لبعض هى مكافآتهم، وعادة ما تظهر كلمة التضحية عندما يتوقف الحب وينظر كل واحد إلى الماضى فيرى ما كان يفعله تضحية. فى ساعة الفعل لم تكن تضحية لأن سعادة عطاء المحب كانت المقابل.

نظر إلى زميلهم وقال: أما ضم قيمة الاحترام بالطاعة فهو مرفوض تماما. أساسا الطاعة للعبيد وليست للأحرار. أفهم الالتزام بالقواعد، أفهم الحوار باحترام، أفهم الالتزام بالتعاقد او الاتفاق.. أما الطاعة فمعناها التخلى عن العقل واستعباد للبشر.

قالت الشابة الأولى: تعريفات الشجاعة فى المعجمات وكتب علم النفس ومراجع الدين والأخلاق تقول، إن الشجاعة فى اللغة تدل على الجرأة والإقدام على المهالك والمكاره. وفى الشجاعة رباطة جأش وثبات، إضافة إلى الاستهانة بالموت وعدم الاكتراث أو الخوف منه، وقد وردت تعريفات عربية بأن الشجاعة هى التى يبذل فيها الإنسان الشجاع نفسه دفاعًا عن الدين أو عن الحريم أو عن الجار أو المستجير المظلوم، وعن المظلوم فى المال أو العرض أو فى مختلف سبل الحق سواء كان الظلم قليلًا أو كثيرًا.

قلت أحسنتم مرة أخرى، ولنا عودة لموضوع التضحية، فالشجاعة هى المواجهة عن علم وبالقدرة على التنفيذ، وإلا أصبحت تهورًا.. هى مواجهة الظلم عن علم بالعدل وبالقدرة على إرسائه. ومواجهة الباطل عن علم بالحق والقدرة على إرجاعه. ومواجهة الفقر عن علم بالقناعة والإقدام بشرف للخروج منه، ومواجهة الضعف عن علم بالقوة والقدرة على فرضها بالعدلومواجهة الذل عن علم بالعزة والقدرة على ممارستها.

الشجاعة هى فضيلة ومثل كل الفضائل موقعها وسط بين رذيلتين

فالشجاعة المفرطة تُعد تهوراً، وانعدام الشجاعة يُعد جبناً.

وأما عن كون تعريف الشجاعة بالموت فى الحروب وتلقى الطعنات فقط فهو تعريف ناقص، ويأتى على الخاطر شجاعة إبداء الرأى وشجاعة طلب الحرية.

قال أحد الشباب: التعليم شجاعة يا دكتور؛ ففيه إقدام على مواجهة الجهل وشجاعة تغيير الواقع.

قلت: أفحمتمونى يا شباب.. وإلى باقى القيم فى الحوار القادم.

التعليقات

التعليقات