ساء حظ هذا البلد مع الدكتور حسام بدراوى مرتين: مرة عندما أجهضوا تجربته أميناً عاماً للحزب الوطنى فى عز 25 يناير ، ومرة ثانية عندما خرج التعديل الوزارى الأخير، دون أن يكون هو نائباً لرئيس الوزراء فيه لشؤون وزارات الخدمات دون استثناء!
هذه حقيقة استقرت فى أعماقى، فى اللحظة التى انتهيت فيها من قراءة كتاب «رجل العاصفة»، الصادر عن الدار المصرية اللبنانية مؤخراً، لزميلنا الأستاذ أحمد مبارك!.
وسوف يكون هذا الكتاب، هو تقريباً الكتاب الوحيد، الذى سيمر عليك بسبع مقدمات لأسماء كبيرة، وذات مصداقية لدى قارئها!.
سوف تقرأ مقدمة للدكتور مصطفى الفقى، يقول فيها إنه استمع مرات عديدة إلى الدكتور بدراوى، فى حضور عدد من الأساتذة الأجانب فى شؤون التعليم، وأنه رأى بعينيه كيف أدهشتهم رؤيته، وأبهرهم فكره، فى قضية التعليم خصوصاً.. سوف تقرأ هذا، وتسأل نفسك: متى يصل هذا الاندهاش بالرؤية، والانبهار بالأفكار، إلى أصحاب الشأن فى بلدنا، لا إلى الأجانب، فنجد الرجل صاحب قرار فى ملف التعلم فى البلد، بل فى ملف الخدمات العامة جميعاً.. متى نجده.. متى؟!.
وسوف تطالع فى المقدمة الثانية، للدكتور محمد المخرنجى، أن «رجل العاصفة» إنما هو سليل أرستقراطية ثرية يقف مع حقوق الإنسان.. أى إنسان.. وفى القلب منها حقوق التعليم والصحة!.
وفى مقدمة ثالثة، يصفه الدكتور رفعت السعيد بأنه فى إصراره على قضية الإصلاح فى بلده، خصوصاً إصلاح التعليم، ينافس «سيزيف» فى الأسطورة اليونانية.. فلقد كان صاحب هذه الأسطورة يحمل حجراً إلى أعلى جبل، وكلما كاد يصل إلى القمة سقط الحجر إلى السفح، فعاد يحمله من جديد.. وهكذا.. وهكذا.. دون أن تتسلل ذرة من اليأس إلى وجدانه!.
وسوف يذكر الدكتور قدرى حفنى، فى مقدمة رابعة، أنك يمكن أن توجز القول، فتصف «بدراوى» بأنه «شخصية محترمة»، فلا تكون قد بالغت فى شىء، لأنه قد يرفض أفكارك ويدينها، ولكنه أبداً لا يقلل من شأنك!.
وسوف يراه الدكتور جورج إسحاق، فى مقدمة خامسة، أنه رجل موهوب يجب أن يُستعان به فى فترة الجفاف التى نعيشها!.
أما الدكتور أسامة حمدى، بلديات الدكتور حسام فى المنصورة، أستاذ أمراض السكر فى جامعة هارفارد، أعلى جامعات الدنيا، فيراه مجدداً فى مستنقع من الأفكار البالية.. متحرراً فى زمن المدارك المغلقة.. مفكراً فى عصر توقفت فيه العقول عن الدوران.. أكاديمياً يعرف كيف يرتب أفكاره بمنطق سليم!.
تبقى المقدمة السابعة للمؤلف أحمد مبارك، الذى تأمل فى المسيرة كلها طويلاً، ثم انتهى إلى أن صاحبها كان أقرب رجل فى نظام مبارك إلى فكر الذين ثاروا عليه!.
الكتاب ثلاثة أقسام: واحد للمقدمات السبع، وآخر لنشأة رجل العاصفة فى المنصورة ومراحل حياته، وثالث لما قام به فى أثناء العاصفة.. عاصفة 25 يناير.. لولا أن سوء حظ بلدنا معه، قد أبى إلا أن يجرى إجهاض وجوده أميناً عاماً للحزب!.
أنت أمام رجل تأثر بمنهج العقاد فى التفكير، ولايزال.. ثم أمام رجل لا يريد لمصر أقل مما أراد لها طه حسين، وليس غريباً، والحال كذلك، أن يكون كتاب «مستقبل الثقافة فى مصر» لعميد الأدب العربى، هو دستور حياته، وهو البوصلة التى يخطو خطواته على هُداها!.