هذه هى قصيدة ترجمة شيطان للعقاد والتى أُعدّها من أروع ما كُتب فى الشعر العربى قاطبةً. أُقدّمها كاملة لأنّنى بحثت عنها فى شبكة الأنترنت فلم أجدها كاملة، ورأيّتُ أن قد بخس العقاد وملحمته قدرهما من قدمها للقُراء مُجتزأة. فآليتُ على نفسى أن أُقدمها هكذا ليتذوق القارئ أو الباحث مدى متانة شاعريّة العقاد وقوة البناء المنطقى والخيالى عنده. ورأيى أنّه إن لم يكن للعقاد من القريض غير هذه لكفته لترفعه بين قامات الشعر العربى والغربى على السواء. يقول العقاد عن مُناسبة قرض هذه الترجمة وهو قول يُشبه الإعتذار المُقدّم عمّا تتناوله وحتّى لا يُسيئ أحدُ فهمها: ” غامت على نفسى فى أعقاب الحرب العالمية الأولى غيمة أخذت بالرجّ كل مبادئ الرأى عندى، فكان من نتائجها هذه القصيدة وهى تدور على سيرة شيطان كفر بالشرّ بعد أن فتن الخلق بصورة الحقّ. وإنّ شيطاناً يكفر بالشر لأشقى من ملَكِ يكفر بالخير.رلأنّ الملك بعد الكُفران بالخير قد يُجرب الشر فيرى للحياة معنى فى هذه التجربة، ولكن الشيطان الذى يُزيّف الحق بيديه، ثمّ يكفر بالشر يخبُط فى حياة ليس لها معنى على الحالين، ويمضى غير حافلِ بالخلق مُحقين أو مُبطلين، وغير مُكترث لهم ولا لنفسه فى هداية ولا ضلال”
صاغهُ الرحمنُ ذو الفضل العميم غسق الظلماء فى قاعِ سقرْ
ورمى الأرضّ به رمى الرجيم عِبرةً. فاسمعْ أعاجيب العبرْ
خِلْقَةٌ شاء لها الله الكنوُد وأبى منها وفاء الشاكرِ
قدَرَ السوء لها قبل الوجود وتعالى من عليمٍ قادر
قال كونى محنةً للأبرياء فأطاعتْ ، يالها من فاجرة
ولو اسطاعت خلافاً للقضاء لاستحقتْ منه لعن الآخرة
سُنةٌ لله فاقفوا إثرها عصبة السواسِ وامضوا راشدين
علّمَ الأقيال قِدْماً سرّها فأقامو دينه فى العالمين
سُنةٌ لله وما أوسعها رحمةً منه بجبارى الأُمم
ويحهم! لو لم يكن أبدعها كيف يدرون بأسرار النقم ؟؟
فله الحمدُ على ما فقهوا من دهاء المُلك والكيْدِ الحذر
فإذا راموا نكالاً شبهوا من أرادوه بشيطانِ قذر
******
قال : كونى محنةً للأبرياء واخسأى أيتُها النفس العقيم
أيه ا الشيطان أضلل من تشاء سوف تأويك وتأويه الجحيم
فهوى الشيطان صفْر الراحتينِ خاوىَ الزاد ويا بئس السفر
أيْنَ يمضى؟ أين أُ فقُ الأرض أين ؟ ورحابُ الكون ملأى بالأكر
بيْدَ أنّ الشر مازال أريباً وسبيلُ الغىّ ممهودُ الجناب
لنْ تراهُ حيثُ تلقاهُ غريباً أبدَ الدهر ولا نزر الصحاب
هبط الشيطان فى وادى القرود أوْهمُ الزنجُ كما قد خُلقوا
أُمةٌ من صنعة الخلاق سود أخطأوا الصِبغة أو قد حُرقوا
أرضُهم أنجبُ من أبنائها وحصادُ الزرع فيها دائم
لا ينامُ الظلُّ فى أرجائها وهم ظلٌ عليْها قائم
واستوى بيْن رُباها والحوافى فإذا السمْتُ بها سمْتُ السباع
سيْدُ القوم كسِيدِ القفر حافِ وهما بعدُ سواءٌ فى المتاع
وإذا الكعبةُ فى الأرض الشرى ورسولُ العلمِ ضاريها الشرود
بين قنصِ أو هراشِ أو كَرى يذهبُ التاريخُ فيها ويعود
ولقدْ همَّ وما أعجلهُ ! يسألُ الإنسَ بها لو يفقهون
أو يُنادى الوحشَ لو أصغى له ألكم فى القومِ صهرٌ وينون؟؟
سَخِرَ الشيطانُ من قسمته ومن الأرض وما فوق السماء
ومضى يهجُسُ فى محنته ألهذا تُستذلُ الكِبرياء؟!
أن يكن إغوائىَ الزنج لزاماً فمن العُجم الضوارى عجبى
ماله يأنفُ أنْ يغْوىَ حاماً ذلك المغوىّ ذوات الذنبِ ؟
ومشى ينغم فى غير طرب نغم الغبطة باليوم العبوس
نغماً يرصد من خلف الحقب يوم تند كُّ على الأرض الشموس
*******
لا نُطيلُ القولَ فالخطبُ يسسير وحياةُ الإنسِ والجنِ هدْر
خرجَ الشيطانُ فى الأرض يسير ومن الله إلى الله الصدَر
لمحةٌ جازت به مشرقها ثمَّ ردتهُ حيال المغرب
ويشاء الله أن يوبقها فاشتهاها شهوة المغتصب
وارتضى منها مقاماً رغداً حول بحر الروم أو بحر العجم
يتلهى فى مغانيها سدى أو لأمر خفيت فيه الحكم
ورمى أولَ فخٍ فأصابا ودعاه الحقَ واستلقى فنام
وأناب الحقَ عنه فاستجابا فإذا الحقُ لجاجٌ واختصام
وإذا الحقُ طلاءُ الخبثاء رسنُ الواهن ، سيفُ المعتدى،
ضِلةُ الجُهالِ، لُغزُ الحُكماءِ ، ذلّةُ العبدِ ، عُرامُ السيّدِ
وإذا الحقُ طعامٌ ووكون وإذا الحقُّ بريقُ الذهب
لو يموتُ الناسُ أو لو يشبعون ذهبَ الحقُ ذهاب السغب
يالها من لفظةٍ زوقها آضَ فرضاً بعدها الفعلُ الذميم
ويحه ! فى نأمةٍ أطلقها غلبَ النحسُ ولم يُغْنِ النعيم
نامَ لمّا صنع الحقَّ وأغضى ولو اختارَ لأغضى أبدا
غيْرَ أنّ الشرَ لا يألفُ غُمضا ربحتْ صفقتهُ أو قدّ فقدا
فأطارتْ سِنةً فى هُدبه بهجةُ الزرع الذى كان بذر
كادَ أن يشكُرَ نُعمى ربه لو يسيغُ الشُكرَ شيطانٌ كفر
وتمادى بعدُ فى شرّته كلما أنبت زرعاً ينعا
فرأى الشوكة فى دولته وجنى الوفرة ممّا زرعا
ألفُ جيلِ بعد ألفٍ غيّرتْ صاحبَ الآباء فيها والبنين
ورأى منها فنوناً ورأتْ منه فى صُحبتهِ أىّ فنون
أتلفتهُ مثلما أتلفها عجباً ! لا بل علامَ العجب ؟
أترى الشيطانُ يدرى ضعفها وهو من ذاك برئ أجنب ؟
فاشتهى الخمرَ ورنّات المثانى وأحبَّ الغيدَ عُذّرىّ الهوى !
لعباً ينهلُ آناً بعد آنِ نُهلاً منهُنّ يُنعشّنَ القوى
لا نُطيلُ القولَ فالقولُ هذرْ وحياةُ الإنسِ والجنِّ هباء
إنْ يدُمْ للناسِ سُلطانُ القدرْ فعليهم بل على الكون العفاء !
أنفَ الشيطانُ من فتنته أُمماً يأنفُ من إهلاكها !
ورأى الفاجرُ من زُ مرته كعفيفِ الذيلِ من نُساكها
ماله يُفسدُ خلقاً عدموا آيةَ الرُشدِ ، وهبْهم رشدوا
وعلامَ السلبُ ممّا غنموا وهمُ لو غنموا لم يُحسدوا
كُلّهم طالبُ قوتٍ ، والثرى ذلَّ قومٌ أو تعالوا، مُخصبُ
وقُصارى الأمرِ فى هذا الورى راسبٌ يطفو وطافٍ يرسبُ
مُذّ رأى الشيطان عُقبى شرّه كفر المسكينُ بالشرّ العقيم
وأراها بدْعةً من كُفره دونُها الكُفرانُ بالخير العميم
******
ياإله الكون يا خيْرَ إله يْنَ من قدْركَ أصنامُ القِدَم
من كربِ الكون لا بل من سواه عادلٌ فى الخلقِ برٌ بالأُمم
أنت يا ربُ لطيفٌ فى القضاء فاصعق الّلهم من يجحدُ لُطفك
قسمْاً باسمك يا ربَ السماء ما أرى فى الناسِ من يُدّركُ وصفك
يكفرُ الشيطانُ بالشرّ العُقام فتُعدُّ الكُفرُ منهُ ندما
وتنجيه إلى دار السلام وقديماً قلتُ لا يغشى الحِمى
فضلُك الّلهمّ من غير حساب وكذا الّلهمّ آلاءُ العليم
فاعجبوا من نعمة الّله العُجاب وانظروا كيف تلقاها الرجيم
*******
نزلَ الشيطانُ من جنّته منزلاً يرضى به الفنُ الجميل
ومشى فاختار فى مِشْيته هضْبةً عند مصب السلسبيل
هضْبةً فيها نخيلٌ وثمر وبراكينُ خبا منها الضرام
وحلاها دون أنماط الصور قالَبُ الحُسنِ كما شاء التمام
قالبُ الصُنّع الذى ينقل عنه كلُّ ذى فنٍ أعاجيب الفنون
شركٌ لا تفلتُ الألبابُ منهُ حفظتْه روضةٌ تُسبى العيون
كمُلتْ زينتُها من كل فنٍ وكساها الزهو ولدانٌ وحور
وعلى أحواضها الطيرُ تُغنّى يا كريمٌ ، يا حليمٌ ، يا غفور
وحواليْها على رحب المدى زٌ مرُ الأملاك من خلف زُمرُ
كُلّما راح عليها أو غدا شيّعتهُ بنشيدٍ مُبتكر
ونُفيضُ الوصف لولا أنّنا نصفُ الدارَ لكم يا داخليها
فاصبروا فالصبرُ مفتاحُ المُنى واسمعوا كيف غوى الشيطانُ فيها
*******
أزفت ساعتهُ ذات شتاء أو على قولٍ مضتْ حين مضى
وإذا حدثتْ فى أمر السماء فاتركْ التاريخ سطراً أبيضا
وقُبيل الصُبح أو نحو الأصيل عند باب القُدس أو باب الحرم
ركب الشيطان فوق السلسبيل مركباً يُزجيهُ سلسالُ النغم
وفشتْ حوليه أرواحُ السلام كلُ زهرٍ باعثٌ منه شذاه
سارياتٍ مثلما تسرى المُدام أو كما رفّتْ على الخدّ الشفاه
وهو ما بين وصيفٍ وملك فى رواقٍ من رضى لو كان يرضى
سبّحوا اللّه وقالوا المُلكُ لكْ وهو يزدادُ على التسبيحِ قبْضا
نظرتْ صُحبتهُ الوجه العبوس فرأوا فى الخُلدِ شيئاً عجبا
ما رأوا من قبلُ ما لوْنُ النحوس لا ولا يدرون إلّا الطربا
والتقتْ أعينهم فابتسموا كابتسام الطفل فى مهد الرخاء
وتمادى الأمر حتى سئموا فتمشت فى الخليط الثؤباء
قال أدناهُم إلى مجلسه وهو لا يعلم أن قدّ أغلظا
ما لمولاى أرى فى نفسه بعض ما خُبرّتُ عن وادى اللظى
أترى الويلَ إذن والشجنا فتْرةً تُطبقُ أهداب الرقود
أكذا الوادى الذى قيل لنا فى صبانا أنّه مرعى الجحود؟
فانثنى العابسُ وقّاد الجبين صارخاً صرخةَ مقضىّ الهلاك :
أىّ وادٍ ؟؟ قال : وادى الكافرينا ، قال : دعْ هذا فما أنت وذاك
قلْ لنا كيف ترانا ها هُنا ؟ قال : ما ذا ؟ إنّنا لَلْفائزون
قال لكنّى أرانا كلنا وأراكم قبلُ أشقى ما يكون
*******
أيُّها القارئُ وقيّتَ العثار وبلغتَ الخُلدَ موفورَ القدم
هل شهدتَ الجيشَ فى هول الفرار أوْ رأيتَ الطيْرَ راعتها الدِيَم
إن تكن لم ترها فارصد لها تدرِ ما فزعةُ أملاك السماء
فزعةٌ للّه ما أجملها صانها الرحمنُ عن سفك الدماء
ساءهم فى الخُلدِ ألّا يُحسدوا ومن الحُسّادِ من تطلُبه
راعهم فى الخُلدِ ألّا يسعدوا مُنكرُ السعدِ كمن يسلُبه
ولقدّ علّمهم شيطانُهُ علمَ ما لم يعلموا من غضب
ما لهم قد فاتهم شُكرانُه أو ليْس الغيْظُ بالمُكتسب ؟؟
لو تراخى خطبُهم لا حتملوا عُدد الرجم لذاك المُعترك
لُطْفُ اللّه فلو قد عجلوا لخلا من نجمه هذا الفلك
مننٌ للّه لا يحصُرُها صيْرفىٌّ روضتْ أعدادهُ
خَفِراتٌ لم يزل يُظهرُها كُلما هام بها عُبّاده
هو أوحى الوحىَ فى جنته فسرى فى الملأ الأعلى الصدى
حين نادى قرّ فى وقفته كلُ غضبانٌ ولبّى واهتدى
فإذا الجنةُ أمنٌ وسكون كسكون الّليل فى ضوء القمر
خشعتْ حتى الشوادى فى الغصون وصغتْ حتّى وريْقاتُ الشجر
ساعةٌ ثُمّ انجلى موقفُها عن جلال الّله فرداً فى عُلاه
غابت الأملاكُ لا تعرفُها وبدا الشيطانُ معروفاً تراه
وبدى الشيطان معروفاً ترى كبرياء الكُفر فى وقفته
عالىَ الجبهةَ يأبى القهقرى وتؤجّ النارُ من نظرته
وتنحّى كلُ مشهودٍ فما ثمّ إلّا الّلهُ والطاغى المريد
ويكادُ الكونُ ما بينهُما يغلُبُ الشكُ عليهِ فيبيد
ساعةٌ أُ خرى وقدّ حُمّ القضاء وانقضى العفوُ وحقَّ الغضب
ساعةٌ للنحسِ حلّتْ والبلاء ومتى حلّتْ فأين المهربُ ؟ ؟
حاقتْ الّلعنةُ . حاقتْ كلُّها وقضاها المُنعمُ المُنتقمُ
وجناها وهو لا يجهلُها ذلك الجانى الذّى لا يندمُ
هاتفٌ فى الخُلّدِ لمّا هتفا نفذ السهمُ فمن ذا ا لهاتفُ ؟
أهو الرحمنُ ؟ ؟ لا وأسفا بلْ هو الروحُ العصىُّ العاصفُ
هو روحٌ يحسدُ اللّه وما أعجبَ الحاسدَ للّهِ الصمد
كُلّما أبصره مُحتكماً أصغرَ الكون وأزرى بالأبد
هو ناعٍ سمُجتْ فى عيْنه نعمُ اللّه فأمسى يجتويها
حبةٌ يزرعُها فى كونه تلكُم النُعمى ، فأين الجودُ فيها ؟ ؟
هو طاغٍ يأنفُ الصغوْ إلى سائلٌ يسألهُ عمّا جنى
يحسبُ الصغوْ عقاباً قدّ غلا كيف لو أعذرَ أو لو أذعنا ؟ ؟
فرمى بالهُجرِ لا يحفلُهُ حيْثُ لا يبدأُ خلقٌ بالكلام
ويجدُّ القولَ أو يهزلهُ ولعيْنيْهِ وميضٌ وابتسام
قال : سبحانك يا مولى الموالى وتعاليتَ ولسنا نعتلى ! !
لا سلامَ اليومَ يقريّه مقالى أيُّها المولى فهلْ تغفرُ لى ؟ ؟
أيّها المولى ونوليك العزاء ويُعزّى سيّدٌ يفقدُ عبدا
فاقدُ العبدانِ أولى بالرثاء من فتىً يألمُ للأربابِ فقدا
أيُّها المولى ولا تغضب على عبدك العاصى إذا لم تُرضه
عبدَ سوءٍ رفض الخُلدَ فلا تَيلُ بالجودِ قُصارى رفضه !!
لا تُعاجلنى بلومٍ إنّنى قائمٌ عنك بلومى وانتقادى
أنا من ينصفُ من يقرفُنى وَنجىُّ بالذم منى لا يُصادى
لائمى أنت على كُفر النعم وكذا يبدأُ باللّومِ الكريم
ليتنى ذاك الكفورُ المُتهم إنّما الكفرُ أخو الخيّْر القديم
آخذى أنت بقومٍ شكروا بعض ما قيضتَ لى من نِعم
كيْف لا يشكرُ قومٌ ذكروا لك بالحمدِ حلولَ النِقم
تهبُ العُشبَ لآساد الشرى وتُعدُّ الجوع منهن كنودا
فازت الشاة فلا غروْ تَرى أنّها تبلغُ بالأكل الخلودا
كمْ عهدنا عاهلاً فى مُلكه يحكُمُ الناسَ بما لا يفقهون
لا يوبقُ السائلَ عن مسلكه ويبيحُ الأمنَ من لا يسألون
هكذا مُلكُك يا ربَ القضاء دولةٌ تحمى على الطرْف النظر
حظُّ من يدنو من الستْر الشقاء وسعيدٌ من لها عمّا استتر
فاغنَ بالراضين عن أقدارها أنّهم نعمَ عتادُ المالكين
واجعل الفردوس من أقطارها حيثُ يرضوْنَ وما هُم ساخطين
وإذا ما رئمَ الضبُّ الكُدى فقلْ الكُدّيةُ فردوسُ السماء
أو ليْسَ الخُلدُ ياربَ الهُدى منزلاً لا يتخطاهُ الرجاء ؟؟
لا تُعاجلنى فقدّ لا يتّقى سيّدُ الكونِ لساناً يكذبُ
أنْ يكنْ وزرُ ضلالى مُزهقى آخر الأمرِ ، فحتفى مُكثبُ
لا لعمرى بلْ هو الصدقُ وما أجملَ الصدقَ بشيطانٍ غوى
إنّما الصدقُ نباتٌ ما نما قطُّ بالخيْرِ ، وقدّ ينمو الهوى
إنّما الصدقُ وبالٌ يُفترى وأحقَّ الحق ما يوحى الرجيم
أبطلُ الباطلُ لا يؤذى الورى وأحقُّ الحقِّ يودى بالصميم
أمُجيبى أنت أم عند الصدى أبد الدهر سؤالى والجواب
أهى الراحةُ فى الخٌلد سُدى ثمرُ الكون جميعاً واللّباب
كيف يرضى خالدٌ يفصله أمدٌ بينكُما لا يُعبرُ
أيعافُ الشأوَ أم يجهله أمْ يُرجّيه فلا يقتدر
عفوك اللّهُمَ لا خُلدَ هُنا ومتى كان خلودٌ فى قيود ؟ ؟
سيظلُّ الخُلدُ وسواس المُنى وصدى الّليل وأحلامَ الرقود
وسيبقى الكونُ فى جوهره أبداً شيئين مهما اقتربا
خالقٌ قامَ على عُنصُره ومخاليقَ رأوه احتجبا
صانعٌ يُحيىّ البرايا مُنعماً وبرايا صُنعُها منٌّ وجود
كلا هذين موجودٌ فما أبعدَ البون لعمرى فى الوجود !!
أيُّها الفانون فى هذى الدُنى خُلدُكم يا قومُ آجالٌ تَوالى
تحسبون الخُلدَ فى نيْلِ المُنى قدّ خُدعتُم ! فاشكروا اللّه تعالى
قدّ خُدعتُم فاسألوا الدود أما يبلغ المأمولَ من شهوته
واغبطوه فهو أرقى سُلّما أوَ ما يوغلُ فى حمأته ؟ ؟
اسألوا يا قومُ أن لا تسألوا وتمنّوا للأمانى الكمالا
وإذا أعجزكُم يا قوْم أن تفعلوا فاشكروا من يحرم الخلقَ السؤالا
عفوك اللّهم أو لا عفو لى طال بى حلمُك فابعث وجلَك
أنت لا تخطُرُ لى فى أملى لا تكن توبةُ نفسى أملَك
وادعُ فى خلقك يسجدُ من رجا خُلدك الأعلى فما نحنُ سجود
لنكُوننّ إذا صحّ الحِجى ، حجراً صلداً ولا هذا الوجود
*****
لا نُطيلُ القول . أمّا المُنتهى فقريبٌ ، وجرى ما قدّ جرى
السنى أظلمَ والنجمُ سها ولهيبُ النارِ أمسى حجرا
لا انتنقاماً حَبِطتْ فتنتهُ حاشا للّه ولا الحِلمُ نفد
إنْ تكنْ قدّ خمدتْ جذوتهُ فمن الرحمة بالخلق خمد
حين جارت فتنةُ الغاوى على عِصمة الأملاك فى غِرّتها
عجّل اللّه به ما أجّلا وحمى الدولةَ فى بيضتها
قال كنْ عبدى فلمّا أن أبى قال كنْ صخْراً كما شئتَ فكان
لهبُ طارَ فلولا أن خبا لتغشّى الكونَ نارٌ ودُخان
ولقدّ قال أُناسٌ شهدوا مصرع الشيطان هل طبعٌ يزول ؟ ؟
ناره تخبو فلا تتّقدُ وهوْ فى الصخرة يستهوى العقول
فإذا أبصرتَ من صخرته دُميةً ساحرةً أو صنما
فابتعد منه ومن رُقيتهُ واتّق اللّهَ وحوقل ندما
وتعجّبْ من شواظٍ ردّهُ طارقُ اليأسِ صفاةً جلمدا
وتدبرّ كيف أبقى كيْدهُ ومحى روحاً وأفنى جسد اً
ولقدّ أسمعُ فيما زعموا نبأً من نحو إبليس أتى
قال ( لا تأسوا ولا تنتقموا معشرَ الجنِ فما برّ الفتى
ما أرى هذا الفتى من دمِنا ومتى استغوى الشياطين الشرك ؟
أترى شيطانهُ من قومنا أغوت الأملاك فهو ابنُ ملك !
ذاكَ أو كيف أطاشت فمَهُ غيْرةٌ منهُ على القول الصُراح
أكبا الثرثارُ أم أسقمهُ أرجُ الجنّة أم ملّ الكفاح ؟؟ )
فتلاحىَ القومُ ثُمّ استضحكوا ودعا مازحُهم شرّ دُعاء
قال فلتسلكهُ فيمن سلكوا أيُّها المولى سبيلَ الشُهداء !
وتقضتْ بينهم سيرتُهُ ومضى كالطيفِ أو رجع الصدى
باءَ بالسخطِ فلا شيعتهُ رضيتْ عنهُ ولا أرضى العِد ا
وكذا العهدُ بمشبوب القِلى عارم الفطنةِ جيّاشَ الفؤاد
أبداً يهتفُ بالقوْلِ فلا يُعجبُ الغىّ ولا يُرضى الرشاد