الخميس , 19 ديسمبر 2024
الرئيسية / صحافة / حوارات صحفية / الأهرام – حقيقة النظام الجديد للتعليم ومستقبل “دعم مصر”

الأهرام – حقيقة النظام الجديد للتعليم ومستقبل “دعم مصر”

المفكر السياسي د. حسام بدراوي في حوار لـ”بوابة الأهرام”

– نظام التعليم الجديد ناقص وغير مكتمل.. ولكنه خطوة شجاعة من الحكومة تستحق التحية
– التصالح مع الإخوان يعني العودة للخلف 10 سنوات للوراء
– تأخرنا كثيرا في ملف تطوير التعليم.. ولكن أمامنا فرصة ذهبية لنلحق بركب الدول المتقدمة
– لست قلقا على تمويل نظام التعليم الجديد.. وأرقام مفزعة أنفقت في السنوات السابقة دون فائدة
– استدامة العمل شرط رئيسي لتطوير التعليم.. ويجب أن نبني على ما مضى
– مفيش حاجة اسمها “تعريب مناهج اللغات”.. والإعلام أعطى صورة غير حقيقية عن القضية
– بدون إعلام مساند ودولة داعمة لن يحدث أي تقدم في التعليم.. و”اللي مش بيفكر رقميا ليس له مكان في المستقبل”
– لا يوجد رئيس يحكم بدون ظهير شعبي.. وإذا تحول ائتلاف دعم مصر لحزب سيكون قصير العمر
– الحياة الحزبية “متكتفة” .. والرئيس ليس بحاجة حاليا لحزب سياسي
– لم أتواصل مع مبارك منذ خروجه من السجن.. “وربنا أنصفني”
– لا أعلم حقيقة كتابة الرئيس الأسبق مبارك مذكراته.. ومتفائل بمستقبل مصر

حمل الدكتور حسام بدراوي، المفكر السياسي، على عاتقه مهمة الدعوة للتغيير طوال فترة وجوده في نظام مبارك، سواء من خلال موقعه القيادي بالحزب الوطني أو كنائب بالبرلمان لعدة دورات أو في مجال العمل الأهلي، رافعا راية الإصلاح ومشاعل التنوير، ومطالبا بترتيب البيت من الداخل، لم يكترث لحظة لما سيلقاه من مصير من نظام مبارك إذا ما فشلت 25 يناير، ولم يتوان في تقديم أي نصيحة أو مشورة تعيد المسار لطريقه الصحيح مرة أخرى من جديد، اعتبره الكثيرون أحد أقطاب التنوير في مصر والسياسي الإصلاحي، والمغرد خارج السرب، وهو ما جعله يحظى بثقة واحترام الملايين حتى اللحظة الراهنة، لذلك لم يكن غريبا أن يحظى بلقب “رجل العاصفة”، نظرا للدور الذي لعبه في أخطر وأدق الفترات التي شهدتها مصر.

لسنوات طويلة ظل المفكر السياسي الدكتور حسام بدراوي، رئيس حزب الاتحاد، والأمين السابق للحزب الوطني المنحل، مهموما بقضية تطوير التعليم في مصر، شغوفا بكل تفاصيلها، متابعا جيدا لكل إفرازاتها، طامحا في تحقيق رؤية وإستراتيجية متكاملة يمكن أن تنهض بالدولة للأمام، لذلك ظل يرفع شعار “لا تقدم لأي دولة دون تعليم حقيقي”.

عن نظام التعليم الجديد والتحديات الاقتصادية والخارجية التي تواجه الدولة، ودعوات التصالح مع جماعة الإخوان المسلمين، وضعف الأحزاب السياسية في مصر، وكواليس فترة حكم الرئيس الأسبق مبارك، أجرت “بوابة الأهرام” حوارا مع بدراوي، للتعرف على رؤيته وموقفه في تلك الملفات.. وإلى نص الحوار..

حسام بدراوي

**بداية.. ما تقييمك لنظام التعليم الجديد الذي أعلن عنه وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي؟

الحقيقة، أتعجب ممن يطلقون عليه نظام تعليم جديد، لأن هذا يعني أن المجتمع لم يتابع رؤية مصر 2030 في التعليم، ولو تابعنا تلك الرؤية التي صدرت منذ نحو 3 سنوات، والتي تشرفت أنا بترؤس فيها مجموعة تضم 70 خبيرا، لوضع الرؤية وتفاعلت مع نحو 500 ألف شخص على الفيس بوك، وانتهينا إلى رؤية متكاملة، تشمل أهداف وأهداف فرعية وطرق تنفيذ ومدد زمنية وموازنة ومسئولية كل جهة ومؤشرات لنجاح هذا الهدف، ورؤية لمصر على الأقل لـ15 سنة مقبلة، فقبل أن أضع الرؤية كان لدينا مشكلة، لماذا لا نتقدم رغم أن العقول التي تضع السياسات موجودة؟، ووصلنا إلى أن كل حكومة أو وزير يأتي يبدأ من جديد، من مرحلة البداية، نحن لا نبني فوق أهداف ما مضى، فالرؤية قيمتها الرئيسية ألا يحدث أي هدم، وأن تحدد مسار التعليم، وهذه مهمة وراؤها قصة طويلة من الأهداف ومؤشرات القياس، وأن يكون هناك أيضا تمكين تكنولوجي بمعني أنه يفكر ويدرس ويذاكر بشكل رقمي، لكي يخرج من النظام إنسان سوى قابل للتعددية، وفخور بتاريخ بلاده، وشغوف ببناء مستقبلها، وقادر على التنافس العالمي، ويحترم الاختلاف، وقادر على العمل فى أي مكان بالعالم.

لذلك ما أود أن أؤكد عليه أن نظام التعليم الجديد ليس جديدا، ولكنه تطبيق عملي لرؤية 2030، التي وافق عليها المجتمع وأعلنتها الدولة.

** أفهم من كلامك أن الرؤية التي أعلنت عنها وزارة التربية والتعليم منقوصة وغير مكتملة؟

نريد أن نتفق أن الخطوة التي اتخذتها الحكومة، خطوة في غاية الشجاعة، لأنها تسعى للتغيير، ولكن بالقطع الرؤية ناقصة، وللأسف لا يمكن أن تنفذ الفكرة بدون إعلام ومجتمع مساند، ودولة مؤيدة بأكملها للنظام، وهذا سيأخذني إلى الجانب السياسي، فهو في نفس أهمية الجانب التقني، لأننا لا نستطيع أن نفعل شيئا بدون أن نشرح لأولياء الأمور، وإرسال الرسالة إلى الإعلام، لأن أي نظام جديد قد تحدث به أخطاء، ومن المحتمل أن تكون هناك مقاومة ممن سيحاولون إبقاء الوضع على ما هو عليه، لذلك فهي خطوة شجاعة من الحكومة، والأبرز من وجهة نظري أنه يجب النظر إلى طريقة التغيير للانتقال إلى اللامركزية، لنجعل المدرسة تكون مكانا حقيقيا لصناعة الوجدان، فمن الممكن على المدرسة أن تخرج أطباء ومهندسين وعلماء، ولكن بأفكار ملوثة ويصبحون قتلة تستخدمهم داعش وغيرها من التنظيمات التكفيرية المتطرفة، لذلك ما أود التأكيد عليه هو صناعة الوجدان وهي قضية في غاية الأهمية لأنها تحرج أشخاص أسوياء، وكنت أتمنى أن يضم ملف الإعلام والثقافة والشباب في ملف وحدان لأنهم القادرين على صناعة الوجدان.

وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، أعلن عن جزء من الرؤية وهو التمكين التكنولوجي، يتعلق باستخدام التكنولوجيا في التعليم، وإتاحه التكنولوجيا للجميع بدون تكلفة، ولكن باقي الرؤية لم تكتل بعد، والتي تتحدث عن كيفية إدارة التعليم، وكيفية الانتقال إلى اللامركزية، واختيار إدارة تعمل بشكل كفء ومستدام، فما أقدمت عليه الحكومة خطوة جيدة للغاية، ولكن لم تلمس الرؤية الجزء الثاني من التمكين وهو التلميذ، وكيف يتشكل وجدانه؟، وكيف يصبح سويا؟ بمعنى أن يمارس الفنون والرياضة وغيرها من الأنشطة، وأن يكون المناخ المدرسي مؤهل لذلك، لكي تخرج المدرسة أبطالا أوليمبيين وفنانين ونجوما، وذلك لن يحدث بدون الناظر والمدرس القادر على تحقيق هذا الهدف.

حسام بدراوي

** هل تأخرنا كثيرا في وضع رؤية وإستراتيجية واضحة لتطوير ملف التعليم في مصر؟

نعم، تأخرنا كثيرا، ولكن أتيحت لنا فرصة ذهبية حاليا، وهى وجود التكنولوجيا، الذي أتاح المعرفة بدون تكلفة وبأشكال جديدة، فالعالم كله يغير نظم تعليمه، ونحن حاليا نقف مع العالم فى لحظة التغيير، فلسنا مضطرين أن يمر علينا 50 عاما مثل ماليزيا، أو 70 عاما مثل إنجلترا لكي نتقدم فى التعليم، فأمامنا طريق مختصر جديد، ولدينا فرصة لنركب مع غيرنا وننطلق للأمام، نعم تأخرنا كثيرا، ولكن خلقت لدينا فرصة ذهبية بالتكنولوجيا وما أتاحته للبشرية.

وأقولها صراحة، السبب الرئيس فى تأخرنا فى ملف التعليم، هو عدم استدامة العمل، كل حكومة تأتي تبدأ من أول وجديد، ويظن أي وزير جديد أنه الوحيد الذي يفهم، فالسياسات يجب أن تكون مستدامة وتحقق أهداف، وأن يكون هناك شفافية فى إعلان ذلك للمجتمع، ولابد من لإشراك الناس فيها.

** هل تتوقع أن يغير النظام الجديد مستقبل التعليم في مصر؟

نظام التعليم الجديد سيغير شكل التعليم فى مصر فى المستقبل إذا اكتمل، لأن استخدام التكنولوجيا جزئية، ولكن بناء الوجدان يحتاج أمورا أخرى، وأتساءل: كيف نجعل الإنسان إيجابيا ويبحث عن الأفضل؟، فهناك طريقة لجأت إليها الاستخبارات العالمية لقتل أي أمة، وهي أن تجعل الأطفال والشباب لا يحترمون  ماضيهم ولا يصدقوا إمكانية حاضرهم ولا يثقوا فى المستقبل، فالتعليم والإعلام والثقافة بحاجة إلى التأكيد طوال الوقت على تاريخ بلادنا المشرف، ويجب أن يكون هناك إحساس وفخر بقيمة بلدنا وتاريخنا، وأن يكون لدينا ثقة فى الغد، وهذا لا يأتي من فراغ إنما نتاج عمل يحدث من الساسة والحكومة وأيضا المدرسة، لكي يكون العمل إيجابي.

** طرحت قضية التمويل كأحد أهم العناصر الرئيسية في تلك المنظومة.. هل ترى أن الإنفاق على تلك الرؤية سيكون عائقا أمام الحكومة؟

الأرقام مفزعة، لو رأينا كم أنفقت مصر في ملف التعليم عبر السنين، لأن هناك كمية أموال أنفقت ولكنها لم تنفق على بناء متتالي متراكم، “مشروع يخلص”، ويتقى الأمر كما هو عليه، فلست قلقا من التمويل لأن المجتمع المصري والحكومة قادرين على التمويل، والمؤسسات العالمية المانحة تعطينا أموالا من أجل تطوير التعليم، ولكن للأسف كانت تنفق في الأوجه التي لا يستفيد منها أحد فى المجتمع، فنحن عباقرة فى بدايات الأشياء وليس إنهائها على الشكل المطلوب.

** هل ترى أن استخدام التكنولوجيا والتابلت فى العملية التعليمية سيكون في مصلحة الطلاب؟

أثناء جولاتي على المدارس في أفقر الأماكن، شعرت أن كل الأطفال قادرين على استخدام التكنولوجيا، فمصر فيها أكثر من الـ100 مليون تليفون ذكي، ويعني ذلك أن كل الناس تستخدم التليفونات الذكية، كل ما في الأمر أن الناس تدرك أن هذا وسيلة من الوسائل التي تجعل المعرفة متاحة للطالب طوال الوقت وبدون تكلفة، “واللي مش بيفكر رقميا ليس له مكان فى المستقبل، أيوة هيبتدى فى أولى ثانوي، ولكن أنا عايزه يبدأ من الحضانة لكي يكون المجتمع ممكن تكنولوجيا”.

حسام بدراوي

**هل ينهي النظام الجديد على “بعبع” الخوف والرهبة للطلاب من الثانوية العامة؟

أيهما أفضل للطالب، امتحان فى لحظة واحدة يحدد مستقبله، أم تراكم على مدار 3 سنوات، بالقطع النظام التراكمي، فالناس قلقة، لأنه حينما تم عمل نظام تراكمي عام 2002 و2003، ارتفعت الدروس الخصوصية، لكن المتغير الجديد هو التكنولوجيا المتاحة اليوم، والتي لم تكن متاحة منذ 10 سنوات، فالنظام يتيح للطالب فرصة لتحسين مستواه والحصول على شتى أنواع المعارف ولكن بطريقة ميسرة، نعلم جيدا أننا سنواجه أخطاء فى تطبيق المنظومة، ولكن إذا لم يكن لدينا الجرأة لنخوض التجربة سنظل كما نحن فى الخلف.

** لجأت الدولة إلى المدارس اليابانية كأحد روافد تطوير التعليم عبر الاستعانة بنماذج من الخارج.. كيف تنظر إلى تلك التجربة؟

المدارس اليابانية ليس مسار آخر مختلف عن إستراتيجية تطوير التعليم، ولكن تركز على الجانب الثالث الذي سبق وتحدثت عنه وهو صناعة الوجدان، فالفرق بين المدارس اليابانية وبين المدارس الأخرى، هي أن تلك المدارس والأنشطة تركز على أن الطلاب مسئولين عن نظافة مدرستهم، ويلعبون الفنون والرياضة والأعمال المشتركة، فالنظام الياباني مبني على صناعة الوجدان، فهم لا يختلفون كثيرا عن رؤيتنا لكنهم ينفذونها فعلا، وعلينا أن نأخذ ونتعلم منهم.

** أثير مؤخرا حالة من الجدل بسبب ما يسمى بـ”تعريب مناهج مدارس اللغات”، فكيف تنظر إلى هذا الأمر؟

مفيش حاجة اسمها “تعريب لغات”، فهي كلمة ليس لها معنى على الإطلاق، وتواصلت تليفونيا مع الوزير، وقال لي إنه ليس هناك ما يسمى بتعريب اللغات، وقال لي: إن المدارس التي تدرس العلوم والحساب، وهم الـ 721 مدرسة تجريببة باللغة الأجنبية، سيبدأون باب اللغة الأجنبية فى أول إعدادي وليس رابعة ابتدائي، وتدريس اللغة الإنجيلزية سيتم تدريسها فى أول ابتدائي وليس 2 ابتدائي، وابتداء من إعدادي سيكون هناك تدريس لغة أجنبية ثانية، وللأسف الإعلام أعطى صورة غير حقيقية على خلاف ما سمعته من وزير التعليم الدكتور طارق شوقي.

حسام بدراوي

** بعيدا عن ملف التعليم، أصبحت الأحزاب في موضع الاتهام لعدم قدرتها على إفراز مرشح رئاسي قادرا على المنافسة رغم وجود أكثر من 100 حزب في مصر، كيف ترى ذلك؟
لا يوجد رئيس يحكم بدون ظهير شعبي، أي شخص ينتخب الرئيس لأن لديه أيدلوجية اقتصادية وسياسية، فلابد أن يكون هناك مجموعات تعمل في القواعد لمساعدة هذا الرئيس على تنفيذ ذلك الفكر، فالرئيس لا يمثل كل الأفكار، ولكنه يمثل فكرا معينا، فهناك من ينتج له ومن يسوق له ومن يعمل ضده، فنحن اخترنا أن يكون هناك نظام رئاسي وبرلمان ومجالس محلية، الهدف أن يكون هناك رقابة شعبية على حزب يحكم، إذا لم يكن هناك حزب أغلبية يحكم، من سيحكم؟، وبالتالي سيكون هناك فراغ، هذا الفراغ لن يملأه سوى الأكثر تنظيما وتمويلا، مثل الإخوان أو أي حزب سياسي لديه تمويل، أو الأمن يتدخل ليملأ هذا الفراغ حتى لا يتركه كذلك، والمؤكد أن أي عضو برلماني أو مجالس محلية لكي يحقق مكاسب لأبناء دائرته يريد أن يلمس بالسلطة التنفيذية، وبالتالي أي حزب سياسي ليس لديه احتكاك بالسلطة التنفيذية لن يكن له وجود، لأن السلطة التنفيذية هي السلطة الوحيدة القوية في مصر، فالسلطة التشريعية والرقابية ضعيفة، والقضائية في مكان آخر، ولو الرئيس السيسي أعلن غدا عن تشكيل حزب، سيذهب للانضمام إليه الـ100 حزب سياسي الموجودين على الساحة السياسية، ليس لأنهم منافقين ولكن لأنهم يعلموا أنهم لن يستطيعوا أن يخدموا دوائرهم بدون السلطة التنفيذية، إذن فنحن بحاجة لأن نعمل عمل سياسي آخر، فلكي أكون حزبا يجب أن يكون هناك أيدلوجية وتمويل وتواصل مع الناس، والذي يترجم في بعض الأحيان بأنه عمل ضد النظام، لأن الحياة الحزبية “متكتفة، فمتطلبش الناس تعمل أحزاب قوية وانت مكتفها”.

** هل الرئيس بحاجة إلى حزب سياسي ليكون بمثابة ظهير له لدعمه؟
الرئيس السيسي لم يعد بحاجة إلى حزب سياسي لأنه انتخب مرة ثانية وليس له فرصة أخرى.

** هناك مساع جادة لتحويل ائتلاف دعم مصر لحزب سياسي، كيف تنظر إلى تلك الخطوة؟

إذا تحول ائتلاف دعم مصر لحزب سياسي سيكون قصير العمر، لأن من يحركه مؤسسات الدولة التنفيذية بنية حسنة، وحينما تكون مؤسسات الدولة هي المتحكمة في السياسة تخلق أمرين، حزب مع أو ضد، وأرى أن مصر أكبر من ذلك، وأكررها مرة ثانية، الحزب الذي يملك التمويل، والأيدلوجية، والتنظيم، سيكون لديه القدرة على شغل الفراغ، وإذا لم يكن لدينا حزب منظم وقادر على التمويل وممكن، والدولة تتيح له الحركة، سيملأ الفراغ أي جماعة منظمة والتمويل خارج مصر جاهز.

كيف تقيم آداء البرلمان طوال الفترة الماضية؟

هناك نواب يعملون بجدية داخل البرلمان، لكن تجربتي البرلمانية تقول إن الآداء البرلماني بدون أحزاب يشبه الوجبة غير المكتملة، فلابد أن يكون هناك حزب أغلبية وأقلية، وأن يكون هناك آراء مختلفة، ولكنني أرى أن الكل يقول نفس الرأى وبنفس الطريقة، وذلك ناتج عن التدخل الأمني الشديد.

تعالت بعض الأصوات مؤخرا للتصالح مع جماعة الإخوان المسلمين كان آخرها القيادي السابق بجماعة الإخوان كمال الهلباوي، كيف تنظر إلى تلك الدعوات؟

حكم الرئيس السيسي جاء بتكليف من الشعب لإقصاء الإخوان، فكون أي شخص يطلب مصالحة مع الإخوان للتواجد السياسي، فهذا يعني الرجوع للخلف 10 سنوات، أما المواطن المصري بشخصه هو منتمي لأي اتجاه هو حر طالما لا يتعدى على حقوق أحد، وليس له تهمة جنائية، لكن التواجد السياسي للإخوان يرفع التكليف على الرئيس الذي كلفه الشعب لهذه الحكومة.

** تواجه مصر تحديات اقتصادية عديدة يأتي على رأسها غلاء الأسعار.. كيف ترى الحلول لمواجهة تلك الأزمة من وجهة نظرك؟
الأسعار لن تنزل أبدا، لأن الأسعار مرتبطة بالعرض والطلب، والقانون الوحيد الذي ظل في الحياة دون تغيير هو قانون العرض والطلب، لديك احتياجات، والمتاح أقل من تلك الاحتياجات، والتجربة الشيوعية والاشتراكية في أن تتدخل الدولة لدعم السعر فشلت، لأن قطعت الطريق على أن يكون هناك موازنات للصحة والتعليم، والطريق الوحيد للأسعار لكي تتغير هو الإنتاج، لأن الطلب موجود ولا يتغير وسيزيد بزيادة السكان، لذلك لا سبيل سوى زيادة الإنتاج، بمعنى أن يتدخل القطاع الخاص لينتج ويقيم المصانع، والمسألة برمتها سياسية اقتصادية، فلابد من زيادة الاستثمارات لزيادة المعروض، والتي سيتبعها أوتوماتيكيا زيادة المرتبات، ولكن تدخل الدولة لتخفيض سعر مسألة خاسرة مائة بالمائة.

** ولكن ألا ترى أن هناك بارقة أمل بعد أن حققت البورصة لأول مرة في تاريخها أرقاما قياسية؟

البورصة سوقا للأوراق المالية لا تعبر عن إنتاجك الحقيقي، ولكنها شركات كبيرة تبيع وتشتري، ولكن في النهاية نريد أن ننتج ونزرع أكثر، ونستورد أقل، فهذا عمل يحتاج أن الدولة تتيح الفرصة للاستثمار، وهذا ليس ممكن، لأنه طالما العرض أقل فالأسعار ستزيد، وللأسف “الناس بتستهل ومش عايزة تشتغل”، والمفترض على الحكومة أن تحفز الناس وتعلمهم كيف يعملون وتتيح لهم فرص التدريب، وأؤكد أنه بدون الإنتاج ستظل المشكلة كما هي وستتفاقم.

** وماذا عن التحديات الخارجية التي تواجهها الدولة لاسيما في ظل التحولات التي تحدث في المنطقة؟

التحولات صعبة لأنك لا تملك يد في تحديد مصيرها، انت طرف متلقي لنتائجها للأسف، ولكي تكون مصر قوية خارجيا لابد أن تكون قوية داخليا، وهذا يتطلب اقتصاد وتعليم قوي، وللأسف الـ7 سنوات الماضية، أخذوا الكثير من عمر الشعب المصري، وعالميا الولايات المتحدة تتلاعب في كل بلدان العام، ونظام أصبح في حالة جنون، وعلى الجانب الآخر الصين أتوقع أن يتعدى دخلها دخل الولايات المتحدة الأمريكية، فلابد أن ننظر إلى المستقبل، للأسف أكبر مصدر للثروة في العالم حاليا هو تجارة السلاح وتجارة الأدوية والمستحضرات، فما أود أن أقوله إن الجوانب الإنسانية التي كنا نراها في الولايات المتحدة سقطت، وأوروبا أصبحت قارة عجوز، ويجب النظر إلى آسيا بشكل كبير، ولكن الأهم من ذلك أن ننظر للداخل في مصر لأننا لدينا إمكانيات أن نكون دولة عظمى.

** كنت تغرد خارج السرب في فترة حكم مبارك وأطلق عليك البعض لقب “رجل العاصفة” وصدر كتاب بهذا الاسم، فما الذي تختزنه ذاكرتك عن تلك الفترة؟

أرجو أن نتخطى الحديث عن تفاصيل تلك المرحلة، الحمد لله ربنا أنصفني بحب الناس واحترامهم، والجميع يعلم أنني كنت خارج السرب في ذلك النظام بالفعل، وما يدلل على ذلك أنني بعد 7 سنوات لا أذهب إلى مكان إلا ويضعني الناس في مقدمة الاحترام لأنهم يعلمون دوري وما قمت به، ولا أريد شيئا أكثر من ذلك، وكنت أتمنى أن أفعل الكثير فى تلك الفترة، وأدعو طوال الوقت بالستر لبلدنا، فمصر تمتلك إمكانيات عظيمة، ولدي إحساس أن الأمور لو انضبطت فى إدارة الدولة المصرية فهناك الكثير من الأمور ستتغير لأن مصر بلد كبيرة، ولو طالعنا فى التحليلات الاقتصادية سنجد أن هناك مؤشرات كبيرة تدلل على تقدم مصر الاقتصادي خلال الـ15 سنة المقبلة، فمصر مليئة بالكفاءات والنماذج المضيئة.

** البعض أكد أن الرئيس مبارك يكتب مذكراته حاليا، ما حقيقة هذا الأمر؟
لا أعلم، لم أتواصل معه منذ خروجه من السجن.

** وماذا عن أسرة الرئيس مبارك، هل انقطعت صلتك بهم نهائيا؟
أتواصل مع جمال وعلاء أبناء الرئيس الأسبق مبارك في الحياة الاجتماعية فقط وليس السياسية.

** من وجهة نظرك كخبير ومفكر سياسي، ما السبب الذي جعل نظام مبارك ينجرف نحو السقوط في تلك الفترة؟

مشكلة مصر طوال عمرها فى الإدارة، فمثلا: ما الفارق بين كوريا الشمالية والجنوبية، فهم نفس البشر والجينات ومصادر الثروة، القضية كلها تكمن فى الإدارة، فهناك من يعرف يدير بلاده واقتصاده بشكل جيد، وهناك من يخفقون ويفشلون فى ذلك، فالعالم العربي بأكمله يعمل بنفس شكل الإدارة منذ 70 عاما، لذلك سيظل على ما هو عليه، فحقيقة الأمر أننا لا ندير بلادنا بشكل جيد، ولدي أمل فى الرئيس السيسي ومجموعته أن يغيروا هذا الأمر.

أخيرا .. هل أنت متفائل بمستقبل مصر فى الفترة المقبلة؟

بالطبع، متفائل للغاية، لأننا نمتلك كل عناصر النجاح التي تجعلنا في مقدمة الصفوف، فمصر كانت دائما مصدر للتنوير للعالم العربي بفنها وحضارتها، والجميع يعلم قيمتها وأهميتها، لذلك أثق في أن مصر ستتخطى الصعاب والتحديات في المرحلة المقبلة.

التعليقات

التعليقات