الخميس , 19 ديسمبر 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / بعد 25 يناير / الإطار الوطني للمؤهلات في مصر

الإطار الوطني للمؤهلات في مصر

ما هو الإطار الوطنى للمؤهلات الذى سمعناك تتكلم عنه مرارا؟

قلت:

إن الإطار الوطنى للمؤهلات هو إطار يحدد مستوى لكل مؤهل من المؤهلات الوطنية تبعا لمجموعة من المؤشرات المرجعية التى توضح مكونات التعلم الذى يشكله المؤهل. وهو يستخدم كأداة للمقارنة بين مخرجات التعلم التى توصف عادة من خلال محتوى المعرفة والمهارة والجدارة التى يكتسبها حامل المؤهل. وهو يعتبر من أدوات توكيد الجودة على أساس المعايير التى تعمل عليها جهات التعليم والتدريب فى تكوين أو تطوير المؤهل الذى تقدمه. وتتجلى فائدته فى تنظيم سوق العمل والتوفيق بين العرض والطلب وحراك العمالة محليا ودوليا. وينظر إليه كوسيلة لإتاحة التعلم لجميع الأفراد مدى الحياة.

قال: وكيف يتم توصيف المؤهلات عادة فى العالم وما هو الوضع فى مصر وما هى أهميته؟

قلت: حتى يمكن أن نرسم خريطة للمؤهلات فى مصر فلابد أن تبدأ الخطوة الأولى بوضع تصور لما يجب أن يكون عليه شكل الإطار الوطنى للمؤهلات، بحيث يتسع لكل أنواع المؤهلات بمختلف مستوياتها التى ستوضع فى هذا الإطار بطريقة منطقية ومتسقة تأسيسا على مجموعة من المعايير المشتركة المتفق عليها.

ويتم توصيف المؤهلات بموجب مخرجات التعلم «Learning Outcomes» والكفاءات «Competences» التى تصف ما هو المتوقع أن يتمكن الشخص القيام به أو معرفته كنتيجة للعملية التعليمية خلال فترة الدراسة أو كنتيجة خبرة سابقة مكتسبة من العمل، مع التركيز على قدرة الشخص على دمج المهارات والمعارف والسلوكيات عند تطبيق مخرجات التعلم فى مجال العمل.

ويفترض أن تتوافر فى الإطار- عند الانتهاء من تصميمه- الخصائص التالية:

أولا- وضوح للعلاقة بين الأنواع المختلفة من المؤهلات المهنية والأكاديمية التى تقدمها نظم التعليم المختلفة كالتعليم العام والتعليم العالى والتعليم الفنى والتدريب المهنى، دون تفريق بين التعليم العام والخاص والتعليم النظامى وغير النظامى. إن ملكية المؤسسة التعليمية أو مركز التدريب ليست من محددات المؤهل، وهى النظرة التى علينا أن نفهمها. إن مخرج العملية التعليمية أو التدريبية هى أساس الحكم.

ثانيا- توصيف المؤهل على أساس المعارف والمهارات التى يكتسبها الخريجون من مختلف مسارات التعليم والتدريب، بما يؤدى إلى تسهيل مواءمة المؤهلات لاحتياجات التوظيف والتشغيل فى أسواق العمل الداخلية والخارجية، وبما يشجع التعلم مدى الحياة وتوظيف المهارات المكتسبة.

ثالثا- تحقيق فرص أفضل للأشخاص الذين يعانون حالياً من النهايات التعليمية المغلقة، ويضطرون للتوقف عن التعليم عند عنق الزجاجة بين مسارات التعليم والتدريب. كما يسمح بوضع قواعد للاعتراف بالمؤهلات التى يحصل عليها الفرد من خارج نظم التعليم والتدريب الرسمية.

رابعا- إتاحة فرص أفضل لوضع المؤهلات الوطنية المصرية على خريطة المؤهلات العالمية. إن استقراء أى نظام تعليمى وأى مؤهل يحصل عليه الخريج من الدول الأخرى والنظم التعليمية المختلفة، هو أساس الاعتراف المتبادل بالمؤهلات، والميسر لحركة العمالة والتوظيف عبر الحدود بين البلاد والأقاليم.

ومما سبق يتضح أهمية وجود إطار وطنى للمؤهلات المهنية والأكاديمية، وأن إنشاءه وتطبيقه يتطلب عملا توافقيا تشترك فيه كافة الوزارات المسؤولة والهيئات المعنية، كما يجب أن يتضمن مشاركة فعالة من جانب منظمات أصحاب العمل. بل إن هذا الإطار يجب أن يتوافق بشكل أو بآخر بالأطر المعترف بها فى الدول الأخرى.

من الملامح الرئيسية لتصميم الإطار الوطنى للمؤهلات أنه يتكون من عدد مناسب من مستويات المؤهلات «Levels» يتحدد تبعا للأوضاع السائدة فى سوق العمل ومصادر التعليم فى مصر. ومن المعتاد أن تختار الدولة 7 أو 8 مستويات، وأحيانا يقل الحد الأدنى إلى 5 مستويات وقد يرتفع العدد حتى 12 مستوى، ولا يوجد ما يمنع الاختلاف بين الدول فى عدد المستويات.

ومن الشائع أن تستخدم الدول ثلاثة مؤشرات رئيسية لتحديد الفرق بين كل مستوى وآخر، لوضع المؤهل فى الموقع الملائم داخل الإطار الوطنى للمؤهلات بالدولة. إن القاسم المشترك للمؤشرات بين أغلب الدول هو: المعارف والمهارات والكفاءات. ولكن يوجد قليل من الدول التى تستعمل مؤشرات متعددة لتوصيف الكفاءات. وأقصد بهم التعريفات التالية:-

1- المعارف: وتوصف على أساس المعارف النظرية والمفاهيم أو الحقائق.

2- المهارات: وتوصف على أساس مهارات الاتصال والمهارات الرقمية واستخدام المنطق والحدس والتفكير الابتكارى. وتوصف أيضا بالمهارات العملية التى تتضمن المهارات اليدوية واستخدام الوسائل والمواد والعدد والأدوات.

3- الكفاءات: توصف من خلال مدى المسؤولية والاستقلالية والقدرة على التعلم والمشاركة الفعالة مع الآخرين.

وتبعا لأنواع المؤهلات السائدة فى مصر فإنه يجب تقسيمها إلى ثلاثة أفرع رئيسية من حيث تبعيتها لجهات التأهيل المختلفة وهى:

أ- مجموعة مؤهلات التعليم العام (قبل الجامعى).

ب- مجموعة مؤهلات التعليم العالى والجامعى.

ج- مجموعة مؤهلات التعليم الفنى والتدريب المهنى.

هذا وقد قدمت اللجنة الفنية للمشروع الذى كلفت به مؤسسة التدريب الأوروبية مع مصر منذ سنوات، تقريرا عن إقامة الإطار الوطنى للمؤهلات المهنية والأكاديمية شمل اقتراحاً بأن يتكون الإطار الوطنى للمؤهلات المهنية والأكاديمية لمصر من 8 مستويات بصفة مبدئية، لتوافق هذا العدد مع الأوضاع السائدة للتعليم والتدريب وهيكل سوق العمل فى مصر، وأن يكون هذا الإطار المقترح بمثابة بداية لإقامة الإطار الوطنى للمؤهلات فى البلاد، هذا بالإضافة إلى عدم إغفال وجود عدد كبير من المواطنين الذين يحصلون على مؤهلات مختلفة من خارج نظم التعليم الرسمية، ولا توجد وسيلة لتضمين تلك المؤهلات إلا من خلال وضع قواعد للاعتراف بالمؤهلات المكتسبة من مصادر لا نظامية.

إن هذا الإطار سوف يعمل كأداة لربط مختلف مسارات التأهيل فى كل القطاعات وأفرعها، وستكون طبيعته الوظيفية كالمظلة التى تنضوى تحتها المعايير التى سوف يعهد إلى كل جهة من الجهات المعنية بتكوين المؤهلات بالأخذ بها فى توصيف مخرجات التعلم تبعا للمؤشرات التى يتم التوافق عليها.

مقارنة مبدئية للمؤهلات المصرية على سلم ذى ثمانى درجات.

ولا ننسى بعد ذلك أن ذلك يجب ربطه بالتصريح لمزاولة المهن المختلفة، لينتظم سوق العمل بعدالة حسب درجات الجدارة المهنية لكل تخصص مع ربط كل هذا بسلم الأجور. مسائل بديهية لمن يعقلون ولا يوجد سبب لعدم تنفيذه.

التعليقات

التعليقات