في حوار لي مع شباب جمعية الحالمين بالغد قلت: “إن هناك عق ًلا جمع ًيا للمجتمع، ُيخلق بمجموع الطاقة الإيجابية أو السلبية فيه، ويحفزه التعليم والإعلام والفنون، وهو ما يضع على كاهل قيادات المجتمع مسؤولية كبيرة، لأنهم هم صانعو هذا المناخ والميسرون لوجوده.
قالت الشابة ال ّل ّماحة: وهل من واجب الحكومات إسعاد الشعوب؟!
قلت: هذه هى وظيفة الحكومات الأساسية يا ابنتى.. على قادة المجتمع أن يفكروا إيجابيا فى رفاهة الأفراد وسعادتهم، فلا يمكن أن تكون السياسة مجرد وعود أو مشروعات على أوراق فقط، فى النهاية إذا لم تتحقق الرفاهة، وإذا لم
يسعد الشعب فقد فشل الساسة وفشلت السياسة.” قالت شابة اخري: بعيدا عن السياسة ما الذي يبهجك يا دكتور؟ قلت : اولا البهجة انفعال لحظي جميل يرسم الابتسامة علي الوجه لرؤية شئ مثل الوان جميلة في لوحة او منظر رائع ، او سماع كلام حلو او أغنية او موسيقي تشيع في وجدانك شعورا جميلا وتجعلك تتحرك مع نغماتها فترقص مبتهجا. الموسيقي و الرقص بهجة ، ومشاركة مجموعة من البشر في البهجة سويا كما نري في احتفالات امريكا الجنوبية او الشرق الأقصي معدي عدوي صحية. اما السعادة فهي شعور دائم من الرضا يجعلك انسان افضل وارقي ، تري في الناس اجمل ما فيهم وتبحث عن حسنهم وفضلهم.
وللعلم ، فإن كيمياء السعادة تختلف عن كيمياء المتعة.
المتعة مرتبطه بارتفاع نسبه هرمون الدوبامين وقصيره المدي أما السعاده فطويلة المدي ومرتبطة بهرمون السيروتونين. هما حالتان مختلفتان. المتعه حسية ولكن السعادة وجدانية ونفسية وعقلية. المتعة ،ومنها الجنس ولحظه الفوز أو الحصول علي المال، ممكن أن تكون جزء من السعاده الأكبر والأعم والأشمل ولكنها ليست السعاده بذاتها. ممكن أن نشتري المتعة ولا يمكن شراء السعادة . والمتعة ممكن تتحول الي إدمان أما السعادة فهي حاله صحية
تجعل الإنسان أفضل ويري في الآخرين فض ًلا. والإثنتان تختلفان عن البهجة التي هي سعادة وقتية لرؤية أوسماع او حركة تأخذ الانسان بعيدا عن مشاكل اليوم ومؤرقات الحياة. فلتسعدوا يا أبنائي ، وغنوا وارقصوا واملأوا نفوسكم بهجة واستمتعوا بما لا يضر صحتكم البدنية والنفسية ، واحترموا خصوصية الآخرين ولا تحكموا او تحاكموا غيركم لانهم مبتهجين وسعداء. السعادة والبهجة لا تحتاج دفاع عن النفس ولا تبرير للآخرين. أري حولي في المجتمع ، وللأسف، من يري البهجة إث ُم، ومن يري سعادة غيره
إنقاصاً منه ، ومن ينشر الشرور والاحباط لمجرد انه لا يري الجمال ولا يحترم من يسعي للسرور ويتدخل في شؤون الآخرين ليشجب بهجتهم ويمنع سعادتهم . هؤلاء هم خلايا سرطانية في جسم الانسانية ، لا يجب ان نسمح لهم بالسيطرة علي المجتمع ونشر سوادهم علي لوحة الانسانية الجميلة التي خلقها الله وخلقنا لنتمتع بها. أما رداً عن سؤالك حول ما يبهجني، فأنا يبهجني رؤية من حولي يضحكون ، يبهجني سماع الموسيقي ، تبهجني الألوان المتناسقة، والالعاب النارية في السماء، والاحتفالات والرقص والغناء.
قالت : وما الذي يسعدك؟ قلت: يسعدني القراءة ومناقشة ما اقرأه مع الآخرين ، يسعدني إسعاد من حولي وأسرتي والمجتمع ، يسعدني السفر و الإندهاش، يسعدني مشاهدة افلام الخيال العلمي، واستكشاف الفضاء، يسعدني رؤية والدتي وأولادي وأحفادي، يسعدني النجاح ، يسعدني تواصلي مع الله بدون ضغوط او ارهاب مدعي التدين لأكون مثلهم أو أن أفعل ما يفعلون ، يسعدني أن ألعب علي البيانو ، وأن ارسم لوحة جديدة، يسعدني الحوار الايجابي خصوصا مع الشباب، ويسعدني أن أسجل كتابة أفكاري، ويسعدني التواصل مع أصدقائي ، يسعدني أن تسود المحبة
والاحترام بين الناس، ويسعدني ويسعدني ويسعدني الكثير. ومن لا يبحث عن السعادة لن يجدها، فالسعادة قرار والتفاؤل ثقافة ، ومصادر البهجة حولنا ، ولا تحتاج سوي أن نراها ونحسها لتتواجد في نفوسنا. فليفكر كل واحد فيكم ما الذي يفعلة في يومه فيسعده؟! ولنشكر الله علي نعمته علينا بالعقل لنري فضله وجمال خلقه ، ونعمته علينا بسوية السرية لتكون قلوبنا راضية مرضية..