الجمعة , 21 فبراير 2025
الرئيسية / صحافة / المصري اليوم – لا أمل سواه بقلم سليمان جودة

المصري اليوم – لا أمل سواه بقلم سليمان جودة

دعانى الدكتور حسام بدراوى إلى محاضرة رائعة ألقاها أمام عدد من المدرسين جاءوا من المدارس التجريبية فى الجيزة ومحافظات القناة.

المحاضرة هى واحدة من سلسلة محاضرات، ضمن مشروع أكبر اسمه «التعليم أولاً» بإشراف من الدكتورة سلمى البكرى والدكتور محمود حمزة معاً.

والفكرة التى يقوم عليها المشروع كله هى كالآتى: لا أمل فى تقديم خدمة تعليمية جيدة، ما لم نعمل بعزيمة على عناصر ثلاثة لا رابع لها: المدرس والمنهج، ثم المدرسة!

وقد كان محور محاضرة الدكتور بدراوى هو هذه العبارة، التى لا بديل عن أن تكون محفورة فى أذهاننا: مستوى التعليم فى أى نظام تعليمى هو بالضبط مستوى مدرسيه.

المشروع مدته ثلاث سنوات، ويقوم على هدف لا يغيب عنه، هو تدريب مديرى ووكلاء «التجريبية» البالغ عددها 700 مدرسة بامتداد الجمهورية، وهذه مرحلة أولى انتهت، لتليها مرحلة حالية تركز على المدرس ثم المدرس، ثم المدرس، فى الـ700 مدرسة!

وتحت شعار «التعليم أولاً» الذى كان يرفعه المشروع، كان هناك شعار آخر يقول: عندما يصبح التعليم قضية وطن.

وكما ترى، فإن عبارة «عندما يصبح التعليم قضية وطن» هى مبتدأ، أما الخبر فى الجملة فهو أن الوطن الذى يصبح التعليم أولوية عنده يرتقى بالضرورة ليأخذ مكانه، ثم مكانته، بين الأمم الناهضة.

وحين أرادت الدكتورة سلمى استدعاء تجربة عملية تؤكد يقينها فى حصيلة التعليم، إذا ما صار أولوية فإنها عرضت على الحاضرين صورتين من اليابان : صورة عام 1945 لمدرس يابانى يعلم تلاميذه فى العراء، بعد أن ضربت الولايات المتحدة مدينتى «هيروشيما» و«نجازاكى» بالقنابل النووية، وسوتهما بالأرض، ثم صورة أخرى للمكان ذاته فى عام 2015، وقد أصبح مزروعاً بناطحات السحاب، بفضل التعليم، ولا شىء غير التعليم!

وقد ذكرتنى المقارنة ذات الدلالة البالغة، بين الصورتين، بما كانت السيدة «روسيف»، رئيسة البرازيل، قد قالته وهى تبدأ، قبل عدة أشهر، ولايتها الرئاسية الثانية.. قالت: فى ولايتى الأولى، كان الفقر قضيتى، وقد أخرجت خلال السنوات الأربع الأولى 40 مليون برازيلى من تحت خط الفقر، وفى ولايتى الثانية، فإن التعليم وحده هو قضيتى، التى لا تنافسها عندى أى قضية أخرى!

يؤدى هذا المشروع العظيم مهمته المقدسة، وينتقل من مرحلة فيها إلى مرحلة أخرى، موقناً بما قاله الدكتور بدراوى، فى محاضرته، عن أن مستوى التعليم فى أى نظام تعليمى، هو حقاً مستوى مدرسيه.. لا أكثر منه، ولا أقل.

ولو كان الأمر فى يدى، لمنحت كل قائم على المشروع، وكل مشارك فيه، جائزة ذهبية، تليق بجلال المهمة التى يسعى إليها مشروع كهذا، فى غايته حين يكتمل.

وإذا كان المشروع يتعامل مع مديرى، ووكلاء، ومدرسى المدارس التجريبية فى حدودها، فهناك بخلافها 52 ألف مدرسة حكومية تنتظر مشروعاً مماثلاً تتبناه الدولة بكل إمكاناتها، ولا تبخل عليه بشىء.. أى شىء.. إذ ليس أفضل من استثمار يكون البشر هم بدايته، وهم نهايته.

قرأت فى الفريق الاستشارى للمشروع، أسماء الدكاترة والأساتذة التالية أسماؤهم: أحمد درويش، نرمين نعمانى، أحمد حشيش، شريف الطويل، عزة الشربينى، صلاح عايشى.

والمعنى أن التعليم يمثل أولوية وطن، عندهم، ومعهم الدكتور بدراوى، والدكتورة البكرى، والدكتور حمزة، وهى مسألة لا تكفى، لأن تلاميذ التجريبية لا يزيدون على المليون طالب، ليبقى ملايين آخرون، فى 52 ألف مدرسة حكومية، فى انتظار أن يصير التعليم كله أولوية عند الرئيس، وعند الدولة بكل مستوياتها من بعده.

«التعليم الأولوية» هو الذى صنع اليابان، وهو الذى صنع كوريا الجنوبية، وهو الذى صنع البرازيل، وهو أملنا الذى لا أمل سواه.

التعليقات

التعليقات

عن د. حسام بدراوي

د. حسام بدراوي
عن دكتور حسام سياسي ومفكر وطبيب بارز فهو رئيس قسم أمراض النساء والتوليد الأسبق في كلية الطب جامعة القاهرة، تلقي الدراسات العليا أعوام 1979 إلى 1981 في الولايات المتحدة الأمريكية، انتخب عضو في البرلمان المصري ورئيساً للجنة التعليم والبحث العلمي في بالبرلمان منذ عام 2000 حتى 2005، السياسي حسام بدراوي عرف بمواقفه المستقلة ومن القلائل الذين اتفق على نزاهته الجميع من كافة التيارات السياسية، ففي عصر الرئيس الأسبق مبارك كان يلقب بالعاقل داخل صفوف الحزب الوطني، حيث كانت نداءاته وطلباته السياسية تتفق بقدر كبير مع النداءات الداعية للانفتاح السياسي والديمقراطي في مصر، فكان ضد تمديد حالة الطواري، واعترض على انفراد الحزب الوطني بالتعديلات الدستورية، خلال ثورة 25 يناير 2011 ، لعب دوراً سياسياً هاما، حيث عبر منذ اللحظة الأولى على حق المتظاهرين في مطالبهم، ودعا الحكومة إلى الاستماع والاستجابة لهم، ما جعل مبارك مع تصاعد الاحداث لما له من شعبية بتعيينه أمينا عاما للحزب خلفا لأعضاء هيئة المكتب وخلال تلك الفترة عبر عن رأيه السياسي لمبارك بضرورة التنحي، وهو ما دفعه للاستقالة من الحزب بعد 5 أيام من تعيينه يوم 10 فبراير معلنا اختلافه السياسي مع القيادة السياسية في طريقة التعامل مع المتظاهرين ومطالبهم في حكم الإخوان فظلت مواقفه واضحة منذ اللحظة الأولى برفضه الدولة الدينية التي اعتبرها تريد تلويين الشعب بلون واحد، واعتبر قرار الرئيس المعزول مرسي بعودة مجلس الشعب ترسيخ للديكتاتورية المؤيدة من الولايات المتحدة، وكان من أوائل المنددين بتوغل سلطة مرسي على سلطة القضاء، مستنكرا محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل مليشيات الإخوان أيد د حسام بدراوي حركة تمرد مع بدايتها، وأعلن أن إسقاط حكم الإخوان أصبح ضرورة ومخاطرة لابد منها قبل أشهر من ثورة 30 يونيو، مؤكدا أن الجيش سيقف بجانب الشرعية المستمدة من الشعب.. في ٢٠١٦ تم اختياره رئيسا للجنة الاستشارية لمشروع التعليم أولا ورئيسا للجنة وضع رؤية مصر ٢٠٣٠ في التعليم وفي ٢٠٢٢ تم اختياره مستشارا للحوار الوطني لرؤية مصر ٢٠٣٠

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *