السبت , 21 ديسمبر 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / بعد 25 يناير / الموجة الثالثة من الوباء

الموجة الثالثة من الوباء

الموجة الثالثة من الوباء
حسام بدراوي
سألنى مجموعة من شباب الحالمين بالغد عما يشغل بالهم هذه الأيام ويؤرق مضاجعهم: «الموجة الثالثة من جائحة الكوفيد- ١٩ المستجد، والقلق على نهر النيل واحتمالات ندرة المياه وما يحدث حول سد إثيوبيا».
قلت: فلنبدأ بالموجة الثالثة من الوباء ونؤجل الحوار حول المياه للمرة القادمة، وكلا الموضوعين من أخطر ما يمكن.
أولًا، لابد لنا كمجتمع من الاحتياط جدا وبكفاءة، لتعرضنا للموجة الثالثة لوباء فيروس الكوفيد وإلا ستتعرض مصر لخطر داهم.
قال شاب: أغلب البلاد فى أوروبا والعالم تعيد الإغلاق مرة أخرى ما عدا القليل منهم. والأخبار من الهند مؤلمة، حيث وصلت الإصابات إلى ٤٠٠ ألف فى اليوم، ونحن مرعوبون مما يحدث.
قالت زميلته: ما لا أفهمه هو خيبة دول مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا فى حصار الوباء، والنسب المتدنية للتطعيم.
رد عليها زميلها وقال: يعنى عاجبك حالنا، إن أقل من واحد فى المائة فقط تم تطعيمهم فى مصر.
وقرأ واحد من الشباب إحصائية تقول إن إسرائيل تحتل المرتبة الأولى عالميا فى ترتيب الدول وفقا لنسبة الحاصلين على لقاح كورونا من عدد السكان، تليها الإمارات العربية، وتأتى المملكة المتحدة فى المرتبة الرابعة قبل كل دول أوروبا، والولايات المتحدة فى المرتبة الخامسة.
وسألت زميلته: أنا حولى أصدقاء كثيرون يرفضون وخائفون من تلقى اللقاح وعندهم تشويش من المعلومات المتضاربة التى تنشرها السوشيال ميديا حول الأعراض الجانبية للتطعيم وعدم كفاءة اللقاحات.
قلت: أولًا نصيحتى هى أن يتلقى الجميع اللقاح إذا جاءتهم الفرصة. وكنت أود أن تقوم وزارة الصحة بحملة توعية مدروسة لدفع أفراد المجتمع للحصول على اللقاح.. وكنت كذلك أتمنى أن تتعاون الوزارة مع القطاع الخاص فى توفير اللقاحات للجميع، وكنت قد اقترحت أن يتكفل القادرون على شراء اللقاح بغير القادرين فى منظومة تسمح بزيادة نسبة التطعيم للمجتمع.
.. الحقيقة المؤلمة هى فقدان ثقة المواطن فى البيانات الصادرة من الوزارة المسؤولة، وتضاربها مع تصريحات وزراء آخرين من نفس الحكومة.. ثم جاء بيان نقابة الأطباء العاقل ليقول إن وفيات الأطباء من الكوفيد خمس أضعاف ما تصرح به الدولة، وأميل لتصديقهم، لأنهم يصرفون إعانات لأسر هؤلاء الأطباء، فلابد أنهم يعلمون أعدادهم بدقة.
قال شاب آخر: ولماذا لا تسمح الحكومة باشتراك القطاع الخاص فى استيراد اللقاح وتطعيم القادرين على سداد تكلفته، خصوصا أن الجميع سيوافق على النظام التكافلى الذى يجعل القادر على شراء اللقاح يشترى لنفسه وتكافليا يشترى لمواطن آخر غير قادر؟!.
قلت: لا تعليق لى للأسف.
وقالت زميلته بغضب: لماذا لم تقم الوزارة بحملة تليفزيونية فى شهر رمضان لتوعية المواطنين بخطورة الموجة الثالثة من الوباء ودعوتهم لتلقى التطعيم، ونحن نتجرع الإعلانات ليل نهار فى رمضان؟!.
وقال زميلها: ليس فقط ما يهمنا الأطباء، فما هى إحصائيات الإصابة بين الأطقم المساعدة للهيئة الطبية من تمريض وعاملين؟
قلت: لا تنظروا فقط للجوانب السلبية يا شباب، وليس مَن يده فى الماء مثل الذى يده فى النار. نحن نتكلم ونحن خارج نطاق المسؤولية، وما أسهل النقد والشكوى!.. بلاد كثيرة أكثر ثروة منا ويعانون بعنف.
أنا أتفهم قلقكم ولكم الحق، وواجب الحكومة أن تستمع وأن تستوعب وتشارك المجتمع بشفافية.
أنا شخصيًا تلقيت التطعيم فى القصر العينى بصفتى أستاذا قديما، وأصدقاء لى تلقوا التطعيم من خلال المنصة الإلكترونية الفعالة التى أطلقتها الوزارة.. إذن هناك تفعيل لكثير من الإيجابيات، ولكنها ليست كافية، ومصر تستحق أفضل من ذلك.
المهم أن نتفهم أن الموجة الثالثة من الوباء هى أخطرها، وأرى عائلات بكاملها تصاب معًا، فالحذر الحذر مرة أخرى، ولابد لنا من أخذ الاحتياطات الوقائية بجدية أكبر.
قالت والدة واحد من الشباب: الأطباء حيرونا يا دكتور فى تشخيص الإصابة بالكوفيد، فما هى طريقة التشخيص المعتمدة من منظمة الصحة العالمية؟
قلت: فى معظم الحالات، يُستخدم اختبار جزيئى للكشف عن الفيروس، ويُعد تفاعل البوليميراز المتسلسل الاختبار الجزيئى الأكثر استخدامًا PCR. وتُؤخذ العيّنات باستخدام مسحة من الأنف و/ أو الحلق. وعادة ما يُجرى الاختبار فى غضون بضعة أيام من التعرض، وفى الوقت الذى قد تبدأ فيه الأعراض فى الظهور تقريبًا.
قال شاب حديث التخرج: أنا أعمل فى أحد بنوك الدم، فهل نقل دم من مريض بالكوفيد يمكن أن يُعدى المتلقى؟
قلت: الأقوال متضاربة، ولكن منظمة الصحة العالمية تقول إن الفيروس لا ينتقل بالدم ولكن بالرذاذ فقط.
قال شاب رياضى: هل يمكن ارتداء الكمامة أثناء ممارسة الرياضة؟
قلت: لا ينبغى ارتداء الكمامة أثناء ممارسة الرياضة، لأن الكمامة قد تحدّ من القدرة على التنفس بصورة مريحة. وقد تبتل الكمامة بسبب العرق مما يصعب التنفس ويعزز نمو الميكروبات.. وأهم تدبير وقائى أثناء ممارسة الرياضة هو التباعد الجسدى مسافة متر واحد على الأقل من الآخرين.
قال: هل الماء أو السباحة ينقلان الفيروس؟
قلت: لا ينتقل الفيروس عن طريق الماء أثناء السباحة. ومع ذلك، ينتشر الفيروس بين الأشخاص عندما يخالط أحدهم شخصًا مصابًا بالعدوى مخالطة وثيقة.
ما يمكنك القيام به هو أن تتجنب الحشود وتحافظ على مسافة لا تقل عن متر واحد من الآخرين، حتى عندما تسبح أو عند تواجدك فى مناطق السباحة ارتدِ كمامة أثناء تواجدك خارج الماء ونظّف يديك بشكل متكرر، وغطِّ فمك أو أنفك بمنديل ورقى أو بمرفقك المثنى عند السعال أو العطس، ولا تمارس الرياضة وابق فى المنزل إذا كنت تشعر بتوعك.
قال شاب آخر: هل يمكن أن ينتشر الفيروس بواسطة الأحذية.. إن والدتى تصر على أن أخلع حذائى عند دخول المنزل؟
قلت: إن احتمالية انتقال العدوى بواسطة الأحذية إلى الأفراد ضعيفة جدًا. وكإجراء احترازى، خصوصًا فى المنازل التى يوجد فيها رضّع وأطفال صغار يحبون أو يلعبون على الأرض، فإن خلع الأحذية وتركها عند مدخل المنزل أكثر نظافة، فوالدتك عندها حق، وسيساعد ذلك على منع إدخال أى قذارة أو مخلفات قد تكون ملتصقة بالنعل والأحذية.
قالت أخرى: هل المضادات الحيوية فعَّالة فى الوقاية من فيروس كورونا المستجد وعلاجه؟.. نحن نعلم إن المصريين يستخدمون المضادات الحيوية عمّال على بطّال.
قلت: لا تقضى المضادات الحيوية على الفيروسات، بل تقضى على الجراثيم فقط. والاستخدام المفرط للمضادات الحيوية فى غير صالح الإنسان على العموم إلا لو كان الاحتياج له مبرر. ومع ذلك، إذا تم إدخال المريض إلى المستشفى بسبب إصابته بالفيروس المستجد، فقد تُوصف له مضادات الحيوية لاحتمالية إصابته بعدوى جرثومية مصاحبة.
قال شاب آخر: هل مجففات الأيدى المتوافرة فى المراحيض العامة والفنادق والمكاتب فعالة فى القضاء على فيروس كورونا؟
قلت: كلا، مجففات الأيدى ليس فعالة فى القضاء على فيروس كورونا المستجد. ولحماية نفسك من الفيروس الجديد يجب المداومة على تنظيف اليدين بفركهما بواسطة مطهر كحولى أو غسلهما بالماء والصابون. وبعد تنظيف اليدين يجب تجفيفهما تمامًا بمنديل ورقى أو مجففات الهواء الساخن.
قالت واحدة: هل يمكن جمع المرضى الذين يُشتبه فى إصابتهم بعدوى فيروس كورونا المستجد أو الذين تأكّدت إصابتهم بها فى نفس الغرفة؟
قلت: يُستحسن أن يُعزل المرضى الذين يُشتبه فى إصابتهم بمرض تنفسى حاد ناجم عن فيروس كورونا المستجد أو الذين تأكّدت إصابتهم به فى غرف فردية. ولكن، إذا تَعذّر ذلك بسبب العدد المحدود للغرف الفردية مثلا، فإن جمعهم فى غرفة واحدة يعد خيارا مقبولا. وفى الواقع، قد يكون بعض المرضى الذين يُشتبه فى إصابتهم بالعدوى مصابين بأمراض تنفسية أخرى، ومن ثم فإنه يجب فصلهم عن الآخرين.. وفى كل الأحوال، ينبغى أن تُترك مسافة لا تقل عن متر واحد بين كل سرير، سواء فى المنزل أو المستشفى فى جميع الأوقات.
وأنهيت اللقاء بدعوتهم لنشر ثقافة الوقاية بين أفراد أسرهم وأصدقائهم، متمنيًا للجميع الصحة والعافية.

التعليقات

التعليقات