الخميس , 21 نوفمبر 2024
Home / بقلم د حسام بدراوي / الهدهد والانترنت من كتاب الكيميرا ( قصص قصيرة) للدكتور حسام بدراوي

الهدهد والانترنت من كتاب الكيميرا ( قصص قصيرة) للدكتور حسام بدراوي

الهدهد والانترنت
من كتاب الكيميرا( قصص قصيرة)
للدكتور حسام بدراوي
طائر الهدهد من أنواع الطيور التي تعدّ الغابات الموطن الأساسي لها، يمتاز بلونه المكوّن من تدرجات اللون البني الغامق وصولاً إلى الكستنائي، يمتلك جناحين بلون أبيض وأسود، وذيل طويل ذو لون أسود داكن. ويعدّ الرأس الذي يمتلكه طائر الهدهد الميزة الاستثنائيّة له، حيث يمتلك رأساً يعلوه عرف على شكل قمّة منتصبة من الريش، كما يمتلك منقاراً اسطوانياً طويلاً، مدبب الرأس ومعقوفاً قليلاً، ليساعده على التقاط الحشرات والديدان للتغذي عليها،
يعتبر طائر الهدهد من الطيور الهادئة، الخجولة والمحببة. ووجوده في مكان معيّن دليلاً على نظافته ونقائه وخلوّه من الملوثات كالمبيدات الكيميائيّة، إنه طائر صديق للبيئة
يمشي مختالاً وبخطوات هادئة ،
ويعدّ المظهر العام للريش على رأسه دليلاً على حالته، حيث يرفعه إلى الأعلى عند شعوره بالخوف، ويخفضه إلى الأسفل كدليل لشعوره بالأمان ، وعند شعوره بالتهديد والخطر يقوم برش سائل سيء الرائحة ذو لون أسود من ذيله، من شأنه أن يبعد العدو عنه وعن أطفاله
الهدهد يمتاز بقوّة الإبصار ، ويساعده ذلك على رؤية أماكن وجود المياه للاستقرار حولها، وله صوت جميل، ويستخدم الذكر صوتاً رقيقاً متكرراً لجذب الإناث.
في السنوات الأخيرة زادت عزلة الهدهد بطل قصتنا الذي بدأ يسمع أصواتا غريبة غير أصوات الرياح وزقزقة العصافير، وحفيف اوراق الشجر المعتاده…يحس في الأجواء تيارات تختلف عن إحساسة عندما يقف علي اسلاك التلفونات والكهرباء التي كادت أن تختفي..
كان يهرب من التداخلات التي تحدث حوله بالوقوف علي الأرض، أكثر من الوقوف علي الاسلاك وأفرع الشجر، وحتي ذلك لم يحميه من تلوث جديد في الأثير ، تتقاطع فيه موجات عجيبة لم يتعود عليها ، فالإنترنت يسير تحت الأرض…..حيث يتم نقل الإنترنت بين الدول عبرالأسلاك الممتدة عبر البحار والمحيطات وصولا للدول المختلفة ثم تنقل عبر مزودي الإنترنت التي تسمي شركات الإتصالات عبر الأسلاك الأرضية ، حتى تصل إلى منزل كل واحد من البشر بمعنى أن جهاز كل انسان مرتبط بسلك أرضي في دولته وعبر السلك البحري في الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا.
ملايين وملايين الاشارات تنتقل ورأس الهدهد لم يعد يتحملها ولا يريد أن يتحملها … كان يعيش أجداده في هدوء وسكينه مطلقة ، ثم أدخل الإنسان الكهرباء والتلفون واللاسلكي والسلكي ثم المحمول والآن الإنترنت…الذي يسير في كابلات في كل مكان..
زقزق الهدهد وقال لرفيقته لم أعد استطيع ايقاف الرائحة الكريهة التي تخرج مني لأني أحس أننا معشر الطيور المسالمة في خطر دائم….
نعم أنا أعيش في عزلتي ، ولكن الإنسان يزيدني عزلة وكأنه في حالة حرب معنا كلنا…
هذا الغبي لا يفهم أن وجودنا والحيوانات والنحل ، بل والدود والحشرات والبكتريا هو سبب توازن حياته وبقاءها….
ردت رفيقته برفق وقالت هل تري ما يفعله الإنسان ببني جنسه، انهم يقتلون بعض بلا رحمة ويمزقون الأمم ، ويدمرون بيئتهم بلا حرج وتعتقد أنهم ممكن يفكروا فينا نحن الهداهد.
إحنا أيامنا معدودة فدعنا نغرد عندما نستطع ونفرد أجنحتها عندما نريد ونحمي ابناءنا من بني الإنسان….

التعليقات

التعليقات