- «ثقافة تغيير الوزير» أهدرت المال والوقت وخطة التطوير مركونة
- مؤسسات بالوزارة لا تؤدي دورها مما أفشل العملية التعليمية
أكد الدكتور حسام بدراوى، رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب، والخبير التعليمى البارز، أن أزمة التعليم في مصر لا تتعلق بالتشريعات أو الأنظمة، بقدر ما تتعلق بآلية تنفيذ رؤية التطوير، والتخلي عن ثقافة «تغيير الوزراء»، التي تعني أن كل وزير يهدم ما بناه سابقه ليبدأ من الصفر، مما ضيع كثيرا من الوقت والمال بلا طائل.
رفض بدراوي، في حواره لـ»الإذاعة والتليفزيون»، التوقف عن بناء الجامعات، مطالبا بإشراك القطاع الخاص مع الحكومة لبنائها، مع إيجاد آليات لدعم غير القادرين، كما شدد على أهمية مجانية التعليم حتى الثانوية العامة.
وأضاف أن مصر لديها خطة كاملة لتطوير المنظومة التعليمية سواء للجامعي أو ما قبل الجامعى تم إعدادها عام 2014، لكن المشكلة في عدم الاستدامة فى تنفيذ الخطط، مؤكداً أن أزمة التعليم ليست في التمويل بل في سوء الإدارة ومن ثم سوء المنتج.
وأكد أن وزارة التربية والتعليم بها مؤسسات لا تقوم بدورها، وفشلت مما تسبب فى تأخر العملية التعليمية مطالبا بدخول القطاع الخاص للاستثمار فى التعليم.
وأوضح أن أفضل عمود من أعمدة العملية التعليمية هم التلاميذ مطالبا بجعل الثانوية تقوم على النظام التراكمى، ثلاث سنوات، والقضاء على الدروس الخصوصية عبر التقويم التراكمي والامتحانات عبر الإنترنت، مطالبا بعودة مشروع الاتحاد الأوروبى الخاص بتطوير التعليم الفنى، والذي توقف منذ عام 2011، بعد أن أنفق عليه 400 مليون يورو.
كيف تنظر إلى مقترحات تطوير التعليم خاصة الثانوى؟
إذا بدأت من الهوامش لحل مشكلة ما فلن تصل إلى نتيجة، والثانوية العامة عرض لمشكلة التعليم، والأزمة في عدم وجود استدامة فى تنفيذ أية سياسة تطوير، فمع تغير الحكومات أو الوزارات تتغير السياسات، ونبدأ سياسة جديدة ومن ثم لا نكمل شيئا، ومصر أفضل بلد يبدأ جديدا لكن لا يكمله أو ينهيه.
وأى تطوير يحتاج إلى رؤية وتحديد أهداف ووسائل لتنفيذ هذه الأهداف، ومن المسئول عن تحقيقها واستخدام مؤشرات القياس حتى نعرف إذا كنا حققنا الأهداف أم لا، مع تمويل هذه الوسائل واستدامة الخطة، وهذا أمر سهل جدا.
وهل هذا متحقق فى مصر؟
نعم، فمصر تملك رؤية للنهوض بالتعليم، وجددت عام 2014، وكنت ضمن التشكيل الذى حدد هذه الرؤية، وسميت برؤية 2030 وبها أهداف ووسائل ومسئوليات ومؤشرات قياس، وعلى الحكومة أن تأخذها لتحديد الميزانية والتطبيق، إلا أن المشكلة أننا لا نستطيع التطبيق بسبب تغيير الوزارات، ومن ثم لا بد من ضمان استدامة هذه الخطط، وألا تتغير بتغير الحكومات، فهذا سبب الأزمة فى مصر، والعملية التعليمية لها أعمدة، العمود الأساسى لها المدرس، لأن المدرسة هى وحدة التطوير، والعمود الثانى هو التلاميذ والثالث إدارة العملية التعليمية، وأفضل هذه الأعمدة هو التلاميذ لأنهم مجهزون يعلمون التكنولوجيا أفضل منّا، ويملكون المعرفة عبر الإنترنت، مما يؤكد أن البذرة جيدة.
إذن فما المشكلة الرئيسية؟
المشكلة ليست فى التعليم، بل فى إدارة العملية التعليمية، فمصر بها وزارة تدير 20 مليون تلميذ، و2 مليون موظف بشكل مركزى، ومن ثم ننتهى إلى منتج غير جيد، مما يؤكد أن المشكلة تتعلق بالإدارة وليس التعليم، وأهم جزء فى الإدارة هو المحور البشرى، ولو كنت مسئولا فسأهتم بالمدرس والناظر، والوسائل التى نقدم بها المعلومة للطالب، والعمل على التكنولوجيا.
هل الميزانية غير كافية لتلبية الاحتياجات التعليمية؟
المشكلة في التعليم لا تتعلق بالتمويل، فحين كنت فى البرلمان كانت الدولة تنفق على التعليم 65 ملياراً، والآن تنفق 80 مليار جنيه، والمفترض أن تصل الميزانية إلى 120 ملياراً حسب الدستور، والأهم هو أن نعرف كيفية الإنفاق، فنحن ننفق الكثير بلا عائد، مثالا أنا كنت فى إحدى المدارس اليابانية، ومقارنة بالمدارس الأمريكية هى أفضل، وبها ملاعب وحمامات سباحة وأجهزة، ومع هذا لا يوجد بها طالب واحد، إذن أنفقنا الكثير وبعد سنة كل هذا تحول إلى خردة.
ما رأيك فى أكاديمية المعلم؟
هدفها رفع شأن المعلم مهنياً، ووضعه فى صورة أفضل، إلا أنها لم تحقق أهدافها بسبب إدارتها بشكل خاطئ عبر السنوات الماضية، كما يوجد مركز الامتحانات، والمفترض أن يكون لديه ملايين الأسئلة، أقصد بنوك الأسئلة، إلا أنه فشل هو أيضا، وبمصر داخل الجمعيات الأهلية التى أترأسها شباب يفهمون في التكنولوجيا أفضل من المركز القومى للامتحانات، كما تملك الوزارة مركزا للأبحاث، والمفترض أنه يجرى أبحاثاً لمتابعة سير العملية التعليمية فى مصر ولكن أين النتائج والمخرجات؟.
يطالب البعض بتغيير القوانين لتطوير التعليم فهل الأزمة في التشريعات؟
أحزن بشدة عندما أسمع هذه المطالب، لأننا نغير القوانين ولا نطور التعليم، بسبب ثقافة تغيير الوزارات، فمع كل وزير جديد نغير القوانين المشكلة فى الثقافة ووزارة التربية والتعليم.
لو عدنا إلى أزمة الثانوية العامة كيف نعالجها؟
مشكلة الثانوية العامة ليست فى الامتحانات، بل لإنك لا تعترف بالقانون الوضعى، وهو العرض والطلب، هناك عدد من الطلاب أكثر من الأماكن المتاحة لهم فى الجامعات، وسيظل الخلاف موجوداً وستظل الثانوية العامة عنق الزجاجة، حتى تكون عندنا أماكن متاحة لجميع الطلاب بالجامعات المصرية.
ومن الخطأ أن تكون الثانوية سنة واحدة، لأن ذلك غير عادل، فلابد أن تكون بالمجموع التراكمى لثلاث سنوات، ومخاوف الناس من أنها ستزيد من الدروس الخصوصية، يمكن إنهاؤها عبر تطبيق التقويم التراكمى والامتحانات من خلال الإنترنت، ليكون المدرس بعيدا عن الامتحانات، فالتكنولوجيا تنهي هذه المخاوف.
وماذا لو وقعت شبكات الانترنت .. وهل هناك إمكانية لإيجاد التكنولوجيا فى كل مدرسة؟
مصر تستطيع وضع التكنولوجيا فى جميع مدارسها، وتلاميذ مصر يستطيعون التعامل معها، وقمت بتجربة فى أفقر محافظات مصر وأفقر المدارس، ونجح فيها الطلاب، وبنوك الأسئلة متوافرة والمسألة كلها مسألة تنظيم، وبدون زيادة عدد الأماكن بالجامعات ستظل مشكلة قانون العرض والطلب وهو قانون تاريخى.
ما رأيك فى البوكليت؟
هو وسيلة لأنك لم تستطع تطبيق الامتحانات عبر الإنترنت، ولو طبقت ذلك فلا حاجه للبوكليت، وهناك حلول مختلفة فيمكن أن تكون على شبكة مفردة وليست على النت.
هل مصر تحتاج إلى تعليم عالٍ وجميع الخريجين على المقاهى؟
خطأ مريع، لأن هناك معياراً عاماً، اتفق عليه دولياً، هو أن المرحلة العمرية من 18 إلى 23 سنة، يجب أن يحصل نصفهم على فرصة تعليم عال، فالتعليم العالى هو قاطرة التقدم والمشكلة أن المتاح عندنا من هذه المرحلة العمرية 25% فقط.
كيف تحل هذه القضية؟
بزيادة عدد الأماكن، عن طريق بناء جامعات وحل مشكلة الثانوية العامة ببناء جامعات ومعاهد وكليات تكنولوجية.
هل الدولة قادرة على هذا حاليا؟
لا، لكن الدولة تستطيع الخروج خارج صندوق العجز بالشراكة مع القطاع الخاص، فالدولة تمتلك الأراضى وجميع الأساتذة يعملون عندها، والقطاع الخاص يملك الأموال ويأتى بها من البنوك، ويمكن أن تقدم حصة الدولة لتعليم غير القادرين بالمجان، وحصة القطاع الخاص تحصيل الأموال من القادرين.
الدراسات تؤكد أن دولاراً واحداً يستثمر فى التعليم الأولي يدر عائداً استثماريا يصل إلى 17 دولاراً هل يمكن الوصول إلى هذا الأمر؟
طبعاً، حسن من التعليم وارفع المستوى، وأغلب الدول المتقدمة استثمرت فى التعليم ومشكلة مصر أن رغيف العيش وإرضاء الجميع وأموراً أخرى كثيرة، تأتى قبل التعليم.
المعلم يحتاج لرفع راتبه حتى يعمل بشكل جيد؟
ليست مشكلة، فأكاديمية المعلم عليها دور يجب أن تقوم به من تدريب وتأهيل وتعليم التكنولوجيا، ومن يجتاز الاختبارات يحصل على مرتب عالٍ، ومصر تستطيع إعادة تدريب المدرسين، وهم 700 ألف مدرس، ويمكن البدء بتدريب المدرسين في المحافظات على مراحل، مع منح المحافظ سلطة رئيس الجمهورية لتطبيق اللامركزية، ومن ثم يكون للمحافظ قياس تطوير المدارس والمدرسين.
لماذا يستاء البعض من الجامعات المصرية؟.. ولماذا لا تكون الامتحانات فيها عبر الإنترنت؟
الجامعة جزء من المجتمع المصرى، بها عاملون يمثلون أربعة أضعاف احتياجاتها، مثل الحكومة بالضبط ورئيس الجامعة فى مصر يوقع على الإجازات والسفر والماليات، والمفترض أنه يفرغ عقله لتطوير التعليم والعلاقات الدولية وإدخال التكنولوجيا.
هل يمكنك وضع خطة لتطوير التعليم الفنى لعمل نقلة نوعية به؟
كان فى مصر مشروع T.v1, T.v2 قسم الوظائف إلى 1300 وظيفة، بكل منها درجات جدارة مهنية، ولها نظام تعليم وتدريب مرتبط بالمصانع والشركات، وذلك بالمشاركة مع الاتحاد الأوروبى، واهتمت الدولة بـ350 مهنة وهو برنامج تكلف حوالى 400 مليون يورو، وفى 2011 توقف المشروع.
سافر د.طارق شوقى كى يحاول الاستعانة بتجارب تعليمية من الخارج فما رأيك؟
المشكلة أن مصر بها رؤية جاهزة، وهى رؤية مصر فى التعليم 2030 وتناسب مصر بظروفها والحلول موجودة والمشكلة التطبيق.
هل تؤيد التعليم بالمجان؟
نعم، حتى الثانوية العامة، وفى الجامعة لابد أن يكون لها تكلفة وبدون وجود عدد من الجامعات يستوعب الطلاب، يصعب تنفيذ هذه الفكرة فلابد من وجود وسائل لتمويل الطلاب غير القادرين حتى تطبق الفكرة.
هل تخشى على التعليم المصرى؟
لست خائفا لأن 2.5 مليون ممن يدخلون التعليم كل عام يمكن تعليمهم تعليما جيد بالإدارة الجيدة والاستدامة والمسألة كما قلت ليست مالا بقدر ما هى إدارة ونظام.