تعديل نظام الثانوية العامة كمان وكمان
بقلم
حسام بدراوي
طرحت الدولة مشروع لتعديل نظام “الثانوية العامة” تحت إسم جديد “البكالوريا المصرية” . لا يهمني الاسم بل يهمني فلسفة التطوير .
واستجابة لتساؤل المجتمع دعا وزير التعليم مجموعة من الخبراء وهم وزراء التعليم السابقين وبعض رؤساء الجامعات وعمداء كليات التربية ودعاني للحوار حول المقترح حول هذا المشروع.
وقبل مناقشة التفاصيل أود آن أسجل التالي:
أن أي سياسة تعليمية يجب أن تعتمد على عدد من الأسس والمقومات من أهمها:
أولا: أن التعليم والتعلم عمليتان مستمرتان تبدآن من المولد وحتى نهاية الحياة إلا أن التعليم النظامي يمثل جانباً رئيسياً لأنه يمثل أهم حلقات التعليم المستمر ويؤدي الدور الرئيسي في إكساب الفرد مهارات الاتصال ومعرفة اللغة والرياضيات والفنون والحاسب الآلي والقدرة على الحصول على المعلومة والتعلم الذاتي في المستقبل، والسلوكيات المتصلة بكل ذلك.
ثانيا: أن تطوير التعليم عملية هادئة ومتدرجة، ولا ينبغي إحداثها بصورة مفاجئة، ومن الضروري أن يمهد لعملية التطوير بين المنفذين و المستفيدين، إلا أن ذلك لا يجب أن يعوق أهمية سرعة الحركة في تغيير سبل الإدارة المركزية، والمناطق التعليمية والمدارس، وتحديث أساليبها وتطوير وتعديل مسئولياتها.
ثالثا: أن تطوير التعليم في المجتمع المصري لا ينبغي أن ينعزل بأي شكل عما يحدث في العالم من حولنا، ويجب أن يتوافر له قدر كبير من النظرة المستقبلية، وأن تكون له انعكاسات علي التعليم العالي والجامعي سواء في نظام الدراسة أو تطوير وربط المناهج بالمجتمع المحلي والدولي.
رابعا: إن المدرسة هي وحدة التعليم الأساسية، والمعلم هو خليتها الحية، وإدارتها هي جهازها العصبي، وأي تطوير لابد وأن يعتمد علي إعداد المعلم، حيث أنه هو صانع التطوير الأول، وهو وسيلته ولابد من إعادة النظر في أحواله الاجتماعية والمادية والعمل على رفع مكانته الأدبية في المجتمع.
واستناداً إلي الأسس والمقومات المذكورة فإننا نطرح من خلال رؤية البلاد المستقبلية للتعليم محاور رئيسية للتطوير بهدف أن تكون هذه المحاور المختارة وسيلة لممارسة التطـوير بصورته الأشمل ومدخلاً يمكن من خلاله مناقشة الموضوعات المتصلة بها والتوسع في جوانب التطوير في إطار سياسة عامة واضحة ومحددة.
وتتلخص هذه المحاور الأربعة الرئيسية في أن يشمل أي تعديل أو تطوير :
1.تحقيق مبدأ الجودة الشاملة.
2.توسيع قاعدة المشاركة المجتمعية.
3.استكمال البنية الأساسية للمعرفة بحيث لا يأخذ منها بل يضيف اليها.
4.أن يكون أي نظام جديد متوافق مع المتطلبات الدولية المتعارف عليه أو يسعي للحصول إعتماد دولي يتيح للتلاميذ فرص متجددة.
فلسفة وأسلوب تعديل نظم التعليم:
إن أي تعديل للنظام التعليمي في دولة ذات كثافة سكانية عالية مثل مصر يتطلب رؤية شاملة، تخطيطًا استراتيجيًا، وتطبيقًا متدرجًا لضمان النجاح والاستدامة. هناك خطوات يجب اتباعها لطرح أي تعديل ناجح تبدأ بتحليل الوضع الراهن شاملاً مراجعة رؤية البلاد في التعليم لضمان أن يكون التعديل في إطار الرؤية ومتوافقاً معها..
ويستدعي قبل الطرح
١- دراسة نقاط القوة والضعف في النظام التعليمي السائد في المرحلة التعليمية التي سيتم التعديل فيها بما في ذلك البنية التحتية، المناهج، طرق التدريس، ومستوى المعلمين مع مقارنتها بالنظم الدولية .
٢- تحليل الاحتياجات المستقبلية و تحديد المهارات والاحتياجات التي يجب أن يلبيها التعليم في المرحلة المختاره لتتوافق مع سوق العمل المحلي والعالمي ومتطلبات المستقبل وبناء شخصيات مبادرة وخالقة للوظيفة وليست فقط طالبه لها
٣- الاستفادة من البيانات والإحصاءات بعد جمعها وتحليلها حول معدلات الالتحاق، والتواجد المدرسي ، والنشاط الطلابي الرياضي والفني ، مع الأداء الأكاديمي، وتوافر الموارد.
ثانياً :يجب تحديد أهداف التعديل ووضع أهداف واضحة قصيرة وطويلة المدى له.
ثالثاً : وجوبية إشراك أصحاب المصلحة والتواصل مع جميع الأطراف المعنية مثل النقابات والمؤسسات التعليمية والمعلمين، أولياء الأمور، والطلاب و الجمعيات الأهلية العاملة بايجابية في التعليم مع تنظيم جلسات حوار مجتمعي للتأكد من أن خطة التعديل تحظى بتأييد شعبي وتلبي احتياجات المجتمع والعمل علي جعل المجتمع شريك في التغيير وليس عدوا له. .
رابعاً وضع خطة استراتيجية تشمل:
1. تطوير المناهج وتحديثها لتشمل التفكير النقدي، و تضمين التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، واللغات في أي نظام جديد .
2.اعداد برامج مكثفة لتأهيل المعلمين علي ما يتم طرحه وتزويدهم بمهارات التدريس الحديثة.
و اعتبار تحدي إدارة الكثافة الطلابيه وبيان الإحتياج الي بناء فصول دراسية جديدة أو استغلال الفترات الدراسية لتخفيف الاكتظاظ من عدمه .
خامساً: تأمين الموارد شاملا التخطيط للتمويل و التعاون مع المؤسسات الدولية والبنوك التنموية و تشجيع القطاع الخاص غير الهادف والهادف للربح على المشاركة مع إعادة توزيع الموارد و ضمان توجيه الميزانيات للمناطق الأكثر احتياجًا.
سادساً: تنفيذ البرنامج بشكل تدريجي أو بإتاحة إختيارات و من المهم إجراء التجربة على نطاق محدود ومن الممكن تطبيق النموذج الجديد في محافظات أو مناطق معينة أولاً لتقييم النتائج.
مع المراجعة والتعديل استنادًا إلى النتائج والتغذية الراجعة من الأطراف المعنية.
سابعاً : طرح سبل قياس الأداء بوضع مؤشرات واضحة للنجاح و المتابعة الدورية وقياس التقدم وتحديد التحديات التي تواجه التنفيذ.
ثامناً :. تعزيز التوعية والدعم المجتمعي بحملات توعية لشرح أهمية التعديلات والفوائد المتوقعة وإشراك الإعلام لتسليط الضوء على قصص النجاح وزيادة الدعم الشعبي.
تاسعاً: ضمان استدامة النظام وهو ما فشلت فيه الإدارات السابقة بإلغاء التطبيقات التي يُتفق عليها مع كل تعديل وزاري ، وعليه يجب إنشاء وحدة لمتابعة الأداء لضمان استمرار تحسين النظام بناءً على التغيرات والاحتياجات المستقبلية مع التعلم من التجارب الدولية مثل نماذج التعليم في دول ذات كثافة سكانية مشابهة (الهند أو إندونيسيا).
إن تعديل النظام التعليمي في دولة كثيفة السكان ليس مستحيلاً، لكنه يتطلب رؤية شاملة، شراكة مجتمعية، واستثمار طويل المدى والاستنارة بما تم في دول مشابهة في التركيبة السكانية.
قاعدة معروفة:
كلنا نعلم أن أي تطوير سيتم مقاومته فلا المجتمع راضي بما هو فيه ولا قابل بالتطوير لفقدان الثقة في المؤسسة التعليمية للأسف. لذلك فإن طرح أي تطوير يحتاج الي سياسة وتسويق والحصول علي ثقة المجتمع .
الآن تعالوا نطبق هذا المفهوم علي المعروض علي المجتمع قبل الدخول في التفاصيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
تطرح الحكومةً كذلك وضع التربية الدينية من المواد الأساسية الأربعة للنظام الجديد بل وحددت له درجات تدخل في المجموع المؤهل للدخول في مرحلة التعليم العالي؟
والسؤال هو :
هل نُدَرس الدين أم القيم والأخلاقيات ؟؟
وما هي حقوق المواطن الذي لا يدين بالإسلام والمسيحية ؟؟؟
وكيف يكون ذلك دستورياً ان نجبره علي دراسة دين بعينه ؟
وهل يمكن تقويم الطلاب بعدالة في مواضيع مختلفة ؟
هل هناك دول غير ايران والسودان وباكستان يضعون درجات مادة التربية الدينية لتمثل ١٥٪ من الدرجات المؤهلة للدراسات الجامعية ؟
إن ادخال مادة التربية الدينية في قياس قدرة الطلاب علي الدخول الي التعليم العالي خطير جدا وسيتحول الأمر عند مناقشته الي خلاف آخر هو ان من يرفض هذا المقترح سيعتبر ضد الدين وتبدأ معركة في المجتمع من مع ومن ضد ، وهو ليس جوهر التعليم في هذه المرحلة.
من يضعون النظام في يعيشون لقطة ويظنون أنهم يتحكمون في المحتوي ولكنهم سيتغيرون في اي تعديل وزاري ولكن الفيلم سيبقي في يد رجال الدين ومع احترامي لهم فإن جوهر التعليم هو التفكير النقدي والبحث عن البراهين وجوهر دراسة الدين هو تصديق ما ليس له برهان والطاعة للأوامر الإلهية حسب تفسير رجال الدين وليس حسب تفسيرات العلم.
أنا مسلم ومرتبط بتعاليم ربي كما أفهمها ولكني أعمل عقلي وأبحث وأشك وأصل اليً معرفة أفضل لله عز وجل.
ارجوكم اتركوا الدين وهو العلاقة بين الإنسان وربه بعيدا عن ممارسة السياسة والنظام التعليمي سياسة ، وان كنتم ترغبون في دمج القيم والأخلاق في وجدان الأطفال والتلاميذ فهي عابرة للأديان ومدخلها علم الفلسفة والمنطق.
يأتي الطرح بعد الإعلان في عام ٢٠٢٥ عن بناء وافتتاح آلاف الكتاتيب التي محورها هو الحفظ والتلقين والمعلم فيها شيخ وليس خريج كليات التعليم ..
في النهايه المعلم هو الاساس والمعايشة داخل المؤسسة التعليمية هي ما تؤكد قواعد القيم والأخلاق من خلال ممارسة الرياضة والمنافسة الشريفة والاندماج في الأنشطة الثقافية وفتح الباب لحرية تعبير التلاميذ ورفع سقف إبداعاتهم .
لو المدرسة والمعلم يقومون بهذا الدور مع توعية أولياء الأمور تترسخ القيم وتتحسن الأخلاق ويعم التسامح وقبول التعددية بدلا من فصل المسلم عن المسيحي عن اليهودي وعدم الاعتراف بمن هو مختلف عنهم.
أفيقوا يرحمكم الله.