الأربعاء , 22 يناير 2025
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / تعديل نظام الثانوية العامة كمان وكمان‏ بقلم ‏حسام بدراوي

تعديل نظام الثانوية العامة كمان وكمان‏ بقلم ‏حسام بدراوي

تعديل نظام الثانوية العامة كمان وكمان
بقلم
حسام بدراوي ‏
طرحت الدولة مشروع لتعديل نظام “الثانوية العامة” تحت إسم جديد “البكالوريا المصرية” . لا يهمني الاسم ‏بل يهمني فلسفة التطوير .‏
واستجابة لتساؤل المجتمع دعا وزير التعليم مجموعة من الخبراء وهم وزراء التعليم السابقين وبعض رؤساء ‏الجامعات وعمداء كليات التربية ودعاني للحوار حول المقترح حول هذا المشروع. ‏
وقبل مناقشة التفاصيل أود آن أسجل التالي:‏
‏ أن أي سياسة تعليمية يجب أن تعتمد على عدد من الأسس والمقومات من أهمها:‏
أولا: أن التعليم والتعلم عمليتان مستمرتان تبدآن من المولد وحتى نهاية الحياة إلا أن التعليم النظامي يمثل جانباً ‏رئيسياً لأنه يمثل أهم حلقات التعليم المستمر ويؤدي الدور الرئيسي في إكساب الفرد مهارات الاتصال ومعرفة ‏اللغة والرياضيات والفنون والحاسب الآلي والقدرة على الحصول على المعلومة والتعلم الذاتي في المستقبل، ‏والسلوكيات المتصلة بكل ذلك.‏
ثانيا: أن تطوير التعليم عملية هادئة ومتدرجة، ولا ينبغي إحداثها بصورة مفاجئة، ومن الضروري أن يمهد لعملية ‏التطوير بين المنفذين و المستفيدين، إلا أن ذلك لا يجب أن يعوق أهمية سرعة الحركة في تغيير سبل الإدارة ‏المركزية، والمناطق التعليمية والمدارس، وتحديث أساليبها وتطوير وتعديل مسئولياتها.‏
ثالثا: أن تطوير التعليم في المجتمع المصري لا ينبغي أن ينعزل بأي شكل عما يحدث في العالم من حولنا، ‏ويجب أن يتوافر له قدر كبير من النظرة المستقبلية، وأن تكون له انعكاسات علي التعليم العالي والجامعي سواء ‏في نظام الدراسة أو تطوير وربط المناهج بالمجتمع المحلي والدولي.‏
رابعا: إن المدرسة هي وحدة التعليم الأساسية، والمعلم هو خليتها الحية، وإدارتها هي جهازها العصبي، وأي ‏تطوير لابد وأن يعتمد علي إعداد المعلم، حيث أنه هو صانع التطوير الأول، وهو وسيلته ولابد من إعادة النظر ‏في أحواله الاجتماعية والمادية والعمل على رفع مكانته الأدبية في المجتمع.‏
واستناداً إلي الأسس والمقومات المذكورة فإننا نطرح من خلال رؤية البلاد المستقبلية للتعليم محاور رئيسية ‏للتطوير بهدف أن تكون هذه المحاور المختارة وسيلة لممارسة التطـوير بصورته الأشمل ومدخلاً يمكن من ‏خلاله مناقشة الموضوعات المتصلة بها والتوسع في جوانب التطوير في إطار سياسة عامة واضحة ومحددة.‏
وتتلخص هذه المحاور الأربعة الرئيسية في أن يشمل أي تعديل أو تطوير :‏
‏1.‏تحقيق مبدأ الجودة الشاملة.‏
‏2.‏توسيع قاعدة المشاركة المجتمعية.‏
‏3.‏استكمال البنية الأساسية للمعرفة بحيث لا يأخذ منها بل يضيف اليها. ‏
‏4.‏أن يكون أي نظام جديد متوافق مع المتطلبات الدولية المتعارف عليه أو يسعي للحصول إعتماد دولي ‏يتيح للتلاميذ فرص متجددة.‏
فلسفة وأسلوب تعديل نظم التعليم:‏
إن أي تعديل للنظام التعليمي في دولة ذات كثافة سكانية عالية مثل مصر يتطلب رؤية شاملة، تخطيطًا ‏استراتيجيًا، وتطبيقًا متدرجًا لضمان النجاح والاستدامة. هناك خطوات يجب اتباعها لطرح أي تعديل ناجح تبدأ ‏بتحليل الوضع الراهن شاملاً مراجعة رؤية البلاد في التعليم لضمان أن يكون التعديل في إطار الرؤية ومتوافقاً ‏معها..‏
‏ ويستدعي قبل الطرح ‏
‏١- دراسة نقاط القوة والضعف في النظام التعليمي السائد في المرحلة التعليمية التي سيتم التعديل فيها بما في ‏ذلك البنية التحتية، المناهج، طرق التدريس، ومستوى المعلمين مع مقارنتها بالنظم الدولية .‏
‏٢-‏ تحليل الاحتياجات المستقبلية و تحديد المهارات والاحتياجات التي يجب أن يلبيها التعليم في المرحلة ‏المختاره لتتوافق مع سوق العمل المحلي والعالمي ومتطلبات المستقبل وبناء شخصيات مبادرة وخالقة ‏للوظيفة وليست فقط طالبه لها
‏٣-‏ الاستفادة من البيانات والإحصاءات بعد جمعها وتحليلها‎ ‎حول معدلات الالتحاق، والتواجد المدرسي ، ‏والنشاط الطلابي الرياضي والفني ، مع الأداء الأكاديمي، وتوافر الموارد.‏
ثانياً :يجب تحديد أهداف التعديل ووضع أهداف واضحة قصيرة وطويلة المدى له. ‏
ثالثاً : وجوبية إشراك أصحاب المصلحة والتواصل مع جميع الأطراف المعنية مثل ا‏لنقابات والمؤسسات التعليمية والمعلمين، أولياء الأمور، والطلاب و الجمعيات الأهلية العاملة بايجابية في التعليم مع ‏تنظيم جلسات حوار مجتمعي للتأكد من أن خطة التعديل تحظى بتأييد شعبي وتلبي احتياجات المجتمع ‏والعمل علي جعل المجتمع شريك في التغيير وليس عدوا له. .‏
رابعاً وضع خطة استراتيجية تشمل:‏
‏1.‏ تطوير المناهج وتحديثها لتشمل التفكير النقدي، و تضمين التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ‏واللغات في أي نظام جديد .‏
‏2.اعداد برامج مكثفة لتأهيل المعلمين علي ما يتم طرحه وتزويدهم بمهارات التدريس الحديثة.‏
و اعتبار تحدي إدارة الكثافة الطلابيه وبيان الإحتياج الي بناء فصول دراسية جديدة أو استغلال ‏الفترات الدراسية لتخفيف الاكتظاظ من عدمه .‏
خامساً: تأمين الموارد شاملا التخطيط للتمويل و التعاون مع المؤسسات الدولية والبنوك التنموية و تشجيع القطاع الخاص غير الهادف والهادف للربح على المشاركة مع إعادة توزيع الموارد و ضمان توجيه الميزانيات للمناطق الأكثر احتياجًا.‏
سادساً: تنفيذ البرنامج بشكل تدريجي أو بإتاحة إختيارات و من المهم إجراء التجربة على نطاق محدود ومن ‏الممكن تطبيق النموذج الجديد في محافظات أو مناطق معينة أولاً لتقييم النتائج.‏
مع المراجعة والتعديل استنادًا إلى النتائج والتغذية الراجعة من الأطراف المعنية.‏
سابعاً : طرح سبل قياس الأداء بوضع مؤشرات واضحة للنجاح و المتابعة الدورية وقياس التقدم وتحديد التحديات التي تواجه التنفيذ.‏
ثامناً :. تعزيز التوعية والدعم المجتمعي بحملات توعية لشرح أهمية التعديلات والفوائد المتوقعة وإشراك الإعلام لتسليط الضوء على قصص النجاح وزيادة الدعم الشعبي.‏
تاسعاً: ضمان استدامة النظام وهو ما فشلت فيه الإدارات السابقة بإلغاء التطبيقات التي يُتفق عليها مع كل تعديل ‏وزاري ، وعليه يجب إنشاء وحدة لمتابعة الأداء لضمان استمرار تحسين النظام بناءً على التغيرات ‏والاحتياجات المستقبلية مع التعلم من التجارب الدولية مثل نماذج التعليم في دول ذات كثافة سكانية مشابهة ‏‎(‎الهند أو إندونيسيا‎).‎
إن تعديل النظام التعليمي في دولة كثيفة السكان ليس مستحيلاً، لكنه يتطلب رؤية شاملة، شراكة مجتمعية، ‏واستثمار طويل المدى والاستنارة بما تم في دول مشابهة في التركيبة السكانية.‏
قاعدة معروفة:‏
كلنا نعلم أن أي تطوير سيتم مقاومته فلا المجتمع راضي بما هو فيه ولا قابل بالتطوير لفقدان الثقة في المؤسسة ‏التعليمية للأسف. لذلك فإن طرح أي تطوير يحتاج الي سياسة وتسويق والحصول علي ثقة المجتمع .‏
الآن تعالوا نطبق هذا المفهوم علي المعروض علي المجتمع قبل الدخول في التفاصيل. ‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
تطرح الحكومةً كذلك وضع التربية الدينية من المواد الأساسية الأربعة للنظام الجديد بل وحددت له درجات ‏تدخل في المجموع المؤهل للدخول في مرحلة التعليم العالي؟
والسؤال هو :‏
هل نُدَرس الدين أم القيم والأخلاقيات ؟؟
وما هي حقوق المواطن الذي لا يدين بالإسلام والمسيحية ؟؟؟
وكيف يكون ذلك دستورياً ان نجبره علي دراسة دين بعينه ؟
وهل يمكن تقويم الطلاب بعدالة في مواضيع مختلفة ؟
هل هناك دول غير ايران والسودان وباكستان يضعون درجات مادة التربية الدينية لتمثل ١٥٪؜ من الدرجات ‏المؤهلة للدراسات الجامعية ؟
إن ادخال مادة التربية الدينية في قياس قدرة الطلاب علي الدخول الي التعليم العالي خطير جدا وسيتحول الأمر ‏عند مناقشته الي خلاف آخر هو ان من يرفض هذا المقترح سيعتبر ضد الدين وتبدأ معركة في المجتمع من مع ‏ومن ضد ، وهو ليس جوهر التعليم في هذه المرحلة. ‏
من يضعون النظام في يعيشون لقطة ويظنون أنهم يتحكمون في المحتوي ولكنهم سيتغيرون في اي تعديل ‏وزاري ولكن الفيلم سيبقي في يد رجال الدين ومع احترامي لهم فإن جوهر التعليم هو التفكير النقدي ‏والبحث عن البراهين وجوهر دراسة الدين هو تصديق ما ليس له برهان والطاعة للأوامر الإلهية حسب تفسير ‏رجال الدين وليس حسب تفسيرات العلم. ‏
أنا مسلم ومرتبط بتعاليم ربي كما أفهمها ولكني أعمل عقلي وأبحث وأشك وأصل اليً معرفة أفضل لله عز وجل. ‏
ارجوكم اتركوا الدين وهو العلاقة بين الإنسان وربه بعيدا عن ممارسة السياسة والنظام التعليمي سياسة ، وان ‏كنتم ترغبون في دمج القيم والأخلاق في وجدان الأطفال والتلاميذ فهي عابرة للأديان ومدخلها علم الفلسفة ‏والمنطق. ‏
يأتي الطرح بعد الإعلان في عام ٢٠٢٥ عن بناء وافتتاح آلاف الكتاتيب التي محورها هو الحفظ والتلقين والمعلم ‏فيها شيخ وليس خريج كليات التعليم ..‏
في النهايه المعلم هو الاساس والمعايشة داخل المؤسسة التعليمية هي ما تؤكد قواعد القيم والأخلاق من خلال ‏ممارسة الرياضة والمنافسة الشريفة والاندماج في الأنشطة الثقافية وفتح الباب لحرية تعبير التلاميذ ورفع سقف ‏إبداعاتهم .‏
لو المدرسة والمعلم يقومون بهذا الدور مع توعية أولياء الأمور تترسخ القيم وتتحسن الأخلاق ويعم التسامح ‏وقبول التعددية بدلا من فصل المسلم عن المسيحي عن اليهودي وعدم الاعتراف بمن هو مختلف عنهم. ‏
أفيقوا يرحمكم الله.‏

التعليقات

التعليقات