السبت , 29 مارس 2025
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / بعد 25 يناير / ثورة شعب وحضارة أمة وأيام تاريخية

ثورة شعب وحضارة أمة وأيام تاريخية

اجتمع الشباب حولى، وقالوا لى: بمرور الزمن ينسى الناس مشاعرهم أثناء أحداث بعينها بتغيُّر الأحوال وتبدُّل المواقف، فيعيد الذهن تلوين المشاعر بريشة الواقع الجديد، فهل تذكر مشاعرك فى يونيو 2013 كما كانت وبدون التأثر بما حدث بعدها؟!

ابتسمت، وقلت: معكم حق، لذلك فإن توثيق اللحظات التاريخية فى وقتها مهم جدا وليس بعدها.. وهذا جمال السوشيال ميديا. لا يستطيع أحد أن يغير ما وثَّقه الإنسان لأنه باقٍ، ويستطيع أى كاتب للتاريخ أن يعود إليه.

قال الشاب، البالغ من العمر 20 سنة: لقد كنت فى الثالثة عشرة من عمرى وقت 30 يونيو، ولا أذكر موقفًا خاصًا بى، ولكنى أتذكر فقط أن والدىَّ نزلا إلى الشارع لتأييد ثورة الشعب، فماذا كان موقفك، وكيف وثَّقتَه..؟

قلت: سأسرد لكم ما كتبته ووثَّقته يومًا بيوم لعله يعطيكم صورة عن موقفى وشعورى من خلال تغريداتى على السوشيال ميديا خلال هذه الأيام:

13 يونيو 2013:

■ رسالة إلى من يهمه الأمر: مَن لا يتعلمون من دروس التاريخ محكوم عليهم بإعادته، الإصرار على عناد الشعب هو انتحار سياسى رأيت مشهده من قبل.

14 يونيو:

■ الشعب المصرى يملك من الحس الحضارى أكثر مما يتصور حكامه.

16 يونيو:

■ أخشى أننا نسعى لإسقاط حكم فشل فى احترام تعددية المجتمع المصرى، ولم نحدد ما نريده بعد ذلك، وهى نفس المعادلة التى أتت بالإخوان بعد يناير، علينا الحذر.

17 يونيو:

■ البدائل محدودة، مجلس رئاسى من قيادات نعلم ويعلمون اختلافاتهم الأيديولوجية، التى تجعل القيادة المشتركة طريقًا واضحًا للفشل بعد اختفاء العدو المشترك.

■ البدائل محدودة، انتخابات رئاسية مبكرة خلال 60 يومًا قد تأتى برئيس مدنى يحترم تعددية الشعب المصرى، وقد تأتى بنفس النظام مرة أخرى، مخاطرة بلا بديل.

■ البدائل محدودة، وواجب القوات المسلحة حماية اختيار الشعب، واحترام حقوق الأقليات منه، ومنع مَن يصل إلى السلطة من التغوُّل على السلطات الأخرى.

23 يونيو:

■ نحن مسؤولون مسؤولية كاملة عن حماية إرادة الشعب، الموت أشرف لنا من أن يُمَسَّ أحدٌ من شعب مصر، فى وجود جيشه. رسالة واضحة ومحترمة من القوات المسلحة.

25 يونيو:

■ السلطة التى لا تحترم معارضيها تفقد كل شىء فى النهاية.

■ أرجو التأكد من أن الشرطة فى الحقيقة مع الشعب، إلا أن المحاولات لابتداع العنف معهم أو منهم لتهديد تجمع المواطنين، ولا يجب أن تُشتِّتنا عن الهدف.

■ ما حدث فى إيران وأفغانستان وباكستان والسودان، واستمر سنوات، يُجهضه الشعب المصرى العظيم فى سنة واحدة بعمق تاريخه وحضارته.

28 يونيو:

■ مصر تثبت اليوم مرة أخرى أنها أكبر وأعمق وأعرق من أى فرد أو جماعة.

■ الشعب المصرى عظيم، ويثبت أنه أكبر وأعمق وأشمل مما تظن أمريكا ومما يعتقد الإخوان.

29 يونيو:

■ أرى المشهد بوضوح، وبقدر فخرى بالمظاهرات السلمية، التى تعبر عن تعددية وحرية الشعب المصرى، فإنه يجب الإعداد للمرحلة التالية لتجنب الفوضى.

30 يونيو:

■ ما يقوم به الشعب المصرى فى ميدان التحرير وميادين مصر، اليوم، غير مسبوق لشعب عظيم يكتب تاريخًا جديدًا.

■ إذا حكم أى رئيس بنفس معايير السلطة الحالية فسيكون هذا هو رد فعل الشعب لأن وجوده يصبح أكبر خطر على بقاء الدولة، وليس فقط استقرار المجتمع.

يوليو..:

خارطة طريق:

■ إدارة بمجلس القضاء الأعلى أو المحكمة الدستورية، بحماية من الجيش، بهدف إعادة صياغة الدستور وقوانين مباشرة الحقوق السياسية.

■ التأكيد على عدم خلط الدين ودعوته الكريمة بالسياسة أو استخدامه وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية أو المنع أو الإقصاء لحقوق المواطنة من المواطن.

■ تكوين حكومة من الأكفاء، يترأسها اقتصادى محترم، ويُستحسَن ألا يكون أعضاؤها من ذوى الانتماءات السياسية الحزبية.

■ أن تدوم هذه الفترة لمدة عام على الأقل يتم بعدها انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فى إطار دستور يحترم الجميع، ولا يفرق بين المواطنين.

■ بعد انتخاب الرئيس بالدستور، الذى لا يفرق بين المواطنين، يتم انتخاب المجالس الشعبية ومجلس الشعب، فى إطار قانون مباشرة الحقوق السياسية الجديد.

■ على كل من له قدرة أو قيمة مضافة فى العمل العام أن يتطوع بها لتأييد هذه الحكومة والعمل على نجاحها لحين انتخاب الرئيس.

■ على السياسيين الراغبين فى خدمة الشعب أن يعرضوا رؤاهم الإيجابية ووسائلهم لتحقيقها، فى إطار تنافسى يبنى ولا يهدم للرأى العام طوال هذه الفترة.

■ لن يستطيع الإخوان الركوب على هذه الثورة، فهى ضدهم وضد التطرف وضد الإقصاء والكذب والتهديد بالعنف وضيق الأفق وفرض الرأى الواحد.

■ ما يقوم به الشعب المصرى ليس ضد الرئيس فقط، بل مُوجَّه إلى جماعة الإخوان المسلمين رفضًا لعدم الكفاءة والإقصاء والكذب والتهديد والوعيد وضيق الأفق.

■ ما نراه من جماهير مصر هو أعظم حركة ثورية فى التاريخ المعاصر، محددة الوقت، ومع ذلك لا يمكن إيقافها.

■ يكاد الدرس الذى يعطيه الشعب المصرى للجميع ينتهى، وشكرًا للإخوان على توحيد الشعب سويًا ومع الجيش والشرطة مرة أخرى.

■ ثبت بالدليل القاطع أن مَن يتحكم فى الشارع هو الشعب المصرى بكل فصائله، وأن عدم الاستقرار ينبع من عدم كفاءة إدارة البلاد، وإنكار تعددية المجتمع.

■ الديكتاتور هو الحاكم الذى يصدق أعوانه أنه حائز لثقة الأمة وتأييد الرأى العام حتى قبل سقوطه بدقائق.

يوليو:

■ كطبيب، أرى أن الإخوان تحولوا- بخطاب الرئيس غير المسبوق بإعلانه سفك الدماء لمَن يعارضهم- من مرض مزمن ممكن علاجه والتعامل معه إلى ورم خبيث.

■ على ماذا يعتمد هذا الرجل؟ إن كان الجيش والشرطة والقضاء والإعلام والفن والمثقفون ومؤسسات الدولة والعمال والفلاحون وأغلبية الشعب ضده.. يا الله!

■ خطاب «مرسى» غير معقول، يهدد ويتوعد، ويُخيِّر الناس بين بقاء الإخوان فى الحكم أو سفك دمائهم.. أعتقد أنه خطاب يُنهى أسطورة الإخوان إلى الأبد.

■ يا خبر أسود.. لم أرَ فى حياتى مثل هذا التهديد من مسؤول لشعبه خارج نطاق العقل والمنطق، الموضوع يحتاج إلى مستشفى أمراض عقلية!

■ سألونى: مَن حرَّك الجماهير؟ فقلت: حركة تمرد العبقرية، وإرادة شعب يملك جينات الحضارة بضمير جمعى يلفظ التعصب وعدم الكفاءة، وإعلام حر يستحق الاحترام.

■ رأيى المعلن والمُوثَّق واضح فيما يجب أن يكون بعد انتهاء حكم الإخوان، ليس فيه سوى تحقيق إرادة الشعب.

■ اليوم هو الأهم فى تاريخ مصر كله، فتأكيد الشعب على مطالبه هو ما يعطى القوات المسلحة القدرة، وهو ما يجبر أمريكا على تغيير موقفها من تأييد الإخوان.

■ لا يمكن بضيق أفق ولا أحادية فكر أن يتم احتلال فكر المجتمع المصرى، ولا إجباره على نوعية حياة لا يرضاها، وهذا ما يثور ضده الشعب المصرى.

■ الشعب المصرى متعدد الهوية، لكنه متحد فى عشق الوطن، متدين بطبعه إسلامًا ومسيحية، لكنه منفتح الفكر على العالم، لا يمكن أن يستوعبه محتل.

■ ما يقوم به الشعب المصرى مُوجَّه إلى الإخوان رفضًا لعدم الكفاءة والإقصاء والكذب والتهديد والوعيد وضيق الأفق، والإساءة إلى الإسلام بما يقولون ويفعلون.

يوليو:

■ مبروك رفع الغُمَّة وإزالة اللعنة، وعودة مصر المشرقة الواعدة السعيدة بعظمة شعبها وإذن الله.

■ هذه ثورة شعب ودولة، فجميع مؤسسات الدولة الرسمية ساندت الإرادة الشعبية غير المسبوقة فى التاريخ، وعلى الولايات المتحدة وبريطانيا إعادة حساباتهما مع مصر العظيمة.

التعليقات

التعليقات

عن د. حسام بدراوي

د. حسام بدراوي
عن دكتور حسام سياسي ومفكر وطبيب بارز فهو رئيس قسم أمراض النساء والتوليد الأسبق في كلية الطب جامعة القاهرة، تلقي الدراسات العليا أعوام 1979 إلى 1981 في الولايات المتحدة الأمريكية، انتخب عضو في البرلمان المصري ورئيساً للجنة التعليم والبحث العلمي في بالبرلمان منذ عام 2000 حتى 2005، السياسي حسام بدراوي عرف بمواقفه المستقلة ومن القلائل الذين اتفق على نزاهته الجميع من كافة التيارات السياسية، ففي عصر الرئيس الأسبق مبارك كان يلقب بالعاقل داخل صفوف الحزب الوطني، حيث كانت نداءاته وطلباته السياسية تتفق بقدر كبير مع النداءات الداعية للانفتاح السياسي والديمقراطي في مصر، فكان ضد تمديد حالة الطواري، واعترض على انفراد الحزب الوطني بالتعديلات الدستورية، خلال ثورة 25 يناير 2011 ، لعب دوراً سياسياً هاما، حيث عبر منذ اللحظة الأولى على حق المتظاهرين في مطالبهم، ودعا الحكومة إلى الاستماع والاستجابة لهم، ما جعل مبارك مع تصاعد الاحداث لما له من شعبية بتعيينه أمينا عاما للحزب خلفا لأعضاء هيئة المكتب وخلال تلك الفترة عبر عن رأيه السياسي لمبارك بضرورة التنحي، وهو ما دفعه للاستقالة من الحزب بعد 5 أيام من تعيينه يوم 10 فبراير معلنا اختلافه السياسي مع القيادة السياسية في طريقة التعامل مع المتظاهرين ومطالبهم في حكم الإخوان فظلت مواقفه واضحة منذ اللحظة الأولى برفضه الدولة الدينية التي اعتبرها تريد تلويين الشعب بلون واحد، واعتبر قرار الرئيس المعزول مرسي بعودة مجلس الشعب ترسيخ للديكتاتورية المؤيدة من الولايات المتحدة، وكان من أوائل المنددين بتوغل سلطة مرسي على سلطة القضاء، مستنكرا محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل مليشيات الإخوان أيد د حسام بدراوي حركة تمرد مع بدايتها، وأعلن أن إسقاط حكم الإخوان أصبح ضرورة ومخاطرة لابد منها قبل أشهر من ثورة 30 يونيو، مؤكدا أن الجيش سيقف بجانب الشرعية المستمدة من الشعب.. في ٢٠١٦ تم اختياره رئيسا للجنة الاستشارية لمشروع التعليم أولا ورئيسا للجنة وضع رؤية مصر ٢٠٣٠ في التعليم وفي ٢٠٢٢ تم اختياره مستشارا للحوار الوطني لرؤية مصر ٢٠٣٠