الجمعة , 20 ديسمبر 2024
الرئيسية / صحافة / حوارات صحفية / حسام بدراوي لـ«المصري اليوم»: يجب الاستفادة من اهتمام الدولة بالبحث العلمي (حوار)

حسام بدراوي لـ«المصري اليوم»: يجب الاستفادة من اهتمام الدولة بالبحث العلمي (حوار)

في الوقت الذي تحتفل فيه جامعة النيل الأهلية، بتخريج دفعة من طلابها، تواجه أزمة جديدة تتمثل في اتجاه هيئة المجتمعات العمرانية لسحب 62% من الأرض التي تحت أيديها؛ ما يجدد شعور أبنائها بالخوف من المستقبل خصوصًا أنه سيناريو يشابه اشتباكهم لأشهر مع مدينة زويل التي حسمها القضاء قبل ثلاثة أعوام تقريبا لصالح النيل.
وبالرغم من اتجاه الدولة والرئيس عبدالفتاح السيسى، الذي لا يغفله مبصر ولا يجهله عاقل، لنهضة واضحة في مجال التعليم ودعم البحث العلمى إلا أن المنتمين لـ«النيل» يرون أنهم غير قادرين على تحمل تلك الصدمات المتتالية ما أدى إلى هجر بعض الباحثين والعاملين بالجامعة أسوارها بحثا عن عمل أكثر أمانا واستقرارا.
نقلنا وجهة نظر أعضاء الجامعة إلى أحد أبرز خبراء التعليم في مصر؛ الأستاذ الدكتور حسام بدراوى، الخبير الدولى في التعليم، الأستاذ بكلية الطب جامعة القاهرة، رئيس لجنة التعليم الأسبق في البرلمان، ليحدثنا عن الأمر، حيث وصف جامعة النيل بالنموذج الأفضل الذي يجب تكراره محذرا من عرقلة مسيرتها بعد النجاحات التي قدمتها في غضون سنوات قليلة.. وإلى نص الحوار:
■ في البداية ماهو تعريف الجامعة الأهلية؟
– هناك تعريف دولى أكاديمى وآخر مصرى الذي يعرفها بأنها جامعات غير هادفة للربح وتخضع لأحكام قانون الجامعات الخاصة والأهلية رقم 12 لسنة 2009 ولائحته التنفيذية والقانون رقم 143 لسنة 2019 بتعديل بعض أحكام قانون الجامعات الخاصة والأهلية الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2009. وتتبع المجلس الأعلى للجامعات الخاصة والأهلية، أما حسب التعريف الدولى فالجامعة الأهلية هي التي ينشئها الأهالى وليست الحكومة، والمجتمع الأهلى هو مجتمع المواطنين، والجمعيات الأهلية هي التي يكونها المواطنون ويمولونها ويديرونها في حدود القانون العام فمثلا جامعة القاهرة نشأت بداية كجامعة أهلية تسابق عليها المواطنون وأعضاء الأسرة العلوية وأحب أن أنوه بأن الخبر الذي طالعتنا به الصحف عن إنشاء عشر جامعات أهلية جديدة في مصر جاء بعد اجتماع حكومى على أعلى مستوى لم يكن فيه أي ممثل لهؤلاء الأهالى الذين يفترض بحكم التعريف أنهم هم الذين سينشئون هذه الجامعات، وحتى الآن لا نعرف شيئا عن هؤلاء الأشخاص الذين من المفترض أن يكونوا أصحاب تلك الجامعات، ووفقا لتصريح الأستاذ الدكتور وزير التعليم العالى فإن الحكومة هي التي ستوفر الدعم لهذه الجامعات والذى سيصل إلى قرابة ثلاثين مليار جنيه. بل أضاف أن بعض هذه الجامعات الأهلية ستقيمها الجامعات الحكومية والواقع أننى أراها جامعات حكومية ولكن بمصاريف، وتابعة للمجلس الأعلى للجامعات الذي أصبح هو المتحكم في الجامعات كلها رغم أن أصل إنشائه كان تشاوريا بين الجامعات وليس رقيبا عليها، عموما ذلك جيد، لأننا نحتاج إلى عدد أكبر من الجامعات تستوعب الطلب على التعليم.
■ هل الجامعات الأهلية في العالم ساهمت بشكل كبير في نهضة التعليم في بلادها وما هي الأمثلة على ذلك؟
– الذي لا يعرفه المواطنون أن التعليم العالى في الدول الأوروبية مجانى لمواطنيها في جامعاتها، وفى الدول التي احتاجت تمويلا إضافيا ففرضت مصاريف تزيد عن موازنة الدولة مثل المملكة المتحدة، حيث أنشأت نظما لتمويل الطلاب حتى لا يكون هناك انتهاك لتكافؤ الفرص، فالطلبة الأجانب يسددون كامل التكلفة ولكن أهل البلد لا يفرض عليهم ذلك وفى الولايات المتحدة، ستجد كل ولاية بها جامعة حكومية، ولكن يوجد أيضا مئات الجامعات الأهلية التي نتجت من فائض اقتصادى من المجتمع المدنى الأهلى.. وأغلب هذه الجامعات مثل هارفارد وبرينستون وديوك وإل إم آى تى وغيرها، كلها جامعات أهلية غير حكومية بمصاريف ونفقات وشركات نابعة منها وبحوث علمية تدر دخلا رهيبا يعاد استثماره في هذه الجامعات حتى أصبحت أفضل مقدمى التعليم العالى في العالم.
■ بخصوص جامعة النيل كيف تراها اليوم وهى تواجه أزمة جديدة تتمثل في اتجاه هيئة المجتمعات العمرانية لسحب 62% من أرضها؟
– جامعة النيل جامعة ناهضة، وهى أول نموذج للجامعات الأهلية في مصر وتستحق المساندة لتتبوأ مكانها بين أفضل الجامعات في العالم.
والحقيقة أن الجامعة تسير في الطريق الصواب، الذي ترتضيه الدولة وتريد أن تتبعه كافة الجامعات الأهلية والخاصة على السواء، لكن حظ جامعة النيل جعلها تتعرض إلى صدمات كبرى كافية لقتلها تماما فقد كانت الضربة الأولى عند محاولة سحب أرض الجامعة بالكامل قبل سنوات لصالح مشروع الدكتور الراحل أحمد زويل عليه رحمة الله، وانتهت المحكمة الإدارية العليا إلى رفض طعن «زويل» و«الحكومة» ووقف أي أعمال على الجامعة مع إلزام الدولة بعودة كافة حقوق الجامعة كما كانت قبل سحبها واعتماد جامعة النيل كجامعة أهلية وما إن استفاقت الجامعة قبل ثلاثة أعوام تقريبا من تلك الأزمة حتى خاطبتها هيئة المجتمعات العمرانية بأنها تتجه لسحب أكثر من نصف مساحة الأرض التي تمتلكها وبالطبع فهذا أمر يقلق الطلاب والأساتذة والعاملين بشكل عام فالواجب تهيئة مناخ هادئ يساعد على الإبداع والإنجاز.
■ ولماذا جامعة النيل تحديدا من وجهة نظركم التي تتعرض من حين لآخر إلى عقبات يمكن أن تعصف بها كما يردد العاملون فيها؟
– لا أعرف سببا لتوالى الأزمات على جامعة النيل الأهلية لكن كل ما يمكن قوله أن هيئة المجتمعات العمرانية ليست مسؤولة عن التعليم وتعمل من خلال نظام وضعته لها الدولة، لذلك هي لن تفرق من وجهة نظرها بين أرض مخصصة لجامعة وأخرى خاصة بنشاط عمرانى إلا لو ألزمتها الحكومة بذلك، وأعتقد أن ذلك دور رئيس مجلس الوزراء وجامعة النيل هي الجامعة الأهلية رقم واحد في مصر كونها لا تهدف إلى الربح وتقوم إدارتها على إدارة مستقلة أكاديميًا وماليًا، فأموال الجامعة يتم إعادة استثمارها لصالح البحث العلمى ورفع مستوى التدريس واستكمال بنيانها الأكاديمى، ليس لجامعة النيل شركاء يحصلون على ربح منها علاوة على أنها لا تحصل على أي أموال من موازنة من الدولة أقول ذلك كى أوضح أن جامعة النيل هي الواقع والنموذج الذي يجب تكراره وليس الحد من توسعه، كما أن الدولة تستثمر وتتوسع في هذا النوع من الجامعات، وتفخر ببدء العمل في 4 جامعات أهلية جديدة بتكاليف مليارات من الجنيهات، فمن باب أولى مساندة الجامعة القائمة والتى لا تعتمد على موازنة من الحكومة وتنوى التوسع بالمشاركة الاقتصادية الفعالة مع جامعة هارفارد، بدون تحميل الدولة شيئًا، من باب أولى عدم بتر أجنحتها وسحب الأراضى منها بل الترحيب والتيسير لمشروعاتها الجديدة.
■ وفيما يخص البحث العلمى ماذا ينقص مصر للحاق بركب العالمية في هذا الإطار؟
– البحث العلمى هو جوهر عمل الجامعات وعليه يمكن أن تقول إن هذه جامعة تسير في الطريق الصحيح.. لذلك فإننى كما أرى في رسالة جامعة النيل أنها جامعة بحثية من الدرجة الأولى.. ويتم الحكم على إنجاز الجامعة البحثى، من خلال الأبحاث العلمية المنشورة في الدوريات العلمية ذات الوصف المتفق عليه دوليا، وبراءات الاختراع، واتفاقات بحثية دولية ومع قطاعات الأعمال حيث ينتج منها عمل إيجابى ومعروف أن البحث العلمى يحتاج تمويلا وجهدا متواصلا، وتركيزا ومعامل وأدوات.. والجامعة التي تخلو من البحث العلمى يمكن أن نعتبرها مدرسة كبرى ليس أكثر ويمثل البحث العلمى والتطوير الآلية الفعالة للرقى وركيزة لا غنى عنها لمجتمع المعرفة، فهو قاطرة دعم جهود التنمية لتطويع الفكر الخلاق الذي يتيح لمصر التواصل مع العالم ومواكبة التطور لتحقيق الأهداف القومية وفى مجتمع المعرفة.
■ الرئيس عبدالفتاح السيسى والدولة المصرية داعمين للبحث العلمى.. فكيف يمكن الاستفادة من هذا الطموح؟
– اهتمام الدولة بالبحث العلمى أمر يجب الاستفادة منه والبناء عليه، ويمكن الاستفادة من طموح الدولة بأن تحدد مجالات البحث العلمى الذي يخدم مخططاتها مثل الطاقة المتجددة والمياه والعلوم الطبية والعلاجية وغيرها، في عقد من الزمن وتحدد موازنات وتتنافس على ذلك الجامعات ومراكز البحث، أي أن تنفق موازنات البحث العلمى تنافسيا.. ولا مانع من تحفيز الجامعات المنتجة بحثيا بزيادة موازنتها وأؤكد أن جامعة النيل قادرة على تحقيق رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى «٢٠٣٠» في تطوير التعليم، ونقل الوطن إلى رحاب التقدم والتكنولوجيا.
كان الدكتور عبدالمنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة «المصرى اليوم»، النائب في مجلس الشيوخ، قد أشار في مقال له نشر بجريدة «الأهرام» بتاريخ 19 أغسطس 2020، إلى أنه ليس خافيا على أحد أن العالم يمر الآن بثورة علمية وتكنولوجية جامحة، ولا يخفى على المصريين أننا تأخرنا في اللحاق بالثورتين الصناعيتين الأولى والثانية وعندما جاءتنا الثالثة اكتفينا بالدهشة والانبهار، وحينما جاءت الرابعة بدا العالم ميؤوسا اللحاق به. الآن نحاول اللحاق بكل ذلك من خلال بنية أساسية متطورة ظهرت في طرق وأنفاق ومدن ومحطات طاقة، مع تحديث البنية الاجتماعية والصحية في البلاد بأشكال متقدمة. وحتى لا تفاجئنا ثورة أخرى خامسة كما هو في المنظور الآن، فإن البنية الأساسية للتعامل مع كل ذلك تقوم على ثلاثة أرجل: رقمنة الدولة وتحديث جهازها الإدارى، وثورة تعليمية تنتج التفكير السليم والابتكار، وبنية أساسية واسعة للبحث العلمى والتكنولوجى. وفى هذه البنية الأخيرة توجد الجامعات، وفى المقدمة منها جامعات البحث العلمى حيث توجد جامعة النيل التي رغم أنها تقوم بذات المهمة التي تقوم بها الجامعات الأخرى في تعليم الأجيال الجديدة، فإن مجالها الأساسى هو البحث العلمى وتخريج أجيال جديدة من الباحثين القادرين على الإبداع والابتكار على غرار تلك الموجودة في الولايات المتحدة من أمثال «معهد ماساشوستس للتكنولوجيا MIT».

التعليقات

التعليقات