حسام بدراوي يكتب: رؤية مستقبل مصر السياسي:
مقدمة من الدكتور حسام بدراوي، مستشار رؤية 2030 للحوار الوطني، إلى اللجنة السياسية.
لم تتناول وثيقة رؤية مصر 2030 الجانب السياسي لإدارة البلاد، ولم تضع له استراتيجية مستقبلية أو توقيتات. إذ أعتقد، بخبرتي، أن الحوار الوطني هو حوار سياسي من الدرجة الأولى، فمن الضروري أن تتوفر الإرادة لمراجعة مواد الدستور والالتزام بفلسفته، لأنه الوثيقة المرجعية التي يجب أن تحكم حوارنا.
لقد أنقذ جيش مصر البلاد من حكم فاشيستي تحت عباءة دينية كان سيُطبق على رقاب المصريين وعقولهم.
طريق مستدام للتنمية في مصر:
وتكمن المهمة الحالية للحكم في تأسيس طريق مستدام للتنمية في مصر العظيمة، ليس اعتمادًا على فرد، بل على نظام مستدام يقوم على تداول السلطة بإرادة حرة للناخبين، واحترام توازن القوى داخل المجتمع المصري.
وربما يتركز الاهتمام الأكبر للمواطن الآن على فاعلية الحكم، أي قدرة النظام على الإنجاز والاستجابة لمطالب المواطن، بغض النظر عن الفكرة الأيديولوجية التي يتبناها أي نظام.
إن تحقيق أعلى فاعلية للحكم يتطلب وصول الأكفأ إلى مقاعد الحكم من خلال نظام يتيح ذلك، ويرتبط أيضًا بوجود نظام رقابة ومساءلة مستقل للسلطة التنفيذية، وتحديد فترات زمنية للحكم لضمان التجديد في الفكر وحيوية الأداء.
سياسيًا، يجب التركيز على العناصر التالية:
فاعلية الحكم.
كفاءة الحكام.
الرقابة والمساءلة المستقلة عن السلطة التنفيذية.
نظام عدالة مستقل وفعّال (الثورة الحقيقية يجب أن تبدأ هنا).
نظام تعليم وثقافة يمكّن المواطنين من بناء قدراتهم ليختاروا الأفضل.
الالتزام بتطبيق فلسفة الدستور ومواده، وتوفير حقوق المواطنين.
رؤية مستقبل مصر السياسي:
في رؤيتنا لمستقبل سياسي يضمن استدامة التنمية، نسعى إلى مبادرات تحقق أحلامنا بجمهورية مدنية حديثة، تحقق توازنًا بين القوى الحقيقية على أرض الواقع.
مبادرات لا تحرم البلاد من إمكاناتها الإنسانية أو مؤسساتها الوطنية الفاعلة، وتمنح الحرية مكانها واحترامها من خلال ضبط العدالة الناجزة التي تحول دون الفوضى أو التلاعب الانتقائي بالقانون.
ينبغي أن تُتاح للشعب حرية الاختيار وحسن اختيار ممثليه في البرلمان، على أن تتمتع القوات المسلحة بدورها في حماية استقلال مصر من أي عدوان، والحفاظ على الشعب والدستور عند الحاجة.
ولا يجب أن توضع القوات المسلحة المصرية سياسيا أمام مسؤولية تحدى التنمية.
لا يجب أن تصبح القوات المسلحة هي المسؤولة أمام الشعب عن الأوضاع السياسية أو الاقتصادية ، وعلينا الحفاظ على دورها في الحفاظ على استقلالية مصر ضد أي عدوان، وعلى حماية الشعب والدستور عند الاحتياج.
قواعد الدولة المدنية:
لذلك فلابد من إيجاد صيغة جديدة تحترم توازن القوى ولكن لا تهدر قواعد الدولة المدنية وهذا ما يجب أن يسعى إليه كل أصحاب المصلحة في المجتمع، والكتابة حوله بلا حساسية ولا خوف.
إننا نعتقد أن نظام الحكم الرئاسي، الذي يتولى فيه الرئيس المنتخب سلطات واسعة للحكم، هو النظام الأمثل لمصر، بل هو الواقع السياسي منذ عام 1952 رغم أننا ندًعي غير ذلك.
ولكن هذا النظام يؤدي إلى الاستبداد بالسلطة ما لم يكن محدد المدة بمدتين على الأكثر لا تزيد عن اثنى عشر سنة، هو ما يؤكد عليه الدستور، ويكون ذلك اختيارا دستورياً غير قابل للتعديل من أي سلطة حاكمة لصالح بقائها.
إننا يجب أن نحافظ على استدامة الحكم في البلاد وقدرته بدون ثورات مما سيستلزم تغيير شكل البرلمان القادم لإعادة ثقة المجتمع في قدرته علي محاسبة السلطة التنفيذية في اطار يبني ولا يهدم.
إن أفضل ضمان لاستدامة أمان الدولة هو الإيمان بأن ذلك لا يحدث إلا بحياة سياسية فيها حرية في اطار القانون