السبت , 21 ديسمبر 2024
الرئيسية / صحافة / حوارات صحفية / حوار د بدراوي مع البوابة نيوز

حوار د بدراوي مع البوابة نيوز

بعيدًا عن حسابات السياسة التى لا تخلو من المزايدات، وتقوم على المبالغة في ‏أغلب الأحيان، اتخذنا مسارًا مختلفًا تحت عنوان «حوارات ‏المستقبل.. مصر كما ‏ينبغى أن تكون»، لعرض وطرح خبرات المتخصصين في شتى ‏المجالات العلمية ‏والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.‏
‏«البوابة نيوز» تحاول في هذا المسار عبر سلسلة من الحوارات، تقديم نماذج مضيئة ‏وأفكار خارج الصندوق، لدعم خطة مصر للتنمية 2030، التي أطلقها الرئيس ‏عبدالفتاح السيسي، وتمضي الدولة المصرية قِدمًا لتنفيذها.‏
وفي هذه الحلقة تحاور «البوابة نيوز» المفكر الكبير الدكتور حسام بدراوي، الذي تخرج في كلية الطب بجامعة القاهرة وحصل على الماجستير والدكتوراة منها، ثم تلقي الدراسات العليا من جامعة واين ستات بولاية ديترويت ميتشجان، ثم جامعة نورث وستيرن وشيكاغو إلينوي بالولايات المتحدة الأمريكية.
كما حصل على دبلوم في وضع المناهج التعليمية من جامعة بوسطن ماساشوستس، ونال درجة الدكتوراة الفخرية في العلوم من جامعة ساندرلاند بالمملكة المتحدة عام 2007، وزمالة فخرية من جامعة جامعة كارديف ميتروبوليتان البريطانية عام 2014 لدوره في تدويل قضية تطوير التعليم خاصة في الشرق الأوسط، ونشر الدكتور حسام بدراوي أكثر من 120 بحثاً أكاديمياً، كما تقلد عدة مناصب داخل مصر، وقام بتأليف العديد من الكتب في مجال التعليم.
المحور السياسي
* بداية كيف ترى دعوة الرئيس السيسي للحوار الوطني ومدى أهميته في الوقت الحالي؟
** لا يوجد أمة نشطة إلا وبها حوار دائم بين أطرافها، وكل مرحلة يمر بها المجتمع لا بد فيها من حوار بصفة مستمرة، وعندما يدعو رئيس الجمهورية إلى حوار فهو يركز زمنيًا علي مرحلة يمر بها المجتمع، لا بد فيها من وجود حوارات بين النخبة والقادة السياسيين والمجتمع ككل، والحوار من وجهة نظري هو حوار سياسي من الدرجة الأولى لأن السياسة هي التي تصنع ما تحتها، والحوار السياسي لا بد له من بناء والبناء السياسي لنا هو الدستور، ليس مواده ولكن فلسفته ومفهومه.
ولذلك عندما أتحدث عن الحوار الوطني سياسيًا فأنا أتحدث عن ديباجة الدستور وتقديمه، وهي تدل على فلسفة الدستور، وهي أن مصر دولة مدنية حديثة، وداخل مظلة الحوار الوطني يوجد عمودين رئيسيين وهما عمود العدالة والمقصود ليس الكلام عن العدالة فقط ولكن تطبيقًا لها، والعدالة في ذهن الناس هي القضاء، ولكنها بمفهومها الشامل هي القضاء والخدمات التي يحتاجها الناس من هذه المنظومة، وكذلك تطبيقها من قبل الجهاز المنوط بذلك وهو جهاز الشرطة.
والعمود الآخر للحوار هو التنمية الإنسانية، لأن بناء الإنسان هو جوهر الجمهورية الجديدة، وبناء الإنسان ينقسم إلى حقوق وخدمات، والحقوق كلنا نتفق عليها وهي التعليم والصحة وتوفر البنية التحتية والحريات العامة وهذه لها وسائلها، وكذلك العدالة الاجتماعية بمفهوم تكافؤ الفرص، وقيمة هذه الأمور في الحوار الوطني هي كيف تكون هذه الحقوق مستدامة، لأننا بالأساس لا نختلف على هذه الحقوق، ولكن الخلاف على كيفية استدامة التنمية الإنسانية وقد يكون هذا جوهر الحوار.
* ما هي بالتحديد مهمة مستشار الحوار الوطني التي تم إسنادها إليك وما المطلوب منه؟
** المهمة هي مستشار الحوار الوطني لرؤية مصر 2030، وهذا تحديد بالمهمة لأننا نتحدث عن أن مصر لديها رؤية واضحة، ولها أهداف رئيسية وجزئية وخطط استراتيجية ووسائل قياس وتطبيقها وهذه الرؤية صدرت في مصر منذ عام 2016، وتم تحديثها في 2022 ولكنها لم تعلن، والحوار الوطني له لجان مختلفة، مهمتي هي التنسيق بين كل أطراف الحوار الوطني، وفتح الآفاق حول رؤية مصر، وتشبيك اللجان المختلفة حول رؤية مصر.
رؤية مصر 2030 تم وضعها عام 2016 وتم تحديثها عام 2022 ولكن التحديث لم يُعلن، لذا اتفقت مع الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط على أن ننتهز فرصة الحوار الوطني لتكون الرؤية محدثة لتصل إلي 2050 وربطها بالأهداف الأممية والأهداف الأفريقية، لأننا نتحدث عن 8 سنوات فقط حتى نصل إلى 2030.
ويجب أن نعمل على خطة أطول، كما يجب أن يكون هناك كيان يراقب تطبيق الرؤية ويقوم بعمل تقرير سنوي عنها لمعرفة ما الذي تم فيها، ويمكن أن يكون هذا أحد مخرجات الحوار الوطني.
* هل هناك أولوية في القضايا المطروحة على طاولة الحوار الوطني؟ أم أن العمل في القضايا محل النقاش يتم بالتوازي؟
** المظلة الرئيسية هي الحوار السياسي، وبدون الاتفاق على أن مصر دولة مدنية حديثة بالأسس التي توضح ذلك فكل ما تحت ذلك مجرد كلام، أما إذا اتفقنا على المظلة فمحور العدالة والاقتصاد والاستثمار وبناء الإنسان هي أولويات الحوار، ولكن من أجل الخروج بأمر هام للمجتمع فكل هذه المحاور بحاجة إلى الانتهاء منها وبيان لماذا لا تطبق الرؤية الواضحة المعالم في هذه القضايا.
* البعض يُعَّول على الحوار الوطني في الخروج بتوصيات يمكن أن تسهم في تخفيف الأعباء على المواطنين، فما هي ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار الوطني؟
** الحوار الوطني ليس بديلًا عن الحكومة، بمعنى أن المسئول عن تخفيف هذه الأعباء عن المواطنين هو الحكومة وليس الحوار الوطني، والحوار هو نقاش بين خبراء علموا حقيقة الموقف الاقتصادي والاجتماعي والتنموي واجتمعوا لاقتراح توصيات، ودور الحوار هو إلقاء الضوء على المشكلات والمعوقات بناء على بحوث ودراسات، والحكومة أو الإدارة السياسية هي المنوطة بتنفيذ مخرجات وتوصيات الحوار الوطني.
وهنا يأتي دور البرلمان في متابعة تنفيذ رؤية مصر وما وصلت إليه، حيث إن هذه الرؤية التزام صدر من رأس الدولة وهو الرئيس، ووافق عليه البرلمان، فيأتي دوره عن طريق مساءلة الحكومة عما قامت به من أجل تطبيق هذه الرؤية.
* هل ترى أن صنع مستقبل الدولة المصرية في أيدي النخبة والقيادة فقط أم أن الفرد شريك في هذه العملية؟
** كل أفراد المجتمع شركاء في صنع التنمية ومستقبل الدولة، وجمال مصر في تعددها، وقيمة مصر في اختلاف وجهات نظر أفرادها، بمسلميها ومسيحييها وتاريخها الفرعوني والقبطي والحديث، ولا يجب أن يكون هناك بداية جديدة كل فترة سياسية، لأن أي مواطن يحاول التغيير سيعمل في إطار الدولة مهما تغيرت الحكومات وفي كل فترة جديدة من الحكم.
* في رأيك ما هو التحدي الأكبر الذي يواجه الدولة المصرية حاليًا؟
** عدم استدامة البرامج والاستراتيجيات وتغيرها كل فترة زمنية، وعدم احترام ما ورد في الدستور في إطار حرية المواطنين وحقوقهم الطبيعية، والمشكلة في مصر مشكلة إدارية، فمن الممكن أن يصدر قرار رئاسي ولكن حتى يصل القرار إلى التطبيق يصبح أمرًا آخر، فالتطبيق هو الأساس وهو الذي يلمس الجمهور بشكل مباشر.
والتحدي السياسي أمام الدولة هو الإسلام السياسي الذي لا يؤمن بمدنية الدولة، والتحدي الآخر هو عدم احترام أساسيات الدستور فيما يخص الحريات وتوازن القوة بين السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية.
* في كتابك «حوارات مع الشباب لجمهورية جديدة» تحدثت عن ركائز دعم الجمهورية الجديدة فما هي أبرز هذه الركائز؟
** تحدثت في الكتاب على العدالة والتوجهات الاستثمارية وبناء الإنسان من مدخل التعليم وكذلك كيفية التعامل مع قضية الزيادة السكانية بطريقة غير تقليدية، وسياسات الشباب الذين يمثلون حوالي 65 % من المصريين وطريقة استغلال طاقاتهم فيما يخدم الدولة، وحكومة مؤسسات الدولة، وهذه كلها ركائز لتدعيم أسس الجمهورية الجديدة.
محور التعليم
* كيف ترى نظام التعليم الحالي في مصر؟ وهل تعتقد أن المناهج والرؤية تحتاج إلى تعديلات؟
** مصر وضعت رؤية لتطوير التعليم وهي ضمن رؤية مصر 2030، وهي رؤية شاملة وتحتاج لمشاريع لتحقق أهدافها، وهي مكونة من 5 محاور ولكنها لا تُطبق بشكل متكامل حتي الآن، المحور الأول منها هو الإتاحة والجودة وعدم التمييز، والثاني حوكمة إدارة التعليم والانتقال إلى اللامركزية واعتبار المدرسة هي محور التطوير، والمحور الثالث هو الرقمية وتعني أسلوب ومنهجية للطالب والمعلم في نقل المعلومة والتواصل.
والمحور الرابع هو بناء الإنسان الذي يحترم التعددية ويعمل في فريق، المتسارع المبتكر المبدع وهو ما لا يمكن أن يحدث بدون معايشة داخل مؤسسات التعليم مع مدرسين يتفهمون ويمارسون دورهم المتجدد في صنع الشخصية، وأخيرًا القدرة التنافسية من أجل المنافسة إقليميًا وعالميًا، كل محور من هذه المحاور به أهداف رئيسية وفرعية ومدة زمنية ووسائل قياس ومسئولية تنفيذية وتمويل.
ولا أرى أي صعوبة في تطبيق هذه الرؤية، وعلى سبيل المثال لو أردنا تطبيق المحور الأول وهو الإتاحة والجودة وعدم التمييز في أحد المحافظات، وطلبنا من المحافظ حصر عدد المواطنين بالمحافظة وعدد سكان كل قرية ونجع، ذكورا وإناثا ونسبة الأمية، ونسبة النمو السكاني في المحافظة، مع وضع عدد طلاب لكل فصل.
ولو حسبنا تكلفة الفصل الواحد سنعلم قيمة التمويل اللازم للعملية، وإذا طبقت أي محافظة هذه الاستراتيجية من أجل إتاحة الأماكن لطلابها بحساب النمو السكاني، سيصبح لدينا علم بعدد الفصول التي تحتاجها المحافظة لمدة 50 سنة مقبلة وتكلفتها، ولا أعتقد أن هذا أمر صعب التنفيذ. وفي رأيي لو وضعت أي محافظة أولويتها في التعليم سيدخل المجتمع المدني شريك في التنمية، لأنه يعلم أن الأمر يستحق ويعمل العائد.
* الرؤية جيدة جدًا ولكن لماذا لا يتم التطبيق الفعلي لها؟
** الرؤية جيدة بما يكفي لتطوير المنظومة التعليمية، ولكن عندما ننظر كمثال إلى الموازنة التي تذهب لبناء المدارس وفي آخر العام ربع هذه الموازنة يعود إلى الوزارة مرة أخرى، والسبب هو أنه من أجل تنفيذ وبناء هذه المدارس فأنت تحتاج إلى موافقات أكثر من جهة ووزارة، وحتى تحصل على هذه الموافقات تنتهي السنة بدون تنفيذ الكثير منها، وبالتالي تعود مرة أخرى للوزارة، فالأمر به بيروقراطية كبيرة وتداخل في المهام بين المؤسسات حتى تسمح لك بتطبيق الاستراتيجية.
البعض يمكن أن يقول إنه يوجد لدينا 56 ألف مدرسة في مصر ولا يوجد بها ملاعب أو مسارح، سأرد عليه وأقول يوجد لدينا أيضًا 5 آلاف مركز شباب، يمكن أن تكون ملاعب هذه المراكز هي ملاعب المدارس أيضًا، وكذلك يوجد لدينا 3500 قصر ثقافة يمكن أن يتم استغلالها كمسارح.
ويمكن أيضًا استغلال الموظفين الموجودين بهذه القصور كمدرسي ثقافة للطلبة، وهكذا يمكن أن يسهم التشابك والتعاون بين مؤسسات الدولة إلى تطبيق الاستراتيجية وحل المشكلات، فنحن لا نعمل في جزر منعزلة.
وكل هذه المنظومة التي نتحدث عنها متعلقة بالمعلم، ولن يرتفع مستوى التعليم في أي أمة فوق مستوى مدرسيها، ومهما كان التقدم التكنولوجي لدينا فمستوى الطالب مرتبط بمستوى المعلم، وهناك مؤسسة مثل أكاديمية المعلم، يجب أن تقوم بدورها الذي قامت من أجله وهو والارتقاء بالبحوث التعليمية، واعتماد الجهات المسئولة عن تدريب المعلمين، وتصدر إجازة التعليم.
كليات التربية تقوم بتخريج 70 ألف معلم كل عام، ولا يتم تعيينهم أو تكليفهم للعمل في مدارس الدولة، فكيف يمكن أن يقبل العقل وجود عجز في التعليم مع وجود فائض من الخريجين، العملية عملية إدارة سليمة من أجل نجاح المنظومة التعليمية.
كذلك لدينا تحدٍ آخر حيث إنه يوجد معلما واحدا لكل 18 تلميذا، ولكن لا يوجد تنوع فيهم، كمعلمي فنون ولغات ورياضيات، ولكن لدينا أعداد كبرى في تخصصات أخرى.
أنا متفائل بالدكتور رضا حجازي وزير التعليم الحالي، لأنه كان معلمًا ومر بتجارب كثيرة، وهو مؤمن برؤية مصر 2030، ونحن نقدم له كل الدعم والعون، ولكن عليه مسئولية كبيرة ويجب عليه أن يحارب من أجل تطبيق رؤية مصر للتعليم.
* مصر بها حوالي 25 مليون طالب في المراحل التعليمية المختلفة هل الدولة قادرة على تمويل العملية التعليمية وإتاحته لكل هذا العدد؟
** التمويل تحد كبير.. ثلث موازنة وزارة التربية والتعليم يعود مرة أخرى لوزارة المالية كحصة في سداد ديون مصر، وهذا هو الواقع الذي نعيشه، كذلك ما يزيد على 80 بالمائة من الموازنة يذهب إلى بند المرتبات لما يزيد على 2.3 مليون معلم وموظف بالتعليم، منهم 700 ألف فقط هم من يدخلون الفصول وبقيتهم موظفين وإداريين، نحن نتحدث عن تمويل إذن يجب أن نقوم بحسابات دقيقة في ترشيد الإنفاق، وبما أننا نتحدث عن موارد وكيفية إنفاق هذه الموارد، فيجب إعادة النظر في إنفاقها بشكل جيد.
يجب قبل أي شيء أن نعتبر التعليم أولوية، فإذا نظرنا له هكذا سيكون كل شيء بالنسبة له ثانوي ويمكن حله، نحن لدينا الثروة والقدرة ولكن نحتاج إلى إدارة فاعلة وتناغم بين الوزارات التي يمكن أن تخدم التعليم، وكذلك يجب ترشيد الإنفاق وتوجيهه إلى ما نحتاج فعلًا، فضلًا عن أن موازنة التعليم التي نص عليها الدستور يجب أن تنفق على الطالب.
حتى نستطيع القول إن الدولة تنفق على الطالب مبلغ كذا في العام، وذلك بدون حساب المرتبات والخدمات كالكهرباء والصيانة وغيرها، لذا فإن إنفاق الموارد بشكل صحيح يحقق النتائج المرجوة وهي نتائج ستكون فعالة للغاية.
* هل ترى أن القطاع الخاص شريك في عملية التنمية من خلال التمويل؟
** العمل يجب أن يتم في إطار حوكمة فالتعليم ليس عملا تجاريا، ويجب وضع حد للربحية في حال مشاركة القطاع الخاص في التعليم، ويمكن الاستعانة بالقطاع الخاص في تطوير وتمويل العملية التعليمية، ويوجد أفكار خارج الصندوق، وحاولت خلال تواجدي رئيسا للجنة التعليم بالبرلمان، أن أطبق تجربة قائمة على مشاركة القطاع الخاص، ولكن البرلمان أوقف التجربة.
التجربة كانت ان يقوم القطاع الخاص ببناء المدارس بتمويل ذاتي ويحصل كأي مشروع علي تمويل من البنوك التجارية بضمان مقابل عقود ايجار من الدولة لمدة ١٥ عام يعود خلالها للقطاع الخاص رأسماله ويحقق ربحًا لمدة زمنية مناسبة وتعود الملكية للدولة بإنتهاء مدة الإيجار.
أي هي وسيلة مبتكرة لأن تحقق الدولة أهداف الإتاحة من خارج الموازنة، ويتحقق للقطاع الخاص ربحًا مناسبًا لمدة زمنية مناسبة وتعود الملكية إلي الدولة أي أن الكل رابح، وبالطبع ذلك يحتاج للدراسة الاقتصادية الصحيحة.
* كيف ترى أزمة الزيادة السكانية والسبيل لحلها من أجل فرص أفضل للأجيال المقبلة في التعليم؟
** كل الوسائل العقابية التي تم استخدامها في قضية الزيادة السكانية لم تجدي نفعًا، والزيادة السنوية في معدلات السكان تبلغ حوالي 2.3 % زيادة سنوية، وكذلك لا يمكن أن تعاقب مواطن فقير بعدم تعليم أبنائه، وفي أحد اجتماعات لجنة السكان بالبرلمان التي قد دعيت لها، تقدمت باقتراح للجنة مضمونه وفلسفته هي التحفيز وليس العقاب.
إن زيادة المواليد خلال العشر سنوات التالية ستصل إلى 25 مليون مولود جديد، والدولة عليها توفير الفصول الدراسية لهم والرعاية الصحية والمواصلات وتمديد البنية التحتية وتوفير الغذاء وغيرها من الالتزامات بتكلفة يمكن حسابها بدقة من المتخصصين.
ومضمون فكرتي التحفيزية هي الإعلان عن مكافأة مالية لكل أسرة تصل فيها الزوجة لسن 45 سنة قدرها 2 مليون جنيه إذا تمكنت من عدم إنجاب أكثر من طفلين و3 ملايين جنيه إذا وصلت هذه المرحلة بطفل واحد، أو تمتع الأسرة بخدمات مجانية في المواصلات والمعاشات والمصيف مثلًا.
أنا بحساباتي غير المتخصصة وجدت أن الإنفاق علي هذا الحافز يصل إلي ربع الإنفاق علي توفير خدمات وحقوق الـ25 مليون مواطن الجدد، هذه أفكار خارج الصندوق ولكن لا بد لها من دراسات إكتوارية مدققة.
* هل ترى أن القوانين الخاصة بالتعليم في مصر تحتاج إلى تعديلات أو قوانين جديدة لتحسين المنظومة التعليمية؟
** أنا مع التأني في أي تشريعات جديدة، وأن تتم بشكل متكامل وليس مجزءا، نحن نحتاج إلى نظام من أجل تحسين المنظومة التعليمية، ولو كنت في مجال نصح المسئول عن التعليم كنت سأختار 4 محافظات كمثال وأقوم بتطوير التعليم فيهم، رأسيًا.
مع كل الجهود المستمرة وفي خلال 5 سنوات أستطيع أن أحقق نجاحًا متكاملاً بنتائج مبهرة، والجميع سوف يرى النتائج ويتابع ونستعيد ثقة المواطنين في قدرة الدولة علي الإنجاز، وستحفز باقي المحافظات لتطبيق نفس التجربة.
هذا ما يسمي تحقيق نجاح ملموس في حجم حرج، يغير الشعور العام السلبي تجاه إدارة الدولة للتعليم.
* الثانوية العامة أصبحت مشكلة كبيرة للأهالي بسبب الضغوطات وتكاليف الدروس الخصوصية وهي ما يسمونها «بعبع» الثانوية العامة كيف يمكننا إنهاء هذه الأزمة؟
** الدروس الخصوصية هوي العرض للمرض وليست المرض، يجب أن يقتنع الجميع أن شهادة الثانوية العامة هي نهاية مرحلة تعليمية، وليست شهادة دخول الجامعة، لأن الطالب يمكن أن يجد وظيفة بشهادة الثانوية العامة.
ولكن من أجل دخول الجامعة يجب أن يكون هناك اختبارات قدرات، والثانوية بشكلها الحالي هي امتحان الفرصة الواحدة حيث تم رفع جميع المعايير القياسية منها لتقييم الطلاب إلي مجرد مجموع في امتحان، ولا يجب أن تكون هذه الشهادة نتيجة امتحان واحد ولكنها يجب أن تكون تراكما للثلاث سنوات.
* ولكن هنا سيصبح الضغط أكبر على الطالب والأسرة طوال السنوات الثلاث وليس السنة الأخيرة فقط؟
** هذا الضغط سببه الدروس الخصوصية والتكاليف المادية التي تتحملها الأسرة، خاصة أن الطلاب يقومون بحجز الدروس قبل بداية العام الدراسي بشهور، وهذا بالطبع ضغط على الأسرة، ناهيك عن أن طلاب الثانوية العامة لا يدخلون المدرسة طوال العام لأنهم يعتمدون على هذه الدروس.
إذا كان هناك مسئول عن التعليم لديه الجرأة في اتخاذ القرار، فعليه أن يلغي الامتحانات قبل مرحلة الثانوية العامة ولمدة 5 سنوات!
* وكيف يمكن ذلك وما أهميته؟
** اليوم نحن نشاهد الطلاب يصلون إلى الصف الثالث الإعدادي و«نصهم ما بيعرفوش يقروا ولا يكتبوا»، إذن الامتحانات لا قيمة لها، وفي حالة إلغائها كل الطلبة سيتم نقلهم للسنة التالية، وسيكون هناك امتحان ولكن ليس من أجل تقييم الطلاب لنجاحهم أو سقوطهم ولكن من أجل تقييم المعلم.
وعليه فالمعلم الذي يحصل طلابه على درجات جيدة سيكون له مكافأة، وبالتالي يكون هناك تشجيع للمعلمين وتحفيز، ولكن الامتحانات من أجل النجاح هي السبب الرئيسي في أزمة الدروس الخصوصية، فالطالب يذهب للدروس الخصوصية في كل المواد من أجل محاولة النجاح وليس من أجل العلم والتعلم، ولكن هذا القرار يحتاج شجاعة جبارة من أجل تنفيذه.
ويمكن أن يتم تجربة الأمر في محافظة من المحافظات ذات التعداد السكاني القليل، وإذا نجحت التجربة يتم تعميمها في باقي المحافظات.
* الدكتور حسام بدراوي مع مجانية التعليم أم ضد؟
** قطعًا وبلا مواربة أنا مع إتاحة التعليم بكل مراحله من التعليم الأساسي إلى نهاية التعليم الجامعي، فالتعليم حق للجميع، والجميع له الحق في أن يتعلم بغض النظر عن إمكانياته المادية، والتعليم الخاص ليس هو قاطرة التنمية، ولكن التعليم الحكومي هو القاطرة الحقيقية للتنمية، وفي حالة ضعف الإمكانات المادية وقتها يتم إنشاء نظم لتمويل الطلاب،في التعليم العالي وليس الانتقال إلى التعليم الخاص، وكذلك أؤمن جدًا بأهمية قيام الدولة بإيجاد هذه الحقوق للمواطنين، ولا يجب أن تستخدم الدولة العقاب لمن لا يستطيع الوصول لحقه في التعليم.
* كيف ترى التعليم الفني في مصر؟
** التعليم الفني يعاني من تحديات منها غياب الرؤية المتكاملة للتعليم الفني عن المجتمع رغم وجودها، وانخفاض الميزانيات المخصصة عن احتياجات وطموحات التطوير، ويعانى مثله مثل غيره من قطاعات التعليم من فلسفة توزيع وتوجيه الطلاب على أساس مجموع الدرجات فى شهادة إتمام التعليم الأساسى.
التعليم الفنى يستوعب أكثر من نصف عدد الطلاب الذين يلتحقون بالمرحلة الثانوية بعد المرحلة الإعدادية، ما يمثل أغلبية من الشباب، وبالنظر إلى أن الاقتصاد المصرى يسعى لأن تصل معدلات النمو فيه إلى أكثر من 6% سنويًا بشكل مستدام لعشر سنوات على الأقل، فإن فرص العمل التى تتوافر وستتوافر فى المستقبل كبيرة، ولا يمكن استدامة هذه التنمية دون عمالة فنية عالية المستوى وتنظيم فعال للمهن.
ويجب الارتقاء وتطوير التعليم الفنى والتدريب المهنى بحيث أن يكون جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية التنمية الإنسانية التى يجب أن تنتهجها الدولة، كما يجب أن يتم تغيير نظرة المجتمع للتعليم الفني، مع إبراز قدرات ومجالات وفرص العمل المرموقة لخريجيه، وتقدير الأوائل والمتميزين منهم، كذلك فإن إضافة التعليم التكنولوجى إلى مسمى التعليم الفنى ومحتواه قد يكون عاملًا لتغيير انطباعات المجتمع حول هذا التعليم بشكل أكثر إيجابية.

التعليقات

التعليقات