السبت , 21 ديسمبر 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / بعد 25 يناير / دعوة الشباب لحماية الوطن

دعوة الشباب لحماية الوطن

دار هذا الحوار بين خبراء من أصدقائى وشباب «الحالمون بالغد» حول حقوق الإنسان والهجمة التى تتعرض لها مصر من منظمات حقوق الإنسان فى الداخل والخارج، وكذلك ما صدر من برلمان الاتحاد الأوروبى انتقادًا لمصر فى هذا الصدد.

ترددت كثيرا فى نشر الحوار خوفا من سوء فهم هنا وهناك، واتهامات قد تنالنى لمجرد فتح الحوار ونشره، خصوصا ونحن فى بداية عام جديد. ولكننى عدت أقول لنفسى إن فى الغالب ما يدور بين النخب وبين الشباب إن ظل محبوسا بلا تنفيس، فقد ينفجر فى لحظة بلا مقدمات.. ونحن فى مرحلة لا تتحمل عواقب عدم الاستقرار ولا فوضى الدهماء، ومن الأفضل للاستقرار أن يعلم الجميع أن هناك حواراً يدور وأفكاراً يتم تداولها فى النور وليس فى ظلام الخفاء.

بدأ الحوار عندما أشار أحد الشباب إلى مقالة للأستاذ عماد حسين، الكاتب وعضو مجلس الشيوخ، فى موقع الشروق، وقرأ لنا منها:

هل الرد الأمثل مصريا على الانتقادات الشديدة التى صدرت من البرلمان الأوروبى قبل أيام بشأن ملف حقوق الإنسان فى مصر، هو السب والشتم والانتقادات فقط؟!

البرلمان الأوروبى وجّه انتقادات شديدة للسلطات المصرية، وطالب بإطلاق سراح العديد من المسجونين، بل وحدد أسماء حوالى 25 اسما.

للأسف الشديد، فإن معظم ما صدر من ردود مصرية، لم يكن على مستوى الحدث، ولم يكن فى الاتجاه الصحيح من وجهة نظرى، وأتمنى أن أكون مخطئا!

أكبر خطأ وقع فيه غالبية من تصدروا للموضوع، أن خطابهم كان موجها للداخل المصرى، وليس للخارج الذى أصدر التقرير، وكأننا «نبشر فى المؤمنين» كما يقولون!

ما الذى سوف نكسبه، حينما يكون جوهر كل خطابنا أن الغرب ظالم ومفترٍ ويكيل بمكيالين، ولديه معايير مزدوجة بشأن حقوق الإنسان، وأنه ظالم ومتجبر؟

لا مانع من مخاطبة الداخل والتبشير فى المؤمنين من أجل زيادة تماسك الجبهة الداخلية، لكن علينا أن نتعلم بجانب ذلك اللغة التى يتحدث بها العالم.

أضافت زميلته:

بعض المنظمات قد تكون فعلا متحيزة ولها أهداف واضحة ضد مصر كبلد وليس فقط ضد النظام.

ورد شاب آخر قائلا: ولكن الكاتب ينبهنا إلى أنه فى حالة تقرير البرلمان الأوروبى، فإن الأمر مختلف، حتى لو كانت قراراته غير ملزمة للحكومات، فهو يمثل شعوب أوروبا كلها. ويقول الكاتب: إن السياسة وليس المبادئ هى التى تحكم كل شىء، لكن مرة أخرى علينا أن نبحث عن طريقة جديدة ومختلفة، للتعامل مع هذا الملف الشائك وأن الرد على الانتقادات لا يكون فقط بندوات وتصريحات ومقارنات، و«التبشير فى المؤمنين» وكلها أشياء مهمة، ولكن بردود عملية مختلفة تخاطب من ينتقدنا وتفند انتقاداته، أو تدعو لتعديل فى بعض الخطط والمسارات، حتى لا نقع فى «الفخاخ المنصوبة» من حولنا!!

رد صديقى محمد مدكور المثقف والخبير وقال:

رأى سديد، ألم يأتِ الوقت لكلمة سواء يا معشر مفكرى مصر ومثقفيها وشبابها، لإقامة منبر وطنى. محترم. داعم للمسار المصرى يخاطب الخارج بلغته من خلال منابر مقروءة من قبله؟

لقد سبق لى طرح هذه الدعوة على نفر منا وفى محافل أخرى. ورغم ما قوبلت به من «تحفظ دبلوماسى تقليدى-نمطى»، أغامر بإعادة طرحها فى خضم هذا الجمع من الخبراء والشباب.

قال أحد الشباب: ألا تقوم سفاراتنا بهذا الدور فى الخارج والبرلمان فى المساءلة فى الداخل؟!

فعلق واحد من أصدقائى الدبلوماسيين الحاضرين قائلا:

لا يمكن للسفارات أن تتحرك وحدها فى الخارج يا شباب، ولا يمكن لها ذلك فى غياب مكتب إعلامى قوى يستطيع مجاراة الآخرين فى الدعاية المضادة.

علق صديق آخر وقال: يقينا أتيح لمعظمنا فرص فردية، متباعدة، للرد على الكثير من هذه الافتراءات أو للدفاع عن مواقف تقبل الجدل. لكن ما أعنيه، ولعله «أضعف الإيمان»، إنشاء منبر أهلى، عبر منصات التواصل الإلكترونى، يخاطب الخارج بلغة يقرؤها، ينقل صوتًا مكملًا للخطاب الرسمى، قد يكون له مصداقية ذات طعم مختلف.

قال ثالث: علينا أن نبدأ من نقطة أن لدينا مشكلة، لأنه لا فائدة من أى مقترح أن ننطلق من نقطة أن هناك مؤامرة ضدنا أو أن كل ما يقال هو ادعاءات بلا دليل وخلاص.

الطبيعى أن نبدأ من نقطة تحليل الأوضاع الحالية situational analysis وهو ما يتطلب تقديم تقرير موضوعى وتفصيلى حول وضع حقوق الإنسان فى مصر، وللأسف كان يجب أن يكون المجلس القومى لحقوق الإنسان مؤهلا لذلك، وكان قد قدم فى عام ٢٠٠٩ تقريراً محايداً للأمم المتحدة فى جنيف عن حالة حقوق الإنسان فى مصر، تقبلته الدولة رغم الكثير من الانتقادات لها، وتقبلته الجهات الدولية وقتها لحياده، ومن ثَم صدقته فيما يقول من إيجابيات قامت بها الدولة.

وعلى المجلس مع البرلمان مع لجنة حقوق الإنسان فى الخارجية، عقد جلسات استماع لكل أصحاب المصلحة stakeholders للتعرف على الحقائق، ثم يكون لهم تقرير، يمكن استخدامه فى الرد على أى ادعاءات مغرضة، والتوصية باستعدال بعض المسارات إن كان هناك احتياج..

هكذا نكون قد تعاملنا مع المشكلة ولم نتهرب ومخاطبة العالم بقوة.

قال شاب مشاغب ذكى بابتسامة: والله طرح منطقى وسديد. لماذا لا تتبنى هذه المجموعة الثرية بتنوعها وثقل خبراتها، والتى تناقشنا باحترام ونحن معها كشباب، منبرًا موازيًا، يخاطب ويتحاور بالإنجليزية، مع مجموعة مقابلة من معارفكم من مثقفين ومفكرين فى كافة أنحاء العالم. وأعتقد أنكم بالمثابرة، ستجعلون لمنبر كهذا، حضورا ومتابعة هائلة.

قال صديق آخر: إن فتح قنوات التحاور مع الشخصيات المؤثرة فى الخارج واجب وطنى وقد يفيد مراجعة كتاب The Disinformation Age ومعناه بالعربية «عصر المعلومات الزائفة المقصودة» والذى يجيب عن الكثير من الأسئلة التى تفضلتم بإثارتها اليوم مع الشباب.

قال الشاب: يبقى السؤال ماذا نحن وأنتم بفاعلين؟

قلت: كلام كله عاقل ورزين، ولكن للأسف، أظن أن أروقة الدولة الرسمية لا تثق فى المجتمع المدنى بشكل كافٍ لتترك له حرية الحركة فى هذا الإطار، ولا قيمة لما سنقوله فى الخارج، إذا كان تكرارًا لما تردده الدولة الرسمية فى ردودها على تجاوزات خارجية هنا وهناك.

ليكون هناك أكثر من منبر يستطيع أن يقف أمام مد الجماعة الإخوانية وأعداء الوطن، كذلك فإن من سيكون له ثقل فى التحدث للخارج لابد أن لا يكون مجرد مصفق للحكومة فى الداخل فى الصواب والخطأ، وجلّ من لا يخطئ.

من له مصداقية لابد له من عدم الاتفاق أحيانا ويكون محل ثقة الدولة فى نفس الوقت، هذا ميزان على الدولة أن تتفهمه وتسمح بمساحة من الحرية تتيح لنا الدفاع عن الوطن دون أن نكون جوقة منافقين وهم كثيرون للأسف هذه الأيام.

علق أحد الشباب قائلا:

لعل مقالاتك يا دكتور حسام فى «المصرى اليوم»، مؤشر أن صدر الدولة يتسع لأكثر مما كان وهو ما نرحب به ويعطيناً أملًا لنقول ما يدور فى خلدنا دون خوف ولا رهبة، فى ظل ما نتعلمه منك من ضبط النفس وحسن الظن والحصول على حقوقنا بالطرق الشرعية، واحترام للقانون.

يا دكتور نحن شباب واعٍ، قادر على الدفاع العاقل، غير المبتذل، والطرح المتوازن المقنع عن وطننا عندما تكون لدينا المعلومة الصحيحة وعندما يكون عندكم تقبل لاختلافنا أحياناً ولأخطائنا أحيانًا أخرى.

وإن لم تتصدوا أنتم وأمثالكم من ذوى الخبرة لمثل هذا التحدى، الواجب فى الداخل والخارج ونحن معكم، فمن لها؟ تعالوا نجمع طاقاتنا بخبراتكم ونحمى الوطن.

التعليقات

التعليقات