الخميس , 19 ديسمبر 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / بعد 25 يناير / ديمقراطية الجيل الرابع (3)

ديمقراطية الجيل الرابع (3)

استكمالا لردود الأفعال حول تطور الديمقراطية، ومبادرتى حول إيجاد شكل جديد لممارسة مشاركة الشعوب فى حكم نفسها، وكانت أهم المداخلات جاءت من طبيب مصرى مرموق يعيش فى أمريكا منذ ثلاثين عاما بعنوان: «جاء الْيَوْمَ الذى تنهار فيه الديمقراطية الأمريكية

«أرجو أن تضع فى اعتبارك، عند صياغة مبادرتك نحو الجيل الرابع من الديمقراطية، أن مؤسسى الجيل الثالث كان أهمهم أمريكا، ومن تجربتى، فإنّ انتخاب الشخص المناسب سيمنعه سكان القرى والجهلة وأنصاف المتعلمين.. هذا ليس فى مصر لكنه فى أعرق ديمقراطيات العالم.. هكذا حللت مجلة «أيكونوميست» الحال السيئ الذى أصبحت عليه الديمقراطية الأمريكية. وحيث إنهم الكم الأكبر من البشر فهم المتحكمون فى نتائج الانتخابات المرتبطة بالمصالح الفردية ضيقة الأفق.

لقد أفرزت الانتخابات الأمريكية دونالد ترامب وهى نفس القاعدة التى أتت بأردوغان للحكم وثبتته فى تركيا مهما رفضه المتعلمون وأتت بمحمد مرسى والإخوان بأصوات المسيرين بفكرها الدينى فى مصر. لم يضع النظام الديمقراطى هذه الفرضية فى حسبانه فهو نظام ناجح ومتوازن فى الدول المتعلمة والمثقفة، فى الدول الأكثر تعلمًا كدول الشمال الأوروبى. لقد فشل تصدير النموذج الأمريكى فى العديد من الدول النامية، وها هو يكاد يفشل فى أمريكا نفسها، بعد ما فشل من قبل الحكم الشيوعى فى الاتحاد السوفيتى وأوروبا الشرقية.. فما هو البديل؟».

وأخرى تقول: «د. حسام: المقال خطير لأنه يناقش جوهر المعضلة السياسية الاقتصادية بالضرورة فى هذا الزمن، ليس فقط فى وطننا الغالى بل فى العالم أجمع. لقد أعجبنى تقسيم ديمقراطية الأجيال إلا أننى أذكرك أننا نرى اليمين المتطرف الديكتاتورى يجتاح العالم الديمقراطى الآن، فهل أصبحت الديمقراطية فكرة واقعية تواكب التغييرات الحياتية والتكنولوجية والثورة الرقمية الحالية، التى تغير واقع الأمم وتقوم بعملية غسيل مخ جماعية للشعوب من خلال أجهزة مخابراتية».

السؤال: هل الديمقراطية مازالت فكرة مطروحة فى عالمنا المتغير الذى تحكمه الإرادة الافتراضية؟

وأقول للجميع إننى مدرك أن كل ظروف الإنسانية تغيرت، والعالم حولنا يتبدل، ولابد أن نربط الجيل الرابع للديمقراطية بمتغيرات العصر. إن ما نعيشه من تطور لم يكن ممكنا فى وقت بدء الجيل الثالث من الديمقراطية، فلابد من صياغه شىء جديد.

مبادرة جديدة للحكم، بالاتفاق بين ما نحلم به من دولة مدنية وبين واقع القوة الحقيقية على أرض الواقع لا تحرم البلاد من إمكاناتها الإنسانية ولا من مؤسساتها الفاعلة الوطنية، مبادرة تعطى للحرية مكانها واحترامها بضبط العدالة الناجزة التى لا تسمح للحرية بالتحول، ولا بالتلاعب الانتقائى للقانون. مبادرة تسمح لعموم الشعب بالاختيار الحر، وتوازن حسن الاختيار بنظام برلمانى متوازن.

أمامنا أربع سنوات نبنى فيها رؤيتنا بالاتفاق وليس بالمظاهرات والثورات التى تهدم ولا تبنى، وتزيل واقعا وتعيد مثيله كأننا لم نفعل شيئا. أمامنا فرصة قبل أن نصل إلى خط النهاية فى ٢٠٢٢ لبداية جديدة تكون فيها مصر نموذجا بين البلاد. لا نريد أن نجد أنفسنا أمام نفس الوضع، ونفس البدائل فنعيد نفس الاختيارات متصورين نتائج مختلفة.

مصر تستحق أن نفكر ونتفق.

التعليقات

التعليقات