الأحد , 22 ديسمبر 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / بعد 25 يناير / د بدراوى يكتب في المصرى اليوم التعليم والمواطنة والحياة الطلابية

د بدراوى يكتب في المصرى اليوم التعليم والمواطنة والحياة الطلابية

د بدراوى يكتب في المصرى اليوم
التعليم والمواطنة والحياة الطلابية

■ قال لى أحد طلابى الناشطين: ما هى المواطنة التى يتكلم عنها الكتاب والدستور؟

– قلت: المواطنة بمعناها الأساسى هى علاقة الفرد بالوطن الذى ينتسب إليه، والتى تفرض حقوقا دستورية وواجبات منصوصا عليها، بهدف تحقيق مقاصد مشتركة ومتبادلة. والمواطنة الإيجابية لا تقتصر على مجرد دراية المواطن بحقوقه وواجباته فقط، ولكن حرصه على ممارستها من خلال شخصية مستقلة قادرة على حسم الأمور لصالح الوطن. ويؤدى التطبيق المجتمعى لمفهوم المواطنة فى كافة المؤسسات إلى تنمية مجموعة من القيم والمبادئ والممارسات التى تؤثر فى تكوين شخصية الفرد، والتى تنعكس فى سلوكه تجاه أقرانه وتجاه مؤسسات الدولة وكذلك تجاه وطنه.

■ قال: وما هو الفرق بين ذلك وبين الانتماء للوطن؟

– قلت: الانتماء للوطن هو الارتباط الفكرى والوجدانى بالوطن والذى يمتد ليشمل الارتباط بالأرض والتاريخ والبشر وحاضر ومستقبل هذا الوطن، وهو بمثابة شحنة تدفع المرء إلى العمل الجاد والمشاركة البناءة فى سبيل تقدمه ورفعته.

والانتماء للوطن لا يعتمد على مفاهيم مجردة، وإنما على خبرة معاشة بين المواطن والوطن. فعندما يستشعر المواطن من خلال معايشته أن وطنه يحميه، ويمده باحتياجاته الأساسية، ويحقق له فرص النمو والمشاركة مع التقدير والعدل، تترسخ لديه قيم الانتماء للوطن ويعبر عنها بالعمل البناء لرفعته.

■ قال: وماذا يعنى ذلك فى رؤيه التعليم التى تكلمنا عنها؟

– قلت: تهدف التربية من أجل المواطنة إلى تنمية روح الانتماء عند الطالب فى التعليم العام والعالى، وتزويده بالمعارف والمهارات والقيم والاتجاهات الإيجابية التى تعده كمواطن للاندماج فى نسيج مجتمعه، والمشاركة فى كافة المسؤوليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بما يحقق صالح الوطن والمواطن ويؤدى إلى التقدم والازدهار.

وترتكز فلسفة التربية على أن تحفيز المواطن على المساهمة فى عملية التنمية وتمكينه من المشاركة المجتمعية يعد من الضرورات الملحة لمواصلة مسيرة الديمقراطية والتنمية فى مصر. ويتطلب ذلك تدعيم شعور الانتماء للوطن وتعزيز ثقة المواطن فى حاضره ومستقبله، من خلال التأكيد على أن المواطنة هى مصدر المساواة التامة بين المواطنين فى كافة الحقوق والواجبات، وهى أساس تكافؤ الفرص للجميع بدون تمييز مبنى على النوع أو الدين أو العقيدة أو المكانة الاجتماعية.

■ قال: وكيف ينعكس ذلك على الحياة الطلابية فى الجامعة؟

_ قلت: تتضمن الحياة الطلابية أنشطة وممارسات مختلفة يمكن أن تسهم بدور فعال فى ترجمة المفاهيم المجردة إلى سلوكيات وتوجهات حياتيه. ولتطوير الحياة الطلابية بحيث تدعم إحياء المواطنة وروح الانتماء، قال شاب آخر: وكيف يمكن تحقيق ذلكك، إننا نحس بانفصال عن الوطن، وممنوع الكلام فى السياسة، وأى فعل مخالف نعاقب عليه، ولا يتبقى غير الغضب والانفعال.

■ قلت: إننى أرى اتخاذ الإجراءات التالية:

– تحقيق التعددية والتكامل للأنشطة الطلابية بحيث تسهم فى التكوين المتكامل لشخصية الطالب، وفى الوقت ذاته تتناسب مع إمكانات وميول أكبر قدر من الطلبة. ويجب أن يكون من ضمن أهداف الأنشطة الطلابية دعم العلاقات بين الطلبة، وبينهم وبين معلميهم، ومجتمعهم.

تضمين الخطط المدرسية والأكاديمية القيم المجتمعية المرغوب إكسابها للطلبة بحيث يزيد تفاعلهم مع مجتمعهم، وتنويع طرق عرض هذه القيم للطلبة من خلال الندوات واللقاءات والزيارات الميدانية وغيرها.

تعديل لوائح الاتحادات الطلابية بحيث تعطى مسؤوليات وصلاحيات أكثر للطلبة، وتساعد على تكوين شخصية مستقلة للطالب تمكنه من تحليل المواقف واتخاذ القرارات، مع إيجاد نظم لمتابعة أداء المجموعات الطلابية بهدف الإرشاد والتنمية وليس فقط المحاسبة. ويجب أن تساعد اللوائح الطلابية على تنمية مهارات القيادة عند الطلبة، وتزيد من ثقتهم بأنفسهم وتحفزهم على الابتكار والمبادرة لخدمة زملائهم ومن ثم مجتمعهم ككل.

■ قال الشاب: ومن المسؤول عن ذلك؟

– قلت: الأستاذ والمعلم طبعا.

ونظرا لأهمية الدور التاريخى للمعلم وعضو هيئة التدريس فى تشكيل شخصية الطالب وتكوين قيمه واتجاهاته، ونظرا للضعف الملحوظ فى تأثير المعلم وعضو هيئة التدريس على الطالب بشكل إيجابى فى هذا المجال– بل وفى بعض الأحيان يكون التأثير سلبيا، أرى وجوب الالتزام بالآتى:

اختيار المعلم وعضو هيئة التدريس الملهم والواعى مجتمعياً، وذلك من خلال تطبيق اختبارات خاصة عند قبول الطلاب بكليات التربية، تكشف عن مدى وعيهم الاجتماعى وإدراكهم لمسؤولياتهم المدنية والمجتمعية، واختبارات أخرى عند تعيينهم بالمدارس والجامعات لضمان قدرتهم على التواصل مع الطلبة وإعطاء المثل الأعلى والنموذج الذى يجب أن يقتدى به.

■ التدريب المستمر للمعلم وعضو هيئة التدريس لتطوير أدائه ورفع كفاءته، بما يضمن تناوله للقضايا بشكل مبتكر ومشوق، واستخدامه للمواقف التعليمية فى بلورة المفاهيم المجردة، وتطبيقه لأساليب الحوار الديمقراطى ومبادئ المشاركة فى صنع القرار، وتمكينه الطلبة من ممارسة حقوقهم والالتزام بمسؤولياتهم.

■ تقييم المعلم بشكل أكثر شمولاً يتضمن مدى كونه قدوة لطلبته، ومدى تواصله معهم، ودوره فى تحقيق التفاعل بين الطلبة والمجتمع، ومدى حرصه على دعم روح المواطنة بشكل فعال ومستمر.

■ قال شاب آخر: وهل هذا كاف فى ظل المناخ الذى نعيش فيه؟

– قلت: فى الحقيقه لا يكفى بل يجب أن يكون متواكبا مع تطبيق قواعد الإصلاح الإدارى على المؤسسات التعليمية، بما يضمن تحديث فكرها ومنهاج إدارتها، وتحولها من النظرة الفوقية السلطوية للطالب، إلى نظرة مقدم الخدمة والحق لمتلقيها الذى هو مخرج وهدف العملية التعليمية كلها، ولعل التوجه فى الخطاب الإصلاحى لرؤية مصر ٢٠٣٠ نحو أن يكون الطالب هو محور العملية التعليمية وهو تغيير جوهرى فى علاقة المؤسسة التعليمية بأبنائنا يتواكب مع التوجهات التربوية الجديدة فى العالم المتقدم.

التعليقات

التعليقات