أطفال مصر بذور للأمل
حسام بدراوي
بدعوة وترتيب مؤسسة التعليم أولا، التى أتشرف بقيادة مجلسها الاستشارى والتى أخذت على عاتقها كمؤسسة مجتمع مدنى رائد تدريب وإعداد مديرى ووكلاء مدارس الدولة الحكومية للغات وعددهم يزيد على ٧٥٠ مدرسة، وكذلك مدرسو اللغات والعلوم والرياضيات، لمستقبل جديد جدير بمصر، بإدارة محترفة للتدريب، وقياس أثر عبر سنوات ثلاث، وبتمويل كامل من المجتمع المدنى وتعاون فعال مع وزارة التربية والتعليم.
من آثار هذا التدريب، لمدارس تخدم الطبقة المتوسطة فى مصر، خرجت مشاريع أخرى تبنتها المؤسسة لبناء شخصية الأطفال والشباب فى هذه المدارس، ورفع قيمتهم الذاتية، وثقتهم بأنفسهم، وتأكيد قيم إيجابية فى وجدانهم.
كان لقائى هذا الأسبوع مع مائة وخمسين تلميذا وتلميذة من المرحلة العمرية ١٤ إلى ١٥ سنة، منتقلين من الإعدادى إلى المرحلة الثانوية. المائة وخمسين تلميذا متفوفون علميا واشتركوا فى معسكر أعدته المؤسسة باحتراف وفلسفة إيجابية نحو ممارسة الرياضة والعمل الثقافى والفن ليخرج منهم أفضل ما فيهم، ثم كان اللقاء معى، وسميته مسرح الحالمين بالغد..
بدأ اللقاء بسؤال ممن سميته غلباوى المجموعة سائلا بفضول، جرأة، ممكن تعرفنا بنفسك أكثر. ابتسمت وقمت بالتعريف فعلا واتفقنا أن كل من يتحدث يبدأ بتعريف نفسه..
كان موضوع حديثى معهم عن أن الحياة اختيارات، وأن كل واحد فيهم عليه أن يعد نفسه بالمعرفة والتدريب ليحسن الاختيار أمام بدائل ستتفتح أمامهم. كذلك تكلمنا عن المستقبل، وعن السعادة، وعن الإنجاز، وعما يرى كل منهم نفسه فى المستقبل. تحاورنا عن الأسرة وعن الفجوة بين الأجيال. تكلمنا عن التكنولوجيا والسوشيال ميديا وأثرها لهم وعليهم. تطور الحديث إلى خلق الكون والنظريات المختلفة حوله…..
لم أكن أتصور أن الأولاد والبنات فى هذا العمر عندهم هذا الحضور الجميل، والفضول الذكى والرغبة فى المعرفة.
قالت لى الفتاة المتحمسة: حضرتك بتقول لنا اختيارات، وماذا لو كانت اختياراتى تختلف عن اختيارات والدى، ماذا أفعل؟
وقال آخر: تقول إن وظائف اليوم ستختفى، ماذا أدرس لأتوافق مع المستقبل.
وقال ثالث: عاوز أعرف أكتر عن نظرية خلق الكون وكيف يتوافق ذلك مع ما يقال دينيا.
وقال رابع: مشكلتنا يا دكتور فى أن الجيل الأكبر منا لا يتفهم متطلباتنا التى تختلف عنكم.
وقالت خامسة: أنا سعيدة فى حياتى، أختار اللى يسعدنى ولا اللى ينجحنى
وقالت سادسة: عاوزة أقرأ كل الكتب اللى على الآى باد بتاعك..
وقال سابع: يعنى إيه أكوان متوازية
وقالت ثامنة: هل من حقى مناقشه مدرستى إن قالت ما أظنه خطأ.
وقال وقالت… فضول وجرأة وعقل متفتح وأسئلة تستحق التفكير والحوار مع من نظنهم أطفالا..
هذا جيل عظيم فى مصر، سعيد بالفطرة، قوى الشكيمة، رقمى الوجدان، يستحق منا فتح أبواب الحرية فى الرأى والتعامل باحترام..
قلت لهم: ناقشوا أسرتكم بلا خوف ولكن باحترام، ولا تقللوا من حدسهم وخبراتهم، ولكن لابد لكم من إيجاد وسائل إقناع. تعلموا وتدربوا أن تكونوا قادرين على التكيف مع التغيير فى متطلبات الحياة.. اللغة والتفكير المنهجى، والمعرفة، والعلم يجعلكم أكثر استعدادا لمواجهة المستقبل والتكيف معه.. الخبرات تتراكم، والمعارف تزداد، ومن المهم أن تفرقوا بين الحق والباطل، بالبحث والمرجعيات، واكتشاف وجهات النظر المختلفة واحترام أصحابها..
قالوا لى: ما هى فلسفتك فى العمل السياسى.
قلت: إننى قد أختلف مع غيرى فى أمر ولكن سأدافع عن حقه فى التفكير والتعبير هذا هو مبدئى. قد أعترض على عموم ما يفعل ولكن إذا أنجز شيئا مفيدا فسأرحب به هذا هو مسلكى. قد أحبه كإنسان وأختلف معه فى الرأى، فلا يفسد ذلك مودة بيننا. هكذا كنت وهكذا سأكون سياسيا.
قالوا: هل أنت متفائل:
قلت: وازددت تفاؤلاً بالحديث معكم
قالوا: هل بلدنا بخير
قلت: بلدنا بخير وسيظل تاريخا وحاضرا ومستقبلا
قالوا: عاوزين كمان
قلت: ولكم ذلك
الحقيقة أننى الذى أخذ الطاقة الإيجابية من أطفال وشباب مصر.