في ندوته بجامعة القاهرة ، وفي قاعتها الكبري، وبدعوة من رئيس الجامعة أ.د جابر نصار وحضور عمداء الكليات وأعضاء هيئات التدريس ومئات الطلاب، ألقي أ د حسام بدراوي محاضرة عن دور الجامعات في المجتمع، هل هم مقدمي خدمة أم صانعي حضارة.
في نهابة الحوار أجاب د.حسام علي أسئلة الطلاب واجتمع العديد منهم حوله بحب واحترام لالتقاط الصور التذكارية طالبين توقيعه علي كتابه ” التعليم….الفرصة للإنقاذ” لكل منهم.
في المحاضرة قال د بدراوي ” تولت الجامعات عبر القرون عدد من الوظائف الاجتماعية. ويشكل تنوع مثل هذه الوظائف الشخصية الفريدة التي تكتسبها الجامعة. وتحتاج كل الجامعات إلى “التكاثر” و”الانتشار” و”التطور” في ذات الوقت، كما أنها تحتاج إلى معرفة أسباب التغير أو أسباب التمسك بالتقاليد. ولكي يتسنى لها القيام بهذا عليها أن تتشكك في ما تم اكتسابه وتختبر أيضاً أنماط التفكير المختلفة الموجودة في المجتمع كما أن على الجامعة أن تقوم بالمخاطرة بتقديم كل ما هو غير متوقع للمجتمعات التي تستسهل بقاء الأمر كما هو عليه بل وتحارب التجديد والتغيير حفاظا على الواقع الذي تم التعود عليه حتى ولو كان منتقدا.
وقال أيضا ” تحاول الجامعة تلبية أربعة أهداف ألا وهي الرفاهة والنظام والمعنى والحقيقة. ومن ثم تمثل هذه الأهداف مجتمعة سبب تأسيس ووجود هذه الجامعات.
فالجامعة تركز على رفاهة المجتمع إما بإعداد طلابها للتكامل البناء داخل سوق العمل، وذلك من خلال اكتساب المعرفة والمهارات والتي تشكل أداة لإحراز التقدم وتحقيق التطور، أو تنمية مجال البحث والابتكار لديها لتعزيز القوة الاقتصادية لأمة بعينها. ويكمن الهدف من وراء ذلك في تلبية الاحتياجات الاجتماعية بشكل فعال واقتصادي. ولذلك فإن الهدف المنفعيّ للاستثمارات التي توجهها الحكومات والأطراف المعنية المهتمة بتنظيم الكيان المادي لمجتمعاتها إلى جامعاتها، يصبح مبرراً. فهناك عائد محسوس ويمكن قياسه على الأفراد وعلى المجتمع.
أما بخصوص النظام الاجتماعي فان الجامعة، تساعد المجتمع كي يكون “مجتمعا متناسقا” تتبادل فيه المجموعات المختلفة المراجع وتجعل من العلم والمعرفة والمهارات الفنية أمراً ملائماً ومناسباً. وهذا يتطلب وضع المهارات ومجالات المعرفة المتصلة بالتكامل المدني واستخدامها في التدريس وتكييفها مع الاحتياجات الاجتماعية الحالية. وكذلك يحدد التعليم العالي “مؤهلات” الأشخاص وتصبح شهادات التعليم العالي والدراسات العليا بأنواعها المختلفة جواز مرور هؤلاء إلى المناصب المحترمة ذات الرواتب المناسبة الموجودة على درجات السلم الاجتماعي المختلفة، فالجامعات أهم مصدر لتنظيم المؤهلات العليا.
وتتناول الجامعة في قضية المعني، مسلمات الحياة كما يعرفها المجتمع وتبحث في وجهات النظر العالمية المختلفة، القديمة والجديدة، وتعيد النظر في المراجع الفكرية المستقرة والمقبولة، وتعيد تنظيم البيانات وفقاً للمعايير الجديدة والمختلفة سواء كانت فكرية أو أخلاقية أو جمالية. ويكمن إثراء المعنى في الإلمام الشامل والكامل لهذه المعارف ووجهات النظر المختلفة والتشكك في المسلمات وإعادة تنظيم العالم كما نعرفه في ضوء ذلك، ويترتب على هذا قدرة الجامعة على الإشارة إلى الإصلاحات الممكنة في المجتمع، وهو ما يعتبر الأساس لأي نقلة حضارية تقوم بها الأمم.
وعند تناول الجامعة لمسألة البحث عن الحقيقة فإنها تستكشف المجهول بوصفه النظام الطبيعي الذي تُشكل الإنسانية جزءاً منه. ولا يكمن الهدف في هذا محاولة هدم أسوار الجهل فحسب بل، للتساؤل العميق في مدى فهم الإنسان للكون المحيط به. وتلتقي مراحل هذا الجهد مع أسلوب الاستدلال العلمي الواجب أن تنتهجه الجامعات في دراسة العلوم المختلفة الذي يشمل التشكك والتخيل والاستيعاب وهي عملية تشوبها المخاطر أحيانا حيث أنها قد تؤدي بنا إلى الخطأ و الفشل وهى أمور يقبلها العلم طالما تتم بمنهج الاستدلال العلمي والبرهان، ولكن يظل البحث عن الحقيقة مدخلا أساسيا لوظيفة الجامعة.
ثم أضاف د حسام قائلا “ينبغي للجامعات بوصفها من المؤسسات الضرورية للأمة ولبنة للتطور الثقافي للمنطقة أن تقوم بمسح البيئة التي تنشأ فيها وأن تدرك تعقيدات التغيير المحتملة (وهذا يعني الحرية الأكاديمية). ويجب على الجامعات أن تضع رؤيتها تجاه التزاماتها نحو هذا التحول وأن تحدد كيفية استخدام أصولها بأفضل السبل الممكنة (وهذا يعني الاستقلالية المؤسسية). وعمليا يعني ما تقدم تحديد الاستراتيجيات متوسطة الأمد والتي تؤدي بها إلى وضع سياسات مؤسسية يمكن اختبارها وقياسها والتثبت منها (ويفرض هذا توافر المساءلة)