“فلسفة التعليم”
د. حسام بدراوي
في الجامعة الأمريكية

تحت عنوان “فلسفة التعليم ” القي اليوم 30 سبتمبر 2024 بمقر القاعة الشرقية بالجامعة الأمريكية الدكتور حسام بدراوي
محاضرة مثيرة حول فلسفة التعليم ، بدعوي من مركز الحلول السياسية البديلة واشترك في ندوة نقاشية حول الموضوع .
ما الغرض الأساسي من التعليم ؟ هل هو بناء الإنسان أم إعداده لسوق العمل،
أدارت الندوة الدكتورة سهير عبد العاطي رئيس مركز الحلول السياسية البديلة و و شارك أيضاً الدكتور بدراوي كمتحدث رئيسي الدكتور كمال مغيث الخبير التربوي بالمركز القومي للبحوث التربوية .
بدأ الدكتور بدراوي باستعراض لتطور فلسفة التعليم عبر العصور مرورا بأفلاطون والفلسفة المثالية التي تهدف لتطوير الصفات الفكرية والأخلاقية، ويتمثل دور المعلم في هذه الفلسفة كنموذج ومرشد ومحفز على اكتشاف الحقائق والتفكير النقدي، …….. والفلسفة الواقعية التي انتهجها أرسطو والتي تؤمن بأن العالم المادي هو الواقع الحقيقي والذي لا يمكن اكتشافه إلا بالتجارب الحسية فيتعلم الطالب الحقيقة الموضوعية، حيث يعد المعلم فيها ناقلاً للمعرفة المادية من خلال الملاحظة والتصنيف والتحليل بشكل علمي، …………. والفلسفة البرغماتية والتي من أشهر المدافعين عنها الفيلسوف جون ديوي، حيث يطلق عليها أحياناً فلسفة العمل فالحقائق والمعرفة تتميز فيها بالديناميكية والتطور المستمر حيث يعد المعلم فيها مجرد ميسر لتطوير المهارات والتفكير النقدي وحل المشكلات بدلاً من كونه ناقل للمعرفة، …………. والفلسفة الوجودية التي كان أحد شخصياتها الرئيسية جان بول سارتر والتي تهدف إلي بناء الشخصية المستقلة، وتحديد معني وهدف للحياة والقيم والإبداع والاستقلالية. يتجسد دور المعلم في هذه الفلسفة كصانع لبيئة تُمكن الطلاب من اتخاذ قرارتهم واستكشاف اهتماماتهم الخاصة وتحمل المسؤولية والاستكشاف الإبداعي والتأمل الذاتي،
أفاد د. بدراوي أن عرضه لتلك الفلسفات كان لفهم ماهية التعليم وأهدافه وكيف لابد له وأن يواكب حركة التطور وإلا فقد فلسفته، وكيف كان دور المعلم وكيف يتشكل مع معطيات التطور في الفلسفات المختلفة وضرورة تطوره ليؤدي دوره في ظل المعطيات الحديثة التي نعيشها اليوم ونستشرف قدومها مستقبلاً.
أضاف الدكتور بدراوي أن الفلسفات السالفة لازالت تشكل إطاراً نظريا أساسياً للتعليم الحديث بحيث تم تعديلها لتواكب التعليم الحديث الذي يتسم بالعولمة والتقدم التكنولوجي وازدياد التنوع الاجتماعي والثقافي، فأصبحت فلسفة المثالية ترمي إلى تطوير الفكر النقدي والفهم الأخلاقي من خلال المناهج التعليمية التي تحث المتعلمين مع القضايا الكبرى والافكار العميقة في الفلسفة والعلوم الإنسانية، ……….. وأصبحت الواقعية أكثر تفاعلاً في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والتفكير المنطقي، ………… وأصبحت البرغماتية أكثر أهمية من خلال التعليم القائم على المشاريع والتعليم التجريبي، …………. وأصبحت الوجودية تعزز استقلالية الطالب وقدرته على اتخاذ القرارات الشخصية وكفاءته لتحديد مساراته التعليمي.
كما أشار الدكتور بدراوي إلي ظهور فلسفات تربوية حديثة أيضاً كالفلسفة البنائية والتي تهدف لتمكين الطلاب من بناء معارفهم بأنفسهم بدلا من تلقيها من المعلم، والفلسفة النقدية والتي تهدف لجعل الطلاب سفراء للتغيير الاجتماعي من خلال تحليل الأنظمة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية حيث يحفز المعلمون الطلاب علي التفكير النقدي في مختلف القضايا التي تمس حقوق الإنسان والمجتمع، وكذلك الفلسفة التكنولوجية التي يعتمد فيها التعليم علي المنصات الإلكترونية والواقع الافتراضي . هذه الفلسفة أعادت صياغة علاقة الطالب بالمعلم وفق معطيات لم تكن موجودة في السابق، أخيراً فلسفة العولمة والتي جعلت من العالم مكان واحد تتلاقي فيه الثقافات ويظهر فيها مفاهيم وقيم عالمية تدعم التفاهم والتسامح وتقبل الآخر وتعزز التنوع الثقافي.
ثم عرض الدكتور بدراوي للأمثلة من التحديات الحديثة التي تواجه الفلسفة التربوية كقيمة المدرسة والمعلم في وقت أصبحت فيه كل المعلومات متاحة للجميع، وتطور الفلسفة التعليمية لتدعم فكرة التعلم مدي الحياة.
اشار د. حسام ان التعليم وسيلة للحصول علي المعرفة وبناء القدرات ولكنه ليس هدفا في حد ذاته. ووظيفة الدولة هو توفير المناخ اللازم لبنا الشخصية السوية من خلال المعايشة في المؤسسة التعليمية.
ثم انتقل الدكتور بدراوي إلي فلسفة التعليم العالي متحدثاً عن هوية الجامعة في تقديم كل ما هو غير متوقع للمجتمعات وتحارب للتجديد والتغيير، فتحتاج الجامعات للتكاثر والانتشار والتطور.
أما عن وظائف الجامعة فقد أوجزها الدكتور بداوي في رفاهة المجتمع بإعداد طلابها للمستقبل واكسابهم المهارات لإحراز التقدم والتطور وكذلك تنمية قدراتهم في مجال البحث والابتكار، والجامعات تبحث في المعارف ووجهات النظر والمعاني، وتشكك في المسلمات.
أفاد الدكتور بدراوي أن الجامعات تُبني على محورين أحدهما ينتقل من التركيز على الوجود المباشر (احتياجات الرفاهة (إلى الواقع الجديد (الدعوة للبحث عن الحقيقة (
والأخر ينتقل من المعارضة (الجانب الانتقادي) إلى الموافقة جانب الالتزام ومساهمة المؤسسة في الإنتاجية الاجتماعية، ثم أكد الدكتور بدراوي علي ضرورة الحرية الأكاديمية لكي تؤدي دورها في التحديث والتطور الثقافي، وكذلك الاستقلالية المؤسسية التي تمكنها من أن تضع رؤيتها تجاه التزاماتها وتحدد كيفية استخدام أصولها بأفضل السبل الممكنة مع عدم اغفال توافر المساءلة.
ثم أنهي الدكتور بدراوي كلمته بمقولة الدكتور طه حسين:
“إن الجامعة لا يتكون فيها العالم وحده، وإنما يتكون فيها الرجل المثقف المتحضر الذي لا يكفيه أن يكون مثقفا، بل يعنيه أن يكون مصدرا للثقافة، ولا يكفيه أن يكون متحضرا، بل يعنيه أن يكون منميا للحضارة. فإذا قصرت الجامعة في تحقيق خصلة من هاتين الخصلتين فليست خليقة أن تكون جامعة، وإنما هي مدرسة متواضعة من المدارس المتواضعة، وما أكثرها، وليست خليقة أن تكون مشرق النور للوطن الذي تقوم فيه، والإنسانية التي تعمل لها، وإنما هي مصنع من المصانع، يعد للإنسانية طائفة من رجال العمل، محدودة آمالهم محدودة قدرتهم على الخير والإصلاح”.
أدهشت اللوحات التي قدمها الدكتور بدراوي من إبداعه ، مع عرض شرائح المحاضرة الحضور، حيث اختتم حديثه قائلاً إن اكتساب المعرفة والمهارات الجديدة يجب أن يكون مطلباً مدى الحياة لنا جميعاً لنعيش بسعادة ونخدم أنفسنا وأسرنا والمجتمع.