الإثنين , 2 ديسمبر 2024
الرئيسية / صحافة / د رفعت السعيد يكتب في الاهرام: الهادئ حسام بدراوى فى قلب العاصفة

د رفعت السعيد يكتب في الاهرام: الهادئ حسام بدراوى فى قلب العاصفة

علاقتي بحسام بدراوى قديمة . بدأت عندما دعيت إلى برنامج تليفزيوني كنا شريكين فيه ، تأخر وفات موعد التصوير ثم حضر وهو ينهج وقال معتذراً الست ما كانتش راضية تولد «.. وساعتها تلاشى غضبي وحل محله احترام للطبيب الذي وضع واجبه الطبي فوق أي وضع .. وتواصلت علاقتنا أحيانا معه كسياسي أو خبير تعليمي أو طبيب حتى جاء عبر تليفون ومصر كلها في قلب عاصفة 25 يناير وقال بهدوء «معروض على موقع أمين عام الحزب الوطني .. إيه رأيك ؟ قلت له أن يقبل لعله يستطيع أن يقدم نموذجاً توقعت أن يكون إيجابياً لكنه كان متردداً . قال ولكن .. «وقاطعته» بلاش ولكن فإن لم تأت أنت سيأتي من يدمر ما تبقى لمصر ومستقبلها» . وعندما تولى عمر سليمان موقعه كنائب وفي لقاء مع رؤساء الاحزاب كنت أنا عن يساره وحسام بدراوي عن يمينه في إشارة أدهشت الحاضرين لكن ما أدهشهم أكثر أنني تكلمت بصراحة وطالبت بمطالب حاسمة ترضى متظاهري الميدان .. وبعدي قال بدراوي إنه موافق تماماً على كل ما قلت . وكانت شجاعة جسورة ممن تولى منصب أمين عام الحزب الوطني . وتواصلت علاقاتنا الحميمة ولم تزل. حتى زارني الباحث الشاب أحمد مبارك وألهمني حماسه الدافق أن أستجيب له بكتابة مقدمه لكتاب عن د. حسام بدراوي .. وشجعته وكان حماسه في غنى عن أي تشجيع . لكنني لم أكن أتصور أن هذا الشاب قد بذل كل هذا الجهد في استجماع ما كتب بدراوي وما كتب عنه وما قاله وما فعل فقدم للقارئ نموذجاً متكاملاً لإنسان يتبدى هادئاً فإذا هو ثائر ويتبدى متواضعاً فإذا بتواضعه يزيده كبرياء» . وأضافت إلى حصيلتي عن بدراوي نضاله المتواصل دفاعاً عن حقوق الإنسان وصراعه الحزبي الداخلي والمعلن في عديد من القضايا التي تمثل حساسية خاصة لدى الحاكم وحزبه ورجاله وحاشية رجاله . وينجح أحمد مبارك في تعقب كثير من محاولات حسام بدراوي المتواصلة لإصلاح بنية الحزب المترهلة والتي يمرح فيها سوس الفساد . ونقرأ.. في حوار تليفزيوني [أكتوبر 2007] يقول «التغيير إما أن يأتي بتداول السلطة أو بتغيير داخلي في الحزب الوطني . والمصريون بحاجة إلى موجة من التغيير فيه ، باعتباره الوعاء السياسي للحزب الحاكم والعمل من أجل إصلاح الحزب كمقدمة لإصلاح النظام السياسي بكامله [صـ72] . ثم يقول بدراوي وكأنه يبرر معركته من داخل الحزب وليس من خارجه «أنا مؤمن بأن أي نظام حكم يحتاج من داخله إلى من يقومه ويدفعه للطريق الصحيح .. والمعارضة من الداخل مخاطرها أكبر من المعارضة من الخارج . والنظم الاستبدادية أول ما بتضرب بتضرب معارضيها من الداخل» [صـ78] أما موقعه من مواجهة التأسلم وعلاقتها بالحريات فهو موقف يستحق الاحترام كان كذلك في السابق وهو كذلك حتى الآن ونقرأ «أننا لابد أن نسلم أن المواجهة الأمنية لتديين السياسة والإرهاب تؤدي بالضرورة إلى فرض بعض القيود على حقوق الإنسان خاصة في مجالات حرية التعبير والانتقال والنشاط وبالتالي فإننا نحتاج إلى إستراتيجية موازية لحماية حقوق الإنسان وتعزيز المشاركة السياسية والانفتاح على المجتمع المدني عبر مبادرات جديدة وفكر جديد وبرامج تنفيذية يشعر بها المواطنون ويشاركون فيها» [صـ84] . ويمضى قائلاً «إننا يجب أن نقر أن أي حكومة لا يمكنها مواجهة التطرف الفكري والديني وحدها ، فقط المجتمع كله يمكنه ذلك ، والمجتمع لا يمكن أن يتحالف مع الحكومة لتحقيق هذا الهدف إلا إذا أطلقنا الحريات وحفظنا له كرامته مع كل جهات الإدارة وحققنا مطالبه لحقوقه الطبيعية في الصحة والتعليم والمواصلات والسكن والغذاء» [صـ85] وهذا الموقف كان يتطلب منا جميعاً أن ننادي به ، ولم يزل يتطلب منا جميعاً أن نصرخ به . ويتحدث حسام بدراوي في حوار تليفزيوني [عام 2008] «لا يجب وضع الثروة مع السلطة السياسية في بوتقة واحدة هذا خطر ، ويجب أن نضع في اعتبارنا أنه لا توجد فئة في المجتمع ليس لها الحق في الوجود في السلطة السياسية ، لأن الكل له الحقوق نفسها . ويجب وضع قواعد واضحة المعالم لعدم تضارب المصالح وتطبق على الجميع» [صـ9] .. أستعيد الآن هذه العبارات وأجدها تستحق أن تستعاد ويمكن إضافة رفض تدخل الثروة بالتحكم في أجهزة الإعلام [التي تؤدي بالطبع إلى نفوذ وتأثير سياسي في الرأي العام] [صـ95] .

ويصف بدراوى معاركه في الحزب الوطني قائلاً في بساطة لا تخلو من المرح «أنا عامل زي اللي بيزق سيارة في مطلع ، واستمرار الحال كما هو يعني تداعيات غير محمودة» [أكتوبر 2009] .. وأتأمل العبارة وأسأل نفسي وبدراوى والقارئ من منا لا ينتابه هذا الإحساس ؟ [صـ103] ويواصل حسام بدراوي تحديه بشجاعة وهدوء لعله كان يغيظ خصومه فيعلن في عام 2009 «تركيبتي السياسية ضد التوريث» ويواصل الرجل تحديه للجميع فيقول [عام 2007] «الكل يكذب والكل يزور ولو أصبح الوفد مكان الوطني ، والوطني مكان الإخوان فلن يتغير شىء [صـ146] ومع استمرار استهجان اباطرة الحزب الوطني لمواقف حسام بدراوي وتصريحاته يصرخ ربما لأول مره [عام 2010] «تداول السلطة هو الحل الوحيد لمواجهة الفساد وأطالب بتطبيقه داخل الحزب الوطني أولاً و ما لم نقم بالتغيير وستكون النتائج غير محمودة ، ومصر لم تعد أم الدنيا لأن التدهور أصاب جميع المجالات» [صـ148] وأمام الجميع وفي مواجهة الجميع في اجتماع المجلس الأعلى للسياسات يقول بدراوي «رغم أنني أنتمي الى حزب الأغلبية لكني في كل مكان أشعر أنني أقلية» [صـ158] .. وفي مايو 2010 أي قبل ثورة يناير بسبعة أشهر كتب حسام بدراوى رسالة إلى مبارك يقول فيها «في إطار مشاركتي في الدورة السابعة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف ، والمقابلات التي قمت بها أعرض على سيادتكم مقترحات لتطوير دور الحزب الوطني في دعم سياسة مصر في مجال حقوق الإنسان داخلياً وخارجياً [صـ164] وفي التقرير ملاحظات ومعلومات شديدة الأهمية ويقول مثلاً رأياً مهما «في العديد من الدوائر في أوربا وأمريكا بدا استخدام تعبير «الإسلام المعتدل» وهو تناقض اصطلاحي لأن أي إسلام سياسي يستخدم الدين للوصول إلى السلطة ، أو على الأقل يخلط الدين بالسياسة وهذا خطر كبير على الدولة المدنية وعلى الدستور وعلى الأقباط وعلى تجانسنا القومي ، والمد الديني السياسي في تزايد وتغلغله في المجتمع واضح ومظاهره مقلقة للغاية» [صـ170] . .. ولعل هذه العبارة تكفي وتزيد لتمنح حسام بدراوي احترامنا الكامل .. وتمنح أحمد مبارك خالص الشكر والتحية .

المقالة الاصلية

http://www.ahram.org.eg/NewsQ/582930.aspx

التعليقات

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *