الأربعاء , 23 أبريل 2025
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / رسالة لأطباء المستقبل بقلم حسام بدراوي

رسالة لأطباء المستقبل بقلم حسام بدراوي

رسالة لأطباء المستقبل
بقلم
حسام بدراوي
مهنه الطب وخدمه المرضي هي من أعظم المهن وأجدرها بالتقدير. ولكن كما يحدث في كل شئ حولنا ، تطورت المعرفه ووسائل الحصول عليها، وتطور تدريس الطب وتداخلت فيه الرقميه ، وتغيرت وسائل تقديم الخدمات وسرعتها. الطبيب والممرض والخدمات المسانده كلها تعمل في تناسق وتكامل ، وبناء النظام الصحي لأي دوله يعتمد علي إداره رقميه لها رؤيه ، وبنيه إنسانيه مكلفه ، وسنوات دراسه وتدريب طويله، وتمويل مستدام. تقع الجامعات ومؤسساتها الصحيه وأطقمها للبحث والتطوير في قلب ذلك ، ونظم التأمين الصحي التي تضمن إستدامه التمويل.
دُعيت لإلقاء خطاب التخرج لطلبة كلية الطب من جامعة الجيزة الجديدةً دفعة 2024 ، الشهر الماضي ، ووجدتها فرصة لتوجيه رسالة لكل خريجي كليات الطب ..
قلت في كلمي:
يا أبنائي
لا يُكتب التاريخ عن طريق الصدفة… ولكن عن طريق الاختيار… وأود أن أتطرق بإيجاز إلى بعض المفاهيم في هذه الدقائق القليلة القادمة، والتي تحكم تجربتي في الحياة، التي أنقلها اليكم وأهمها الإختيار ، والشغف.
إنني أفهم أن التنمية الإنسانية يمكن تمثيلها بمعادلة، جانبها الأيمن يعكس القدرات البشرية ، والجانب الأيسر، يعكس الفرص لاستخدامها.
لذا فان توسيع دائرة الاختيار أمام الناس، مما يتيح لهم حرية الاختيار، وتطوير قدراتها للقيام بالاختيار الحر، هو في رأيي، أساس تحقيق التنمية في أي مجتمع.
أنتم قادة المستقبل والقادة يعملون على تحويل القيم إلى إجراءات، والرؤى إلى واقع، والعقبات إلى ابتكارات، والخلاف إلى تضامن ، والمخاطر إلى إنجاز.
القادة يخلقون المناخ الذي يلجأ الناس لتحويل فرص التحدي، إلى نجاحات رائعة.
القادة سباقون في مساعيهم. . خصوصا عندما يواجهون اعتراضات قوية أو يتعرضون للحظ العاثر.
القائد الملهم يفكر كثيرا، ويفكر في الجديد، ويفكر فيما هو آت، والأهم من ذلك، أن يظل على اتصال عميق بمشاعر البشر وإمكاناتهم الإبداعية.
ومع ذلك فان النجاحات الكبرى لا يمكن أن تتحقق من دون الشغف،
اﻟﺸﻐﻒ ھﻮ اﻟﺪاﻓﻊ اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﻟﻌﻤﯿﻖ اﻟﺬي ﯾﺠﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺴﺘﻤﺘﻌًﺎ وﻣﺘﺤﻤﺴًﺎ ﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﻧﺸﺎط ﻣﻌﯿﻦ، ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ، اﻟﻔﻦ، اﻟﻌﻠﻢ،
اﻟﺮﯾﺎﺿﺔ، أو أي ﻣﺠﺎل آﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة.
إﻧﮫ اﻟﺸﻌﻮر اﻟﺬي ﯾﺪﻓﻌﻚ ﻟﻼﺳﺘﻤﺮار واﻟﺘﻄﻮر، ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪ ﻣﻮاﺟﮭﺔ اﻟﺘﺤﺪﯾﺎت واﻟﺼﻌﻮﺑﺎت.
الشغف هو إﺣﺴﺎس داﺧﻠﻲ ﻗﻮي ﻻ ﯾﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺤﻮاﻓﺰ اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺎل أو اﻟﺸﮭﺮة، ﺑﻞ ﯾﻨﺒﻊ ﻣﻦ اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﻘيق شئ معين ، و ﯾﺪﻓﻊ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ اﻻﺑﺘﻜﺎر واﻟﺘﻄﻮﯾﺮ، ﻷﻧﮫ ﯾﺠﺪ ﻣﺘﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﯾﻘﻮم ﺑه.
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻜﻮن اﻟﺸﺨﺺ ﺷﻐﻮﻓًﺎ ﺑﺸﻲء، ﻓﺈﻧﮫ ﯾﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﻤﺎرﺳﺘﮫ دون اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻀﻐﻂ أو الإجهاد، ويكون أﻛﺜﺮ إﯾﺠﺎﺑﯿﺔ وإﻧﺘﺎﺟﯿﺔ، وﯾﻤﻨﺤﮫ الشغف ﻗﻮة ﻟﻼﺳﺘﻤﺮار ﺣﺘﻰ ﻓﻲ اﻷوﻗﺎت اﻟﺼﻌﺒه
الشغف له ﺗﺄﺛﯿﺮ ﻋﻠﻰ ﺟﻮدة اﻟﺤﯿﺎة لأنه ﯾﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﺮﺿﺎ اﻟﺬاﺗﻲ واﻟﺴﻌﺎدة، و ﯾﺠﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﮫ ﯾﻌﯿﺶ وﻓﻘًﺎ ﻟﻘﯿمه وأھﺪاﻓﮫ ، و علي كل منكم اكتشاف شغفه بسؤال نفسه :
• ﻣﺎ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺬي ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﮫ ﯾﻤﻠﺆك ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ أن ﯾﺴﺘﻨﺰﻓك؟
ﻣﺎ اﻟﻤﺠﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺐ أن ﺗﺘﻌﻠﻢ ﻋﻨﮭﺎ داﺋﻤًﺎ دون إﺟﺒﺎر؟
ﻣﺎ اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻔﻌﻠﮫ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺎدي؟
اﻟﺸﻐﻒ ھﻮ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺴﻌﻰ ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ ذاﺗﮫ وﯾﺘﺮك ﺑﺼﻤﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ.
الأبناء الأعزاء
لا يمكن أن تحقق النجاح من دون الانضباط في التنفيذ، الذي يجعل النجاح كاملا وفعالا.�وعلينا أن ندرك أننا بحاجة إلى شجاعة مؤثرة لإحداث مثل هذا التغيير. فالشجاعة ليست غياب الخوف فحسب، بل الحكم بأن هناك شيئا آخر أكثر أهمية من الخوف. الشغف ينشط حياتنا ويمنحنا الدافع والانضباط ..إنه يجعلنا نسير للأمام بالرغم من كل الضغوط
إن المفتاح لخلق الشغف في حياتنا، هو العثور على مواهبانا الخاصة، ودورنا في هذا العالم.
عليكم أيها الشباب أن تجدوا صوتكم الخاص، وإجراء خياراتكم الخاصة، وتوسيع نفوذكم، بغض النظر عن موقعكم الآن أو في المستقبل ،وأحثكم على إلهام الآخرين، الذين تهتمون بهم، أصدقاؤكم، زملائكم، ومنظماتكم أو شركاتكم… ليجدوا أصواتهم… ليكونوا شغوفين.
�سوف تكتشفون كلما تقدمتم في الحياة أن مثل هذا التأثير والقيادة، يأتيان عن طريق الاختيار، وليس من مركز ما أو في منصب ما.
الآن أتحدث معكم حول قيم ممارسة المهنة الأعظم … مهنتكم التي اخترتوها :
قيم ممارسة مهنة الطب هي المبادئ الأخلاقية والمهنية التي يجب أن يتحلى بها الأطباء لضمان تقديم الرعاية الصحية بأعلى مستوى من المسؤولية والإنسانية. وتشمل هذه القيم ما يلي:
1. الإنسانية والرحمة (Compassion & Empathy)
•معاملةالمرضى بإنسانية واحترام، مع تفهم مشاعرهم واحتياجاتهم.
• تقديم الرعاية ليس فقط كعلاج جسدي، بل أيضًا كدعم نفسي واجتماعي.
2. النزاهة والأمانة (Integrity & Honesty)
•الالتزام بقول الحقيقة للمرضى وأهاليهم، وتوضيح التشخيص والعلاج بكل شفافية.
•تجنب التلاعب أو تقديم معلومات مضللة لتحقيق مكاسب شخصية.
3. احترام الخصوصية وسرية المعلومات (Confidentiality & Privacy)
•عدم إفشاء أي معلومات طبية عن المريض دون إذنه، إلا إذا كان ذلك ضروريًا قانونيًا أو أخلاقيًا.
•احترام حقوق المريض في الحصول على رعاية طبية بسرية تامة.
4. العدل والمساواة (Justice & Fairness)
•تقديم الرعاية الطبية لكل المرضى دون تمييز بناءً على العرق، الدين، الوضع الاجتماعي، أو الخلفية الثقافية.
•ضمان العدالة في توزيع الموارد الطبية والعلاج.
5. احترام استقلالية المريض (Patient Autonomy)
•منح المرضى الحق في اتخاذ قراراتهم الطبية بعد الحصول على المعلومات الكاملة عن حالتهم وخيارات العلاج.
•عدم فرض أي إجراء طبي على المريض دون موافقته المستنيرة.
6.الالتزام بالعلم والمعرفة المستمرة (Commitment to Knowledge & Lifelong Learning)
•مواكبة أحدث التطورات العلمية في الطب لتحسين جودة الرعاية الصحية.
•تجنب تقديم علاجات غير مثبتة علميًا أو مخالفة للأدلة الطبية الحديثة.
7.المسؤوليةوالالتزام (Accountability& Responsibility)
•تحمل مسؤولية القرارات الطبية وعواقبها.
•العمل وفق معايير المهنة والالتزام بالقوانين والأخلاقيات الطبية.
8.التعاون والعمل الجماعي (Collaboration& Teamwork)
•التعاون مع فرق الرعاية الصحية المختلفة لضمان تقديم أفضل علاج للمريض.
•احترام دور كل فرد في الفريق الطبي والعمل بروح الشراكة.
9.احترام كرامة المريض (Dignity & Respect)
•معاملة المرضى باحترام كامل بغض النظر عن حالتهم الصحية أو الاجتماعية.
•تجنب أي تصرف قد يشعر المريض بالإهانة أو التقليل من شأنه.
10.عدم الإضرار (Non-Maleficence)والمصلحة الطبية (Beneficence)
•الالتزام بمبدأ “أولًا، لا تؤذِ” (Primum non nocere)، أي تجنب أي إجراء قد يضر المريض.
•السعي دائمًا لتحقيق أفضل فائدة علاجية للمريض بأقل المخاطر الممكنة.
إن ممارسة مهنة الطب ليست مجرد تطبيق للعلم، بل هي التزام أخلاقي وإنساني يتطلب النزاهة، الرحمة، المسؤولية، والعلم المستمر لضمان تقديم رعاية طبية عادلة وإنسانية.
أنتم لا تتخرجون كأطباء فحسب، بل كروّاد في مجالكم. أنتم تدخلون عالم الطب في زمن يشهد ثورة معرفية هائلة؛ فالذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل التشخيصات الطبية، والعلاج الجيني يفتح أبوابًا جديدة في مجال الطب، والأنظمة الصحية حول العالم تتغير بسرعة غير مسبوقة. لكن وسط كل هذه التطورات، يظل الطب كما كان دائمًا، عملًا إنسانيًا نبيلًا، قبل أن يكون علمًا أو مهنة.
وأنتم، أطباء المستقبل، مهمتكم لا تقتصر على علاج الأمراض فقط، بل تمتد إلى زرع الأمل في قلوب المرضى والمجتمعات. أنتم حراس الصحة، وجسر العبور بين الألم والشفاء، وحملة مشعل المعرفة والرحمة.
وهنا، في مصر—موطنكم، جذوركم، وانتماؤكم—هناك إمكانيات هائلة تنتظركم. هذه الأرض التي أهدت العالم أول طبيب في التاريخ، “إمحوتب”، ما زالت تملك إرثًا طبيًا عظيمًا ومستقبلًا يحتاج إلى سواعدكم. مصر بلد الصمود، والتحدي، والابتكار، وقد آن الأوان لأن تؤمنوا بها، وتبنوا مستقبلها، وتقودوا نهضتها الصحية.
نعم، ستواجهكم التحديات، ولكن تذكروا أن كل أمة عظيمة، وكل نهضة حقيقية، صُنعت على أيدي أولئك الذين لم يخضعوا للعوائق، بل حوّلوها إلى فرص. أنتم، خريجو اليوم،. سواء كنتم تعملون في البحث العلمي، أو تطورون الرعاية الصحية المجتمعية، أو تساهمون في تغيير السياسات الصحية، فإن بصمتكم ستصنع الفارق، هنا في مصر، وفي العالم أجمع.
أنتم، أطباء المستقبل، مهمتكم لا تقتصر على علاج الأمراض فقط، بل تمتد إلى زرع الأمل في قلوب المرضى والمجتمعات. أنتم حراس الحياة، وجسر العبور بين الألم والشفاء، وحملة مشعل المعرفة والرحمة.
في مقتبل حياتكم المهنية تمسكوا بشغفكم، واغتنموا فضولكم العلمي، ولا تنسوا أبدًا أن الطب ليس مجرد مهنة، بل رسالة. وأن مصر ليست مجرد وطن، بل مسؤولية. وأن المستقبل ليس شيئًا ننتظره، بل شيئًا نصنعه.

التعليقات

التعليقات

عن د. حسام بدراوي

د. حسام بدراوي
عن دكتور حسام سياسي ومفكر وطبيب بارز فهو رئيس قسم أمراض النساء والتوليد الأسبق في كلية الطب جامعة القاهرة، تلقي الدراسات العليا أعوام 1979 إلى 1981 في الولايات المتحدة الأمريكية، انتخب عضو في البرلمان المصري ورئيساً للجنة التعليم والبحث العلمي في بالبرلمان منذ عام 2000 حتى 2005، السياسي حسام بدراوي عرف بمواقفه المستقلة ومن القلائل الذين اتفق على نزاهته الجميع من كافة التيارات السياسية، ففي عصر الرئيس الأسبق مبارك كان يلقب بالعاقل داخل صفوف الحزب الوطني، حيث كانت نداءاته وطلباته السياسية تتفق بقدر كبير مع النداءات الداعية للانفتاح السياسي والديمقراطي في مصر، فكان ضد تمديد حالة الطواري، واعترض على انفراد الحزب الوطني بالتعديلات الدستورية، خلال ثورة 25 يناير 2011 ، لعب دوراً سياسياً هاما، حيث عبر منذ اللحظة الأولى على حق المتظاهرين في مطالبهم، ودعا الحكومة إلى الاستماع والاستجابة لهم، ما جعل مبارك مع تصاعد الاحداث لما له من شعبية بتعيينه أمينا عاما للحزب خلفا لأعضاء هيئة المكتب وخلال تلك الفترة عبر عن رأيه السياسي لمبارك بضرورة التنحي، وهو ما دفعه للاستقالة من الحزب بعد 5 أيام من تعيينه يوم 10 فبراير معلنا اختلافه السياسي مع القيادة السياسية في طريقة التعامل مع المتظاهرين ومطالبهم في حكم الإخوان فظلت مواقفه واضحة منذ اللحظة الأولى برفضه الدولة الدينية التي اعتبرها تريد تلويين الشعب بلون واحد، واعتبر قرار الرئيس المعزول مرسي بعودة مجلس الشعب ترسيخ للديكتاتورية المؤيدة من الولايات المتحدة، وكان من أوائل المنددين بتوغل سلطة مرسي على سلطة القضاء، مستنكرا محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل مليشيات الإخوان أيد د حسام بدراوي حركة تمرد مع بدايتها، وأعلن أن إسقاط حكم الإخوان أصبح ضرورة ومخاطرة لابد منها قبل أشهر من ثورة 30 يونيو، مؤكدا أن الجيش سيقف بجانب الشرعية المستمدة من الشعب.. في ٢٠١٦ تم اختياره رئيسا للجنة الاستشارية لمشروع التعليم أولا ورئيسا للجنة وضع رؤية مصر ٢٠٣٠ في التعليم وفي ٢٠٢٢ تم اختياره مستشارا للحوار الوطني لرؤية مصر ٢٠٣٠