الأحد , 22 ديسمبر 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / علي مقهي “الحالمون بالغد”‏ -‏ الزمان وأحوال الإنسان ‏ ‎

علي مقهي “الحالمون بالغد”‏ -‏ الزمان وأحوال الإنسان ‏ ‎

علي ” مقهي الحالمون بالغد “‏
الزمان وأحوال الإنسان ‏
بقلم حسام بدراوي
يصلني كما يصل للعديد ، رسائل علي الواتس آب كل يوم جمعة تهنئة أحياناً ودعاءً أحياناً أخري…وعندما يكون ‏لديك عدد كبير من المعارف والأصدقاء والمسجلين علي قائمة تلفونك تصبح هذه الرسائل بالعشرات‎ ‎وأحياناً ‏مئات .. هذه رسائل لم يكتبها باعثها بل هي منقولة ويتم إرسالها كما جائته من غيره ، أي أنها رسائل غير ‏شخصية ، ولا تستدعي الرد ، ولكن تستدعي التوقف أمام فكرة إرسال رسالة لم تكتبها ، لشخص لن يقرأها ، كل ‏يوم جمعة ، وكأن ملابساته تتكرر ، فما دلالة ذلك وفائدته!! ‏
في حواري مع الشباب ، تناقشت معهم في هذه المسألةً ،وتطرقنا لموضوع أهم وهو تكرار “تشيير بوستات” ‏بدون التحقق من مرجعيتها وصدقها فنشارك في نشر أخبار كاذبة أحياناً و قد نكون بلا قصد نساند شبكة تضليل ‏كبيرة يخلقها من يريدون نشر الطاقة السلبية في المجتمع..‏
كل ما أطلبه هو التحقق قبل نشر أي بوست لكل كل قائمة تلفونك بدون معرفة أصله وفصله.. العلم والذكاء ‏والوعي يقول ذلك..‏
‏ علينا التأكد من مرجعية البوستات التي أحيانا لا تنشر أخباراً كاذبة فحسب بل و تُحَرف أقوالاً بقصد ، وتضيف ‏صوراً بكذب ، لخلق قصص متكاملة بعيدة عن الحقيقة بهدف ..‏
قالت شابة من الحالمات : أظن أن “بوستات” يوم الجمعة التي تُرسل بدون تفكير أصبحت جزءاً من سلوكيات ‏المجتمع ودليل تدينه، فهل هناك قيمة روحانية ليوم الجمعة للمسلمين والسبت لليهود والأحد للمسيحيين ؟. وما ‏هو أصل الحكاية؟ وما علاقة الدين بالأيام ؟
قلت : أظن انها علاقة ظرفية تنظيمية وليست إلهية. وأردفت: لقد إنتهيت من قراءه كتاب ” الكَون الخاص بي ‏My Own Universe‏” لجيمس بيلي، وتلاه كتاب ” فيزياء المستقبل ‏Physics of The Future‏”‏‎ ‎لميكيو كاكو ،وكتاب” الكون الأنيق ‏‎ The Elegant Universe‏” ..لبرايان جرين ، وملخص لكتاب ‏ستيفن هوكينز إجابات مختصرة لأسئلة كبيره ‏‎ ‎‏”‏Brief Answers to the Big Questions ‎‏” وإنتابتني ‏الحيرة حول الزمن وما نعتبره علي الأرض مُسلمات وهي نسبية للكون، فعدت أبحث في توسع الزمن وتقلصه ‏وعلاقته بسرعة الضوء والجاذبية وكلها بدأت كنظريات علمية أثبتتها الكشوفات الفلكية والمعادلات الرياضية.. ‏
وعندما نظرت الي رسائل الأصدقاء ومن لا أعرفهم بالعشرات ب “البوستات” التي غالبا لا يقرؤوها بل يعيدوا ‏إرسالها لكل من علي تلفونهم كما أوضحت، حول تقديس الدعاء في ساعة بعينها أو يوم بعينه لأن الله يستجيب ‏فيها للداعي أكثر من أوقاتٍ أخري، سألت نفسي عن أهمية اليوم ، أي يوم ، ولماذا يظن الناس أن اليوم النسبي ‏جدا بالنسبه لساكني كوكب الأرض من قطبها الشمالي الي الجنوبي والأكثر نسبية بين يوم الأرض أصلا ويوم ‏المريخ أو زحل ، فما بالك بيوم كوكب في مجره أخري ، وأردت مشاركتكم بالتفكير خارج ما هو محلي ( في ‏هذه الحاله المحلي هو الكره الأرضية ) الي ما هو كوني .‏
قالت شابه أخري: إشرح لنا أكثر..‏
قلت : أدعوكم للتفكير ، وصولاً الي تفسيرات تستحق التدبير.. فإذا كانت نظرية النسبية لأينشتاين قد أثبتت ‏إمكان تغير الزمن وعلاقته بالمكان والسرعة ، وأنه بزيادة السرعة الي قرب سرعة الضوء يتقلص الزمن و ‏تتضائل الكتلة وعند الوصول لسرعة الضوء تنعدم المادة ويتوقف الزمن، فإنني أستطيع أن أفهم أشياء كانت تقال ‏ومطلوب مني تصديقها من باب الإيمان وليس من باب تشغيل العقل.. ‏
قال شاب آخر : زي إيه يا دكتور؟ وما علاقة ذلك بمئآت التهنئة بيوم الجمعة علي السوشيال ميديا!! ‏
قلت : إنني أري نسبية الزمن و أتفكر في بعض آيات القرآن و استوقفتني الآيات التالية :‏
‏‏‏‏‎‏(وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ.)‏‎ ‎
‎‎‏(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا ‏تَعُدُّونَ)‏‎
‎‏(تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ‎ ‎‏)‏
‏ و‎‏(‏‎فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل ‏لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ ‏‎‏)‏‎
وأضفت : كتابي الجديد “الجرأة علي التفكير ” الذي صدر منذ أيام عن دار المعارف ، يناقش الكثير من ‏الموضوعات المشابهة ، لزيادة المعرفة والتفرقة بين ما هو بشري وما هو إلهي.. ‏
العلم جميل ، والتسائل هو أصل المعرفة. ‏
أما من أرادوا إعتبار أن العقل أخذ أجازة بعد تفسير الأولين لما أقرأه الآن بعد أكثر من ألف سنة ، وأن الإيمان ‏بتصديق ما ليس له برهان هو الطريق الي الله، أقول لهم إن الله أعطانا العقل لنتدبر ونفكر و نسعي بالعلم الذي ‏بدأ به كتابه، وأن ما يميزنا عن باقي الخلق هو هذا الوعي بنعمة الله علينا..‏
‎————‎
قال الشاب الأول: نرجع لأيام الاسبوع ، ما هو مصدرها؟
قلت : في العديد من الثقافات ، كان يتم اشتقاق الأسماء التي تُطلق على أيام الأسبوع‎ ‎من أسماء الكواكب ‏الكلاسيكية في علم الفلك الهلنستي ، والتي سُميت بدورها على اسم الآلهة المعاصرة لذلك الوقت في أذهان البشر ‏، وهو نظام أدخله السومريون واعتمده البابليون فيما بعد و أخذت به الإمبراطورية الرومانية خلال العصور ‏القديمة و تم تبني الأسبوع المكون من سبعة أيام في المسيحية المبكرة أخذاً من التقويم العبري ، وبقي السبت ‏اليوم السابع وهو المقدس عند اليهود والأحد عند المسيحيين‎. ‎وكان البابليون قد أطلقوا على هذه الايام أسماء ‏الكواكب المعروفة لديهم وكان عددها خمسة وخصصوا اليوم السادس للقمر واليوم السابع للشمس.‏
‏ ديانا كالقمر ليوم الاثنين ، المريخ ليوم الثلاثاء ، عطارد ليوم الأربعاء ، المشتري ليوم الخميس ، كوكب الزهرة ‏ليوم الجمعة ، زحل ليوم السبت ، وأبولو كالشمس‎ ‎ليوم الأحد. ‏
‏ جاءت بعد ذلك مرحلة ثانية عند العرب‎ ‎اتبعو فيها باقى الشعوب وتبنوااستخدام‎ ‎الاسبوع المكون من سبعة أيام ‏وكانو لا يحسبون الاسابيع قبلها .‏
‏.‏
وفى المرحلة الثالثة تم تسمية أيام الاسبوع بأسمائها المعروفة اليوم وهى ‏‎( ‎السبت ,الاحد , الاثنين , الثلاثاء , ‏الاربعاء , الخميس , الجمعة ‏‎) ‎فالاسماء من الأحد الى الخميس منشقة من العدد نفسه الاول الثانى الى الخامس ‏وكان الأحد أولها ، أما أصل تسمية الجمعة فيعود الى الجمع والاجتماع بقصد الصلاة أو غيرها ثم جاء القرآن ‏مثبتاً يوم للجماعة يلتقون فيه ويصلون سويا..‏
إذن في اللاتينيه و الإنجليزية فإن أيام الاسبوع سميت نسبة إلى الأجرام السماوية، و في زمن آخر بإسم بعض ‏الشخصيات الأسطورية في التاريخ القديم.‏
‎________________‎
‏ ولأن اللغة الإنجليزية تعتمد على اللغات اليونانية، واللاتينية، والجرمانية القديمة، فتكمن رؤية تلك التأثيرات ‏في تسميتهم لأيام الأسبوع.‏
ثم قلت: كلها مجرد أسماء عكست ثقافات لأزمنة مختلفة ، فلم يكن الاسبوع موجوداً ثم وُجِد ، وكان خمسة أيام ‏وأصبح سبعة ، وسُمِيت الأيام بأسماء مختلفةً مرتبطة بثقافة زمنها ،ولكنها في النهايه إبداع إنساني له تاريخه و ‏إحترامه..‏
يظن وأحيانا يؤمن البعض أن تكرار أسماء الأيام أو موعدها في الاسابيع والشهور له مغزي ديني وكأن الزمن ‏يتكرر وكأن الأحداث وموقع اليوم والشهر يعود كما كان في لحظة سابقة ، وهو ليس كذلك ، فباعتبار حركه ‏الأرض حول الشمس ومجموعة الكواكب الشمسية ، ودوران كل المجموعة الشمسية حول شئ آخر ، وحركه ‏الجميع وسفرهم عبر الكون، فإن العودة لنفس الوضع الكوني في نفس اليوم أو الشهر أو السنة الأرضية ‏مستحيل .‏
وبنفس المنطق فإن الخالق القريب منا ، قرب حبل الوريد ، لا يوجد له جدول زمني للاستماع لدعائنا ، وكل ‏التقسيمات الاسبوعية واليومية هي تنظيمية لحياة البشر وليس لله ، لأن الله عز وجل موجود في كل وقت وفي ‏كل مكان وفي كل زمان . ‏
ولكن من منطق آخر عقلاني أيضاً فالدعاء هو إطلاق طاقة إيجابية نحو خيراً ما نحو من نحب ، وإن حددنا وقتا ‏يكون فيه الدعاء جمعياً لمجموعة من البشر فسيزداد تأثير هذه الطاقة.‏
هتاف الجماهير في ملعب كرة قدم لفريق يخلق طاقة جمعية تُغير في كيمياء اللاعبين وتجعلهم أكثر قدرة وهذا ‏سر المقولة الشهيرة أن الأرض تلعب مع أصحابها، ولعل توحيد الدعاء في وقت واحد من بعض البشر أو في ‏وقت صلاة جماعة للمسلمين يوم جمعة ولليهود يوم سبت وللمسيحيين يوم أحد هدفة خلق طاقة جمعية نحو الخير ‏من مجموعة من البشر والله أعلم. ‏
May be an image of 1 person and text

التعليقات

التعليقات