علي مقهي “الحالمون بالغد”
حوار
حول الزواج
بقلم
حسام بدراوي
قالت لي الشابه الرقيقه:
اغلب صديقاتي وأصدقائي اللذين كانوا يحبون بعض أثناء الجامعه وتزوجوا لم يوفقوا وحدث بينهم الطلاق.
قلت لها: يا بنيتي الظروف المحيطة بالشباب أثناء الدراسه بلا مسئوليه سوي الاستذكار والتمتع بالحياه بدون مسئوليات تختلف عن واقع الحياه العمليه بعد التخرج.
ولابد للعلاقات الإنسانية ان تتوافق مع واقع جديد نعيشه ومسئوليات تستجد ، ونجاحات وإخفاقات تحدث لكل واحد وتتغير التوازنات المحيطة وتتغير المشاعر. لذلك لابد من التريث في قرار الزواج بعد التخرج والعمل.
قال شاب آخر :
يعني حضرتك تنصح بالزواج المتأخر في سن أكبر؟؟!!
قلت ، لكل علاقه ظروفها ولا يمكنني تحديد سن معين ولكني أنصحكم بالتريث وعدم الاندفاع وراء المشاعر فقط في ظروف معينة فقد تتغير الظروف فتتغير المشاعر.
قالت فتاه فيلسوفه من الحالمات: مثل أصدقاء المصيف وأصدقاء الرحلات الذين بانتهاء المصيف والرحله قد لا تستمر الصداقة بنفس الشكل لتغير ظروف الحياة.
قلت : فعلا
قالت أخري وماذا تنصحنا في الزواج:
قلت:
يقول جبران خليل جبران بتصرف مني في الزواج كلاما أردده منذ قرأت كتابه العظيم “النبي”
ان كنتم لبعض
فقد ولدتما معاً و ستظلون معاً
و ستكونون معاً
عندما تتبدد أيامكم وتصعب.
ولكن فليكن بين وجودكم معاً فسحات
تفصلكم بعضكم عن بعض
حتى ترقص رياح السموات فيما بينكم.
أحبوا بعضكم بعضاً
ولكن لا تقيدوا المحبة بالقيود
بل لتكن المحبة بحراً متموجاً بين شواطئ نفوسكم.
ليملأ كل واحد منكم كأس رفيقه
ولكن لا تشربوا من كأس واحدة.
وليعطي كل منكم الآخر من رغيفه
لكن لا تشتركا في رغيف واحد
غنوا وارقصوا معا وكونوا فرحين،
ولكن اعلما
إن أعمدة المعبد تقوم علي إنفصال
وأوتار القيثارة تشدوا
وإن شُدت علي إفتراق .
ويقول العلم و فيزياء الكم : إن البنية الاساسية لكل الكون شئ أصغر من كل شئ إسمه الكوارك، وهي تتكون من شعيرات تتراقص وتتذبذب بطرق مختلفة فتتكون المادة .
أن الله في ذهني هو المايسترو الذي يجعل كل مجموعة كواركات تتذبذب بشكل مختلف فتتكون الماده التي هي تعبير من الطاقة حسب نوع الذبذبات ، وكأن الحياة كلها قطعة موسيقي والكون هو نغم الهي.
كذلك حياتنا و إرتباطنا بشركاء العمر ، زوجاً كان أو صديقاً ، هي منظومة تحتاج للتوافق والتناغم كقطعة الموسيقي أو سيمفونية الحياة، يكتبها إثنان، و يعزفانها سوياً ، يتجنبان النشاز و يسعيان للرقي بها لبناء عائلة سوية.
قال الشاب الواقعي:
أليس الزواج صفقة مثل كل الصفقات نحقق من وراءها هدفاً.
قلت :
الزواج ليس مجرد عقد ولا هو صفقة.
الزواج التزام أخلاقي بين رجل وامرأة يسعيان لإسعاد بعضهما وبناء أسرة.
الزواج هو إعلان بين الناس بالتزام بين اثنين بينهما حب و صداقة واحترام .
اذا دخل إنساناً الي الزواج بهدف الربح وتحقيق أهداف فهو زواج نهايته محتومة .
قالت شابه أخري:
وماذا عن الانفصال والطلاق:
قلت:
اذا سعي أحد الطرفين للطلاق بدون محاولة جادة للصلاح فهو مخطئ. لا تُقدما علي زواج الا و بينكما حباً وصداقة ومودة واحترام وإلا يسقط الالتزام ويختفي عند أول تحدي.
واذا قررتما عدم إكمال الالتزام ، لفشلكما في خلق حياة مشتركه فلتنفصلا بدون ضغينة وبدون كره.
مره أخري الزواج ليس مجرد عقد وصفقة
نحقق منها ربحاً ، فلنلتقي بحب وننفصل بمودة.
قالت شابة تسافر كثيراً:
انا لما اتزوج سأعقد قراني في انجلترا أو أمريكا حيث يعطيني القانون الحق في نصف ثروة زوجي عند الطلاق.
قلت : إذن أنتي لم تسمعيني ، اذا كان هدف الزواج هو الحصول علي المنفعة فسيكون نهايته هو إلحاق الضرر بكل منكما.
لأن في طلب المنفعة الأنانية عند الانفصال فأنتي تعطي الطرف الآخر حق إلحاق الضرر بكي ، وحتي في العالم الغربي المادي فالمنافع تعود علي مكاتب المحاماة وليس علي الزوجين.
فلتتزوجا بالمعروف وتنفصلا بالمعروف.
قال شاب مثقف: عند الاختلاف تصبح الأمور معقدة يا دكتور وتختفي هذه القيم.
قلت: تأكدوا يا أولادي أن الحق ليس في قانون غربي ولا محلي، الحق يظل حقا في كل الأحوال . ومعادن الناس تظهر ساعة الاختلاف فلا تندفعوا لإلحاق الضرر بل اسعوا الي تحقيق الانفصال برقي أخلاق وسعه صدر وتسامح. واذا لم يكن بينكما أولاد فليكن انفصالكما بلا ضرر ولا منافع.
قالت شابه حديثه الطلاق:
لقد عزبني طليقي وجعلني أتنازل عن كل حقوقي ومعي طفل منه لكي أحصل علي الطلاق فهل هذا يرضي الله أم لأني فقط أعيش في مصر.
قلت لها: لا ، إذا تزوجتما علي سنه الله ورسوله فلا يرضي الله عدم حصولك علي نفقة أولادك ورعايتهم في مصر أو في غيرها ، ولا يرضي الله أيضا سلب الزوجة نصف أملاك طليقها اذا كنتي في بلاد الغرب كما تقول زميلتك إن كانت ليست شريكته في جلبها.
قال شاب عاقل: نصيحة أخيرة يا دكتور حول السعاده في الحياة لننهي حديثنا بشكل إيجابي كما عودتنا.
قلت:
السعادة قرار إيجابي، ولها مقومات، إن لم نسعي إليها قد لا نجدها. صحيح أن بعض الناس، وأنا منهم، چيناتهم مستعدة للبهجة، ويرون في الناس أفضل ما فيهم، وفِي الأحداث حولهم، أجمل ما فيها. ولكن إن لم يكن الإنسان ساعيا للبهجة، وطالبا للسعادة، فقد تمر الأيام ، ولا يراها لأنه لا يبحث عنها.
والعقل الجمعي للأسرة وللمجتمع، قد يخلق طاقة إيجابية والعكس. هذا العقل الجمعي تحركه ثقافة المجتمع وقادة المجتمع وإعلامه وفنونه. والاستعداد الوجداني له يبدأ من الصغر، في المنزل والمدرسة والجامعة،في النادي والساحة، في بيوت الصلاة..جوامع وكنائس ومعابد..
الحياة نعمة من الخالق، والبهجة بها شكر لله، وعلينا أن نتوق إليها و نتذوقها، فهي حق من حقوق كل واحد فيكم ، فلتسعوا اليها واجعلوها هدفاً في ارتباطكم وانقلوا طاقتها الإيجابية لأولادكم.