عام مضي وعام يأتي
بقلم حسام بدراوي
في بداية عام جديد ، راجعت أفعالي وأقوالي وما قرأت وما سمعت وما شاهدت ، وهذا المقال هدفة مشاركة القارئ في بعضٍ مني، لعلي أضيف خبرة ، ولعلي أزرع ثمرة، ولعلنا نتفائل ببكرة ونعي سوياً جمال الحياة ونشكر الله علي فضله، فقد يكون الظلام مقدمة للنهار ، وقد يكون الألم هدفه تنقية النفوس، وقد تكون المحنة طريقاً للنجاة.
عام جديد ثري لمن يقرأ، وأيام خير ونور لمن يقرأ ويفهم، وأمل و إشراق لكل من لا يًُحوّل المؤيد إلى خادم، والمعارض إلى خائن، والمختلف فى الرأى إلى عميل فالصورة بلون واحد لا قيمة لها، واختلاف الألوان والشخوص والرؤى هو ما يجعل لها وزنًا ويشكل مستقبلًا أفضل.
جمال مصر فى تعدد الأفكار وتنوع التوجهات. القيمة الأساسية لوجود مصر بجانب تاريخها الإنسانى والحضارى غير المسبوق منذ آلاف السنين ومنذ بدء التنوير هى تنوع أبنائها. فلنفخر بتنوعنا فى الفكر والدين والرأى، ولنتمسك بتوحدنا فى السعى لرقى المجتمع وسعادته. نتفق على هدف ولتتعدد الوسائل.
”إن ثروة مصر الحقيقية هى فى مواطنيها عبر التاريخ. فمن صنع الحضارة المصرية فى أقدم دولة فى التاريخ هم المصريون، ومن بدأ التنوير فى المنطقة، كانوا المصريين، وخوفى و قلقى أن نفقد أهم كنوزنا وهم أطفالنا وشبابنا، سواء بتدنى مستوى التعليم أو بتطرف الفكر، أو رجعية السلوك، أو فقدان القيم
وعلينا ان نكون مستعدين للاختيار و للحسم الثقافي والاجتماعى و السياسى الذى لا يخدم فقط تنوير العقول ويغير شكل مستقبل البلاد ويلائم تطور البشرية ، بل يكون صانعها.
نحن لا نريد نصف انفتاح ونصف انغلاق..النصف لا يصل بنا الي خط النهاية فلا نفوز بأي شئ ، ولا نستطيع بداية جديدة .
”أن نكون متفائلين، يعنى أن نرى النور وسط الظلام، أن نشعر أنه رغم جميع التحديات والمصاعب والآلام لا يزال هناك الكثير نحبه في الحياة، وهو جميل ويستحق أن نعيش ونناضل ونكافح لتحقيقه والوصول إليه”
”الدرس الذي تعلمته من ثورة يناير هو أن الثورات تحدث عندما ينقطع الأمل فى إحداث حركة وتغيير يمس حقيقة احتياج الجماهير بالطرق الشرعية. الثورة هى فى التعريف الأكاديمى عمل غير شرعى ضد نظام قائم. إذا نجحت أصبح النظام مجرمًا ومتهمًا ومذنبًا، وإذا فشلت أصبح الثوار مجرمين وخارجين على النظام. الأبطال والمجرمون يغيرون أماكنهم لأن من يكتب التاريخ هم المنتصرون فقط”.
”إن واقع الحياة الذى آمنت به وتأكد إيمانى به أنه بين الحين والآخر ، أننا أحيانًا نحتاج إلى هزة وإفاقة، ولكننا لا نحتاج إلى هدم وفوضى. “
وتعلمت أن الحكم الرشيد يتيح التغيير من داخله، وبرؤية معلنة، ويسمح بالتداول السلمى للسلطة بدون إحتياج لثورات”.
الحكم الرشيد يستمع إلى المختلفين معه، ويتحاور مع من له وجهة نظر مختلفة، ولابد له من خبراء ومستشارين سياسيين يقومون بذلك له وعنه. والمؤسسات الأمنية عليها أن تحمى ذلك لا أن تمنعه، لأنها تحمى نظامًا لا شخصًا بذاته ، تحمى دولة تتغير فيها النظم .
”إن الفراغ السياسى خطر كبير، وإذا لم تملأه حركة سياسية واعية، وأحزاب تستطيع الحصول على مقاعد فى البرلمان ستملؤه الفوضى أو منظمات الإسلام السياسى بأجنحتها المختلفة، ونعود إلى نقطة الصفر.”
أى فراغ فى المجتمع سيتم استيعابه بشكل من الأشكال ، عندما فشلت الدولة فى التخطيط العمرانى تم ملء الفراغ بالعشوائيات، وعندما تدنى مستوى التعليم وأخطأت الدولة فى جعل الشهادة وليس المعرفة والمهارة هى الهدف، امتلأ الفراغ بالدروس الخصوصية والفساد، ودخلت المعادلة التعليمية مناهج التطرف واختل بناء الإنسان، وعندما لم تحقق الدولة وتوفر للمواطنين مواصلات عامة محترمة تحقق احتياجاتهم، ملأ الفراغ التوك توك والسرفيس والفوضى.. هكذا فى كل مجال، حتى فى حياتنا الأسرية، إذا لم تملأ المدرسة والجامعة والمنزل حياة الأطفال والشباب بالرياضة، ممارسةً ومتعةً، والمسابقات والنشاط الفنى والثقافى، سيملأ الفراغ الإدمان والتطرف.”
”أن الجيل الجديد للديمقراطية يجب أن يركز على العناصر التالية:
- فاعلية الحكم.
- كفاءة الحكام على كافة مستويات الإدارة.
- الرقابة والمساءلة المستقلة عن السلطة التنفيذية.
- نظام عدالة مستقل وفعال (الثورة الحقيقية يجب أن تحدث هنا فى هذا المجال).
- نظام تعليم وثقافة يتيح للمواطنين القدرة على اختيار الأفضل.”
تقول حكمة الخبرة أن السبيل الأمثل لرقي الأمم هو أن نسير فى تحول لا فى ثورة ، وفى تطور لا فى طفرة، ولا داعى لأن نخاف كمواطنين أو نخيف المجتمع كحكام.”
ويقول سقراط :”الورقة التي لم تسقط في خريف تعتبر خائنة بالنسبة لأخواتها و وفية في نظر الشجرة و متمردة في عيون الفصول فالكل يرى الموقف من زاويته .
إنني وجدتُ أنني قد لا أقتنع بفكرة، ولكني لا أخاصم المفكِّر، وأعجبني قول جاليليو: “من السَّهل أن تفهم أي حقيقة بعد اكتشافها، لكن الفكرة في اكتشافها”، وقد يموت شخصٌ، وقد تنهض الأُمَم أو تتقوَّض، لكن الفكرة تستمرُّ في الحياة؛ فالأفكار لا تنتهي صلاحيتها إن كانت تستطيع مواجهة الثوابت التي ترتاح لتصديقها العامَّةُ وتصبح جزء من وعيهم الجمعي.
وعلينا أن نفهم أنه يصبح للفكرة قوة عندما تستولي على وجدان الجماهير..
وقرأت بعضاً من قوال برتراند_راسل التي أشارككم فيها حيث يقول :” يمكن أن تكون المجتمعات جاهلة ومتخلفة ، الأخطر أن ترى جهلها مقدساً ولا تسمح بنقاشه”
”لا تخشي أن يكون رأيك مختلفاً , فكل رأي مقبول حالياً كان في يومٍ من الأيام مُخالفاً لكل ما هو سائد.”
” إن الخوف الجمعي يحفز غريزة القطيع .. ويميل هذا الخوف إلى إنتاج شراسة إلى أولئك الذين الذين لا يعتبرون أعضاء في القطيع.”
” عندما تُقابَل بالمعارضة، حتى لو كانت من زوجتك أو أبنائك، حاول أن تتغلب عليها بالحجة والنقاش وليس بالسلطة، فأي نصر معتمد على السلطة فهو غير حقيقي ووهمي.”
وقرأت وأشارككم كيف يكون الانسان نعمة لمن حوله:
”إن كونك علاقة مريحة في حياة أي حد تنتقي الحروف الخفيفة على الروح اللطيفة بالقلب ..فأنت نعمة..
كونك تُشعِر الناس دائماً بأحلى ما فيها .. وما فيهم ..فأنت نعمة..
كونك لا تنفجر منفعلا اذا غضبت رحمة بمن أمامك ..أنت نعمة
كونك اخترت أن تكون من عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا..
وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا..
أنت نعمة.
و دائما ما أفكر في أية في القرآن أري فيها حكمة لم يتفهمها مفسروها في زمنها والتي تقول:
”لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت”
وقرأت تفسيراً جميلاً لمعاني الآية التي تقول
”لينفق ذو سعة من سعته” حيث لم يقل لينفق ذو مال من ماله!
فإن كانت سعتك في الكلمة الطيبة فأنفق منها،
وإن كانت سعتك في البسمة الصافية فأنفق منها ،،
وإن كانت سعتك في معاونة الآخرين فأنفق منها ،
وإن كانت سعتك في جبر الخواطر فانفق منها،
وإن كانت سعتك في نشر العلم فانفق منها،وإن كانت سعتك في الإصلاح بين الناس فانفق منها، وإن كانت سعتك في التسامح فأنفق منها ،وإن كانت سعتك فيما تستطيعه من الخير فأنفق منها
فالإنفاق ليس مالاً فقط وليس قاصراً علي الأغنياء.
تعالوا نتذكر في بداية عام جديد أنه إذا جمعتنا عشرات المسائل فلا يجب أن تفرقنا مسألة واحدة. تعالوا لا نهدم الجسور التي بنيناها و عبرناها فربما نحتاجها للعودة يوماً ما.
ويقول الامام الشافعي ” و حتى لو حصدت شوكاً يوماً ما .. كن للورد زارعاًًً”.
ولقد عرفت فيما عرفت مما نسب لسيدنا عليّ كرم الله وجهه:”أنه ليس كل ما يعرف يقال،و أنه ليس كل ما يقال قد حان وقته و أنه ليس كل ما حان وقته قد حضر أهله”
تعالوا في بداية عام جديد نتذكر هذه الحكمة “لا تبك على كل شىء مضى بل اجعله درسا لك. فلا شىء يجعلك عظيما إلا ألم عظيم ،وليس كل سقوط نهاية ، فسقوط المطر أجمل بداية.
وأن تعاملك مع الآخرين يحدد مكانتك، وكلما ارتقى أسلوبك علت مكانتك.
وانهي مقالي بحكمة تقول :” إذا دمعت لألم إنسان فأنت نبيل، أما إذا شاركت فى علاجه فأنت عظيم”
وأبيات شعر لإيليا ابو ماضي أحبها تقول:
”أحبب ..
فيغدو الكوخ قَصراً نيّراً ..
وابغض ..
فيمسي الكون سجناً مظلما” ..
سنة حلوة علينا يملأها الحب والتسامح والغفران والعمل والأمل والحرية والسعادة.