الأحد , 22 ديسمبر 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / علي مقهي “الحالمون بالغد”‏ -مازال الحلم ممكناً‎

علي مقهي “الحالمون بالغد”‏ -مازال الحلم ممكناً‎

علي مقهي ” الحالمون بالغد”‏
مازال الحلم ممكناً
بقلم حسام بدراوي
علينا أن نبني علي أكتاف ما يتحقق من إنجاز ، وليس علي رفات ما نهدم بعد كل مرحلة سياسية أو تغيير ‏وزاري. ‏
ليس معني ذلك أن لا نصلح المسار ، ونعدل التوجهات إن قَصّرت الوزارات أو حادت عن فلسفة رؤية التعليم ‏‎2030 ‎التي يحب أن تتطور الي ‏‎ 2050‎بعدما لم تتحقق اهدافها مع دراسة لماذا لم يتم تطبيقها؟؟. ‏
إنني أعلم أن الانتقال من الرؤية والسياسة إلى التطبيق يواجه دائماً تحديات ، وأننا يجب أن نواجهها، ونناقشها ‏بالعقل والموضوعية، ونُفرق بين عدم القدرة علي تخطيها لعدم الكفاءة أو عدم الإيمان بفلسفتها ، أو عدم توفير ‏الموازنة اللازمة أو ‏‎*‎لسيطرة أصحاب مصالح إستقر الأمر لصالحهم في ظل نظام يتطلب الهدف الجديد ، تغييره ‏وتغييرهم..‏
لقد أوضحت سابقاً وعلى مدى خمسة و عشرين عاماً، رؤية تكاملت بالدراسات المقارنة لتطوير التعليم فى ‏مصر، وسياسات متعددة تحدد كيفية الوصول إلى تحقيق هذه الرؤية مبنية على خبرات مصرية‎ ‎وعالمية ‏تراكمت عبر السنين، وإنجازات تحققت عبر عقود متعددة، ودروس مستفادة من نتائج سياسات مختلفة ناجحة ‏أحياناً و مخفقة أحيانا أخرى، وأخذاً فى الاعتبار كل ما يحدث فى العالم حولنا، غرباً وشرقاً، وخبرات البلاد ‏المختلفة التى نجحت فى تحقيق قفزات واسعة فى التنمية الإنسانية لشعوبها، والتى انعكست على قدرات هذه ‏البلاد التنافسية، ونموها الاقتصادى، ورفاهة أفرادها.‏
إن رؤيتي لعبور التحديات اكاديمياً وسياسياً ، قد تكون أحيانا حالمة، ولكني مؤمن أنه بدون حلم ودراسة تموت ‏الانسانية ومتأكد أيضا أنه إذا لم ‏‎ ‎تتم استدامة تطبيق أى من السياسات التى اتُفق عليها عبر السنين فإننا ‏سنكون قد أهدرنا فرصتنا لإنقاذ مستقبل البلاد، كما نحلم ونريد.‏
فى عام ‏‎2014 ‎‏ وبتكليف من الحكومة طلب منى وزير التخطيط قيادة مجموعة من أكثر من سبعين خبيرا ‏لوضع رؤية مصر ‏‎2030 ‎‏ فى التعليم، وخلال ‏‎18 ‎‏ شهراً من العمل الجاد والمراجعة المدققة وإشراك خمسمائة ‏ألف مواطن على صفحة مخصصة فى السوشيال ميديا لتبادل الرأي، تم وضع رؤية، تعبر كل كلمة فيها عن ‏معان وأهداف واضحة. وحتى لا نكرر أخطاء الماضى انتقلنا فى هذه الرؤية ، إلى تحديد أهداف أساسية وفرعية ‏لكل كلمة ومعنى، والمدة الزمنية لتحقيقها، والمسؤولية عن تطبيقها، ومؤشرات قياس نجاح التطبيق. وكنت آمل ‏أن نعوض بهذه الرؤية الواضحة عدم استدامة الاستراتيجيات السابقة وتغيرها بتغير الوزراء.‏
وحيث إن الرؤية أُعلنت من رئيس الجمهورية فأظن أنها أصبحت تكليف للوزارات عليها أن تقدم وسائل تطبيقها ‏وتُحاسب على إنجازها.‏
إن رؤية مصر ‏‎2030‎‏ فى التعليم‎ ‎تتكلم عن الجودة والإتاحة وعدم التمييز، وحوكمة نظام وإدارة للتعليم بشكل ‏مؤسسى كفء مستدام عادل ومرن ، وعن‎ ‎التمكين الرقمي التكنولوجى للطلبة والمعلمين والأساتذة، والأهم أن ‏الإستراتيچية واضحة في أهمية صياغة الوجدان وبناء الشخصية السوية، لمواطن يعتز بذاته، مبدع، مستنير، ‏يقبل التعددية، ويحترم الاختلاف، يفخر بتاريخ بلاده وشغوف ببناء مستقبلها وقادر على‎ ‎‏ المنافسة العالمية ‏‎ ‎والتكيف فى كل المجالات..‏
إن ما حاولته الحكومة السابقة من توفير آليات الرقمية ودعم البيئة التكنولوجية، فى إطار التعميم التدريجى لهو ‏توجه محمود ومطلوب، وعلينا أن نسانده وندعمه ونكمل مسارة الا أنه توقف لأنه لم يرتبط بفلسفة مستدامة بل ‏بتوفير أجهزة ومعدات ينتهي وجودها بانتهاء صلاحياتها.‏
وما زال رأئي في أن الإستثمار في توفير الإنترنت في كل قرية ونجع ، هو إستثمار في التعليم..‏
‏ وأضيف أنه بانتفاء الآثار السلبية لتجربة التقويم التراكمى لكل مرحلة تعليمية، فإنه من الممكن رفع عبء نفسى ‏كبير من تعليق مستقبل الطلاب على امتحان الفرصة الواحدة، ويتيح لهم تكرار الاختبار من تعدد، ويتيح بعدالة ‏تقويم تحصيل الطالب عبر فترة زمنية لمرحلة تعليميه شاملاً نشاطه وأبحاثه.‏
‏ إننى راجعت‎ ‎مناهج رياض الأطفال و الصف الأول الي الرابع الابتدائى، القائم على المهارات الحياتية ‏والتعليم من أجل المواطنة والذى أعده مركز تطوير المناهج‎ ‎و أراه مناسباً ومتجدداً ويستحق المساندة ولكنه ‏يفتقد جدية تأهيل المعلمين ليتوافقوا مع مضمونه . ‏
‏ أننى أعلم أن الانتقال من الرؤية والسياسة إلى التطبيق يواجه دائماً تحديات جديدة، وأننا يجب أن نقف أمام هذه ‏التحديات، نواجهها ونناقشها بالعقل والموضوعية، ساعين إلى تخطيها وصولاً إلى النتائج المرجوة منها، ‏
وعلينا أن نتشارك مع المجتمع فى فهم هذه التحديات، والثبات على هذه السياسات حتى يمكن الانتقال من المكان ‏الذى نقف فيه إلى المكان الذى نقصده بتطوير التعليم.‏
إنني أعلم إستعداد الوزارة للمشاركة في وضع خطط التنفيذ وبرامج العمل لتطبيق الإستراتيچية المعلنة بأطر ‏زمنية محددة، وخطط واضحة للتمويل، ونظم صارمة للمتابعة والتقييم وتحديد المسؤوليات والمحاسبة ولكن ‏الطريق الي جهنم مملوء بالنيات الحسنه كما يقال فلا زلت أري بيروقراطية تعوق مشاركة المجتمع رغم حسن ‏النيات. ‏
إننى أرى عدة أولويات لتخطى تحدى التطبيق ، أولها إعادة النظر في حوكمة وإدارة الوزارة المركزية نفسها و ‏هيئة ضمان الجودة والإعتماد ، وأكاديمية المعلم ، وكليات التربية ، لتقوم بعملها كما كان مقررا لها في فلسفة ‏إيجادها لتخدم حقيقة التطوير المنتظر…‏
‏ إن الاختيار هو إرادة إيجابية، تعنى التنازل عن أولويات أخرى لصالح أولوية يراها المجتمع حاكمة، وهى ‏أولوية التعليم وبناء الإنسان.‏
‏ وأرجو أن نعى أن التوقف فى منتصف الطريق قاتل للفكرة وهادم للاستدامة وعلينا الحذر من ذلك.‏
‎ ‎إن الحكومة عليها تبنى حلفاء لها فى هذا التوجه والتسويق الإيجابى المحترف للاستراتيجية.‏
و الأخذ بمبدأ تحقيق حجم حرج فعال من التطوير والنجاح فيه، لإعادة الثقة بين المجتمع ومؤسسة التعليم مرة ‏أخرى ، مما يستلزم الإعلان والتمسك بمؤشرات النجاح الواجب علينا الالتزام بتحقيقها وإشراك المجتمع من ‏خلالها فى المحاسبة والتقويم للتجربة على المستوى
اللامركزى، والعام ، وكذلك تحديد هذا الحجم الحرج الفعال.‏
‏ إنني أضع برامج تدريب المعلمين والارتقاء بمستواهم على كافة المستويات من الأولويات، والإستعانة بمقدمى ‏خدمة التدريب من المجتمع المدنى، والقطاع الخاص ‏‎ ‎، مع الاعتراف بالحاجة إلى تنمية مؤسسات للتدريب، ‏وإعداد شريحة واسعة من المدربين للقيام بهذا العمل، وهو الأمر الأكثر صعوبة، لأنه التحدى الإنسانى ‏الأساسى فى عملية التطوير هو مهمة التربويين والخبراء . ‏
إن كليات التربية، هى مصنع تفريخ المدرسين ومكان الإعداد الأول لهم، وهي مسئولية مشتركة بين الجامعات ‏ووزارة التربية والتعليم، وهو ما يجب التركيز عليها بين التعليم والجامعات.. ولعلي هنا أذكر بأهمية الحماية ‏التشريعية لكل أطر التطوير، خاصة فى حال تطبيق التطوير مرحلياً، أو وضع نظم تقويم تربوىة مختلفة ، أو ‏التطبيق الرأسي في بعض المحافظات قبل الأخري.‏
لا أستطيع أن أنهى هذه المقالة دون العودة إلى دور المدرسة فى بناء الشخصية السوية للمواطن المصرى.. إنه ‏بتوفر المعرفة وانتشار وسائل الحصول عليها بحرية فإن وجود الطلاب داخل إطار المدرسة سيكون هدفه الأول ‏هو التربية من خلال المعايشة. إن كل ما سيكتسبه الطالب من مهارات القرن الواحد والعشرين، والقيم الأساسية ‏للمواطن السوى الذى يرى الجمال ويحس به، هى مهمة المدرسة الأساسية فى المرحلة القادمة. إنها مهمة إدارة ‏المدرسة ومعلميها، وهو الأمر الذى أسمع عنه الكثير ولا أراه تنفيذا إلا فى القليل.‏
إن ممارسة الرياضة والفنون والأنشطة، هى الجزء الأهم فى بناء الإنسان. وأود أن أرى وأقرأ كيف ستقوم ‏الوزارة بتهيئة مدارسها لذلك، ونحن معها مجتمعا مدنيا إيجابيا.‏
لذلك أعود وأكرر أن ملف التعليم والثقافة والشباب هو ملف واحد ولابد له من رؤية مشتركة للاستفادة من ثروة ‏البلاد من قصور الثقافة ومراكز الشباب، دمجا مع نشاط المدارس.‏
يبقى أربعة أولويات سأتكلم عنهم في المقالات القادمة ، وهم التعليم الأزهرى، الذى يضم ملايين الطلاب، ‏والتعليم الفنى الذى يستوعب أكثر من خمسين بالمائة من أطفالنا إبتداءاً من سن الرابعة عشرة، ويمثل ضعفه ‏أحد أسباب تأخر مصر فى تقرير التنافسية الدولية.. والتأخر غير المبرر فى التشريع الخاص بالإطار الوطنى ‏للمؤهلات فى مصر والتعليم العالي الذي يستحق إهتماماً يتعدي الإنجازات المادية البنائية الي فلسفته القائمة ‏علي الحرية الأكاديمية والإدارة الذاتية التي تعطي لكل جامعة مذاقها الخاص وإستقلالها عن السلطة السياسية و ‏سأعطى هذا الملف شرحاً وافياً فى مقالة تالية.‏
May be an image of 1 person and text

التعليقات

التعليقات