الخميس , 21 نوفمبر 2024
Home / بقلم د حسام بدراوي / بعد 25 يناير / علي مقهي الحالمون بالغد “مصر دولة عظمي وتستحق” حسام بدراوي

علي مقهي الحالمون بالغد “مصر دولة عظمي وتستحق” حسام بدراوي

علي مقهي الحالمون بالغد

“مصر دولة عظمي وتستحق”
د/حسام بدراوي بجريدة المصري اليوم

بعد إثنتي عشر سنة من يناير ٢٠١١ وبعد عشر ‏سنوات من الثورة علي الحكم الديني للإخوان ‏وقبلهم خمسين عاما من ثورة ٥٢….يطرح السؤال ‏نفسه‎ : ‎هل يمكن تداول السلطة في مصر في إطار ‏دستوري شرعي حسبما نحلم وحسبما أقر الدستور ، ‏بدون وفاة أو إنقلاب أو ثورة ، وبدون التدخل لصالح ‏السلطة الحاكمة ضغطاً أو منعاً مسبقاً لوجود البدائل ، ‏أو الإصرار علي بقاء الأمر كما هو علية حتي لو لم ‏تتحقق النهضة المتكاملة خوفاً من الفوضي .. ‏
والإجابة نعم….ونعم يمكن ذلك..‏
لأن مصر عظيمة وتحمل جينات حضارة متراكمة ، ‏وشعبها بكل ما يبدو عليه من صبر ، و مظهر خنوع ‏، قادر علي تغيير المسار في لحظات التاريخ الحرجة.‏
مصر تملك ثروة بشرية كبيرة في العدد، ‏والقيمة، صغيرة في العمر ، فتية، هذه ثروة جبارة ‏قادرة علي التعلم والتدريب واكتساب المعارف وخلق ‏الفرص. هذه الثروه البشرية نقمة إذا تركناها للنمو ‏العشوائي بلا تنمية مستدامة ، و هبة وفرصة، إذا ‏أحسننا إعدادها ، وهو ما نملك أن نفعله وننفذه.‏
‏ ‏
إن بناء الشخصية المصرية الواثقة من نفسها ، ‏الفخورة بماضيها وحاضرها ، والتي تملك الأمل في ‏مستقبلها في أيدينا، وعقد واحد من الزمان يغير ‏الكثير.. ‏
هذه هي قوة مصر الكامنة ، وأمل مصر في مواجهة ‏التحديات كلها واستخدام ما أعطاه لنا الله من فُرص ‏وثروات.‏
‏ ‏
نحن لدينا أكبر مخزون تاريخي من حضارة العالم، ما ‏علينا سوي إظهاره والاستفادة منه سياحياً وثقافياً ليدر ‏ثروة إقتصادية غير مسبوقة، لكننا نعلم انه لن يتأتي ‏بدون الخدمات لزوار مصر وكفائة إدارة الطرق و ‏المطارات والموانئ، ووسائل المواصلات بتدريب ‏الموارد البشرية..‏
‏ ‏
نحن لدينا شمالاً أجمل شواطئ البحر الأبيض وشرقا ‏شواطئ البحر الأحمر التي لا مثيل لها.‏
نحن نملك أهم ممر مائي علي الكرة الأرضية،‎ “‎قناه ‏السويس‎” ‎،الذي يربط الشمال بالجنوب والشرق ‏بالغرب ، حفرها أجدادنا بدمائهم وهو الممر المائي ‏الذي يساند موقع مصر الجغرافي العبقري و من ‏الممكن أن يكون ممر التنميه الرئيسي في البلاد.‏
‏ ‏
مصر تملك ثروه من الغاز تحت أرضها وفي أعماق ‏بحارها قد تكون من مداخل إقتصادنا المستقبلي بحدود ‏لم تصل اليها من قبل.‏
‏ ‏
مصر تملك ثروات معدنيه في أراضيها ، يتم إكتشافها ‏الآن ولم نعرف بوجودها من قبل.‏
مصر تملك أكبر سوق تجاري في الشرق الأوسط ‏نعم سوق مصر قوة تجذب الاستثمار وتفتح الآفاق ‏ولكننا بعدم كفائة نادرة لا نجذب هذا الاستثمار ولا ‏ننميه ..‏
‏ ‏
مصر تملك شمساً ساطعة أغلب السنة ومصادر رياح ‏معروفة وتستطيع إصدار طاقة نظيفة تكفيها بل ‏وتكفي أوروبا أيضاً.‏
‏ ‏
مصر تملك قوة ناعمة من الفن والثقافة والمعرفة علينا ‏إعادة فتح الآفاق أمام إنطلاقها وإبداعها مره أخري. ‏إن قوه مصر الناعمة كانت سبباً في تأثيرها الإيجابي ‏علي من حولها وما زالت تملك نفس الإمكانات إذا ‏رفعنا عنها القيود وأزلنا من أمامها المعوقات والرقابة ‏الخانقة لحرية الإبداع. ‏
‏ ‏
مصر تملك مخزوناً حضارياً في چينات شعبها ، ‏وقدرات كامنة في شبابها وشيوخها لا تحتاج لانطلاقها ‏سوي للحرية وإحترام القانون، وتحتاج لجلي الصدأ ‏من عليها بالتعليم والثقافة والفنون..‏
‏ ‏
مصر تملك واحداً من أقوي عشره جيوش إعداداً في ‏العالم، وتملك قوات مسلحة مدربة جيداً وأغلب ‏عناصرها متعلمة تعليماً عالياً. مصر قوية عسكرياً ‏ولو لم تكن ، لكانت ستكون مرتعاً لمن يهددها كما ‏حدث حولنا في العراق وسوريا ولبنان و ليبيا و ‏السودان .. طبعا كلنا نعلم أن العتاد والطائرات ‏والصواريخ والأساطيل يجب أن يكون ورائها العقول ‏والخبرات والكفاءة والقدرة علي إدارة المعارك ‏واختيار وقتها ومكانها. العبرة في البشر وراء العتاد ‏وأنا واثق أن قواتنا المسلحة تملك هذه المقومات ‏والمقدرات وتعلم أهميتها وجدواها.‏
فنعم، نحن أقوياء عسكرياً و لكن لا يجب وضع قواتنا ‏المسلحة في مواجة تحديات التنمية ‏الإقتصادية وتحديات إدارة البلاد سياسياً بكل ما في ‏ذلك من مخاطر ، فنفقد قيمتها في حماية البلاد ‏ومساندة الشعب عندما يحين أوان ذلك..‏
‏ ‏
كلامي ليس شعارات ، ولكنه كلام علمي وله مرجعية ‏ومنهجية وممكن الحدوث. مصر قوية وستزداد قوة، ‏وعلينا التكاتف سوياً لتحقيق ذلك .‏
إن استدامه تنفيذ المخططات التي يجب أن تكون ‏معلنة، ولها معايير يمكن قياس إنجازها ، والتي تنشأ ‏بالمشاركه بين حكمة الخبرة، وطاقة الشباب والقيادة ‏الواعية يمكنها تحقيق ذلك مع الاستماع الي مختلف ‏الآراء وتقديم البدائل من الخبراء.. علماً
بأن الإبداع والابتكار لا يحدث إلا في إطار من الحرية ‏ويتوه في خضم الفوضي و يزول بالقمع ولإرهاب ‏الفكري و الخوف.‏
‏ ‏
إن أساس كل ذلك هو نظام الحكم السياسي.. فالسياسة ‏هي مدخل تحقيق سعادة الشعوب وتمكينها من ‏إمكاناتها وزيادة قوة الوطن..‏
ولأن رؤى المستقبل لأي أمة، متداخلة، فلا يمكن ‏النظر إلى مصر المستقبل جزئيًا، بل لابد من أن ‏تحوط رؤيتنا للإصلاح جوانبه كلها فى وقت واحد.‏
‏ ‏
إن وظيفتنا الأولى هى بناء القدرات وتوفير الفرص، ‏ونجاح سلطة إدارة المجتمع هو في ترك الحرية ‏للأفراد للاختيار بين فرص متعددة.. بعدالة ونزاهة ‏ومساواة في الحقوق. ‏
‏ ‏
إن القدرة على الاختيار هى موضوع الساعة ‏وموضوع المستقبل، إننا نستطيع أن نجعل من كل ‏فرصة أمامنا مشكلة وأزمة، وأن نرى ونكتشف فى ‏كل أزمة تواجهنا فرصًا جديدة يمكن استثمارها ‏والتنمية من خلالها، وسيعتمد ذلك على معالجتنا ‏للواقع بكفاءة ، (كفاءة إدارة البلاد)‏‎ .‎
‏ ‏
إن الإصلاح المنشود تظهر قيمته التاريخية ‏والمستقبلية عندما يصبح حقيقة مُفعَّلة، عندما يتم تنفيذه ‏ليظهر أثره على المجتمع، وكما تتجدد الأفكار، يجب ‏أن تتجدد الوسائل، وروح الإصلاح فى المرحلة ‏الجديدة تحتاج إلى آليات جديدة.‏
ولقد قال أينشتاين، العالِم العبقري الفذ في تاريخ ‏العلم،‎” ‎إن المشكلات العويصة التي نواجهها لا يتأتى ‏حلها بتطبيق نفس النهج الفكري الذى استخدمناه ساعة ‏إيجاد مثل هذه المشكلات‎”..‎
‏ ‏
إن ثروة مصر الحقيقية ، عبر التاريخ ، هي في ‏مواطنيها ، ومن صنع الحضارة هم المصريين ، ومن ‏بدأ التنوير في العصر الحديث في كل منطقة الشرق ‏الأوسط هم المصريين، وخوفي وقلقي أن نفقد أهم ‏كنوزنا ، وهي أطفالنا وشبابنا سواء بتطرف الفكر أو ‏رجعية السلوك أو غياب القيم باستمرار الكبت ‏السياسي و الإجتماعي والتدني غير المقبول في ‏مستوي التعليم ، مهما كانت إنجازاتنا المادية .‏
‏ ‏
لا أخفي عليك أيها القارئ أنني أري أحيانا كثيرة ‏روحاً إنهزامية ، وخوفاً من مجرد إبداء الرأي ، ‏وتردداً في طرح الأفكار وغياباً للثقة في ‏مؤسسات الدولة و غيوماً حول الأمل في المستقبل.‏
أنا مؤمن أن هذا غير صحيح وغير صحي وأن ‏مسئوليتنا هي طرح الأفكار وإعطاء البدائل بلا كلل ‏ولا ملل ولا خوف ..وأن المجتمعات تتغير بدوام ‏الضغط لإحداث التغيير في إطار الاحترام للدستور ‏والقانون. ‏
‏ ‏
وعلينا ونحن نرسم طريقنا أن نضع في اعتبارنا إن ‏الوضع السياسي و الإجتماعي والتقني في القرن ‏الواحد وعشرين يبدو وكأنه فوز ساحق للتوجه الغربي ‏نحو الليبرالية، ورأسمالية السوق وحقوق الإنسان في ‏معركة استمرت قرابة أربع عقود بعد الحرب العالمية ‏الثانية ضد الأيديولوجية الفاشية والشيوعية..ولكن ‏ظهر لنا أن الليبرالية الغربية ، تحولت بدون وجود ‏المضاد ، الي وحش كاسر يرسم خريطة إستعمارية ‏جديدة وتعاني داخلياً من أزمات وجود ، وتحولات ‏متقاطعة ، وفقدان للمصداقية.‏
ويبدو لي أن ثورتي تكنولوجيا المعلومات ‏والتكنولوجيا الحيوية، هما الآن أعظم تحديات الجنس ‏البشري منذ وجودة ، وأعظم فرصة له ولنا في نفس ‏الوقت.‏
و يبدو لي كذلك أن إحتمالات دمج تكنولوجيا ‏المعلومات والتكنولوجيا الحيوية، كما قرأت وسمعت ‏ورأيت أخيرا ، قد يؤدي في المستقبل القريب الي خلق ‏إنسان بقدرات فوق بشرية، مع إخراج مليارات ‏الأشخاص من أسواق العمل ، وتقويض مزعج للحرية ‏والمساواة. ‏
‏ ‏
بل يمكن لهذا التطور ، باستخدامات الذكاء ‏الاصطناعى وخواريزميات البيانات الضخمة خلق ‏ديكتاتوريات رقمية لم يعرفها البشر من قبل، مع ‏تركيز القوة في أيدي نخب صغيرة عابرة للحدود ‏التقليدية للدول بشكلها التاريخي، بينما سيعاني معظم ‏مواطني العالم ، من الاستغلال أو يتم القاءهم في ‏سلال المهملات. ‏
نحتاج الي كفاءة أكبر في إدارة الدولة، و إختيار ‏للأفضل ، وتجديد الدماء دورياً ، وإحترام العلم ‏والعلماء ، فمصر عظمي و تستحق…..‏
‏——————————————‏
تعليقات علي المقال:‏
‏١-كم احسدك واتعجب من جينات التفاؤل التى مازالت تسرى ‏بداخلك وآنا أقرا مقالك !! أتلفت حولى يمينًا وشمالًا لا ارى سوى ‏الوجوه العابسة التى فارقت الفرحة قلوبها من جموع المصريين ‏،الحزن والخوف من الحاضر والمستقبل والفقر والمعاناة تحيط ‏بهم فى دائرة مظلمة لا يعلم احد مداها ولكنك وبطاقتك الايجابية ‏تبعث الامل داخلنا لنرى ان المستحيل ممكن دون كلمات رنانة لا ‏جدوى منها ..تضع الخطوط العريضة البناءة بمنهج يقوم على ‏اسس علمية متطورة تواكب العصر الحديث وتستنفر بداخلنا روعة ‏وجمال وعظمة مصرناو التى يستحق شعبها الذى يحمل جينات ‏حضارية متراكمة و قادر على تغيير المسار فى لحظات التاريخ ‏الحرجة ،واساس كل ذلك كفاءة ادارة الدولةواختيار الافضل ‏‏..فالسياسة هى مدخل تحقيق سعادة الشعوب كما تقول دائما وانا ‏اضيف عليها ان مصر تستحق ان تكون عظيمة طالما لديها رموز ‏وطنية محبة لها مثلك 🌹
‏—————————————-‏
‏٢- كيف تُخرج من الظلام نوراً بهذه البساطة ؟ والعجيب رغم قولك ‏ووصفك الدقيق لعدم كفاءه ادارة البلاد ، ، وكيف أن لدينا أكبر ‏مخزون تاريخي من حضارة العالم، ما علينا سوي ‏إظهاره والاستفادة منه سياحياً وثقافياً ليدر ثروة ‏إقتصادية غير مسبوقة، لكنك أيضا ونعلم انه لن ‏يتأتي بدون الخدمات لزوار مصر وكفائة ‏إدارة الطرق و المطارات والموانئ، ووسائل ‏المواصلات بتدريب الموارد البشرية..‏
وفي مكان آخر تقول “سوق مصر قوة تجذب ‏الاستثمار وتفتح الآفاق ولكننا بعدم كفائه نادرة لا ‏نجذب هذا الاستثمار ولا ننميه ، فمقالتك صادقة ‏ورغم ذكرك السلبيات المزعجة إلا أنه بعد قراءتها ‏احس بالتفائل والأمل، وهو ما احسست به بعد ‏الاستماع لخطابك الرائع في افتتاح الحوار الوطني. ‏
عندك حاجة مش عند الآخرين يا دكتور واقول قولي ‏هذا وأتمني ان تتراجع عن عدم الترشح وتلبي لنا أملاً ‏وتقود المرحلة الجديدة لتضع مصر علي طريق ‏النهضة ..‏
‏ ‏
‏ ‏
‏——————————_‏
‏٣- معاك حق ،مصر دولة عظمي وتستحق ‏
‏” و لقد جاءهم من الانباء ما فيه مُذدجَر ، ‏
حِكمةُ بالغةً فما تُغني النُذُر “‏
أنت بسطت فأفهمت،
‏ و لخصت فأحكمت،
وأشرت فوجهت.‏
و السائس ، مهما كان محنكاً ، قد يستطيع ‏أن يأخذ الحصان الجموح،
طائعاً له ، إلى مياه نبع الحياة الصافي،
و لكنه لا يستطيع أن يجعل
الحصان………..يشرب.‏
ويبقى الدعاء:‏
اللهم اسقنا رشفة (من حرية و عدالة)‏
لا قيود و لا ظمأ ظلم بعدها.‏

May be an image of 1 person and text

التعليقات

التعليقات