الأحد , 22 ديسمبر 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / علي مقهي “الحالمون بالغد”‏ – ‏معركة الوجود‎

علي مقهي “الحالمون بالغد”‏ – ‏معركة الوجود‎

علي مقهي الحالمون بالغد
“معركة الوجود”
حسام بدراوي
التقت بي مجموعة من الحالمين بالغد بمناسبة زيارة واحدة من مؤسسي الجمعية المهندسة مني وهبة الدبلوماسية التجارية والوزير المفوض ، وكانت مع زملائها أصحاب الفضل في تكوين المؤسسة معي عام 1997.
كان وما زال يشغلنا حاضر ومستقبل بلادنا ، وكانت احداث فلسطين وهجمات حماس محور حوارنا وسألني شاب منهم :
ما رأيك في الأحداث يا دكتور وكيف تراها ؟
قلت: عقلي يشك ، وتنتابني رغبة في التأييد ، ويلف الإثنين قلق بالغ.
لا استطيع أن أمنع نفسي من تأييد حماس في حربها المفاجئة مع إسرائيل ، فهو تأييد نابع من غصة في الحلق من الظلم الواقع علي الشعب الفلسطيني عبر التاريخ الحديث وضياع حقوقهم الذي بدوامه صنع انطباعاً لدي أجيال في الشرق والغرب بأن احتلال اسرائيل لأراضيهم ومهانة التعامل معهم أمر واقع يتحول الي حق يتناقض مع الحقيقة لدرجة اعتبار انتفاضتهم ضد المحتل في عرف الغرب عمل إرهابي.
السؤال هو : هل فعلا لن تتحمل مصر أعباء هذه المعركة في النهاية. !!!!!
سؤال يحيرني ، وينتابني الشك في أهداف هجوم حماس الواسع وعدد القتلي الكبير من الإسرائيليين بل والأسري منهم لأني لا أثق في قيادة حماس ولا في نياتهم ولا إحتمالات اتفاقاتهم التحتية غير البريئة تجاه مصر.
أي عاقل فاهم يعلم أنه ،رغم تأييدنا للمقاومة الفلسطينية، أن هناك من سيتحمل نتائج العمل الموسع الذي اعتبرته اسرائيل حالة حرب.
من المؤكد انه سيكون هناك رداً عسكرياً شديداً وعنيفاً من الآلة العسكرية الاسرائيلية المدججة بالسلاح ، وأن هناك تبريراً امام العالم الغربي المتحيز لذلك.
أين سيتوجه ذلك الرد ، بالعقل ، الي غزة وسكانها مما قد يخلق ضغطاً للهروب خارج الحدود ، الي مصر ونواجه موقفاً مرعباً بمليون أو أكثر من الفلسطينيين علي حدودنا ، لا نملك عدم استقبالهم ولا نملك أسلوب لمنعهم إلا بالقوة وهو ما سيضع مصر في موقف حرج و صعب جداً.
إمتلاء سيناء بمليون أو أكثر من الهاربين من قصف اسرائيل لغزة قد يكون أحد الأهداف الرئيسية لهذه الحرب المفاجئة ، لوضع مصر في هذا الموقف .. .
عندي شكوك ولابد أن يكون لمصر استراتيچيه لمواجهة ذلك.
انا لا أثق في حماس وأعلم انتمائها الأيديولچي الي الاخوان ، وتجربتنا في ٢٥ يناير أنهم كانوا أحد أدوات إشعال الفوضي في مصر ، ولا يصح أن نقع في فخ تقسيم سيناء الذي كان وما زال هدفا حماسيا اسرائيليا مشتركاً ، ومعه خلق الفوضي في مصر.
ولا أستبعد أن تنهال عروض المساندة المالية من الدول العربية لاستيعاب المهجرين وخلق وضعاً جديداً قد يكون من الصعب التخلص منه.
قلقي له مبرراته و الحروب تخلق وضعاً يبدأ التفاوض بعده وشكي وقلقي أن تدفع مصر الثمن في النهاية.
قالت شابة غاضبة: أنا حزينة ، من رد فعل قطاع كبير من المجتمع يهلل لقتل سواح اسرائيليين في اسكندرية ، ويعتبرون القاتل بطلاً ، ولا يذكرون استشهاد المصري المرشد السياحي علي يد القاتل الذي قام بعمل خسيس تنهي عنه كل الاديان و نتيجة لشعارات جوفاء و تخلف عقلي و أفكار لا تمت للوطنية بصلة..
لقد قام بقتل مصري و أب و زوج متسبباً في كارثه إنسانية.
هذا القاتل تسبب في وداع السياحة و خسارة بمليارات الدولارات وخسارة لمبادئ الإنسانية البسيطة، اليس هذا خلطاً و غباءاً من القاتل والمصفقين له..
قال زميلها : هذا السفاح تسبب في جر مصر إلي مشكله كارثية سياسية و أمنية حجمها و تداعيتها و توابعها في منتهي الخطورة تهدد الشعب المصري في أمانه و اقتصاده.. و أتعجب أنه ما زال هناك من يهلل لقتل ضيوف للبلاد حتي لو كانوا يهوداً وقتل مصري يقوم بعمله كمرشد من الممكن يكون أب أو أخ لاحد من جماعة
التهليل….أليس هذا خللا نفسياً وعقلياً؟؟
نظرت اليهم في صمت ، فقال آخر: كيف ننسي أن حماس هم أيضاً قاتلي الجنود الصائمين المصريين في رمضان وأنهم كانوا يدعون علي الشعب المصري في صلاة الجمعه وراء الإمام بالخراب و الفقر أيام فض رابعة..
و لا تنسوا أن حماس فصيل ديني متشدد إخواني الإنتماء إيراني التمويل ، قطري الثراء وأنهم أساساً صنيعة المخابرات الاسرائلية كما كان الإخوان عام 1928 صنيعة المخابرات البريطانية .
قلت : فلنهدأ ونفكر بالعقل ولا نلقي الإتهامات جزافاً ، الأمر يحتاج العقل وليس المشاعر، و بغض النظر عن رأينا في حماس ، فلا يلهينا ذلك عن تأييد المقاومة من أصحاب الحق ، وبغض النظر عن الإنفعالات ، فلا يلهينا ذلك عن المبادئ الإنسانية التي تنهي عن قتل الضيوف بلا جريرة وعن القتل عموماً والنزول الي درك من ننتقدهم..
القضية الآن ، كيف ندافع عن الحق بدون الانزلاق الي مستوي دناءة المحتل، وكيف نكسب العالم الذي أصبح بذكاء إسرائيل وغباء إدارتنا للقضية ، متعاطفاً مع المغتصب ويدين المظلوم، وكيف ندافع عن مصر ، وعن تقسيم سيناء ، وعن فوضي قد يخلقها واقع جديد بدون أن يكون هذا التهديد سبباً ومبرراً لعدم المضي قدماً نحو تحديث مصر وتطبيق الدستور بالفصل بين السلطات والمحاسبية وتداول السلطة في الجمهورية الجديدة.
مصر القوية داخلياً هي التي تستطيع الوقوف أمام التحدي الحضاري ، وتساند الحق وليس أمامنا سوي خوض المعركة الأكبر والأعظم مع أنفسنا قبل الأعداء.
لا يجب أن نسمح بتوقف السعي نحو تنمية مصر انسانياً ولا ننساق وراء معارك يختلقها آخرين لنا، نقف مؤيدين الحق ولكن لا يشتتنا ذلك ولا يلهينا عن أن أمامنا معركة وجودية وهي تنمية قدرات وعقول ونفوس أكثر من مائة مليون مصري .
لقضية الفلسطينية ليست حماس ، فأنا مع الفلسطينيين ومع حقهم بالرغم من رأيي في حماس.
وكما كتبت لأخوتي المواطنين المصريين ، وقلت : دعونا نرفض الحكومات ان لم تؤدي عملها ولكن لا نكره الوطن
كذلك اقول دعونا ننتقد حماس ونرفض أذيتهم لمصر ولكننا لا نكره الفلسطينين او نتنكر لحقوقهم.
حماس ليست فلسطين ولكنها لقطة في حياة شعب وقع تحت ظلم جبار وأمة تم سرقة ارضها بعنف غير مسبوق وتمييز عنصري لم يشهده التاريخ
نحن مع الحق ومع الانسانية ولن ننزلق الي العنصرية
معركتنا الأساسية داخل مصر ، معركتنا هي في تنمية بلادنا ،
هذه هي معركة الوجود
May be an image of 1 person and text

التعليقات

التعليقات