علي مقهي ” الحالمون بالغد”
نعم …مصر قادرة
بقلم د. حسام بدراوي
تجمع حولي شباب الحالمين بالغد و بادروا بالأسئلة حول المخاطر التي تتعرض لها مصر في هذه المرحلة من حاضرها. قال واحد منهم:
أعتقد أن الخطر هو غلاء المعيشة، و إنخفاض الثقة في قدرة الحكومة علي إجتياز الأزمة الاقتصادية وفقدان أمل المواطنين.
قال زميله:مصر مرت في أزمات كثيرة وتخطتها وبنت حضارة استثنائية، إعتمدت علي الفكر والعلم والبناء والإيمان حسب معتقدات زمنهم ، ومصادر ثروة كان أهمها نهر النيل والزراعة وتوفر معطيات الإستقرار، مما أتاح للمجتمع وقادته الإبداع ، لذلك أري الخطر الحقيقي الآن يكمن في تهديد مصدر المياة بسد أثيوبيا ، فنهر النيل هو محور حياة مصر!!
وقال زميله : بصراحه أنا أري أن كل ذلك مرتبط بإسرائيل فهي الخطر الحقيقي التاريخي وقد تكون وراء كل خطر آخر بتطلعاتها المستقبلية!!
قال رابع : الفقر والجهل هما الخطر الأكبر أمام مجتمعنا.
وقال خامس : بل هو الجهل و الجهل والجهل ،و من خلاله يأتي الفقر والمرض و التخلف ، قضيتنا هي المعرفة والتعليم .
قالت واحدة من الشباب: أري التحدي في التهديد الإرهابي من الجنوب ومن الشرق ومن الشمال .
وردت أخري قائلة : يا جماعه الخطر الحقيقي من الداخل أكثر منه من الخارج، الخطر هو تغير هويه المجتمع الي مجتمع سلفي رجعي يعود بنا الي الوراء ويبعدنا عن الحداثه والعلم!!
وانبري واحد من الشباب قائلا ، بصراحة أنا خائف من الفوضي التي تهدم كل شئ في حالة ترك حبل الحريات التي ننادي بها بدون قانون رادع وناجز!!.يعني نحن بين مطرقة الفوضي وسندان الديكتاتورية.
وقال زميله: إن التحدي هو مواجهة مؤامرة الغرب بقيادة الولايات المتحدة الذي كشف عن وجهه الحقيقي في كل ما حدث في العراق وسوريا وفلسطين والسودان وليبيا ، وما يُخطط لمصر إجتماعياً و إقتصادياً وسياسياً ونراه يتشكل في دورات متكررة في التاريخ المعاصر.
قال شاب آخر: أخطر ما يواجه مصر هو تدني مستوي إدارة مؤسساتها ، وعدم الاعتراف بأن حوكمة إدارة البلاد في كل المجالات هو أساس النجاح .. مشكلة التعليم مثلاً ليست في المنهج ولا في بناء الفصول ، المشكلة الرئيسية في إدارة الموارد وأهمها الموارد البشرية.
قالت الشابه المثقفه الذكيه : السؤال يا دكتور حسام هو ، هل نحن دولة قوية لنستطيع مواجهه كل هذه التحديات ؟؟؟؟..
هل لدينا الخبرات الكافية والشجاعة لاتخاذ قرارات تستعدل وضع البلاد ، ونخرج من فقر الفكر الي ثروة المعرفة لتحقيق الرفاهة التي نستحقها؟؟
نظرت إليهم متفهما مخاوفهم ومدركاً قلقهم ، وقلت بهدوء: كل ما ذكرتموه تحديات حقيقية ،. فتحدي المياه من الجنوب جوهري وتتداخل فيه أجهزة مخابراتية من دول كبري . ونعم أوافقكم أن التحدي الحضاري يأتي في المقدمة و هو بيننا وبين إسرائيل علي المدي الطويل..
وأُثني علي من ذكر تحديات الداخل الثقافيه والوجدانية والاقتصاديه والإدارية، ولكن أهم سؤال في كل ما ذكرتم هو هل نحن دولة قوية لمواجهه كل ذلك؟!
والإجابة هي تلخيصا نعم،
والإجابة تفصيلاً هي كالآتي:
مصر يا شباب تملك ثروة بشرية كبيرة في العدد، والقيمة، صغيرة في العمر ، ف ٦٥٪ من تعدادها عمرهم أقل من 35 سنة.. هذه ثروة جبارة قادرة علي التعلم والتدريب واكتساب المعارف وخلق الفرص. هذه الثروه البشرية نقمة إذا تركناها للنمو العشوائي بلا تنمية مستدامة ، و هبة وفرصة، إذا أحسننا إعدادها ، وهو ما نملك أن نفعله وننفذه. إنه التعليم، والتعليم ، والتعليم ، والتدريب والرعاية الاجتماعية و الصحيه هي سبيل جعل هذه الثروة ، القوة الرئيسيه للبلاد والركيزة الأولي للتنمية فيها. إن بناء الشخصيه المصريه الواثقة من نفسها ، الفخورة بماضيها وحاضرها ، والتي تملك الأمل في مستقبلها في أيدينا، وعقد واحد من الزمان يغير الكثير..
هذه هي قوة مصر الكامنة ، وأمل مصر في مواجهه التحديات كلها واستخدام ما أعطاه لنا الله من فرص وثروات.
قالت نفس الفتاه الذكيه: كل البلاد لديها قوي بشرية وتتماثل مع مصر في الفرصة فماذا يميزنا عن غيرنا ، وهل عندنا ثروات تساند التنمية الإنسانية ؟؟؟
إبتسمت وقلت: ياااااه، تعالي أعدد لكي بعضا منها:.
نحن لدينا أكبر مخزون تاريخي من حضارة العالم، ما علينا سوي إظهاره والاستفادة منه سياحياً وثقافياً ليدر ثروة إقتصادية غير مسبوقة، لكننا نعلم انه لن يتأتي بدون الخدمات لزوار مصر وكفائة إدارة الطرق و المطارات والموانئ، ووسائل المواصلات بتدريب الموارد البشرية..
نحن لدينا شمالاً أجمل شواطئ البحر الأبيض وشرقا شواطئ البحر الأحمر التي لا مثيل لها.
نحن نملك أهم ممر مائي علي الكرة الأرضية، قناه السويس ،الذي يربط الشمال بالجنوب والشرق بالغرب ، حفرها أجدادنا بدمائهم. هذا الممر المائي الذي يساند موقع مصر الجغرافي العبقري من الممكن أن يكون ممر التنميه الرئيسي في البلاد. (بار كود )
مصر تملك ثروه من الغاز تحت أرضها وفي أعماق بحارها قد تكون من مداخل إقتصادنا المستقبلي بحدود لم تصل اليها من قبل.
مصر تملك ثروات معدنيه في أراضيها ، يتم إكتشافها الآن ولم نعرف بوجودها من قبل.
مصر تملك أكبر سوق تجاري في الشرق الأوسط. نعم سوق مصر قوة تجذب الاستثمار وتفتح الآفاق ولكننا بعدم كفائه نادرة لا نجذب هذا الاستثمار ولا ننميه ..
مصر تملك شمساً ساطعة أغلب السنة ومصادر رياح معروفة وتستطيع إصدار طاقة نظيفة تكفيها بل وتكفي أوروبا أيضاً.
مصر تملك قوه ناعمه من الفن والثقافه والمعرفه علينا إعادة فتح الآفاق أمام إنطلاقها وإبداعها مره أخري. إن قوه مصر الناعمه كانت سببا في تأثيرها الإيجابي علي من حولها وما زالت تملك نفس الإمكانات إذا رفعنا عنها القيود وأزلنا من أمامها المعوقات والرقابة الخانقة لحرية الإبداع.
مصر تملك مخزوناً حضارياً في چينات شعبها ، وقدرات كامنه في شبابها وشيوخها لا تحتاج لانطلاقها سوي للحرية وإحترام القانون، وتحتاج لجلي الصدأ من عليها بالتعليم والثقافه والفنون..
مصر تملك واحد من أقوي عشره جيوش إعداداً في العالم، وتملك قوات مسلحة مدربة جيداً وأغلب عناصرها متعلمة تعليماً عالياً. مصر قوية عسكرياً ولو لم تكن ، لكانت ستكون مرتعاً لمن يهددها كما يحدث حولنا في العراق وسوريا ولبنان وليبيا .. طبعا كلنا نعلم أن العتاد والطائرات والصواريخ والأساطيل يجب أن يكون ورائها العقول والخبرات والكفاءة والقدرة علي إدارة المعارك واختيار وقتها ومكانها. العبرة في البشر وراء العتاد وأنا واثق أن قواتنا المسلحة تملك هذه المقومات والمقدرات وتعلم أهميتها وجدواها.
فنعم، نحن أقوياء عسكريا و لكن لا يجب وضع قواتنا المسلحة في مواجهات إقتصادية وسياسية داخلية فنفقد قيمتها في حماية البلاد عندما يحين أوانه.
مصر طبعا قويه يا شباب ، ومن الممكن ان تكون أكثر قوه وأكثر إستقراراً بالإدارة الواعية والعمل الجاد من الجميع..
علي فكره ،كلامي ليس شعارات ، ولكنه كلام علمي وله مرجعية ومنهجية وممكن الحدوث. مصر قوية وستزداد قوة، وعلينا التكاتف سوياً لتحقيق ذلك .
قال شاب من الحضور: وما الطريق لتحقيق ذلك؟
قلت: استدامه تنفيذ المخططات التي يجب أن تكون معلنة، ولها معايير يمكن قياس إنجازها ، والتي تنشأ بالمشاركه بين حكمة الخبرة، وطاقة الشباب والقيادة الواعية . يمكن تحقيق ذلك بالاستماع الي مختلف الآراء وتقديم البدائل من الخبراء.. من الممكن تحقيق ذلك بالإيمان أن الإبداع والابتكار لا يحدث إلا في إطار من الحرية وليس الفوضي ولا الخوف.
قالت الشابه المثقفه: وما هو أساس كل ذلك؟
قلت : ستستغربون مما أقول ، إنه نظام الحكم السياسي.. السياسة هي مدخل تحقيق سعادة الشعوب وتمكينها من إمكاناتها وزيادة قوة البلاد ،لذلك فإن الدولة المدنية الحديثة هي أساس وركيزة كل ذلك..
قالت: وما هي الدوله السياسية المدنية الحديثة التي تقصدها؟
قلت: إن بناء الدولة المدنية الحـديـثة هو دعامة اخـتیار لـهويـة الـدولـة و العمل على تـوطـید أركـانـها مـع الاحترام لكل معتقدات الـمواطـنین و حـريـتهم ومساواتهم فـى مـمارسـة شعائرهم فى إطار من القانون بدون تدخل الدين في العمل السياسي.
الدولة المدنية يتم فيها تداول السلطة ، محددة المدة، بدون الاحتياج لثورات و اغتيالات و انقلابات، بل بيسر ، تحت حماية الدستور والقانون ، بما يسمح بتراكم البناء وتحقيق التقدم.
–
– مصر لتكون قويه في مواجهه تحديات الخارج ، يجب أن تكون قويه من الداخل ، وسيظل إيماني وأملي في بناء قدرات شبابها وأطفالها مع الاستفادة من خبرة كبارها.