الجمعة , 20 ديسمبر 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / مشروع إنسان أفضل في رمضان بقلم حسام بدراوي

مشروع إنسان أفضل في رمضان بقلم حسام بدراوي

مشروع إنسان أفضل في رمضان
بقلم حسام بدراوي ‏
‏ لماذا لا يعمل كثير من المسلمين في رمضان، ويتكاسلون بحجة الصيام ، وينزلون العمل متأخرين ويغادرون ‏مبكرين ، ويتجادلون في الزحام ، ولماذا يتكالبون علي الأكل والحلويات ،في هذا الشهر بالذات وما علاقة ‏الصيام بكل ذلك!!!!‏
‏ الصيام أصبح حجة لعدم أداء الواجب. ‏
‏ لقد قرأت آيات الصيام ، و أتسائل عمن كُتب عليهم الصيام قبل الاسلام. وهل كان العرب في الجزيرة يصومون ‏وفي نفس الشهر. ؟؟
‏ حسب علمي حتي المصريين القدماء كانوا يصومون ، ونعم كان العرب قبل الاسلام يصومون ويحجون الي ‏الكعبة. ‏
إن تقديس شهر رمضان ليس عادة إسلامية فقط، ‏‎ ‎كذلك فإن الصابئة ، بحسب مصادر التاريخ العربى، كانوا ‏يصومون ثلاثين يوما مبتدئين الشهر بظهور الهلال، و منهين إياه بظهور هلال الشهر الجديد، وكانوا يُعَيدون بعد ‏انتهاء الشهر بعيد يسمى أيضا بعيد الفطر وفى هذا الأمر الكثير من المطابقة مع الصوم الإسلامي.‏
كذلك كان‎ ‎ومازال اليهود‎ ‎يصومون عدة أيام من السنة حيث أن الصيام بالنسبة لهم يُعد تعبيرا عن الحزن و ‏الأيام التي يصومون فيها تعتبر حداداً، و تكفيراً عن الذنوب فضلا عن أنهم كانوا يعتقدون أن الصيام يحميهم من ‏وقوع المصائب .‏
والنصاري كذلك كانت لهم أيام محددة ومتفرقة في السنة يحرصون على صيامها، والمسيحيين اليوم لهم ‏صيامهم كما هو الشأن عند المصريين القدامى الذين كانوا يصومون‎ ‎و حددوا أياماً معينة لذلك.‏
عاد الصيام الآن من خلال العلم الذي أثبت احتياج الجسم إلي الصيام عن الأكل واسموه اسماءا جديدة كالصيام ‏المتقطع ولكنه ولكنه يستدعي شرب المياه. ‏
أما ” الصابئة “لمن لا يعلم فقد ورد ذكرهم وبصورة مستقلة في القران الكريم في سورة البقرة وفي‎ ‎سورة ‏المائدة..‏
وهم مجموعة من المؤمنين بالله الذين يدّعون أنهم علي دين إبراهيم وآدم ولهم عاداتهم القريبة من الاسلام ‏ومازال لهم وجودا حتي الآن .‏
المهم ان الصيام وُجد باشكالٍ مختلفة قبل ظهور الإسلام ويقول الله‎ ‎في كتابه‎ ‎في سورة البقرة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ‏آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‎”‎‏ .‏
قال لي شاب نابه : أخاف ان أقول يا دكتور أن استكمال آيات الصيام حسب فهمي قد يعطي الانسان حق الافطار ‏اذا أراد علي ان يطعم مسكينا اذ تقول الآية”‏
‏﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ‏فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾‏
قلت : انا ايضا يحيرني تفسير هذه الآية لانها تعطي الإنسان الحق في الاختيار إلا أنها تحفزه بأن خيراً له أن ‏يصوم، ولكني أميل الي عدم الجدل حول التفسير لأن الصيام خيرٌ علي كل الأحوال . ‏
‏ وبيني وبين نفسي فكرت فيما أقرأه من فلسفة وعلوم الفيزياء ،ثم فكرت في قضايا خلافية حول موعد رمضان ‏فلكياً، حيث أن السنة القمرية بدقة الحساب‎ ‎‏ ٣٥٤ يوماً و ٨ ساعات و ٤٨ دقيقة و ٣٤ ثانية ، أي أن هناك فرقاً ‏بين السنة الشمسية و السنة القمرية قدره ١٠ أيام و ١٦ ساعة و ١٢ ثانية ، ومن المعروف ان التضاريس وتغير ‏المناخ الذي علي أساسه سُميت الشهور ، مرتبط بحركة الأرض حول الشمس..وقد أجري العلماء تعديلات في ‏التقويم الشمسي ‏
‏ بزيادة يوم في شهر فبراير كل ٤ سنوات للتتوافق الشهور مع التضاريس ، وأجراه المصريين قبلهم في شهور ‏السنة القبطية لنفس السبب، حيث لا قيمة لأسماء الشهور إن لم تتناسب مع التضاريس ، وكان العرب يفعلون ‏نفس الشئ مع السنة‎ ‎القمرية‎ ‎حتي‎ ‎يتم‎ ‎ضبط‎ ‎السنة فيظل شهر ربيع في الربيع ورمضان في سبتمبر والحج في ‏ديسمبر ، ولكن‎ ‎أسلافنا‎ ‎العرب‎ ‎بعد‎ ‎وفاة‎ ‎الرسول‎ ‎تراجعوا عن‎ ‎إحداث‎ ‎التعديلات‎ ‎الحسابية الواجبة‎ ‎فيها‎ مما ‎جعلها‎ ‎غير‎ ‎متوافقة‎ مع ‎حركة‎ ‎الفصول‎ ، ‎فأصبح‎ ‎شهر‎ ‎ربيع‎ ‎يأتي‎ ‎مرة‎ ‎في‎ ‎الشتاء‎ ‎ومرة‎ ‎في‎ ‎الصيف واختل موعد شهر ‏رمضان ومواعيد الحج وغيرها من الفصول ، ولهذا‎ ‎تفصيل‎ ‎دقيق وواضح ‏‎ ‎إرتضي‎ ‎المسلمون‎ ‎أن‎ ‎يهملوا‎ ‎حسابه‎ ‎‎ ‎فاختلت‎ ‎الشهور‎ ‎القمرية ‏وأصبح‎ ‎التقويم‎ ‎الهجري لا تتلازم فيه الطقوس الدينية بحقيقة دورة زمانها وانتفت‎ ‎منفعته‎ ‎لحياة الإنسان. ‏‎ ‎‏ ثم‎ ‎قلت‎ ‎في‎ ‎نفسي‎ ‎لا‎ ، ‎ليس‎ ‎هذا‎ وقت ‎مناقشات‎ ‎جدلية‎ ‎ولا‎ ‎هز‎ عادات ‎استقرت‎ ‎في‎ ‎الأذهان‎ ‎‎. ‎الأفضل‎ ‎أن‎ ‎أنصح الشباب ‏‎ ‎من‎ ‎القرآن‎ ‎ببعض‎ ‎الحكم‎ ‎الحياتية‎ ، ‎كما‎ ‎نفعل‎ ‎في‎ ‎التعليم‎ ، ‎عندما‎ ‎نتكلم‎ ‎عن‎ ‎القيم‎ ‎والمهارات‎ ‎الواجب‎ ‎تطبيقها‎. ‎
فعدت الي بحوثي وقلت لهم :‏
إن رمضان شهر كريم بغض النظر عن دراسات الفلك وهو فرصة لنا جميعا ، فهو شهر استعدت النفوس فيه ‏للتقرب من الله ونجتمع فيه مع الأحبة والأقارب والأصدقاء ، فلنأخذ من القرآن نصائحه لنا في ممارسة الحياة ‏ونجعل هذا الشهر بداية لمشروع إنسان أفضل لكل واحد منا‎. ‎
قالوا كيف وماذا تقصد ؟
قلت ، بمنطق التعليم في الشرح والتبسيط ، سأجعلها وصايا عشر، تجعل كل واحد منا إنساناً أفضل، وكلها ‏مأخوذة من آيات القرآن الكريم:‏
أولاً : الاعتدال في الأكل والشرب فهو شهر صيام ‏
‏”وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ‏‎”‎
ثانياً: الاعتدال في الإنفاق و الحياة عموماً ‏”‎وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا ‏‎” .‎
‏ ثالثاً : طريقه كلامنا‎ ‎والجهر بأصواتنا،”‎وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ”بل ان القرآن الكريم قد ضبط لنا طريقة هذا المشي‎ ‎سواء كان شكلاً أو مجازاً فقال ‏‎” ‎وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ‏إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا”. ‏
رابعاً: رعاية الوالدين . ‏
‏”وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا‎.‎
خامساً : ضبط‎ ‎الظنون والسعي للحقيقة
فقال‎ “‎يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ‎” ‎
سادساً : الصدق واجتناب الكذب ‏
‏”‏‎ ‎إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب “‏
‏”وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ‎” ‎‎”‎يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ‏‎”‎
سابعاً : ان نقول أفضل الكلام للآخرين‎” ‎وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ‏‎”‏”فَقُل لَّهُمْ قَوْلًا مَّيْسُورًا”‏‎
ثامناً : يعلمنا القرآن ضبط مجالسنا سويا أو معاملاتنا في السوشيال ميديا التي جاءت بعده بأكثر من الف سنة ‏قائلا، فيقول عز وجل:‏‎ “‎وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّه تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ‏‎”‎
تاسعاً: فلنستخدم عقولنا وما أعطانا الله من حكمة
‏”وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ “‏
‏” قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون” ‏
‏” إنما يخشى الله من عباده العلماء”‏
عاشراً: فلنقرأ ونتثقف ونتعلم ‏
‏ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ‎. ‎‏ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ‏‎ ‎اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ‏‎.‎‏ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ‏‎.‎‏ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ‏
‏ وأضفت قائلاً أن صيام رمضان فرصة لجهاد النفس ‏الذي يعلوا قدراً و يعظم أجراً عن أي جهاد آخر لو تعلمون. ‏
هذه نصائحي إليكم من مدخل القرآن الكريم وكلام الله عز وجل‎ ‎‏. فلنأخذ المبادرة في رمضان لنبدأ أو نُكمل ما ‏نحن عليه من مكارم الأخلاق. ‏
May be an image of 1 person and text

التعليقات

التعليقات