الأربعاء , 16 أبريل 2025
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / من تربة الأرض إلى سماء المعنى بقلم د. حسام بدراوي

من تربة الأرض إلى سماء المعنى بقلم د. حسام بدراوي

من تربة الأرض إلى سماء المعنى
بقلم
د. حسام بدراوي
في لحظة تأملٍ صامتة، التقيت بصورة زهرة نادرة تُدعى Elata، تُعرف بين الناس باسم “زهرة الروح القدس”.
تبدو كأنها خُلقت من وحي الأساطير—بتشكيلها المذهل، تنبثق منها حمامة بيضاء تبسط جناحيها كأنها تهبط من السماء برسالة طمأنينة وسلام.
هذه الزهرة، وإن نبتت في تربةٍ رطبة في أعماق الغابات الاستوائية، إلا أن معناها الروحي يتجاوز جغرافيتها. فهي ليست مجرد كائن نباتي، بل مرآة لعطش الإنسان إلى المقدّس، ورمز لفكرة القيامة بعد الألم، والنور بعد الظلمة فسميت بهذا الاسم.
هل الطبيعة تقصد ذلك ؟ أم أن الروح هي من تُسقط معناها على الأشياء؟
في تفتّح زهرةٍ نادرة على هيئة حمامة، يجد القلب البشري مرآةً لروحه المتعطّشة للمعنى.
ليس مهمًا إن كانت تزهر فقط في أسبوع الآلام، أو في أي وقت من العام، فالأهم أن حضورها يُوقظ فينا دهشة الخلق، وإشراق الرموز.
الطبيعة لا تتكلم، لكنها توحي.
وفي كل زهرة، وكل جناح، وكل لون، رسالة خفية لمن يفتح قلبه لا عينيه فقط.
زهرة الروح القدس ليست مجرد نبات، بل صورة منسوجة من الجلال والسكينة، تشبه الوحي الصامت الذي يمرّ على الإنسان في لحظة صفاء.
هكذا، حين ربط بعضنا تفتح الزهرة بأسبوع الآلام، فنحن لا نصفُ الطبيعة بقدر ما نعكسُ مشاعرنا نحن، حاجتنا للرجاء، ولجمال يُداوي الألم.
فهل نرى في الزهرة رمزًا للقيامة بعد الألم؟ أم هي دعوة لنكتشف أن الروح تتفتح، كلما لمسها الحب؟
وهكذا، كما تتفتح الزهرة في صمت، تنفتح أرواحنا حين يُلامسها الجمال الحقيقي—ذلك الذي لا يُعلن نفسه، بل يُوحي.
زهرة Elata نداءٌ الحياة لليقظة، دعوة لأن نرى في تفاصيل الطبيعة إشارات تعبر بنا من المادي إلى المعنوي، ومن المشاهدة إلى البصيرة.
لعلّنا حين نُصغي جيدًا، سنكتشف أن الكون كلّه قصيدة غير منطوقة، وأننا نحن، الكائنات المتسائلة، جزء من هذا النشيد الإلهي العابر للزمن.

التعليقات

التعليقات

عن د. حسام بدراوي

د. حسام بدراوي
عن دكتور حسام سياسي ومفكر وطبيب بارز فهو رئيس قسم أمراض النساء والتوليد الأسبق في كلية الطب جامعة القاهرة، تلقي الدراسات العليا أعوام 1979 إلى 1981 في الولايات المتحدة الأمريكية، انتخب عضو في البرلمان المصري ورئيساً للجنة التعليم والبحث العلمي في بالبرلمان منذ عام 2000 حتى 2005، السياسي حسام بدراوي عرف بمواقفه المستقلة ومن القلائل الذين اتفق على نزاهته الجميع من كافة التيارات السياسية، ففي عصر الرئيس الأسبق مبارك كان يلقب بالعاقل داخل صفوف الحزب الوطني، حيث كانت نداءاته وطلباته السياسية تتفق بقدر كبير مع النداءات الداعية للانفتاح السياسي والديمقراطي في مصر، فكان ضد تمديد حالة الطواري، واعترض على انفراد الحزب الوطني بالتعديلات الدستورية، خلال ثورة 25 يناير 2011 ، لعب دوراً سياسياً هاما، حيث عبر منذ اللحظة الأولى على حق المتظاهرين في مطالبهم، ودعا الحكومة إلى الاستماع والاستجابة لهم، ما جعل مبارك مع تصاعد الاحداث لما له من شعبية بتعيينه أمينا عاما للحزب خلفا لأعضاء هيئة المكتب وخلال تلك الفترة عبر عن رأيه السياسي لمبارك بضرورة التنحي، وهو ما دفعه للاستقالة من الحزب بعد 5 أيام من تعيينه يوم 10 فبراير معلنا اختلافه السياسي مع القيادة السياسية في طريقة التعامل مع المتظاهرين ومطالبهم في حكم الإخوان فظلت مواقفه واضحة منذ اللحظة الأولى برفضه الدولة الدينية التي اعتبرها تريد تلويين الشعب بلون واحد، واعتبر قرار الرئيس المعزول مرسي بعودة مجلس الشعب ترسيخ للديكتاتورية المؤيدة من الولايات المتحدة، وكان من أوائل المنددين بتوغل سلطة مرسي على سلطة القضاء، مستنكرا محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل مليشيات الإخوان أيد د حسام بدراوي حركة تمرد مع بدايتها، وأعلن أن إسقاط حكم الإخوان أصبح ضرورة ومخاطرة لابد منها قبل أشهر من ثورة 30 يونيو، مؤكدا أن الجيش سيقف بجانب الشرعية المستمدة من الشعب.. في ٢٠١٦ تم اختياره رئيسا للجنة الاستشارية لمشروع التعليم أولا ورئيسا للجنة وضع رؤية مصر ٢٠٣٠ في التعليم وفي ٢٠٢٢ تم اختياره مستشارا للحوار الوطني لرؤية مصر ٢٠٣٠