معاداة السامية
بين الحقيقة والإدعاء
الجرأة علي التفكير
بريشة حسام بدراوي
قرأت مرات متعددة عن قوانين معاداة السامية في الغرب ولم أفهم لماذا ترتبط في الذهن الغربي باسرائيل واليهود كأنهم الذين يتعرضون فقط للتمييز والكراهية ويجب حمايتهم، بصفتهم أبناء “سام” إبن النبي نوح !!!!!!.
فما هي القصة وراء هذه القوانين وكيف لعبت الصهيونية في الأذهان الغربية لينقلب الباطل حقاً والمجرم شهيداً.
وقبل أن أخوض معكم في السامية ومعادات وتجريم أي مخلوق يعادي اليهود بصفتهم أحفاد “سام” أشارككم قراءة للتاريخ لنحلل الواقع ونري المستقبل المحتمل.
أبدأ بكتاب كان قد سُحب من المكتبات الأمريكية يستحق التأمل للمؤلف جين غاردنر و هو صحفي ومقدم أخبار أمريكي، كان مقتنعاً، ومدافعاً عن إسرائيل إلا أنه قد تراجع عن هذا الموقف بعدما إتضحت أمامه الحقائق ، والتالي هو ترجمة دقيقة لبعض الفقرات من الكتاب .
يتسائل الكاتب وأنا معه ما الذي جعل اليهود يتعرضون للاضطهاد عبر التاريخ؟ و لماذا حشدَهم النازيون، وأخذوهم إلى “معسكرات الإبادة” للتخلص نهائيًا من “المشكلة اليهودية”؟
أدرك الكاتب أنه إذا كان هتلر قد ابتدع حلاً نهائياً للمسألة اليهودية ، فلا بد أنه كان هناك “مشكلة يهودية من الأساس” …
تصرف الألمان تصرفاً غير إنساني بمحاولة القضاء علي اليهود، ومحاولة إبادة الشعب كله ، واليوم يقفون مع نفس من كانوا يريدون إبادتهم مناصرين لإبادة الشعب الفلسطيني بواسطة أعداء الأمس…
أليس هذا عجيباً!
فكرت فيما فعله المستوطنون الأوروبيون في الشعوب التي كانت تقطن شمال القارة الأمريكية ، وإنهاء وجودهم ، وربطت بين فلسفة الإبادة العرقية الجماعية والتعصب وبين أحداث غزة ، ومن يقف مسانداً إسرائيل … ويبدو أن الأمر ليس لقطة في حياة البشر بل هو إستمرار لعقيدة تعالي بعض البشر علي غيرهم ، وتأكيد أن من حق الأقوي عسكرياً والأفضل نسباً أن يبيد الأضعف. ——————-
وأرجع الي موقف ألمانيا مع اليهود وموقف أكثر من 79 دولة عبر التاريخ الحديث في طرد اليهود خارج أوطانهم !! هل تصرَّفَ اليهود بأي شكل من الأشكال بطريقةٍ جعلت الدول التي أقاموا فيها تنحاز ضدهم ؟.. أم أنهم مجرد ضحايا أبرياء؟!.
يقول الكاتب :
“أصبتُ بالصدمة والرعب عندما علمت بمعاملة الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة على يد قوات الدفاع الإسرائيلية والمستوطنين اليهود و مع ذلك تزعم إسرائيل أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ، لكنها ديمقراطية لليهود فقط حيث لا يعتبر غير اليهود متساوين معهم.
“إكتشفتُ دوْرَهم في الجريمة المُنظَّمة وتجارة الرقيق وحركة الحقوق المدنية والماسونية و قرأتُ عن كراهية الملتزمين بالتلمود البابلي لغير اليهود، وعدم احترامهم التامّ للسيد المسيح ومريم العذراء والمسيحية والمسيحيين بشكل عام ”
“لقد تعلّمتُ عن “الوقاحة” في ادعائهم أن حياة الأمم لا تساوي أكثر من حياة حيوانات الفناء، ولكنهم يعتبرون أن حياة اليهود أقرب إلى الله نفسه، فلا بأس أن تسرق من غير اليهود أو أن تقتل أحد الأغيار ، لكن حياة اليهود هي المُقدّسة.”
“علِمتُ بسيطرتهم على غالبية الثروة ووسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية على الرغم من أنهم يشكلون أقل من 2٪ من السكان في الولايات المتحدة وأقل من ذلك بكثير من تعداد البشرية فهم 18 مليون من 8 مليار نسمة”
ويكمل الكاتب قائلاً” إنهم وراء حركة تشريع جرائم الكراهية التي تمت صياغتها لإسكات كل من قد يكشفُ أجندتهم ويحاول تسليط الضوء عليها.”
وأزيد أنا علي الكاتب قائلاً :إنهم هم الذين يسيطرون على السياسة الخارجية للشرق الأوسط لأقوى دولة في العالم ، الولايات المتحدة الأمريكية. هم الذين يسيطرون على الكونجرس ومجلس الشيوخ والرئيس !!.و لديهم مثل هذه السيطرة علي الإعلام و الأفلام والتلفزيون._________________
يقول الكاتب: “بعد التفكير الرصين فيما اكتشفتهُ عن السيادة اليهودية والصهيونية ، كان عليّ أن أتخلى عن كل مفاهيمي السابقة فيما يتعلق بتاريخ الاضطهاد اليهودي ، أما ما أجد صعوبةً في فهمه؛ هو سبب استمرارهم في هذا السلوك في أي مجتمع يعيشون فيه ، مع العلم أنهم في نهاية المطاف سوف يبالغون في لعبهم وسيظهر غدرُهم مرة أخرى ويبدو أن التاريخ لم يُعلمّهم شيئاً ؟!”
———————-
وقبل أن أطوف بكم في ما يحدث الآن من طغيان الصهيونية التي هي اطار سياسي بعد مذلة اليهود قروناً من الزمان لابد من تعريف السامية وكيف بدأ المسمي ؟ ومن أين جاءت تعبيرات معادات السامية؟
الساميون في الكتاب المقدس، هم أبناء” سام” وهو مصطلح يصف أي مجموعة أثنية أو ثقافية أو عرقية تتحدث باللغات السامية. فلقَد اصطلح المؤرخون أن يسموا الشعوب التي تتفاهم بالعربية والعبرانية والسريانية والحبشية والتي كانت تتفاهم بالفينيقية والآشوريةوالآرامية «شعوباً سامية» نسبة إلى سام بن نوح ، لأن هذه الأمم جاء في التوراة أنها من نسله وسموا لغتهم اللغات السامية.
وقد استخدم المصطلح لأول مرة في 1770 من أعضاء مدرسة غوتنغن للتاريخ والذين اشتقوه من سفر التكوين.
أما في علم الآثار، فيُستخدم هذا المصطلح بشكل غير رسمي ليشير إلى نوع من الروابط التي جمعت الشعوب القديمة المتحدثة بلغات فيها سمات مشتركة.
معاداة السامية أُستعمل للمرة الأولى كتعبير إجتماعي سياسي سنة 1860 من قِبل المفكر النمساوي اليهودي “اشتينشنيدر” وبقي هذا المصطلح غير متداول حتى سنة 1873 حيث استعمله الصحفي الألماني” ويلهلم مار ” في كتيب عنوانه «انتصار اليهودية على الألمانية» احتجاجًا على تنامي قوّة اليهود في الغرب واصفًا إياهم بأشخاص بلا مبدأ أو أصل وأسس في سنة 1879م رابطة المعادين للسامية.
أطلق المصطلح وأذاعه بين العلماء ، عالم نمساوي اسمه «أوغست لودويك شلوتسر» august ludwing- schloetzer
عام «1781م» فشاعت منذ ذلك الحين، وعمّ استعمال هذا الاصطلاح وأصبح موضوع «الساميات» من الدراسات الخاصة عند المستشرقين.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية ،ممثلة العالم الجديد ،فتتناول العديد من القوانين الفيدرالية وقوانين الولايات والأنظمة المحلية جرائم الكراهية والتمييز والسلوك المتعلق بمعاداة السامية و تعمل هذه القوانين معًا لحماية الأفراد من الأفعال والخطابات المعادية للسامية التي قد تتعدى على حقوقهم المدنية أو سلامتهم. تسمح هذه التشريعات بفرض عقوبات مشددة للجرائم التي تعتبر مدفوعة بدوافع معادية للسامية.
و يجعل قانون الحقوق المدنية لعام 1964 والتشريعات اللاحقة التمييز ضد الأفراد على أساس الدين، من بين فئات أخرى، في مجالات العمل والتعليم والوصول إلى المرافق العامة و توفر هذه القوانين حمايات يمكن تطبيقها على حالات معاداة السامية، مما يضمن حماية الأفراد اليهود ( علي اساس انهم ممثلي السامية في العالم) .
أوروبا وكندا سارتا علي نفس الطريق ونفس التشريعات وبدأت في التخصيص ليس فقط لصالح اليهود بل عقاب من ينكر الهولوكوست أو مجرد مناقشة أصول الكلمات.
*دعاني ذلك لقراءة تأثير ووزل (woozle effect) الذي يشير إلى ظاهرة في البحث العلمي والإعلام حيث تتم إعادة الإشارة إلى معلومات غير دقيقة أو بيانات غير مثبتة بطريقة تجعلها تبدو كحقيقة مؤكدة. هذا التأثير يمكن أن يؤدي إلى تضخيم البيانات ، التي يتم تكرارها وتقديمها في مناقشات جديدة أو دراسات لاحقة كمراجع موثوق بها دون التحقق الكافي من صحتها أو دقتها. هذا التأثير يُبرز كيف يمكن للمعلومات غير الدقيقة أن تتحول إلى ‘حقيقة’ من خلال الإعادة المستمرة والاستشهاد بها.
هناك مفكرين كثر طرحوا حلولاً كي يتوافق العلم مع الدين ، وبابا الفاتيكان المتنور قالها بشجاعة أن الكثير من القصص في الإنجيل رمزية للوعظ فقط .
و هناك رمزيات في القرآن الكريم فما معني قول القرآن “يد الله فوق ايديهم ؛ عل يعني ذلك أن ربنا له يد بخمسة أصابع ام ان المعني رمزي.
ما معني “استوي علي العرش” ، هل يعني ذلك ان الله له كرسي عرش يجلس عليه ام هي أمور رمزية.
و لعلمكم كان ومازال هناك من قد يتقاتل معك لو تجرأت وقلت ان المعني غير حرفي.
ونعود نحن في القرن الواحد وعشرين ونسمح ونؤيد نموذج بناء الدولة الدينية الصهيونية اليهودية القائمة علي تعليمات التوراة كما يقولون لشعب الله المختار دوناً عن بقية شعوب العالم ووعده لهم بأرض فلسطين وحقهم في إبادة مالك الأرض
وحماية الساميين اولاد سام بن نوح بالذات . واذا قالت الدراسات وعلم اللغات ان الساميين هم أيضا العرب قبل العبرانيين نتغاضي عن ذلك ونحمي فقط نسل يعقوب جد بني إسرائيل .
ألا ترون العته الذي تمارسه البشرية وتحكم الصهيونية في عقول مالكي المال والسلاح والقوة لتحقيق الإبادة لشعب فلسطين والتثبيت في الأذهان لأوهام حقوق تاريخية لشعب الله المختار وقلب المجرم شهيدا والضحية مجرما.
أفيقوا يرحمكم الله