قال الدكتور حسام بدراوى إننا لدينا انطباع سلبى عن التعليم بمصر أكثر من حقيقته، مشيراً إلى أن الأزمة الحقيقية تكمن فى إدارة العملية التعليمية، موضحاً أننا لدينا 450 ألف فصل تحتاج إلى 650 ألف مدرس وليس مليوناً و200 ألف كما يتردّد، مطالباً بإصلاح كليات التربية لتخريج مدرس مستعد للعمل، وكذلك دمج وزارتى «التعليم»، موضحاً أن لديه طريقة جديدة للقضاء على الدروس الخصوصية، خصوصاً أنها مرتبطة بقانون العرض والطلب، وهو القانون الوحيد الذى نجح عبر التاريخ، وإذا أردت التحكم فيه، النتيجة ستكون الفشل. وأكد «بدراوى»، فى حوار خاص لـ«الوطن»، أنه ممن انتخبوا «السيسى»، ويرى أن القوات المسلحة استجابت إلى نداء الشعب للتخلص من حكم الإخوان، وأن ما قام به الرئيس وحكومته فى بناء البنية التحتية لم يتم تقديره بشكل كافٍ من الشعب، لافتاً إلى أننا منذ عام 1952 وحتى الآن لا يوجد فى مصر حزب سياسى له أغلبية إلا الحزب المتصل برئيس الجمهورية، منوهاً بأن الرئيس يحتاج إلى حزب يمثله، وهو لديه أيديولوجية، ويجب أن يكون وراءها حزب سياسى، مشيراً إلى أن مصر فى ظرف استثنائى ينتهى بالفترة الثانية للرئيس، ومن الممكن ألا نجد فى هذه المرة شخصيات يمكن أن تنافس «السيسى»، محذراً من محاولة تغيير مدة «الرئاسة»، حتى لا تعود الدولة إلى الخلف 100 عام، موضحاً أن حل الحزب الوطنى بعد 2011 كان خطأً، وأحد أسباب تغول جماعة الإخوان، فقد كان يجب البقاء عليه، ليكون معارضاً. وإلى نص الحوار:
«بدراوى» : لن أخوض «انتخابات الرئاسة» المقبلة لأننى ما زلت مؤيداً لـ«السيسى».. ومن الوارد وجود منافس ربما يظهر فى «فترته الثانية»
■ كيف ترى حال التعليم؟ وكيف يمكن تطويره ليكون أداة فى تقدم مصر وليس تأخرها؟
– هناك انطباع سلبى عن التعليم بمصر، بسبب كثرة الحديث عن سوء العملية التعليمية، لكن البيانات الخاصة بـ«الجودة والأداء» الحقيقية غير موجودة، ومن وجهة نظرى أن القطاع الرئيسى فى التعليم الذى لا بد أن نتوجّه إليه هو الأطفال والتلاميذ، وأحب أن أؤكد أن هذا القطاع من أفضل ما نتصور، وأولادنا مولودون رقميون وقادرون على استخدام التكنولوجيا، وهم «شاطرين وجاهزين»، إذاً المادة الخام مستعدة وجاهزة، والأمر الثانى هو أن لدينا 450 ألف فصل تحتاج إلى 650 ألف مدرس، وليس مليوناً و200 ألف -كما يقال- ومع ذلك ليس لدينا مدرسون مستعدون، كما أن هناك مواد كثيرة ليس لها مدرسون مثل مواد الهوايات «الرسم، الموسيقى، الرياضة»، ونجد مدرسين متكتلين فى محافظة، ومحافظات بها نقص فى المدرسين، فأزمة التربية والتعليم هى مسألة «إدارة» وليست فى «التعليم»، فهل المدرسون قابلون للتعلم والتدريب والارتفاع إلى المستوى الذى نحتاج إليه؟ بالطبع نعم، والفكرة أن يكون لدينا البرنامج الذى نُطبّقه عليهم، فإننا لدينا 18 كلية تربية فى مصر يجب إصلاحها لإخراج مدرس مستعد للعمل، فالعائق هو نظام التعليم وليس التعليم نفسه.
ما قام به الرئيس وحكومته فى بناء البنية التحتية لم يتم تقديره بشكل كافٍ من الشعب
■ وكيف ترى «التعليم العالى» فى ضوء ما تحدثت عنه فى التعليم الأساسى.. وما فرص تقدّمنا؟
– لا يوجد تعليم «عالى» وآخر «واطى»، كله تعليم واحد، ويجب دمج هذه الوزارة، وأحب أن أؤكد أن هناك فرصة فى مصر لم توجد فى تاريخها من قبل، وهى أن العالم كله ينتقل ويغير نظامه التعليمى لاستخدام التكنولوجيا لتوفير المعرفة للجميع، فالعالم يتغير، ولم يعد المدرس يدرس للتلميذ، بل يُيسر له فقط، فأنت «واقف» عند نقطة العالم كله يتحرك منها، فلا يصح الرجوع 20 عاماً إلى الخلف، ولدينا فرصة للوقوف مع العالم وليس وراءه، ولا بد أن أتغير معه.
■ هل هناك طرق واضحة للتغيير مع العالم فى مجال التعليم؟
– بالطبع، هناك طرق واضحة، فالمسألة تحتاج إلى دراسة البنية التحتية لاستخدام التكنولوجيا، وفى البداية لا يوجد نظام تعليم دون مساندة من الأسرة والمجتمع، ولو المجتمع لا يثق بالحكومة فإنه لن يتغير، فأنت هنا تحتاج إلى كسب ثقة المجتمع أولاً، ويمكن أن تأتى هذه الثقة من خلال قيام الحكومة بأخذ مرحلة معينة، وتضع خريطة عمل بها بمدة زمنية محدّدة، والمجتمع يقوم بدور الرقيب والإعلام أيضاً، فإذا حققت نجاحاً كبيراً فإننى سأكتسب ثقة المجتمع، وبالتالى تجد الناس تؤيدك ويقولون «إحنا ممكن فعلاً نتطور»، ثم إن المجتمع يخرج من ميزانيته الخاصة من 30 إلى 40 مليار جنيه سنوياً، تذهب إلى الدروس الخصوصية، وهذا يحدث لأنه لا يثق بالحكومة، ومعنى هذا أن المجتمع مستعد للإنفاق أيضاً.
■ تحدثت عن مليارات ينفقها المجتمع على الدروس الخصوصية.. فكيف يمكن توفيرها؟
– الدروس الخصوصية «صداع» فى رأس المجتمع ككل، فى حين أنه يمكن القضاء عليها بوسائل بسيطة جداً، فإنها «عَرَض» للمرض وهو سوء إدارة التعليم، فإذا طبّقت الإدارة بشكل صحيح ستنتهى، وأنا عندى طريقة جديدة للقضاء عليها، فكل الجهود التى بُذلت للقضاء عليها كان هدفها كيف يمكن أن أمنع من يعطى الدروس أن يفعل هذا، «اللى بيدى دروس خصوصية مايديش إزاى»، لذلك كل المحاولات كانت تفشل، لأن الحقيقة أن الأمر عرض وطلب، وقانون العرض والطلب هو الوحيد الذى نجح عبر التاريخ كله، فلو «قلت إننى سوف أتحكم فى العرض والطلب، النتيجة ستكون الفشل».
■ إذاً كيف ستُحارب الدروس الخصوصية؟
– أولاً: من الممكن أن نعمل على عدم وجود الطلب، فإن من يعطى الدروس الخصوصية هو فى الأساس مدرس «شاطر»، فهل هناك طريقة أجعل هؤلاء المدرسين، من خلال استخدام التكنولوجيا، متاحين لكل أفراد المجتمع، بدلاً من إعطائهم الدروس الخصوصية، نعم، فإننى يمكن أن أنشئ تطبيقاً يكون المدرس رئيسه، فإنه يحصل من الناس على الأموال من خلال الدروس، وأنا فكرتى أن أجعل المدرس رئيساً للتطبيق الذى يتحدث من خلاله و«يكسب فلوس أكثر» دون اختراق القانون، ثانياً: يجب أن أضع إجابة للسؤال، لماذا يلجأ الناس إلى الدروس الخصوصية؟، الإجابة لأنهم يخشون على أولادهم فى الانتقال من مرحلة إلى أخرى، لأن المدرس متحكم فيه، وأنا لدىّ مجموعات من الشباب قامت بعمل برنامج للتقويم يجعل تقويم الطالب غير مرتبط بالمدرس شخصياً، لكنه مرتبط باختيار المدرس عدداً من الأسئلة، ويجعل الأثر الشخصى للمدرس فى الانتقال إلى التلميذ الضعيف جداً، فهدفى تقليل الطلب، وتحفيزه بأن يعطى فى إطار آخر قانونى وأكثر عمومية وبتكلفة أقل، لكن المدرس هو الكسبان.
أزمة التعليم فى الإدارة وعلينا إصلاح 18 كلية تربية فى مصر لتخريج معلمين قادرين على العمل
■ وكيف يكون المدرس هو الكسبان دون رفع راتبه؟
– أن المدرس يعطى دروساً خصوصية لـ400 طالب، ويكسب 70 ألف جنيه فى الشهر، ومهما رفعت دخل المدرس لن أصل إلى هذا المبلغ، وفكرتى متركزة على أننى آتى بالمدرس، وأقول له سوف تعطى الدروس، لكن بطريقة معينة من خلال تطبيق على الكمبيوتر، المدرس كان يحصل من الطالب على 40 جنيهاً فى الحصة، وبدل أن يعطى دروساً لـ400 طالب فقط، سوف يتم عرض شرحه للمواد لـ«2» مليون طالب، وكل طالب يدخل على التطبيق يدفع جنيهاً واحداً فقط، وفقاً لذلك لن يكون دخل المدرس 70 ألف جنيه فقط، بل سيعود عليه بـ150 ألفاً، وأنا فى نظام التعليم المصرى لدىّ من الصف الثالث الابتدائى إلى الصف الثالث الثانوى، كل مادة سوف آتى لها بعشرين مدرساً، ووفقاً لذلك فإننا نقوم بإلغاء الطلب، ويكون عندى أفضل 20 مدرساً ممن يعطون الدروس الخصوصية يقدّمون شرحهم للطالب، وشطارة المدرس تظهر فى المنافسة بينهم فى الأداء، ويكون هناك مراقبة من الدولة على جودة الأداء، وبهذا أكون وزّعت التكلفة على الجميع، بحيث الأسرة التى كانت تدفع فى الشهر 300 جنيه ستدفع 40 جنيهاً فقط.
■ وهل هذه المبادرة تم الانتهاء منها؟ وهل سيتم إرسالها إلى وزير التربية والتعليم الجديد؟
– بالطبع، فقد تم الانتهاء منها تماماً، بل إن التكنولوجيا الخاصة بها تم الانتهاء منها، وأنا والدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم الجديد، على تواصل مستمر، وفى كل الأشياء، وهو قادر على تطبيق المبادرة التى أتحدث عنها، إذا وقف الإعلام وراءه، وسياسياً تتم مساندته، والشعب صبر عليه، فإذا توافر هذا سوف نرى نتيجة بعد عام واحد.
■ كيف تُقيّم الحالة السياسية فى مصر الآن؟
– فى البداية، أنا ممن انتخبوا الرئيس السيسى، وممن يرون أن القوات المسلحة استجابت لنداء الشعب للتخلص من حكم الإخوان، لكننى واحد من الناس الذين يقولون إن هذا وضع استثنائى ليس دائماً، والدوام أن تكون هناك حياة سياسية حقيقية، وصحيحة تجعل تداول السلطة سلمياً ودون ثورات، ولكى نصل إلى هذه المرحلة، لا بد من استتباب الأمن، ولكن لا نريد أن نرتكن إلى هذه الحجة، لكى نبقى فى مرحلة الترانزيت أطول من ذلك، وفى رأيى أن ما قام به الرئيس وحكومته، فى بناء البنية التحتية لم يتم تقديره بشكل كافٍ، سواء كانت الطرق أو الموانئ أو المطارات أو الطاقة، فكل ذلك بنية تحتية مهمة جداً لأى تطوير اقتصادى واجتماعى تالٍ، والناس لا تشعر بأثره، لكن من غيره لا تحدث النقلة المقبلة، وهذه النقلة تحتاج إلى استقرار سياسى، تكون فيه الأحزاب فعالة داخل البرلمان، والحكومة ممثلة للأغلبية لكى يتحقق التوازن، ويجب الأخذ فى الاعتبار بأن الدستور ينص على أن رئيس الوزراء تقريباً رأسه برأس رئيس الجمهورية، بشرط وجود أغلبية موافقة عليه، إذا لم توجد هذه الأغلبية التى تختار رئيس الوزراء، ينتهى الأمر بأن الرئيس ورئيس الوزراء فى صندوق واحد.
العالم يغير طرق التعلم للاعتماد على التكنولوجيا ولا يوجد تعليم «عالى» وآخر «واطى» ولا بد من دمج الوزارتين.. ولدىّ طريقة جديدة للقضاء على «الدروس الخصوصية»
■ فى رأيك، ما السبب وراء تدمير الحياة الحزبية فى مصر وعدم وجود حزب يستطيع أن يحصل على الأغلبية؟
– منذ عام 1952 وحتى الآن، لا يوجد فى مصر حزب سياسى له أغلبية إلا الحزب المتصل برئيس الجمهورية، وحتى هذا لم يحدث من خلال انتخابات وإنما بالانضمامات بعد الانتخابات، فالحزب الوطنى طول عمره كان يأتى بـ30% والباقى ينضم إليه.
■ وهل «السيسى» يحتاج إلى حزب يمثله؟
– بالطبع هو يحتاج إلى ذلك، وهو لديه أيديولوجية يكون وراءها حزب سياسى، وليس بالضرورة يكون رئيس الحزب هو من يتم انتخابه رئيساً للجمهورية، ففى أمريكا مثلاً الذى يُنتخب رئيس الجمهورية ليس رئيس الحزب، وهذا فى النظام الرئاسى، أما فى النظام البرلمانى مثل إنجلترا فرئيس الحكومة لا يُنتخب من الشعب البريطانى بأكمله، وإنما يكون منتخباً من منطقته الانتخابية فقط.
■ لكن تجربة حزب السلطة الداعم للرئيس كانت غير جيدة؟
– هناك عامل جديد الآن، وهذا العامل منفرداً لو كان تم تغييره وحده فى دستور 71، كان ضبط كل الحياة السياسية، وهو المادة 77 التى تنص على مدة رئيس الجمهورية وألا تزيد على مرتين، ففى اللحظة التى سيعرف الناس فيها أن الرئيس غير مستمر فى موقعه مدى الحياة كل الحياة الحزبية سوف تتغير.
■ ألا ترى أن النظام المختلط بين الرئاسى والبرلمانى لا يكون مفيداً بالنسبة لمصر.. أما أن الرئاسى أفضل؟
– تجربة الخلط بينهما غير مناسبة لمصر، ومن وجهة نظرى أننا نظام رئاسى ديمقراطى، ويجب أن نكون نظاماً ديمقراطياً واضحاً، وأن ننتخب رئيساً يأتى بحكومته، والنظام الرئاسى هو المناسب لثقافتنا، وهذا لا يعنى أن للرئيس مطلق الحرية ولكنه يحاسب أيضاً أمام البرلمان شخصياً، أما اليوم فرئيس الوزراء هو الذى تتم محاسبته.
لا يوجد فى مصر حزب سياسى له أغلبية إلا المتصل برئيس الجمهورية.. و«السيسى» يحتاج إلى حزب يمثله
■ فى رأيك ما التحديات التى تواجه الرئيس السيسى فى هذه المرحلة؟
– أولاً: هو أنه بمرور الوقت يقل عدد مؤيديه عما بدأ، لأن الناس كانت متصورة أشياء أسرع مما يحدث، وكانت هناك آمال أكبر مما يمكن تحقيقها على الأرض، وثانياً: أن المؤسسات المدنية التى من المفترض أن تساعد الدولة التى تحتاج إلى إصلاح شديد جداً، ولذلك الرئيس مضطر أحياناً إلى الاستعانة بالقوات المسلحة فى أماكن كثيرة، ثالثاً: هو التحدى الأمنى الداخلى والخارجى الكبير، والرئيس يواجهه بصرامة وصراحة وجدية، رابعاً: أن مفاتيح الاقتصاد ليست فى أيدينا، ولكنها فى أيدى أمريكا وأوروبا حتى الآن، فالسياحة لكى تأتى وكذلك الاستثمار يحتاج إلى إعادة توازن العلاقات الدولية، وأعتقد أن الرئيس بذل جهداً عظيماً فيها، أما التحدى الداخلى الرئيسى فهو فى الاقتصاد والتعليم، وفى التعليم مثلاً لكى يبنى البنية الإنسانية القادرة على الاستمرار فى تقدم البلاد يحتاج إلى جهد، والتحدى الاقتصاد الذى يستلزم استثمارات أكبر فى مصر وعودة السياحة ومصادر طاقة جديدة، فهو أمام تحدٍ كبير صعب أن يتحمله إنسان كشخص منفرد، ولا بد أن تقف معه كل مؤسسات الدولة.
■ كيف ترى الانتخابات الرئاسية المقبلة.. خاصة أنه لا يوجد شخص يمكن أن ينافس الرئيس؟
– لا أعلم.
■ هل لديك نية فى خوض الانتخابات الرئاسية؟
– لا.. فإننى ما زلت مؤيداً للرئيس السيسى.
■ من المفترض أن نعلم من الآن من سيخوض الانتخابات.. أما مع غياب هذا الشخص كيف تراها؟
– أرى أنها سلبية جداً لعدم وجود ممارسة تنافسية، لأن التنافس هو من يوضح الأداء ويضع الناس على أطراف أصابعها، وأعتقد أن مصر فى ظرف استثنائى ينتهى بالفترة الثانية للرئيس، ومن الممكن ألا تجد فى هذه المرة شخصيات يمكن أن تنافس «السيسى» ولكن الفترة الثانية يمكن أن نجد هذه الشخصيات.
مصر فى «ظرف استثنائى» سينتهى ولكن علينا ألا نبقى فى مرحلة «الترانزيت» أطول من ذلك.. مشكلة الحزب الوطنى كانت فى عدم تغيير قياداته وكان يضم 3 ملايين بينهم الليبرالى والإخوانى
■ هل تتوقع تعديل الدستور ومد فترة الرئاسة بشكل أو بآخر أو تعديل مدتها؟
– لا أتوقع هذا.. ولو تم اللعب فى فترة الرئاسة أو مددها، نكون رجعنا إلى الخلف مائة عام.
■ هناك تصريح لك تحدثت فيه عن عودة عوامل الهدم فى الظهور مرة أخرى فى المجتمع.. ماذا كنت تعنى؟
– أقصد أننى من الممكن أن أكون متفقاً مع سياسة الرئيس وحكومته بنسبة 70%، وهذا لا يعنى أنى لا أمتلك أفكاراً أخرى أحياناً أعرضها، ففكرة الاختلاف أحياناً لا تعنى أن أهدم كل شىء لمجرد الاختلاف، فكثير من المعارضين فى مصر توجههم هو هدم الواقع من غير تقديم بديل له، كما أن كثيراً منهم لا يرى القيمة التراكمية لنمو الدولة، فمصر لا تبنى اليوم، ولا يجوز هدم كل شىء والبداية من جديد، فلا بد من البناء على ما أمتلك من القدرات، كما أننى من الممكن أن أعارض ولكن يكون لدىّ سقف، وهو ألا أهدم الدولة، وأن الوطن يظل قائماً، وسقفى يظل داخل نفسى، وأن أقف عند مرحلة لأن الذى يليها يمكن أن يهدم الوطن، وأنا أريد من الناس أن تكون لديها هذه التوجهات، وأننى من الممكن أن أختلف معك، ولكن لا أختلف مع الوطن، فالمختلف مع الحكومة لا يدمر الوطن، فإذا كنت مختلفاً مع الحكومة، فإنها سوف تتغير فى يوم من الأيام، لكن الوطن باقٍ، فدعونا نحافظ على الوطن ونختلف مع الحكومة.
■ كيف استطعت أن تنجو بنفسك من وصفك بأنك أحد رموز «مبارك»؟
– أنا هو نفس الشخص ولم أتغير سواء مع «مبارك» أو ما بعده، وأقول نفس آرائى، وعندما أنظر لما كنت أقوله فى عصر مبارك أتساءل كيف تحملونى؟ فقد كنت أتحدث مثلاً عن الرقابة الدولية للانتخابات، وتعديل المادة 77 الخاصة بمدة الرئاسة، وحقوق الإنسان، وأخرجت أكبر وأهم تقرير لحقوق الإنسان فى عام 2009 وكان يدين الحكومة، وقلت هذا وأنا داخل الحزب الوطنى، وقلت إنه إذا كسب الانتخابات بأغلبية مطلقة، ستكون خسارة للحزب وللرئيس، وقلت إن مدة الرئيس مبارك هى آخر مدة ويجب أن يتم انتخاب رئيس جديد، أنا نفس الشخص، وما أقوله علناً هو ما أقوله مع أسرتى وأصدقائى، ولا يوجد عندى ما أخفيه، وكل ما عندى أقوله دائماً بنفس الشكل ونفس الطريقة، وفى كل الأوقات، وأعتقد أن هذا هو ما حمانى الفترة الماضية.
■ هل الحزب الوطنى كان بالسوء الذى يتخيله الناس؟
– بالطبع لا.. فالحزب الوطنى كان يوجد به 3 ملايين عضو، وبه توجهات سياسية مختلفة من أقصى اليمين لأقصى اليسار، وأنا رأيى أن حل الحزب الوطنى بعد ثورة 25 يناير 2011 كان أحد أسباب تغول الإخوان، فقد كان من الخطأ حله، فإن قيادات الحزب انصرفت وكان يجب أن أُبقى عليه ويكون معارضاً، فهو حزب تم بناؤه عبر 30 عاماً وأكثر، فعند حله لم يأخذ حزب الوفد المبادرة ليكون حزب الأغلبية، وتُركت الساحة مطلقة للإخوان، فهناك توازن قوة، وهذا التوازن فى مصر كان معروفاً، وهو حزب وطنى والإخوان، والمؤسسة الوحيدة المتماسكة هى القوات المسلحة.
■ ما أبرز مشكلات الحزب الوطنى من الداخل؟
– كانت نفس مشاكل الوطن، وهى أن قياداته لا تتغير، والرئيس مستمر بدون مدة محددة، والأيديولوجية الرئيسية كانت القرب من الرئيس وليست أيديولوجية محددة التوجه، فالحزب الوطنى كان فيه الليبرالى والإخوانى، وكان يضم الاقتصادى الحر واليسارى والشيوعى، وكان فيه تركيبة المجتمع كلها من غير اختيار، وهو حزب كان فى المنتصف، وتجربتى أكدت أننا «مينفعش» نكون فى المنتصف، فمثلاً حزب الوفد كان يمثل أفكارى الليبرالية، لكننى فى بعض الأوقات أقرأ جريدة الوفد، فأجد نفسى أقرأ جريدة حزب يسارى، فلا يصح أن تكون حزب الوفد وتتحدث باسم الاشتراكية، فالفكرة أننا فى مصر تعودنا أن كل الناس بتعمل كل حاجة، وكل الأحزاب بها جميع الأشكال ونحن نقف فى المنتصف، ولذلك علينا أن نختار سياسياً توجهنا ونسير عليه.
■ ما كواليس اللقاء الأخير مع «مبارك»؟
– «مفيش علاقة شخصية بيننا»، وآخر لقاء تم طردى من القصر الجمهورى، لأننى قلت لـ«مبارك» اطلب انتخابات رئاسية مبكرة، وانقل السلطة فى إطار الدستور، فخرجت بره وطردونى، ولا أحب أن أتحدث أكثر من ذلك فى هذا الأمر.
■ المصالحة مع الإخوان.. هل ترى أنها قائمة أم هى ضرب من الخيال؟
– كل مواطن مصرى أجرم فى حق الوطن، وثبتت إدانته، القانون هو الفيصل، أما التوجه السياسى أو الإسلامى للإخوان، فهذا ضد الدولة المدنية الحديثة، والمواطنون الإخوان أو غيرهم فى النهاية هم مصريون، أنا عندى مسألة سياسية وليست فردية، ولا يصح أن أقول أنت إخوان وأن أقوم بطردك، أنت إخوان بينك وبين ربنا انت حر، لكن سياسياً أنت مواطن لك حقوق وعليك واجبات، ولا توجد مصالحة مع تيار سياسى اسمه الإخوان، ولكن هناك مصالحة مع أفراد، الذين لم يرتكبوا جرماً، لأنهم مواطنون مصريون حتى لو اختلفت معهم، لكن فكرة المصالحة مع تيار سياسى دينى فكرة خاطئة.