الخميس , 28 نوفمبر 2024
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / بعد 25 يناير / د بدراوي يكتب في المصري اليوم: الزمكان والأديان وأيام الأسبوع

د بدراوي يكتب في المصري اليوم: الزمكان والأديان وأيام الأسبوع

قال الشاب المشاغب: تغريدتك يا دكتور وتساؤلك حول قيمة يوم الجمعة للمسلمين والسبت لليهود والأحد للمسيحيين فتحت عليك نيراناً عجيبة، وكأن مجرد السؤال هو خروج عن الدين والسُّنة.. فما الذى دعاك إلى فتح هذا الموضوع أساساً؟

ابتسمت وقلت: كنت قد انتهيت من قراءة كتاب: «كونى.. My Own Universe» لجيمس بيلى، وتلاه كتاب «فيزياء المستقبل Physics of The Future» لميكيو كاكو، وكتاب «الكون الأنيق The Elegant Universe» لبرايان جرين، وملخص لكتاب ستيفن هوكينز إجابات مختصرة لأسئلة كبيرة «Brief Answers to the Big Questions»، وانتابتنى الحيرة حول الزمن وما نعتبره على الأرض مسلمات وهى نسبية للكون، فعدت أبحث فى توسع الزمن وتقلصه وعلاقته بسرعة الضوء والجاذبية، وكلها بدأت كنظريات علمية أثبتتها الكشوفات الفلكية والمعادلات الرياضية.

وعندما نظرت إلى رسائل الأصدقاء ومن لا أعرفهم بالعشرات بالبوستات التى غالبا لا يقرأونها، بل يعيدون إرسالها لكل من على تليفونهم حول تقديس الدعاء فى ساعة بعينها أو يوم بعينه لأن الله يستجيب فيها للداعى، سألت نفسى عن أهمية اليوم، أى يوم، ولماذا يظن الناس أن اليوم نسبى جداً بالنسبة لساكنى الأرض من قطبها الشمالى إلى الجنوبى والأكثر نسبية بين يوم الأرض أصلا ويوم المريخ أو زحل، ما بالك بيوم كوكب فى مجرة أخرى؟.. فكان مجرد رغبة فى مشاركة الناس بالتفكير خارج ما هو محلى (فى هذه الحالة المحلى هو الكرة الأرضية) وما هو كونى.

قالت شابة متفتحة الذهن وقّادة الذكاء: اشرح لنا أكثر.

قلت: قلائل من بين من ناقشت رأوا فى سؤالى دعوة للتفكير، ووصلوا مثلى إلى تفسيرات تستحق التدبير.. فإذا كانت نظرية النسبية لأينشتين قد أثبتت إمكان تغير الزمن وعلاقته بالمكان والسرعة، وأنه بزيادة السرعة إلى قرب سرعة الضوء يتقلص الزمن وتتضاءل الكتلة، وعند الوصول لسرعة الضوء تنعدم المادة ويتوقف الزمن، فإننى أستطيع أن أفهم أشياء كانت تقال ومطلوب منى تصديقها من باب الإيمان وليس من باب تشغيل العقل.

قال شاب آخر: زى إيه يا دكتور؟

قلت: قالت لى صديقة مثقفة فى نقاشها معى إنها ترى نسبية الزمن وآيات القرآن بعد البحث فى الآيات التالية:

«وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون»

و«ثم يعرج إليه فى يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون»

و«تعرج الملائكة والروح إليه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة»

و«ولبثوا فى كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا»

و«فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم»

و«يوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار»

و«إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا فى كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض»

و«يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا»

و«يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين»

قالت الشابة النابهة: شوقتنا يا دكتور، دلوقتى عاوزين نقرأ عن نظرية النسبية.

قلت: سأطرح من خلال مناقشتى معكم شكلاً جديداً من الكتابة الصحفية تعطينى فرصة الإطالة فيما أكتب بدون التجاوز عن المساحة المتاحة لى فى الجريدة، وتسمح لكم وللقارئ، كما ستجدون فى كتابى القادم فرصة لزيادة المعرفة بالوسائل التكنولوچية مع الكتابة التقليدية.

ما عليكم إلا توجيه تليفونكم المحمول إلى الباركود التالى وسأسير معكم فى بعض لينكات اليوتيوب التى تشرح لكم ما أقصد.

العلم جميل، والتساؤل أصل المعرفة.

أما من أرادوا منى اعتبار أن العقل أخذ إجازة بعد تفسير الأولين لما أقرأه الآن بعد أكثر من ألف سنة، وأن الإيمان بتصديق ما ليس له برهان هو الطريق إلى الله، أقول لهم إن الله أعطانا العقل لنتدبر ونفكر ونسعى بالعلم الذى بدأ به كتابه، وأن ما يميزنا عن باقى الخلق هو هذا الوعى بنعمة الله علينا.

قال الشاب الأول: نرجع لأيام الأسبوع، ما هو مصدرها.

قلت: لقد قرأت أن أول من سمى أيام الأسبوع كما قرأت هم البابليون، وكانوا قد أطلقوا على هذه الأيام أسماء الكواكب المعروفة لديهم، وكان عددها خمسة، وخصصوا اليوم السادس للقمر واليوم السابع للشمس.

وكان يوم الأحد هو أول أيام الأسبوع قبل الإسلام، وبعد الإسلام أصبح السبت أول أيام الأسبوع.

جاءت بعد ذلك مرحلة ثانية عند العرب، حيث إنهم اتبعوا باقى الشعوب بتبينهم أن الأسبوع مكون من سبعة أيام وكانوا لا يحسبون الأسابيع.

وفى المرحله الثالثة، تمت تسمية أيام الأسبوع بأسمائها المعروفة اليوم وهى: (السبت، الأحد، الإثنين، الثلاثاء، الأربعاء، الخميس، الجمعة) فالأسماء من الأحد إلى الخميس منشقة من العدد نفسه الأول، الثانى إلى الخامس.. وكان الأحد أول أيام الأسبوع، أما الجمعة فأصل هذه التسمية يعود إلى الجمع والاجتماع بقصد الصلاة أو غيرها، ثم جاء القرآن مثبتا يوما للجماعة يلتقون فيه ويصلون سويا.

فى اللاتينية والإنجليزية، فإن أيام الأسبوع سميت نسبة إلى الأجرام السماوية، وبعض الشخصيات الأسطورية فى التاريخ القديم.

قالت الشابة: وماذا عن اللغات الأخرى؟

قلت: تعتمد اللغة الإنجليزية على اللغات اليونانية القديمة، واللاتينية، والجرمانية القديمة، وتكمن رؤية تلك التأثيرات فى تسميتهم لأيام الأسبوع، كان الترتيب الأصلى للأيام بين القرنين الأول والثانى ميلاديًا، نسبة للآلهة اليونانية والرومانية، فكانت هى: الشمس، القمر، آريس، هيرميس، زيوس، أفروديت، وكرونوس، ثم انتقلت بعد ذلك أسماء الكواكب من اللاتينية إلى لغات أخرى فى جنوب وغرب أوروبا.

وقد سمى الرومان أيام الأسبوع بعد تسمية آلهتهم، وذلك لأنهم رأوا علاقة ما بين آلهتهم والوجه المتغير للسماء، فكانوا قادرين كل ليلة على رؤية عطارد، والزهرة، والمريخ، والمشترى، وزحل، بالإضافة إلى القمر والشمس، مما شّكل لديهم سبع هيئات فلكية رئيسية، لذا كان من الطبيعى استخدام هذه الأسماء السبعة عندما وصلت أيام الأسبوع لسبعة.

وتلك هى معانى تسمية أيام الأسبوع الأصلية.

ثم قلت: كلها أسماء، عربية كانت أم لغات أخرى، مجرد أسماء عكست ثقافات، ولكنها فى النهاية إبداع إنسانى له تاريخ..

التعليقات

التعليقات