مشروع إنسان أفضل في رمضان
بقلم حسام بدراوي
لماذا لا يعمل كثير من المسلمين في رمضان، ويتكاسلون بحجة الصيام ، وينزلون العمل متأخرين ويغادرون مبكرين ، ويتجادلون في الزحام ، ولماذا يتكالبون علي الأكل والحلويات ،في هذا الشهر بالذات وما علاقة الصيام بكل ذلك!!!!
الصيام أصبح حجة لعدم أداء الواجب.
لقد قرأت آيات الصيام ، و أتسائل عمن كُتب عليهم الصيام قبل الاسلام. وهل كان العرب في الجزيرة يصومون وفي نفس الشهر. ؟؟
حسب علمي حتي المصريين القدماء كانوا يصومون ، ونعم كان العرب قبل الاسلام يصومون ويحجون الي الكعبة.
إن تقديس شهر رمضان ليس عادة إسلامية فقط، كذلك فإن الصابئة ، بحسب مصادر التاريخ العربى، كانوا يصومون ثلاثين يوما مبتدئين الشهر بظهور الهلال، و منهين إياه بظهور هلال الشهر الجديد، وكانوا يُعَيدون بعد انتهاء الشهر بعيد يسمى أيضا بعيد الفطر وفى هذا الأمر الكثير من المطابقة مع الصوم الإسلامي.
كذلك كان ومازال اليهود يصومون عدة أيام من السنة حيث أن الصيام بالنسبة لهم يُعد تعبيرا عن الحزن و الأيام التي يصومون فيها تعتبر حداداً، و تكفيراً عن الذنوب فضلا عن أنهم كانوا يعتقدون أن الصيام يحميهم من وقوع المصائب .
والنصاري كذلك كانت لهم أيام محددة ومتفرقة في السنة يحرصون على صيامها، والمسيحيين اليوم لهم صيامهم كما هو الشأن عند المصريين القدامى الذين كانوا يصومون و حددوا أياماً معينة لذلك.
عاد الصيام الآن من خلال العلم الذي أثبت احتياج الجسم إلي الصيام عن الأكل واسموه اسماءا جديدة كالصيام المتقطع ولكنه ولكنه يستدعي شرب المياه.
أما ” الصابئة “لمن لا يعلم فقد ورد ذكرهم وبصورة مستقلة في القران الكريم في سورة البقرة وفي سورة المائدة..
وهم مجموعة من المؤمنين بالله الذين يدّعون أنهم علي دين إبراهيم وآدم ولهم عاداتهم القريبة من الاسلام ومازال لهم وجودا حتي الآن .
المهم ان الصيام وُجد باشكالٍ مختلفة قبل ظهور الإسلام ويقول الله في كتابه في سورة البقرة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” .
قال لي شاب نابه : أخاف ان أقول يا دكتور أن استكمال آيات الصيام حسب فهمي قد يعطي الانسان حق الافطار اذا أراد علي ان يطعم مسكينا اذ تقول الآية”
﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾
قلت : انا ايضا يحيرني تفسير هذه الآية لانها تعطي الإنسان الحق في الاختيار إلا أنها تحفزه بأن خيراً له أن يصوم، ولكني أميل الي عدم الجدل حول التفسير لأن الصيام خيرٌ علي كل الأحوال .
وبيني وبين نفسي فكرت فيما أقرأه من فلسفة وعلوم الفيزياء ،ثم فكرت في قضايا خلافية حول موعد رمضان فلكياً، حيث أن السنة القمرية بدقة الحساب ٣٥٤ يوماً و ٨ ساعات و ٤٨ دقيقة و ٣٤ ثانية ، أي أن هناك فرقاً بين السنة الشمسية و السنة القمرية قدره ١٠ أيام و ١٦ ساعة و ١٢ ثانية ، ومن المعروف ان التضاريس وتغير المناخ الذي علي أساسه سُميت الشهور ، مرتبط بحركة الأرض حول الشمس..وقد أجري العلماء تعديلات في التقويم الشمسي
بزيادة يوم في شهر فبراير كل ٤ سنوات للتتوافق الشهور مع التضاريس ، وأجراه المصريين قبلهم في شهور السنة القبطية لنفس السبب، حيث لا قيمة لأسماء الشهور إن لم تتناسب مع التضاريس ، وكان العرب يفعلون نفس الشئ مع السنة القمرية حتي يتم ضبط السنة فيظل شهر ربيع في الربيع ورمضان في سبتمبر والحج في ديسمبر ، ولكن أسلافنا العرب بعد وفاة الرسول تراجعوا عن إحداث التعديلات الحسابية الواجبة فيها مما جعلها غير متوافقة مع حركة الفصول ، فأصبح شهر ربيع يأتي مرة في الشتاء ومرة في الصيف واختل موعد شهر رمضان ومواعيد الحج وغيرها من الفصول ، ولهذا تفصيل دقيق وواضح إرتضي المسلمون أن يهملوا حسابه فاختلت الشهور القمرية وأصبح التقويم الهجري لا تتلازم فيه الطقوس الدينية بحقيقة دورة زمانها وانتفت منفعته لحياة الإنسان. ثم قلت في نفسي لا ، ليس هذا وقت مناقشات جدلية ولا هز عادات استقرت في الأذهان . الأفضل أن أنصح الشباب من القرآن ببعض الحكم الحياتية ، كما نفعل في التعليم ، عندما نتكلم عن القيم والمهارات الواجب تطبيقها.
فعدت الي بحوثي وقلت لهم :
إن رمضان شهر كريم بغض النظر عن دراسات الفلك وهو فرصة لنا جميعا ، فهو شهر استعدت النفوس فيه للتقرب من الله ونجتمع فيه مع الأحبة والأقارب والأصدقاء ، فلنأخذ من القرآن نصائحه لنا في ممارسة الحياة ونجعل هذا الشهر بداية لمشروع إنسان أفضل لكل واحد منا.
قالوا كيف وماذا تقصد ؟
قلت ، بمنطق التعليم في الشرح والتبسيط ، سأجعلها وصايا عشر، تجعل كل واحد منا إنساناً أفضل، وكلها مأخوذة من آيات القرآن الكريم:
أولاً : الاعتدال في الأكل والشرب فهو شهر صيام
”وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ”
ثانياً: الاعتدال في الإنفاق و الحياة عموماً ”وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا ” .
ثالثاً : طريقه كلامنا والجهر بأصواتنا،”وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ”بل ان القرآن الكريم قد ضبط لنا طريقة هذا المشي سواء كان شكلاً أو مجازاً فقال ” وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا”.
رابعاً: رعاية الوالدين .
”وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا.
خامساً : ضبط الظنون والسعي للحقيقة
فقال “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ”
سادساً : الصدق واجتناب الكذب
” إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب “
”وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ” ”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ”
سابعاً : ان نقول أفضل الكلام للآخرين” وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ””فَقُل لَّهُمْ قَوْلًا مَّيْسُورًا”
ثامناً : يعلمنا القرآن ضبط مجالسنا سويا أو معاملاتنا في السوشيال ميديا التي جاءت بعده بأكثر من الف سنة قائلا، فيقول عز وجل: “وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّه تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ”
تاسعاً: فلنستخدم عقولنا وما أعطانا الله من حكمة
”وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ “
” قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون”
” إنما يخشى الله من عباده العلماء”
عاشراً: فلنقرأ ونتثقف ونتعلم
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ . الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ . عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ
وأضفت قائلاً أن صيام رمضان فرصة لجهاد النفس الذي يعلوا قدراً و يعظم أجراً عن أي جهاد آخر لو تعلمون.
هذه نصائحي إليكم من مدخل القرآن الكريم وكلام الله عز وجل . فلنأخذ المبادرة في رمضان لنبدأ أو نُكمل ما نحن عليه من مكارم الأخلاق.