Sunday , February 23 2025
Home / Press / All Press / عمرو الشبكي يكتب : الإصلاح من داخل النظام

عمرو الشبكي يكتب : الإصلاح من داخل النظام

الإصلاح من داخل النظام
عمرو الشوبكي
الأربعاء 03-02-2016

فى مصر، مثل بلاد كثيرة فى العالم، هناك جدل دائم حول قضية الإصلاح من داخل النظام، وعرفت البلاد محاولات حثيثة من قبل بعض من غامروا ودخلوا الحزب الوطنى الديمقراطى لإصلاح النظام من داخله، صحيح أن محاولتهم باءت بالفشل إلا أن بعضها كان جريئا، ولو قدر له النجاح لجنب البلاد مخاطر الثورة وكوارث المرحلة الانتقالية ولكانت مصر فى وضع أفضل مما هى عليه الآن.
وقد كتبت الأسبوع الماضى مقال «من المسؤول عن الثورة»، وقلت فيه إن الثورة فعل اضطرارى يتحمل اندلاعها بشكل رئيسى النظام الذى خرجت ضده، و«لو كانت هناك وجوه إصلاحية داخل دولة مبارك من خارج شلة التوريث لكان أغلب الناس قبلوا بواحد منها يقود البلاد فى مسار إصلاحى آمن».

وقد تلقيت، عقب نشر هذا المقال، اتصالاً تليفونياً من د. حسام بدراوى، القيادى الإصلاحى السابق فى الحزب الوطنى، معترضا بشكل ودى على الجملة الأخيرة، على اعتبار أنه كانت هناك بالفعل وجوه إصلاحية داخل النظام، واعتبرت أن الصياغة الأدق كانت «لو كانت هناك وجوه إصلاحية نجحت فى تحقيق ولو جانب من رؤيتها الإصلاحية».

وقد أرسل الرجل، فى أعقاب اتصاله الهاتفى، رسالة مختصرة أرفقها بمقترحات سماها «دعم مسار مصر فى حقوق الإنسان»، سبق أن قدمها للرئيس الأسبق حسنى مبارك، وكانت على قدر كبير من الأهمية والجرأة، وكالعادة كان مكانها «ثلاجة مبارك» الشهيرة، فى حين أنه لو أخذ بها لكان ملف حقوق الإنسان بل والملف السياسى فى مصر فى وضع أفضل بكثير.

وتضمنت مقترحات بدراوى أن يأخذ الحزب الوطنى مبادرة سياسية جديدة لتطبيق آليات حقوق الإنسان فى مصر، وجاء فيها:

1- بالإشارة إلى تحليل الأوضاع الإقليمية حول مصر فإن انتشار المد والتطرف الدينى السياسى، من حولنا سواء فى غزة أو لبنان أو السودان أو الخليج أو المغرب العربى، هو وضع يزيد من غلبة فكر المواجهة الأمنية، ولكن المواجهة الأمنية على أهميتها لابد أن يكملها رؤية ومسار وسياسات وبرامج ذات طبيعة سياسية إصلاحية تشارك قوى المجتمع المدنى ولا تعاديها، حتى لا تقع فريسة الدعاوى السياسية المغلفة بالشعارات الدينية السياسية.

2- لابد أن نسلم أن المواجهة الأمنية للإسلام السياسى تؤدى بالضرورة الحتمية لفرض بعض القيود على حقوق الإنسان خاصة فى مجالات حرية التعبير والانتقال ونشاط الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية وغير ذلك، وبالتالى فإننا نحتاج «لاستراتيجية موازية» لحماية حقوق الإنسان وتعزيز المشاركة السياسية والانفتاح على المجتمع المدنى عبر مبادرات جديدة وفكر جديد وبرامج تنفيذية، يشعر بها المواطنون ويشاركون فيها.

3- إن العديد من الدوائر الحزبية والحكومية فى أوروبا والولايات المتحدة بدأت تطالب بالتعامل مع «تيار الإسلام المعتدل». وهو تناقض اصطلاحى يحتاج للتوضيح، لأن أى «إسلام سياسى» ببساطة يستخدم الدين للوصول للسلطة أو على الأقل يخلط الدين بالسياسة، وهذا خطر كبير على الدولة المدنية وعلى الدستور وعلى الأقباط وعلى تجانسنا القومى، ودورنا الإقليمى وصورتنا الدولية، بل هو خطر جسيم على كل الشرق الأوسط، لأن ما يحدث فى مصر سوف يكون هو النموذج السائد فى المنطقة ككل.

4- أما على المستوى الوطنى فإن المد الدينى السياسى فى تزايد، وتغلغله الاجتماعى واضح ومظاهره الثقافية مقلقة للغاية. وما فعلته الحكومة من إصلاحات فى مجال مواجهة ذلك مازال محدود التأثير على المواطنين، بل إن أجهزة الدولة الإعلامية تساند أحيانا هذا التأثير بأشكال مباشرة، ويزيد على ذلك أن ثقافة التعليم ووسائله تترك التلاميذ عرضة للتأثر بالمدرسين الذين يميلون لتأكيد هذه الهوية.

5- إن أى حكومة لا يمكنها مواجهة التطرف الفكرى والدينى وحدها، فقط المجتمع يمكنه ذلك، والمجتمع لا يمكن أن يتحالف مع الحكومة لتحقيق هذا الهدف، إلا إذا أطلقنا له القنوات والمساحة والحريات، وضمنا له كرامته، بما فى ذلك أسلوب المعاملة، ليس فقط فى السجون وأقسام الشرطة، ولكن مع كل جهات الإدارة العادية، وفى طلباته لحقوقه الطبيعية فى الصحة والتعليم والمواصلات والسكن والغذاء، وهو محور الفكر الجديد فى نهضة الحزب الوطنى الذى على أساسه اشتركت فيه لأنه من وجهة نظرى لا يوجد خلاف بين مضمون فكر الحزب كما ننشره وبين تطبيق آليات حقوق الإنسان ومفاهيمه كما وردت فى تعهدات مصر الدولية فى هذا الإطار وإلا أصبحنا ننافق أنفسنا والرأى العام.

واختتم الرجل رسالته بالقول إن هذه واحدة من العديد من المذكرات التى قدمتها إلى رئيس الجمهورية عاما بعد عام، وعندما اقرأها مره أخرى أفكر فيما أخطأت فيه.

هل كان لزاما على أخذ موقف أكثر حدة، وإذا كنت قد فعلت، هل كان وجودى فى المعارضة سيغير من الأمر شيئا؟

يقينا بدراوى لم يخطئ بخياره هذا مثل آخرين اختاروا أن يصلحوا من داخل النظام دون أن يكونوا جزءا من فساد وإفساد وجرائم سرقة ونهب، وإن كنا على الأرجح سنعتبر أن الإصلاحيين من داخل النظام أخطأوا لو كان المعارضون أو الثوار من خارج النظام قد نجحوا.

إن أخطر ما واجهته مصر فى أعقاب ثورة يناير أنه لا الثوار بنوا تنظيما سياسيا إصلاحيا أو ثوريا قادرا على الحكم، ولا الإصلاحيين الذين تواجدوا داخل الدولة والنظام الأسبق نجحوا فى توجيه البلاد نحو الإصلاح وتفادى الثورة (راجع مقالنا فى العام الماضى حين فقدنا المسار الإصلاحى).

ورغم أنى كنت من معارضى الحزب الوطنى إلا أن أى تجربة تغيير ناجحة كانت معبرة عن توازن بين النظام القديم والجديد، وأن نظريات إسقاط النظام بالضربة القاضية وباستدعاء نظريات ثورية من متاحف التاريخ تسقط نظما قديمة وتؤسس لأخرى جديدة أمر اختفى من كل تجارب التغيير الناجحة فى النصف قرن الماضى، وأصبح التغيير نتاج توازن القوى بين من طالبوا بالإصلاح من خارج النظام ومن داخله.

وفى مصر فقد فشل الاثنان معا: إصلاحيو النظام أن يصلحوا ويحولوا دون أن تتجه البلاد نحو الثورة، ومن شاركوا فى ثورة يناير أن يحولوها إلى نظام سياسى قادر على الحكم وصناعة التقدم.

الإصلاح من داخل النظام مهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة وتتطلب ضغوطا شعبية وقوى إصلاحية منظمة من داخل النظام وخارجه وهى معركة نقاط لم تنته بعد.

 

0000

About Dr. Hossam Badrawi

Dr. Hossam Badrawi
He is a politician, intellect, and prominent physician. He is the former head of the Gynecology Department, Faculty of Medicine Cairo University. He conducted his post graduate studies from 1979 till 1981 in the United States. He was elected as a member of the Egyptian Parliament and chairman of the Education and Scientific Research Committee in the Parliament from 2000 till 2005. As a politician, Dr. Hossam Badrawi was known for his independent stances. His integrity won the consensus of all people from various political trends. During the era of former president Hosni Mubarak he was called The Rationalist in the National Democratic Party NDP because his political calls and demands were consistent to a great extent with calls for political and democratic reform in Egypt. He was against extending the state of emergency and objected to the National Democratic Party's unilateral constitutional amendments during the January 25, 2011 revolution. He played a very important political role when he defended, from the very first beginning of the revolution, the demonstrators' right to call for their demands. He called on the government to listen and respond to their demands. Consequently and due to Dr. Badrawi's popularity, Mubarak appointed him as the NDP Secretary General thus replacing the members of the Bureau of the Commission. During that time, Dr. Badrawi expressed his political opinion to Mubarak that he had to step down. He had to resign from the party after 5 days of his appointment on February 10 when he declared his political disagreement with the political leadership in dealing with the demonstrators who called for handing the power to the Muslim Brotherhood. Therefore, from the very first moment his stance was clear by rejecting a religion-based state which he considered as aiming to limit the Egyptians down to one trend. He considered deposed president Mohamed Morsi's decision to bring back the People's Assembly as a reinforcement of the US-supported dictatorship. He was among the first to denounce the incursion of Morsi's authority over the judicial authority, condemning the Brotherhood militias' blockade of the Supreme Constitutional Court. Dr. Hossam supported the Tamarod movement in its beginning and he declared that toppling the Brotherhood was a must and a pressing risk that had to be taken few months prior to the June 30 revolution and confirmed that the army would support the legitimacy given by the people

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *