الجرأة علي التفكير وحرية الاختيار
حسام بدراوي
الهمني لكتابة هذا المقال الفيلسوف صامويل كانط في مقال شهير له “تجرَّأ على المعرفة” (باللاتينية: Sapere aude)، هو مصطلح يقابله في الإنجليزية (Dare to know) و يمكن ترجمته أيضاً بعبارات أخرى مثل «تجرَّأ على التفكير» أو «تجرَّأ على الحكمة».
يرجع أصل هذا المصطلح إلى الشاعر والكاتب الروماني هوراس (65ق.م – 8ق.م) في كتابه «الرسائل»، وارتبط هذا المصطلح ارتباطاً مباشراً بعصر التنوير ،وقد اشتهر هذا المصطلح وانتشر على نطاق واسع بعد أن استخدمه كانط في مقالته الشهيرة التي نشرها عام 1784، حيث جعل كانط من عبارة «تجرَّأ على المعرفة» شعاراً لعصر التنوير واستخدمها لتطوير نظريَّاته لتطبيق قدرات العقل في المجال العام للشؤون الإنسانية.
أن التفكير العقلاني الناضج عبر التاريخ قد أوجد إمكانية التوازن للإنسانية، وترك لنا مهمة التفكير بعقولنا، وأصبحنا نطلب البرهان و نتشكك ثم نناقش ثم نقتنع، ونراجع الأقوال لنصدق، ونسعى لتفسير ما لدينا من تراكم معرفة لم يكن لدى أجدادنا.
العقل والتفكير هي معجزة الخلق فينا ، فكيف يحاول البعض أن يلغيها ولا يسمح باستخدامها خوفاً علي بقاء العادات و الدين وعلي معتقدات السلف، وكأن الله يحتاج للحماية ممن يتفكرون وكيف يحاول البعض ان يلغيها لبقاء سلطة او وضع اقتصادي او سياسي وكأن الوطن حكر علي مجموعة دون غيرها
الوعى يا سادة هو حالة عقليّة يتم من خلالها إدراك الواقع والحقائق التي تجرى من حولنا، وذلك عن طريق اتّصال الإنسان مع المحيط الذي يعيش فيه واحتكاكه به فتتاح له فرص الاختيار.
إن القدرة على الاختيار هي موضوع الساعة وموضوع المستقبل، إننا نستطيع أن نجعل من كل فرصة أمامنا مشكلة وأزمة، وأن نرى ونكتشف في كل أزمة تواجهنا فرصًا جديدة يمكن استثمارها والتنمية من خلالها، وسيعتمد ذلك على طريقة وعينا بكل جوانب الأمور و معالجتنا للواقع، الذي يطرح فرصًا متعددة للانتقال إلى عهد جديد.
إن القدرة على الاختيار الأصوب والأفضل، والذى يراعى القيم الأصيلة الواجب إدماجها في وجدان الفرد والأسرة والمجتمع كله، تنبع من مدخل المعرفة واستخدام العقل والمنهج العلمى في التفكير.
هذا هو المغزي من هذا المقال، أن نتجرأ علي التفكير بحرية بلا خوف ، والحوار حول ما نفكر فية بدون إرهاب ، طالما نحترم الاختلاف ، ولا ننقل الاختلاف في الرأي الي الحكم علي الناس وذواتهم ، أو إتهامهم وتحقيرهم لمجرد أنهم مختلفين.
الجرأة علي التفكير والتعبير هما فحوي معاني كلماتي ، لأني أري في الناس أفضل ما فيهم ، ولا أخشي مشاركة أفكاري ، بالكلمات وبالريشة وبالحوارات ، ولا أخشي الخلاف في الرأي ولا الرجوع عن رأيي عندما أجد ما يقنعني بالعقل والعلم والمرجعيات الصحيحة ..
السؤال الذي اسآله لنفسي،
هل يمكن ان يحصل الشعب المصري علي اداره أفضل علي المستوي السياسي والآقتصادي والنقدي ، والإجابة نعم، فمصر مليئة بالكفاأت والقدرات ونستطيع الحصول علي أفضل.
هل يمكن ان تكون حقوق المجتمع في التعليم والرعاية الصحيه والمواصلات وكافه الخدمات متوفرة بجوده آعلي ، وأسارع وأقول نعم، فإن حزمة المساعدات الاجتماعية المالية لا قيمة لها بدون تعليم ورعاية صحية عالية الجودة بدون تكلفة علي المواطن.
المسألة ليست نقودا تنفق ولا زيادة مرتبات للعاملين بالدولة وهم ليسوا الأغلبية( حوالي ٥ مليون من ٢٥ مليون يعملون ) بل حقوق علينا توفيرها للجميع
هل لسعتنا زياده الأسعار وقله الوظائف ، نعم….
هل المشروعات الكبري التي تم البدء فيها كانت هامة لتدور عجله التنمية بعد التوقف شبه المطلق قبل الإنطلاق نحو خطوات اخري مؤثره وفاعله ،كانت كافيه لتحقيق امانينا ، وردي هو لا، لم تكن كافيه لاختلال الأولويات وعدم كفاءة المحاسبة علي الانفاق.
ولكني اعلم بخبرتي أنه في مرحله بعد الأزمات والحروب والكساد فإن البدايه صعبه.
وآعلم ايضا أن هناك تحديات كثيرة نواجهنا، وتراكم لسلبيات وخلق سلبيات جديدة.. و أدرك أن رفع مستوى المعيشة لدى قطاع واسع من المواطنين يعتمد على منظومة إصلاح مترابطة، وكذلك استمرارية معدلات نمو مرتفعة لسنوات طويلة وهو ما لا يحدث وحده لأن المواطن ثائر وغاضب بل لأننا نخطط ونعمل.
والسؤال ، لماذا لا أغضب مع الغاضبين الآن ، وهو ما أحسه بوضوح في الشارع وبين كل الطبقات ، ومن لا يراه أعمي عن الحقيقة . لماذا لا نتخلص من الحكومة ، ونريهم ان الشعب قادر علي ذلك ونبدأ من جديد.
لقد فعل الشعب المصري ذلك مرتين خلال خمسه أعوام . مره في ٢٠١١ ، وإندفع الجيش لتأييده ، وتخلص من حكم مبارك وَقّاد المجتمع الي إنتخابات برلمانيه ورئاسية ، وآتي بالإخوان من السجون الي كراسي الحكم.
فإذا بالآمور تزداد احتقانا ، والخدمات تزداد سوءا، وحدود البلاد تنتهك ، وحريات الشعب تكبل، وتصبح مصر رهينه لمجموعه واحده ويستبعد الكل امام رغبه الإخوان الإستحوازيه وتوجههم السياسي.
خلال عام ، حوصرت المحكمة الدستورية لمنع اجتماعها، وحوصرت مدينة الانتاج الاعلامي لمنع الرأي وإعلانه، وأصدر رئيس البلاد لنفسه تحصينا لقراراته، واستعدي القضاء والإعلام والشرطه والجيش وكافه المواطنين من غير جماعته. ورآينا قتله السادات في احتفالات نصر اكتوبر في المقدمة ومحافظين اقدموا علي جرائم ارهابيه يعينون في أماكن جرائمهم و يجلسون علي كرسي الحكم ،والمظاهرات الغاضبه تحاصر الاتحاديه وجحافل الاخوان تتعدي عليهم بهمجيه ، ورآينا مقدمات لحكم ديني ديكتاتوري لا يتوافق مع ما يحلم به الشعب.
وفي هذه الاثناء زاد الغلاء ايضا وانقطعت الكهرباء ،وتمزقت البنية التحتيه، وتكسرت الطرق ، وتدنت الخدمات بمعدل سريع .
فقرر الشعب ان يغير مره اخري، فقام بثوره شعبيه سلميه علي الإخوان . واستدعي جيشه مره اخري في ٣٠ يونيو في سابقه تاريخيه.
والآن، اري توجهات نحو دعوه الجموع للفوضي مره أخري.
. فلنتدبر هذه المره ولنسأل أنفسنا قبل المشاركة في تدمير الوطن ، فوق رأس الجميع ، ماذا سنجني من وراء فوضي جديده او حتي ثوره ؟ هل هناك حلول اقتصاديه مطروحة في إطار توجه سياسي جديد،ستغير الحال فجأه. ام هي الرغبه في الهدم فقط وأحيانا الانتقام . هل يوجد لدي الداعين للفوضى حلول، إذن فلنسمعها ونعيها قبل ان نسمح بهدم كل شئ …
هل ستخفض المظاهرات والفوضى وإثارة القلاقل الأسعار أم أنها ستجلب لنا المصائب مثلما رأينا من قبل؟ .
هل سيزداد الاستثمار وتتحسن الخدمات ، بمجرد هدم ما لدينا أم سنبتعد اكثر وأكثر عن إمكانية ذلك.
هذه المره، لن ننجو من مصير سوريا وليبيا والعراق واليمن، ولن يكون لدينا قدره لإحتمال فجوه جديده في الإقتصاد والعماله والخدمات ولن يكون تواجد جيوش الشرق والغرب والمليشيات الا بدايات لواقع ما زلنا نراه في بلاد جميله مملوءة بالكفاآت والقدرات التي لم تستطيع إيقاف الانزلاق نحو هاويه الحروب الأهليه والدمار .
الأفضل لبلادي هو طرح بدائل، والعمل العمل والعمل والجرأة علي التفكير والقول .
الأنجح لبلادي استمرار الاستقرار الذي يجئ بالحركة وليس السكون بلا تنازل عن رفع كفاءة الحكومه والمؤسسات.
الأكثر قيمة لبلادي أن اساهم بعملي لا أن أسمح للغوغاء بقتل فرصه عملي وانهآئها.
نعم نريد أكثر وهذا حقنا.
نعم نعترف بالقصور في الأداء وهذا واجبنا.
ولكن شعب مصر العظيم تعلم في السنوات الأخيرة الكثير
إننا يجب ان نبني علي أكتاف ما يتحقق وليس علي رفات ما نهدم
وبالرغم من غضبي أحيانا، وبالرغم من غيظي احيانا أخري ومن رؤيتي لعدم تطبيق الدستور او حتي السياسات الاقتصادية المتفق عليها ،
فسأقف ضد الفوضي وسأساند بلادي وبرلماني وحكومتي لتكون أفضل .
ولكن يجب ان يكون البرلمان ممثلا حقيقيا للشعب. ويجب محاسبة الحكومة اذا استمرت في تكرار فعل نفس الشئ في انتظار نتائج مختلفة.
بعد دعوتي للجرأة علي التفكير ، تأتي دعوتي للحرأة علي القول وابداء الرأي. سأعلن رأيي دائما بحريه ، وسأعطي للرئيس في فترة حكم جديدة وحكومته الفرصة لتغيير المسار وتطبيق ما يعلنوه.
أنا رجل إيجابي وحر الرأي وسأدعم دولتي ووطني دائما وخصوصا عند الأزمه.
وسأحاسب حكومة ورئيس الدولة بما أتاحه لي دستوري من حريات في الإختيار ووسائل يتيحها القانون .
وهذا هو إختياري وعلي المجتمع ان يتجرأ علي التفكير ويتجرأ علي المبادرة والقول وابداء الرأي والبناء لا الهدم.
وتحيا مصر