الأحد , 27 أبريل 2025
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / العطاء الذي يُغني الروح بقلم حسام بدراوي

العطاء الذي يُغني الروح بقلم حسام بدراوي

العطاء الذي يُغني الروح
بقلم:حسام بدراوي
«الأنهار لا تشرب ماءها، والأشجار لا تأكل ثمارها، والشمس لا تضيء نفسها، والزهور لا تنشر عبيرها لأجلها» — هكذا بدأ البابا فرنسيس تأملَه البديع في معنى العطاء، ليضع أمامنا قاعدة بسيطة وعميقة من قواعد الطبيعة: نحن لا نحيا لأنفسنا فقط، بل نحيا للآخرين. الحياة تُصبح جميلة حين نكون سعداء، لكنها تُصبح أروع عندما يكون الآخرون سعداء بسببنا.
في زمن تسوده الفردية، وتُقاس فيه القيمة بما نملك لا بما نمنح، تأتي هذه الكلمات لتذكرنا بأن العطاء ليس مجرد فعل، بل هو طريقة حياة.
وهنا يحضرنا قول الشاعر الفيلسوف جبران خليل جبران، حين كتب:
«إنك إذا أعطيت فإنما تعطي القليل من ثروتك، ولكن لا قيمة لما تعطيه ما لم يكن جزءًا من ذاتك، لأنه أي شيء هو ثروتك؟»
بهذه العبارة، ينقلنا جبران من مفهوم العطاء المادي إلى الأعمق: العطاء من النفس، من الوقت، من الحب، من الانتباه، من الإنصات. فالأشياء تذهب وتجيء، لكن ما نمنحه من كياننا يبقى.
ويكتمل المعنى بقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:
«لا تستحِ من إعطاء القليل، فإن الحرمان أقل منه»
وقوله أيضًا: «افعل الخير وأخفه، حتى لا تعلم يمينك ما أنفقت شمالك».
إن في هذه الكلمات حكمة خالدة: أن العطاء لا يُقاس بحجمه، بل بصفائه، ولا يُطلب مقابلًا، بل يُبذل خالصًا لوجه الخير. وأن أصدق العطاء هو ذاك الذي لا يحتاج إعلانًا، بل يثمر في صمت، كما تزهر الشجرة دون أن تُحدِث ضجيجًا.
في عالم تزداد فيه الحروب، ويتراجع فيه الإحساس بالآخر، يصبح العطاء مقاومة روحية، وفعلًا من أفعال الإيمان بالحياة. أن نمنح منّا للآخرين، لا لنأخذ، بل لنشاركهم نورًا لا ينقص إذا توزّع.
فالعطاء، حين يصدر من القلب، يُغني الروح أكثر مما يُغني المحتاج.

التعليقات

التعليقات

عن د. حسام بدراوي

د. حسام بدراوي
عن دكتور حسام سياسي ومفكر وطبيب بارز فهو رئيس قسم أمراض النساء والتوليد الأسبق في كلية الطب جامعة القاهرة، تلقي الدراسات العليا أعوام 1979 إلى 1981 في الولايات المتحدة الأمريكية، انتخب عضو في البرلمان المصري ورئيساً للجنة التعليم والبحث العلمي في بالبرلمان منذ عام 2000 حتى 2005، السياسي حسام بدراوي عرف بمواقفه المستقلة ومن القلائل الذين اتفق على نزاهته الجميع من كافة التيارات السياسية، ففي عصر الرئيس الأسبق مبارك كان يلقب بالعاقل داخل صفوف الحزب الوطني، حيث كانت نداءاته وطلباته السياسية تتفق بقدر كبير مع النداءات الداعية للانفتاح السياسي والديمقراطي في مصر، فكان ضد تمديد حالة الطواري، واعترض على انفراد الحزب الوطني بالتعديلات الدستورية، خلال ثورة 25 يناير 2011 ، لعب دوراً سياسياً هاما، حيث عبر منذ اللحظة الأولى على حق المتظاهرين في مطالبهم، ودعا الحكومة إلى الاستماع والاستجابة لهم، ما جعل مبارك مع تصاعد الاحداث لما له من شعبية بتعيينه أمينا عاما للحزب خلفا لأعضاء هيئة المكتب وخلال تلك الفترة عبر عن رأيه السياسي لمبارك بضرورة التنحي، وهو ما دفعه للاستقالة من الحزب بعد 5 أيام من تعيينه يوم 10 فبراير معلنا اختلافه السياسي مع القيادة السياسية في طريقة التعامل مع المتظاهرين ومطالبهم في حكم الإخوان فظلت مواقفه واضحة منذ اللحظة الأولى برفضه الدولة الدينية التي اعتبرها تريد تلويين الشعب بلون واحد، واعتبر قرار الرئيس المعزول مرسي بعودة مجلس الشعب ترسيخ للديكتاتورية المؤيدة من الولايات المتحدة، وكان من أوائل المنددين بتوغل سلطة مرسي على سلطة القضاء، مستنكرا محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل مليشيات الإخوان أيد د حسام بدراوي حركة تمرد مع بدايتها، وأعلن أن إسقاط حكم الإخوان أصبح ضرورة ومخاطرة لابد منها قبل أشهر من ثورة 30 يونيو، مؤكدا أن الجيش سيقف بجانب الشرعية المستمدة من الشعب.. في ٢٠١٦ تم اختياره رئيسا للجنة الاستشارية لمشروع التعليم أولا ورئيسا للجنة وضع رؤية مصر ٢٠٣٠ في التعليم وفي ٢٠٢٢ تم اختياره مستشارا للحوار الوطني لرؤية مصر ٢٠٣٠