الجمعة , 21 فبراير 2025
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / بعد 25 يناير / ثورة شعب وحضاره أمة. .

ثورة شعب وحضاره أمة. .

ثورة شعب وحضاره أمة. .
حسام بدراوي
بمرور الزمن ينسي الناس مشاعرهم أثناء أحداث بعينها بتغير الأحوال وتبدل المواقف فيعيد الذهن تلوين المشاعر بريشه الواقع الجديد، فهل نذكر مشاعرنا في يونيه ٢٠١٣ كما كانت وبدون التأثر بما حدث بعدها ؟…
إن توثيق اللحظات التاريخيه فيث
وقتها هام جدا وليس بعدها.. وجمال السوشيال ميديا أنه لا يستطيع أحد أن يغير ما وثقه الإنسان ، لأنه باق، ويستطيع أي كاتب للتاريخ أن يعود إليه.
قال لي شاب يبلغ من العمر ٢٠ سنه :لقد كنت في الثالثه عشر من عمري وقت ٣٠ يونيو، ولا أذكر موقفا خاصا بي، ولكني أتذكر فقط أن والداي نزلوا الي الشارع لتأييد ثوره الشعب، فماذا كان موقفك وكيف وثقته..؟
قلت: سأسرد بعضاً مما كتبته ووثقته يوماً بيوم لعله يعطيكم صوره عن واقع هذه الثورة خلال هذه الأيام.
كتبت في ١٣ يونيو ٢٠١٣ رسالة إلى من يهمه الأمر: وقلت من لا يتعلمون من دروس التاريخ محكوم عليهم بإعادته،
إن إصرار الإخوان علي عناد الشعب هو انتحار سياسي رأيت مشهده من قبل، ثم أضفت في اليوم التالي أن الشعب المصري يملك من الحس الحضاري أكثر مما يتصور حكامه.
إن حكم الإخوان
فشل في احترام تعددية المجتمع المصري ولم يحترم حقيقة عظمة مصر.
البدائل كانت محدودة، وطرح فكرة مجلس رئاسي بعد التخلص من الإخوان كان يحمل في طياته اختلافات قيادات اللحظة الأيديولوجية التي تجعل القيادة المشتركة طريقاً واضحاً للفشل بعد اختفاء العدو المشترك.
وهنا ظهرت أهمية وواجب القوات المسلحة التاريخي وهو حماية اختيار الشعب، واحترام حقوق الأقليات منه، ومنع من يصل للسلطة من التغول علي السلطات الأخري.
في هذا التوقيت أصدرت القوات المسلحة بياناً لا أنساه يقول :”​نحن مسئولون مسئولية كاملة عن حماية إرادة الشعب، الموت أشرف لنا من أن يُمَسَّ أحدٌ من شعب مصر في وجود جيشه.”
رسالة واضحة ومحترمة…..
الإخوان والرئيس كانوا لا يحترمون معارضيهم والحكمة تقول أن السلطة التي لا تحترم معارضيها تفقد كل شيء في النهاية.
ولنتذكر أن ما حدث في ايران وأفغانستان وباكستان والسودان واستمر سنوات أجهضه الشعب المصري العظيم في سنة واحدة بعمق تاريخه وحضارته.
كتبت قائلا : مصر تثبت اليوم مرة أخري أنها أكبر وأعمق واعرق من أي فرد أو جماعة.
والشعب المصري عظيم، ويثبت أنه اكبر وأعمق وأشمل مما تظن أمريكا ومما يعتقد الإخوان.
كان ذلك في ٢٩ يونيو تحديداً فقد كنا نري المشهد بوضوح، وبقدر فخري بالمظاهرات السلمية التي تعبر عن تعددية وحرية الشعب المصري فإن خشيتي كانت تدور حول الإعداد للمرحلة التالية لتجنب الفوضى؟
•​إن ما قام به الشعب المصري في ميادين التحرير وميادين مصر اليوم كان غير مسبوقاً لشعب عظيم يكتب تاريخاً جديداً، وتحذيراً لأي حاكم يحكم
بنفس معايير رئيس الإخوان….
في أول يوليو ٢٠١٣ كتبت تصوري لخارطة طريق:
•​إدارة بمجلس القضاء الأعلى أو المحكمة الدستورية بحماية من الجيش بهدف إعادة صياغة الدستور وقوانين مباشرة الحقوق السياسية .
•​التأكيد علي عدم خلط الدين ودعوته الكريمة بالسياسة أو استخدامه وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية أو المنع أو الإقصاء لحقوق المواطنة من المواطن.
•​تكوين حكومة من الأكفاء يرأسها اقتصادي محترم ويستحسن ألا يكون أعضاؤها من ذوي الانتماءات السياسية الحزبية.
•​إن تَدُمْ هذة الفترة لمدة عام علي الأقل يتمَّ بعدها انتخاب رئيس جديد للجمهورية في إطار دستور يحترم الجميع ولا يفرق بين المواطنين.
•​بعد انتخاب الرئيس بالدستور الذي لا يفرق بين المواطنين يتم انتخاب المجالس الشعبية ومجلس الشعب في إطار قانون مباشرة للحقوق السياسية الجديد.
وأضفت قائلاً :علي كل من لة قدرة أو قيمة مضافة في العمل العام أن يتطوع بها لتأييد هذة الحكومة والعمل علي نجاحها لحين انتخاب الرئيس.
•​وعلي السياسيين الراغبين في خدمة الشعب أن يعرضوا رؤاهم الإيجابية ووسائلهم لتحقيقها في إطار تنافسي يبني ولا يهدم للرأي العام طوال هذة الفترة.
•​مصر كانت تحتاج فترة انتقالية و​لن يستطيع الإخوان الركوب علي هذة الثورة أثناءها ، فهي ضدهم وضد التطرف وضد الإقصاء والكذب والتهديد بالعنف وضيق الأفق وفرض الرأي الواحد.
كانت تغريدتي تقول:​ما نراه من جماهير مصر هو أعظم حركة ثورية في التاريخ المعاصر، محددة الوقت ومع ذلك لا يمكن إيقافها.
​و يكاد الدرس الذي يعطيه الشعب المصري للجميع أن ينتهي ، وشكرا للإخوان على توحيد الشعب سويا ومع الجيش والشرطة مرة أخري.
لقد كانت الطامة الكبري في خطاب الرئيس الإخواني في ٢ يوليو فقد كتبت بعده قائلاً :
•​كطبيب أرى أن الإخوان تحولوا بخطاب الرئيس غير المسبوق بإعلانه سفك الدماء لمن يعارضهم من مرض مزمن ممكن علاجه والتعامل معه إلى ورم خبيث.
​فعلي ماذا يعتمد هذا الرجل؟ إن كان الجيش والشرطة والقضاء والإعلام والفن والمثقفون ومؤسسات الدولة والعمال والفلاحون وأغلبية الشعب ضده ..
​كان خطاب مرسي غير معقول يهدد ويتوعد ويخير الناس بين بقاء الإخوان في الحكم أو سفك دمائهم و أعتقد أنه كان خطاباً ينهي أسطورة الإخوان الي الأبد،
فلم أر في حياتي مثل هذا التهديد من مسئول لشعبه، الموضوع كان يحتاج إلى مستشفى أمراض عقلية.
هذا ​اليوم كان هو الأهم في تاريخ مصر كله؛ فتأكيد الشعب على مطالبة هو ما أعطي القوات المسلحة التفويض والقدرة التي كانت مؤهلة لها.
إن الشعب المصري متعدد الهوية لكنة متحد في عشق الوطن، متدين بطبعة إسلاماً ومسيحية، لكنة منفتح الفكر علي العالم لا يمكن أن يستوعبه محتل.
جيشنا العظيم استوعب نداء شعبه ، بجرأة واقتدار
فمبروك رفع الغمة وإزالة اللعنة، وعودة مصر المشرقة الواعدة السعيدة بعظمة شعبها.
•​هذه كانت ثورة شعب و دولة، فجميع مؤسسات الدولة الرسمية ساندت الإرادة الشعبية غير المسبوقة في التاريخ..

التعليقات

التعليقات

عن د. حسام بدراوي

د. حسام بدراوي
عن دكتور حسام سياسي ومفكر وطبيب بارز فهو رئيس قسم أمراض النساء والتوليد الأسبق في كلية الطب جامعة القاهرة، تلقي الدراسات العليا أعوام 1979 إلى 1981 في الولايات المتحدة الأمريكية، انتخب عضو في البرلمان المصري ورئيساً للجنة التعليم والبحث العلمي في بالبرلمان منذ عام 2000 حتى 2005، السياسي حسام بدراوي عرف بمواقفه المستقلة ومن القلائل الذين اتفق على نزاهته الجميع من كافة التيارات السياسية، ففي عصر الرئيس الأسبق مبارك كان يلقب بالعاقل داخل صفوف الحزب الوطني، حيث كانت نداءاته وطلباته السياسية تتفق بقدر كبير مع النداءات الداعية للانفتاح السياسي والديمقراطي في مصر، فكان ضد تمديد حالة الطواري، واعترض على انفراد الحزب الوطني بالتعديلات الدستورية، خلال ثورة 25 يناير 2011 ، لعب دوراً سياسياً هاما، حيث عبر منذ اللحظة الأولى على حق المتظاهرين في مطالبهم، ودعا الحكومة إلى الاستماع والاستجابة لهم، ما جعل مبارك مع تصاعد الاحداث لما له من شعبية بتعيينه أمينا عاما للحزب خلفا لأعضاء هيئة المكتب وخلال تلك الفترة عبر عن رأيه السياسي لمبارك بضرورة التنحي، وهو ما دفعه للاستقالة من الحزب بعد 5 أيام من تعيينه يوم 10 فبراير معلنا اختلافه السياسي مع القيادة السياسية في طريقة التعامل مع المتظاهرين ومطالبهم في حكم الإخوان فظلت مواقفه واضحة منذ اللحظة الأولى برفضه الدولة الدينية التي اعتبرها تريد تلويين الشعب بلون واحد، واعتبر قرار الرئيس المعزول مرسي بعودة مجلس الشعب ترسيخ للديكتاتورية المؤيدة من الولايات المتحدة، وكان من أوائل المنددين بتوغل سلطة مرسي على سلطة القضاء، مستنكرا محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل مليشيات الإخوان أيد د حسام بدراوي حركة تمرد مع بدايتها، وأعلن أن إسقاط حكم الإخوان أصبح ضرورة ومخاطرة لابد منها قبل أشهر من ثورة 30 يونيو، مؤكدا أن الجيش سيقف بجانب الشرعية المستمدة من الشعب.. في ٢٠١٦ تم اختياره رئيسا للجنة الاستشارية لمشروع التعليم أولا ورئيسا للجنة وضع رؤية مصر ٢٠٣٠ في التعليم وفي ٢٠٢٢ تم اختياره مستشارا للحوار الوطني لرؤية مصر ٢٠٣٠