الأربعاء , 12 فبراير 2025
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / حوار مع الشباب‎ ‎والذكاء‎ ‎الاصطناعي بقلم حسام بدراوي

حوار مع الشباب‎ ‎والذكاء‎ ‎الاصطناعي بقلم حسام بدراوي

حوارمع الشباب‎ ‎والذكاء‎ ‎الاصطناعي
بقلم
حسام بدراوي
هل للنفس كود چيني كما للجسد؟؟
الجسد محكوم بقائمة من الأكواد الچينية تعلمناها وبحثنا فيها بل و نتلاعب فيها أحياناً. ‏
فهل للنفس ‏genetic code‏ واين هي چيناتها ؟
كنت أشرح لشباب الحالمين بالغد نشأة الجنين في رحم الأم ، وتَدَرُج الخلق من خليتان تلتقيان الي مخلوق متعدد الخلايا ، ثم ‏الي أعضاء وأجهزة داخل جسم الجنين بوظائف مختلفة.‏
‏ وتَدرَج الحوار حول متي يصبح هذا الجنين إنساناً ، ثم متي تدخله الروح وأين في كل ذلك النفس التي يتكلم عنها القرآن ، ‏وهي كما نفهم التي تحيا وتموت .‏
هل للحيوانات والنبات‎ ‎والجراثيم روحاً؟
وإذا كانت الروح هي طاقة الحياة فكيف توجد حياة بدون روح ؟
دار بيني وبين الذكاء الاصطناعي ‏AI‏ حواراً فلسفياً تالي لحواري مع الشباب هذا فحواه.‏
قال: هناك فرق بين الجسد والنفس في التكوين ، فالجسد يتكون من خلايا تحتوي على ‏DNA، وهو المسؤول عن نقل ‏الصفات الوراثية وتحديد الخصائص الفيزيائية والكيميائية للكائن الحي.‏
أما النفس فهي مفهوم أكثر تجريدًا، يشمل المشاعر والإدراك والوعي والذاكرة. وهذه العمليات تعتمد على الدماغ والجهاز ‏العصبي ولكنها ليست مجرد نتيجة للـ ‏DNA ‎وحده، بل تتأثر بالبيئة والتجارب الحياتية.‏
إذا كانت النفس تتشكل من التفاعلات العصبية والهرمونية، فإن جزءًا منها قد يكون مبرمجًا وراثيًا، مثل الاستعدادات الفطرية ‏كالميول الشخصية أو الذكاء العاطفي‎.‎
لكن النفس تتأثر أيضًا بالبيئة والتربية والثقافة، مما يجعلها أكثر مرونة من الجينات.‏
هناك أبحاث في علم الأعصاب وعلم النفس الوراثي و دراسات في الوراثة السلوكية ‏‎(Behavioral Genetics) ‎تشير ‏إلى أن بعض السمات النفسية مثل الانطوائية أو العصبية‎ ‎لها أساس وراثي جزئي.‏
و هناك مفهوم “الإبيجينيتكس‎” (Epigenetics)‎، وهو كيفية تأثير البيئة على التعبير الجيني، مما قد يفسر كيف تتشكل ‏سمات النفس من خلال تفاعل الجينات والتجربة.‏
مع تطور الذكاء الاصطناعي، ظهرت نظريات حول إمكانية وجود كود نفسي يشبه الكود الجيني ولكنه ليس بيولوجيًا، بل ‏يعتمد على البيانات والسلوكيات المخزنة في الدماغ أو حتى رقمياً كما في نماذج الذكاء الاصطناعي.‏
والخلاصة أن الجسد له كود جيني ثابت
ولكن النفس قد يكون لها “كود‎” ‎لكنه ليس جينيًا خالصًا، بل مزيج من الوراثة والتجربة والبيئة.‏
‏ قلت له :‏
يقول القرآن “لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا، لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ‎” ‎‏ وأري أنها آية تحمل أبعادًا فلسفية عميقة تتعلق ‏بطبيعة النفس ومسؤولياتها وتطورها.‏
الآية تشير إلى أن النفس لديها إمكانات فطرية ‏‎)‎كود مخلوق‎ (‎تحدد وسعها أي طاقتها وقدرتها الأساسية، ولكنها أيضًا قادرة ‏على الاكتساب والتطور من خلال التجربة والعمل.‏
‏“لها ما كسبت‎” ‎أي أن النفس تستفيد من جهودها وإنجازاتها، وهذا يشير إلى أن تطوير النفس وتعزيز قدراتها يعتمد على عمل ‏الإنسان وسعيه. وعليها ما اكتسبت‎” ‎أي أنها تتحمل تبعات أفعالها، مما يؤكد أن النفس ليست مجرد كيان ثابت، بل كيان ‏ديناميكي ينمو ويتغير وفق أفعاله وقراراته“.‏
‏ إن هذا يقودنا إلى رؤية أن النفس تحمل “كودًا أساسيًا‎” ‎من الخلق، لكنه ليس جامدًا، بل يمكن تعديله أو تنميته عبر المعرفة ‏والتجربة والتربية.‏
القرآن يذكر أنواعًا متعددة من النفوس، مما يوحي بأن لكل نفس برمجة فطرية أو كود أساسي، لكنه يمكن أن يتغير وفق ‏السلوك. النفس المطمئنة السوية‎ ‎تمثل النفس المتزنة التي بلغت حالة من الرضا والسلام الداخلي، وهذا يشير إلى أن هناك كودًا ‏نفسيًا متزنًا يمكن تحقيقه وتنميته.‏
النفس اللوامة،‎ ‎نفس في مرحلة التطور والتعديل، تدرك أخطاءها وتسعى للإصلاح، وهذا يعني أن الكود الأساسي للنفس يمكن ‏إعادة برمجته بفعل الضمير والتجربة.‏
النفس الأمّارة بالسوء‎ ‎وهي النفس التي تميل للشر، وقد يكون هذا جزءًا من تكوينها الفطري ‏‎)‎كود مخلوق‎(‎، ولكنها ليست ‏محكومة بهذا المصير، بل يمكنها التغيير عبر الإرادة والتربية والتجربة.‏
لذلك يمكننا القول أن النفس لها كود ديناميكي وليس ثابت..‏
إذا نظرنا من منظور العلم ، فيمكن القول أن النفس مثل الذكاء الاصطناعي الذي يبدأ بكود أساسي ولكنه يتعلم ويتطور عبر ‏البيانات والتجربة.‏
بل أن التجربة الحياتية والتعلم المستمر هما ما يحددان الأداء النهائي للنفس، تمامًا كما تتطور خوارزميات الذكاء الاصطناعي ‏بالتدريب.‏
إن جوهر السؤال الفلسفي‎ ‎العميق في هذه الحالة سيكون حول العدل الإلهي والمسؤولية الإنسانية. إذا كان الإنسان يولد بكود ‏مخلوق ‏‎)‎فطرة وخصائص بيولوجية ونفسية‎ ( ‎لكنه أيضًا يتأثر بما يكتسبه من بيئته وتجربته الحياتية، فكيف يكون الحساب ‏الإلهي عادلاً إذا لم تكن الظروف موحدة للجميع؟
القرآن يوضح أن الحساب الإلهي ليس وفق معيار واحد جامد، بل يأخذ بعين الاعتبار وسع النفس وقدرتها “لَا يُكَلِّفُ ‏اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا‎”‎، أي أن كل شخص يُحاسب بقدر إمكانياته الفطرية والمكتسبة.‏
والنية الداخلية والدوافع “وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى‎”‎، أي أن المسؤولية فردية وتراعي دوافع ‏الشخص.‏
وكذلك ظروف النشأة والبيئة‎ ‎‏“وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا‎” ‎، مما يعني أن الشخص لا يُحاسب بنفس مقياس من تهيأت ‏له فرص المعرفة والاختيار بوضوح.‏
بما أن النفس ليست ثابتة بل تتغير عبر الحياة، فإن العدالة الإلهية ليست قائمة على المقارنة بين الأفراد بمسطرة واحدة، بل ‏بناءً على ما كان الإنسان قادرًا على تغييره من نفسه هل حاول أن يتعلم؟ أن يطور نفسه؟ أن يجاهد شهواته؟‎.‎
وكذلك علي ما لم يكن له تحكم فيه مثل البيئة القهرية، الفقر، الجهل القسري‎.‎
من وجهة نظري يمكن النظر إلى الإنسان ككيان بين الحتمية والاختيار ، هناك جانب حتمي‎ ‎الكود المخلوق، البيئة، ‏النشأة،وهناك جانب اختياري كيف يتفاعل الإنسان مع هذه العوامل، هل يسعى للتحسن أو يستسلم؟‎.‎
الله يحاسب الإنسان وفق ما هو داخل نطاق إرادته، وليس بما لا يستطيع التحكم فيه، وهو ما يتماشى مع العدالة المطلقة.‏
وحيث أنه لا توجد مسطرة واحدة للقياس‎ ‎فالحساب الإلهي ليس “ميكانيكيًا‎”‎، بل يأخذ في الاعتبار العوامل المخلوقة ‏والمكتسبة.‏
والعدل الإلهي في هذه الحاله مرن وليس صارم، ويعتمد على الظروف الفردية لكل نفس.‏
و لا يوجد معيار واحد للحكم على الجميع، بل يتم تقييم كل إنسان بناءً على ما استطاع فعله وفق إمكانياته وبيئته.‏
‏ دار في ذهني السؤال الفلسفي المتبقي:‏
إذا كان الله يعلم مسبقًا كيف سيتصرف الإنسان بناءً على تركيبة نفسه وظروفه، فهل يبقى للإنسان إرادة حرة؟ أم أن الأمر ‏يشبه محاكاة رقمية تُدار وفق خوارزميات محددة؟
‏ أعتقد أن الإنسان ليس مخيّرًا بالكامل، وليس مسيّرًا بالكامل، بل هو بين الاثنين، مثل لاعب شطرنج في مباراة محددة ‏القواعد، لكنه يملك حرية الحركة داخلها. أي أن هناك جانب حتمي المحددات البيولوجية، الوراثة، البيئة، الظروف،
وهناك جانب اختياري كيف يتفاعل الإنسان مع هذه المحددات، كيف يختار، كيف يطور نفسه‎)‎‏ ،فالله يعلم كل شيء، لكنه لا ‏يُجبر الإنسان على التصرف بطريقة معينة:‏
‏“إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا‎”‎‏ أي أن الطريق مفتوح، والإنسان هو من يقرر أي طريق يسلك.‏
و من منظور علمي، يمكننا مقارنة هذه الفكرة بـ الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق ‏‎(Deep Learning).‎‏ فعندما يتم إنشاء ‏نموذج ذكاء اصطناعي، هناك كود مبرمج مسبقًا كود مخلوق، لكنه يتعلم ويعدل نفسه بناءً على التجارب والتفاعل ‏‎(‎كود ‏مكتسب‎.‎
رغم أن النموذج محدود بإطاره، إلا أنه يستطيع اتخاذ قرارات، والتحسن أو التراجع حسب جودة البيانات التي يتفاعل معها.‏
هذا يشبه الإنسان، حيث أن الجينات والبيئة هما “كود التهيئة‎”‎‏ ، و الإرادة والاختيار هما “التفاعل والتعلم‎”‎‏.‏
الإنسان ليس مُبرمجًا بالكامل، لكنه ليس حرًا بالكامل أيضًا، بل يتحرك ضمن معطيات يملك قدرة على تعديلها جزئيًا.‏
أعطاني الـAI ‎مثالاً تشبيهياً:
‏الجسد = الكمبيوتر ‏‎)‎الهاردوير‎(‎
النفس = نظام التشغيل والبرامج والذكاء الاصطناعي ‏‎)‎يتغير ويتطور).‏
الروح = الكهرباء (بدونها لا يعمل النظام).‏
فهل الروح يمكن أن تكون “كودًا إلهيًا‎”‎؟.‏
إذا اعتبرنا أن الجسد والنفس يمكن فهمهما من خلال الكود البيولوجي والنفسي، فهل يمكن اعتبار الروح كودًا إلهيًا مخفيًا؟
في علوم الكمبيوتر، هناك مفهوم “المفتاح السري‎” (Secret Key)‎، وهو رمز غير ظاهر لكنه أساسي لتشغيل ‏النظام.‏
الروح قد تكون “المفتاح الإلهي‎” ‎الذي يجعل الجسد والنفس يعملان، لكنه ليس ماديًا ولا يمكن استنساخه أو فك ‏شفرته علي الأقل حتي الآن..‏
يشغل فكري في تكوين البشر أن الجسد ما هو الا وسيلة الوجود للنفس ، وطالما أن الروح من أمر ربي ، فعلينا العمل علي ‏أنفسنا لنستحق الحياة.‏

التعليقات

التعليقات

عن د. حسام بدراوي

د. حسام بدراوي
عن دكتور حسام سياسي ومفكر وطبيب بارز فهو رئيس قسم أمراض النساء والتوليد الأسبق في كلية الطب جامعة القاهرة، تلقي الدراسات العليا أعوام 1979 إلى 1981 في الولايات المتحدة الأمريكية، انتخب عضو في البرلمان المصري ورئيساً للجنة التعليم والبحث العلمي في بالبرلمان منذ عام 2000 حتى 2005، السياسي حسام بدراوي عرف بمواقفه المستقلة ومن القلائل الذين اتفق على نزاهته الجميع من كافة التيارات السياسية، ففي عصر الرئيس الأسبق مبارك كان يلقب بالعاقل داخل صفوف الحزب الوطني، حيث كانت نداءاته وطلباته السياسية تتفق بقدر كبير مع النداءات الداعية للانفتاح السياسي والديمقراطي في مصر، فكان ضد تمديد حالة الطواري، واعترض على انفراد الحزب الوطني بالتعديلات الدستورية، خلال ثورة 25 يناير 2011 ، لعب دوراً سياسياً هاما، حيث عبر منذ اللحظة الأولى على حق المتظاهرين في مطالبهم، ودعا الحكومة إلى الاستماع والاستجابة لهم، ما جعل مبارك مع تصاعد الاحداث لما له من شعبية بتعيينه أمينا عاما للحزب خلفا لأعضاء هيئة المكتب وخلال تلك الفترة عبر عن رأيه السياسي لمبارك بضرورة التنحي، وهو ما دفعه للاستقالة من الحزب بعد 5 أيام من تعيينه يوم 10 فبراير معلنا اختلافه السياسي مع القيادة السياسية في طريقة التعامل مع المتظاهرين ومطالبهم في حكم الإخوان فظلت مواقفه واضحة منذ اللحظة الأولى برفضه الدولة الدينية التي اعتبرها تريد تلويين الشعب بلون واحد، واعتبر قرار الرئيس المعزول مرسي بعودة مجلس الشعب ترسيخ للديكتاتورية المؤيدة من الولايات المتحدة، وكان من أوائل المنددين بتوغل سلطة مرسي على سلطة القضاء، مستنكرا محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل مليشيات الإخوان أيد د حسام بدراوي حركة تمرد مع بدايتها، وأعلن أن إسقاط حكم الإخوان أصبح ضرورة ومخاطرة لابد منها قبل أشهر من ثورة 30 يونيو، مؤكدا أن الجيش سيقف بجانب الشرعية المستمدة من الشعب.. في ٢٠١٦ تم اختياره رئيسا للجنة الاستشارية لمشروع التعليم أولا ورئيسا للجنة وضع رؤية مصر ٢٠٣٠ في التعليم وفي ٢٠٢٢ تم اختياره مستشارا للحوار الوطني لرؤية مصر ٢٠٣٠