الخميس , 21 نوفمبر 2024
Home / صحافة / حوارات صحفية / د. حسام بدراوى فى حوار لـ”الوفد”:‏ ‏30 يونيو منعت تحول مصر إلى دولة دينية

د. حسام بدراوى فى حوار لـ”الوفد”:‏ ‏30 يونيو منعت تحول مصر إلى دولة دينية

حوار د حسام بدراوي في جريدة الوفد اليوم الخميس الموافق 27 يونيو 2024 ، نتمني لكم قراءة ممتعة:
المفكر السياسي الكبير د. حسام بدراوى فى حوار لـ”الوفد”:‏
‏30 يونيو منعت تحول مصر إلى دولة دينية
الصهيونية العالمية تتحكم فى الإرادة السياسية لأمريكا ‏
تهجير أهالى غزة إلى سيناء يقتل القضية الفلسطينية
تديين الصراع العربي الإسرائيلي يصب فى صالح الحكم الدينى المتطرف
المفكر السياسي الكبير الدكتور حسام بدراوى أحد القامات البارزة على الساحة ‏السياسية والثقافية والاجتماعية، وهو رمز وطنى مهم، ولد فى مدينة المنصورة ‏عام 1951م وانتقل مع أسرته للقاهرة 1960م ، تخرج فى كلية الطب وعين ‏معيدًا بها 1974، حتى تولى رئاسة قسم أمراض النساء والتوليد فى كلية الطب ‏بجامعة القاهرة، تلقى دراساته العليا أعوام 1979إلى 1981 فى الولايات ‏المتحدة الأمريكية من جامعة “واين ستين” بميتشجان ثم جامعة “نورث ‏ويسترن” بشيكاغو، وانتخب عضوًا فى البرلمان المصري ورئيسًا للجنة التعليم ‏والبحث العلمى فى البرلمان من عام 2000- 2005 .‏
نال”بدراوى” الدكتوراه الفخرية في العلوم من جامعة “ساندرلاند” ببريطانيا عام ‏‏2007 وانتخب فى العام ذاته عضوًا في مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية.‏
عرف المفكر السياسي الكبير بمواقفه المستقلة، فهو من القلائل الذين اتفق على ‏نزاهته من كافة التيارات السياسية، ففي عصر الرئيس الأسبق”مبارك” كان ‏يلقب بـ”العاقل” داخل صفوف الحزب الوطنى، حيث كانت نداءته وطلباته تتفق ‏بقدرٍ كبير مع النداءات الداعية للانفتاح السياسي والديمقراطى فى مصر، فكان ‏ضد تمديد حالة الطوارئ واعترض على انفراد الحزب الوطنى بالتعديلات ‏الدستورية.‏
خلال ثورة 25 يناير 2011 لعب الدكتور حسام بدراوى دورًا سياسيًا مهمًا، ‏حيث عبَّر منذ اللحظة الأولى عن حق المتظاهرين في مطالبهم، ودعا الحكومة ‏إلى الاستماع والاستجابة لهم، ما جعل “مبارك” مع تصاعد الأحداث – لما له ‏من شعبية- والاستجابة لهم، يقوم بتعيينه أمينًا عامًا للحزب خلفًا لأعضاء هيئة ‏المكتب، وخلال تلك الفترة عبَّر عن رأيه السياسي لمبارك بضرورة التنحى، وهو ‏ما دفعه للاستقالة من الحزب بعد خمسة أيام من تعيينه يوم 10 فبراير، ثم أعلن ‏اختلافه في الرأى مع القيادة السياسية، وفى طريقة التعامل مع المتظاهرين ‏ومطالبهم فى أثناء حكم الإخوان، فظلت مواقفه واضحة منذ اللحظة الأولى، ‏برفضه الدولة الدينية التى اعتبرها تريد تلوين الشعب بلونٍ واحدٍ، واعتبر قرار ‏الرئيس المعزول “مرسي” بعودة مجلس الشعب ترسيخًا للديكتاتورية المؤيدة من ‏الولايات المتحدة، وكان من أوائل المنددين بتوغل سلطة “مرسي” على سلطة ‏القضاء، مستنكرًا محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل ميليشيات الإخوان.‏
أيد “بدراوى” حركة “تمرد” مع بدايتها، وأعلن أن إسقاط حكم الإخوان أصبح ‏ضرورة ومخاطرة لابد منها قبل أشهر من ثورة 30 يونية، مؤكدًا أن الجيش ‏سيقف بجانب الشرعية.‏
‏”بدراوى” له العديد من المؤلفات أهمها “التعليم الفرصة للإنقاذ” و”أنا ‏والميمات”و”دعوة للتفكير”و”حوارات مع شباب الجمهورية الجديدة” و”الجرأة ‏على التفكير” و”مصر التي في خاطرى”و”الكيميرا”و”رومانسيات منسية” ‏وغيرها من المؤلفات. “الوفد” التقت المفكر السياسي الكبير الدكتور حسام ‏بدراوى، وهذا نص الحوار،،،
• فى إطار نظرية العلاقات الدولية الجديدة..هل تتوقع أن يتحول العالم من ‏مرحلة عالم القطب الواحد إلى مرحلة العالم متعدد الأقطاب؟
‏-‏ بالقطع..سيكون هناك عالم متعدد الأقطاب، لكن القضية تكمن فى أن ‏التوازن الذى كان متواجدًا عندما كان هناك قطبان اختل، فظهورتوازن ‏جديد بأقطاب متعددة بين الصين والولايات المتحدة لن يكون مثلما كان ‏فى السابق، ولا بالشكل الذى نفكر فيه، وأعتقد أن هناك فوضى فى ‏العلاقات الدولية ستظهر أكثر في المرحلة القادمة.‏
• كيف ترى الوضع الراهن فى المنطقة فى ظل التوترات الحالية؟
‏-‏ أرى أن إسرائيل حققت كل ما تتمناه الصهيونية منذ بدء نشأتها، ابتداء ‏من حرب 1948 إلى حرب 1956 إلى حرب 1967 والهزيمة ‏المخزية إلى حرب 1973 التى أخذنا فيها جزئيات وتنازلنا عن بعض ‏أشياء إلى مايحدث اليوم، فعندما ننظر إلى الأمر فى النهاية سنجد أن ‏الصهيونية العالمية تحكمت تحكمًا مطلقًا فى الإرادة السياسية لأكبر ‏دولة فى العالم “الولايات المتحدة”وتحكمت فى السياسة الخارجية ‏للدول الأخرى فى أوروبا( ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا) وأرى أنها ‏تتحكم فى مصادر المال فى الشرق الأوسط بشكل أو بآخر، فليس هناك ‏شئ حدث للصهيونية العالمية خلال هذه الفترة أفضل لهم من ذلك، هو ‏أحقر ما يمكن فى تاريخ البشرية ولكنه الأفضل للصهيونية العالمية، ‏فأولا: نحن الآن نأمل فى إيقاف القتال فى غزة لكننا لانأمل في شئ ‏آخر ، هذا أولا، وثانيًا: هناك مأزق كبير جدًا – في رأيى- مصر ‏ستعيشه وتعيشه، وهو مأزق أننا نصبو إلى حل الدولتين، إذا كانت ‏هناك دولة فلسطينية على الحدود المصرية، وأتخيل شكلها، هل ‏ستكون دولة متعاونة أم دولة عدو، وأعتقد أنه بهذا الشكل الذى ‏يتكون من حماس وأذنابها، مصر ستواجه مشكلة، سواء كانت دولة ‏فلسطينية أو دولة إسرائيلية، فلابد أن يكون تدخلنا ووجودنا أكثر ‏تأثيرًا حتى لا يتحول الحل إلى مشكلة جديدة، فحق الشعب الفلسطينى ‏أن تكون له دولته، ويكونون هم جزءًا من التكوين الذى حصل، فلا ‏يوجد شئ في العالم اسمه دولة دينية غير إسرائيل وإيران، والدولة ‏الدينية ضد منطق الليبرالية والتعددية، فالقضية تحتاج النظر إليها ‏بشكل مختلف.‏
• هل أحدثت ثورة 30 يونية تغييرًا ثقافيًا في العقل المصري وما الذى ‏أضافته الثورة فى التاريخ الحديث لمصر؟
‏-‏ هناك شئ مهم أضافته ثورة 30 يونيو في التاريخ الحديث لمصر، ‏وهو أن الطبقة الوسطى في مصرأصبحت قادرة على تغيير الوضع ‏السياسي ، لكن هل هذا يستدام ، بالطبع لا، وهل هذا كان له تأثيرعلى ‏ما أتى بعده، أرى أن تأثيره كان سلبيًا، الحريات أصبحت أقل، وحرية ‏التعبير أقل، تطبيق الفصل بين السلطات في مصر أقل، فالشعب ‏المصري بطوائفه وفى طبقته المتوسطة العظيمة بجينات الحضارة ‏بداخله وقفت أمام تحول الدولة إلى دولة دينية، ولكن يمكنها منع ‏التحول إلى دولة ديكتاتورية بالإصرار على تداول السلطة والمحاسبية.‏
• هل ترى أن العالم بعد 7 أكتوبر(طوفان الأقصى) بدأ يلتفت أكثر للقضية ‏الفلسطينية ؟ وكيف ترى مستقبل القضية وسط هذه التجاذبات الموجودة ‏الآن؟
‏-‏ نعم هناك تغير حدث في العالم، لكن هذا التغير ليس كما نعتقد، فما ‏زالت الولايات المتحدة هى كما كانت وإنجلترا وألمانيا وفرنسا كما ‏هى، ومازال هناك تعبير عن سخط من الشباب فى العالم، فإذا لم ‏يستغل ذلك ولم نبادر باستخدامه استخدامًا جيدًا سينتهى هذا الحماس ‏ويتبقي الوضع القائم كما هو.‏
• ما تقييمك لموقف مصر تجاه حل أزمة غزة وإعلان انضمامها لدعوى ‏جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية؟
‏-‏ لا أعلم الظروف السياسية في هذا الشأن، خاصة أننا نعيش أزمة مالية ‏جبارة، ولا أستطيع أن أتصور الحكم على ذلك، لأننى لا أعلم ‏التفاصيل، لكن بالقطع الوضع الحالى هو الوضع الأمثل المؤثر في ‏الأحداث، بدليل أن كل شئ يحدث في الأغلب مصر لا تكون طرفًا فيه، ‏مع أن مصر هى رمانة الميزان وستظل إذا أحسنا وضعنا الداخلى، ‏فمصر الداخلية القوية هى مصر الخارجية المؤثرة، فما دمنا أضعف ‏داخليًا فسنظل أقل تأثيرًا خارجيًا.‏
• ما تقييمك للمواجهة بين إيران وإسرائيل مؤخرًا..وهل يصب ذلك فى ‏مصلحة القضية الفلسطينية؟
‏-‏ أفكر فى إيران مثلما أفكر فى حماس، فهما يخدمان قضية أخرى غير ‏التى نراها، فضرب صواريخ إيران لإسرائيل تمثيلية سخيفة ومتدنية، ‏مثلما فعلت حماس مع إسرائيل، ونحن نعلم أنهم لا يتحملون ‏المسئولية، فمن يتحمل المسئولية وحده هو الشعب الفلسطينى، ‏ومصر، فمصر هى التى تتحمل كل شئ بمفردها، فليس لدى ثقة فى ‏التوجهات لا الإيرانية ولا الحماسية، ولا البراجماتية التركية وهى ‏براجماتية تعمل لمصلحتها فقط، فلا يمكن الاعتماد عليهم فى خلق ‏توازن مستقبلي.‏
• كيف ترى تديين الصراع الإسرائيلي العربي وتأثيره على القضية ‏الفلسطينية؟
‏-‏ مأساة .. فتديين الصراع العربي الإسرائيلي يصب فى صالح الحكم ‏الدينى المتطرف ويدفع الناس إما أن يكونوا مع أو ضد، فتديين ‏الصراع في غاية الخطورة على مصر، فيجب أن ننظر للقضية كقضية ‏حق ووطن ونتعامل من هذا المنطلق، لكن إذا جعلناها قضية دينية ‏فالكل خاسر.‏
• في رأيك..القرار الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة بمنح العضوية ‏لفلسطين..كيف يساهم ذلك فى حل الأزمة الراهنة..وما هو العائد من ذلك؟
‏-‏ لا أرى أنه سيحل أزمة، فهى قرارات شكلية، فلو نظرنا إلى قرار الأمم ‏المتحدة بعد حرب 67 كان يقول عودة الجيوش المحتلة إلى حدود 67 ‏التى لا يتحدث عنها أحد الآن، ولا أحد يتحدث عن الجولان، فنحن ‏نتحدث الآن عن غزة والضفة الغربية فقط، فالقضية شكلية فى الأمم ‏المتحدة، لأن أمريكا والغرب الأوروبي متحكم تحكمًا مطلقًا في النتيجة ‏النهائية، فهذه كلها قرارات صورية ولكنها ليست قلب الأحداث.‏
• هناك موقف دولى داعم تجاه حل الدولتين حتى من أمريكا نفسها لكن ‏ليست هناك إرادة حقيقية فى اتخاد أية خطوات جادة نحو ذلك فما رأيك؟
‏-‏ هناك مماطلة من أمريكا، وفى كل مماطلة يمر بعدها عشر سنوات ثم ‏نبدأ من نقطة تختلف عما سبقتها، وتختلف عما قبل 67، فنحن نخسر ‏في كل مواجهة حدثت ثم نبتدئ من نقطة جديدة، فحل الدولتين أخشى ‏منه أن نكون في النهاية أمام دولة دينية ويقود الصراع بين الدولة ‏الدينية الحماسية أو الدولة الدينية اليهودية إلى صراع مع مصر.‏
• تصفية القضية الفلسطينية ومخطط تهجير أهالى غزة إلى سيناء ..كيف ‏ترى ذلك؟
‏-‏ هذا جزء من سيناريو واضح المعالم، فسيناء ظلت هدفًا رئيسيًا طوال ‏الوقت، وعندما جاء حكم الإخوان كان الاتفاق مع الغرب على ذلك، ‏فلابد أن نضع في اعتبارنا نظرة الغرب لنا، بأن مصر فيها 10 ملايين ‏سورى ويمنى وعراقي وسودانى، فلماذا لايزيد عليهم مليونا ‏فلسطينى، وكل هؤلاء كلهم يحضرون إلى مصر، لأن مصر تستوعب ‏الجميع، لكنهم ينتمون إلى بلادهم ، فمصر لن تستطيع إيقاف تواجد ‏الفلسطينيين بها من الناحية الإنسانية، لكن هذا يقتل القضية ‏الفلسطينية تمامًا، لأنه لا توجد دولة يعودون لها ، لكن توجد فقط ‏إسرائيل الدولة المتطرفة الدينية الصهيونية التى لا تعترف أساسًا بما ‏يحيط بها من دول.‏
• ما تقييمك لاستجابة الإعلام الغربي لتغطية الحرب الإسرائيلية فى ‏غزة..وهل هناك وجه مقارنة بينه وبين الإعلام العربي؟
‏-‏ لا أرى إعلامًا عربيًا من الأساس.. فأنا أتابع مظاهرات الطلاب فى ‏الجامعات الأمريكية وليس هناك جامعة عربية واحدة خرج منها شاب، ‏لأنهم مكبلون بحكوماتهم، فالإعلام العربي هو إعلام لحكومات العرب ‏وليس إعلامًا حرًا، فنحن نخرج أوراقًا وبيانات، لكننا غير مؤثرين، ‏للأسف نحن فى حالة انبطاح تام، ولأ أريد إلقاء اللوم على العالم ‏الإسلامى ولكن العالم العربي، فليس لى شأن بالديانات، ولكن بالأوطان ‏وبالحريات المدنية، فليس من المعقول ما نراه من الشباب فى أمريكا ‏وأوروبا ولا نراه في بلادنا العربية، رغم أنَّ الشباب العربي لديه رغبة ‏فى الخروج للتنديد بذلك.‏
• الإعلام فى زمن الحرب والصراع خاصة فى الحرب الروسية الأوكرانية ‏والحرب الإسرائيلية على غزة هل هو ظالم أم مظلوم؟
‏-‏ بالتأكيد الإعلام الغربي جانى فى طرح الحرب الإسرائيلية على غزة، ‏والإعلام الروسي جانى، أما الإعلام في الشرق الأوسط فهو إعلام ‏تائه، لكن الحرب الأوكرانية الروسية هى حرب بين الولايات المتحدة ‏والغرب وروسيا، لكن متى ستنتهى وإلى أى شكل ستنتهى لا أدرى.‏
• كيف ترى رؤية مصر 2030 فى التعليم؟
‏-‏ ‏ رؤية مصر 2030 فى التعليم رؤية محترمة جدًا، وتنقسم إلى خمسة ‏محاور، الأول هو الإتاحة والجودة وعدم التمييز، ولا أرى هناك إتاحة ‏مستقبلية وضعت لها خطط ولا جودة، وهناك عدم تمييز، المحور ‏الثانى هو كيفية إدارة العملية التعليمية، وحوكمة إدارة التعليم ‏والانتقال إلى اللامركزية، حيث تصبح المدرسة هى محور التطوير، ‏وأرى أن ذلك لا يحدث، المحور الثالث: الرقمنة والذكاء الاصطناعى ‏في التعليم وإتاحته وجعله مندمجًا في وجدان الطالب والأستاذ ‏والإدارة، فهو ليس تابلت يعطى للطلاب وفقط، لكنه أساس فلسفى ‏لفكرة الرقمنة والذكاء الاصطناعى، وأرى أن الاستثمار في البنية ‏التحتية فى الإنترنت جزء من تطوير التعليم، فلابد أن يكون التعليم ‏فوق مستوى معلميه، فإذا لم نعمل على ذلك فلن يتحقق أى محور من ‏ذلك، أما المحور الرابع فهو محور بناء الشخصية السوية المعتزة ‏بهويتها، وببلادها التى تحترم تاريخها ولديها أمل فى المستقبل، فلابد ‏أن يكون بالمدارس فن ومسرح ورياضة وموسيقى، ويكون هناك ‏تواصل بين المدرسة والمجتمع المحيط بها، فالقضية لدينا شكلية ‏وليست أساسية، المحور الأخير هو القدرة التنافسية، فقد فقدنا ميزتنا ‏التنافسية في العالم العربي، واحتل مكاننا الهنود والباكستانيون، ‏فميزتنا التنافسية جزء مهم جدًا في خلق الشخصية القادرة على أخذ ‏المجتمع إلى الأمام، ولابد أن تأخذ الدولة كل محور من هذه المحاور ‏الخمسة وتضع استراتيجيات وكل استراتيجية يكون لها زمن وموازنة ‏ووسائل قياس، وهذا لم يحدث حتى الآن، فإذا لم تستدم الدولة فى ‏تطبيق هذه الاستراتيجية فستصبح الرؤية لا جدوى منها.‏
• كيف يمكن مواجهة حروب الجيلين الرابع والخامس التى تقوم على هدم ‏الدولة من الداخل وما علاقتها بمجال الذكاء الاصطناعى وتكنولوجيا ‏المعلومات؟
‏-‏ هناك أخبار خاطئة تكرر وتنتشر وتصبح فى أذهان الناس مرجعيات ‏وقياسًا لأشياء أخرى تساعد على هدم الدولة، فلاشك أن هناك أشياء ‏تحدث في مصر جميلة ولاشك أن البنية التحتية المصرية حدث بها ‏طفرة كبيرة جدًا، وهذا لا علاقة له بأنه لاتوجد محاسبية ولا علاقة ‏بوجود فساد أم لا، لكنه إجراء سليم، فعندما ننشر الأخبار السيئة ‏والشائعات نجعل الشباب في حالة إحباط، والدولة التى تكون فى حالة ‏إحباط لا تنجح، فالشباب وقتها يسعى للسفر، بعيدًا عن وطنه بحثًا ‏عن الرزق، وبالطبع حروب الجيل الرابع والخامس التى تخترق أذهان ‏ووجدان المجتمع وتجعله سلبيًا فى غاية الخطورة.‏
• ماذا تعنى بمصطلح الدبلوماسية الثقافية ؟ ‏
‏-‏ الدبلوماسية الثقافية تقوم على تبادل الأفكار والقيم والتقاليد وغيرها ‏من جوانب الثقافة بين الأمم والشعوب لتعزيز الفهم والاحترام ‏المتبادل، إنها ممارسة قديمة وأداة سياسية خارجية حيوية حديثة ‏تلعب دورًا متزايد الأهمية في شئون العالم، وفى العصر الحديث ‏أصبحت الدبلوماسية الثقافية جزءًا لا يتجزأ من العلاقات الدولية، حيث ‏استخدمت الدول الكبري مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد ‏السوفيتى الثقافة كأداة للنفوذ السياسي خلال الحرب الباردة، والدول ‏التى تتمتع بقدرة كبيرة على القوة الناعمة غالبًا ما تستخدم مواردها ‏الثقافية مثل الأفلام ، الموسيقي، والأدب، إضافة إلى ترويجها لقيم مثل ‏الديمقراطية وحقوق الإنسان لتعزيز صورتها في العالم وللتأثير على ‏الرأى العام العالمى، هذا النوع من التأثير يمكن أن يجعل الدول أكثر ‏قدرة على تحقيق أهدافها الخارجية بطرق تكون أقل تكلفة وأقل خطرًا ‏من استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية، والفكرة وراء القوة ‏الناعمة هى أنَّ الجاذبية الثقافية وقيم الدولة يمكن أن تكون موارد ‏مهمة تعادل وفى بعض الأحيان تتفوق على القوى العسكرية، وبالنسبة ‏لمصر لا ننسى أنَّ الفيلم المصري اسمه فى الشرق الأوسط”الفيلم ‏العربي” وأنَّ النقود فى أغلب الدول العربية اسمها”مصارى” تأكيدًا ‏لريادتها، كذلك فإنَّ الثقافة المصرية استوعبت كل من أتى إليها صديقًا ‏أو حتى محتلا، ومن المعروف أنه كانت شهرة أى فنان تبدأ من مصر ‏وأنَّ مصر وحدها تستوعب 9 ملايين عربي الآن بدون تسميتهم ‏لاجئين. فمصر كانت تبعث المدرسين إلى كل مدارس العالم العربي بعد ‏رحيل محتليهم، وفى أحيان كثيرة تدفع مرتباتهم الحكومة المصرية، ‏والأزهر الشريف يستقبل الطلبة إلى الآن وهو دور كانت تقوم به ‏جامعات مصر أيضًا، كذلك هناك زعماء وملوك ووزراء فى الدول ‏العربية تعلموا في مصر، ولابد أن زعامة مصر في التعليم والثقافة ‏كان لها أبلغ الأثر على كثير من البلدان المحيطة بها، وقد كان دور ‏مصر الإفريقي يتعدى الجانب التجارى والعسكرى إلى احتواء ومساندة ‏الشعوب الإفريقية، وفى عصر العولمة، حيث يتم تبادل المعلومات ‏والثقافات بسرعة فائقة أصبحت القوة الناعمة أكثر أهمية من أى وقت ‏مضى، إنها تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل الصورة الدولية للدول ‏وتأثيرخها على الساحة العالمية.‏
• وما أهم آليات الدبلوماسية الثقافية ومدى أهميتها على الساحة الدولية؟
‏-‏ آليات الدبلوماسية الثقافية متعددة ويلعب الملحقون الثقافيون دورًا فى ‏غاية الأهمية لا يجب أن يؤخذ كوظيفة عادية بل لا بد أن من يشغله ‏يكون قادرًا على نشر الثقافة، إن البروتوكولات والاتفاقات الدولية ‏بشأن الحفاظ على الثقافة مهمة جدًا وتشارك مصر بنشاط في هذه ‏الاتفاقيات بهدف الحفاظ على التراث الثقافي ومكافحة الاتجار غير ‏المشروع بالممتلكات الثقافية وضمان استرداد الآثار التى تم تصديرها ‏بشكل غير قانونى من خلال هذه الجهود تعزز مصر التعاون الدولى ‏وتؤكد الأهمية البالغة للحفاظ على الثقافة، وهناك أمثلة لكيفية استخدام ‏مصر لبعدها الثقافي ليس فقط كامتداد لسياستها الخارجية ولكن كأصل ‏استراتيجى لتعزيز حضورها العالمى وتعزيز الشراكات الدولية وترويج ‏التفاهم والاحترام المتبادل بين الأمم، ولدينا ما هو ليس لغيرنا وهو ‏‏”علم المصريات” ويلعب دورًا مهمًا فى الدبلوماسية الثقافية ‏بالمساهمة في إحياء الاهتمام بالتراث والثقافة المصرية، مما يعزز ‏الهوية الوطنية لمصر ويبرز أهميتها على الساحة الدولية وتزيز ‏السياحة والشراكة فى الاكتشافات الأثرية والمعارف الجديدة التى ‏يقدمها علماء المصريات، مما يدعم الاقتصاد المحلى ويعزز ‏الدبلوماسية الثافية، ، فمصر بتاريخها العريق وثقافتها الغنية تملك ‏موارد ثقافية هائلة يمكن أن تستخدمها بفاعلية في الدبلوماسية الثقافية ‏على الساحة الدولية، الدبلوماسية الثقافية تعتمد على استخدام الثقافة ‏كوسيلة لتعزيز العلاقات الدولية، وتشجيع التفاهم المتبادل وتزيز ‏السلام بين الدول. فمصر تستطيع أن تكون دولة عظيمة إذا أحسن ‏استغلال مواردها الأساسية والتاريخية والثقافية.‏
• لكم مؤلف بعنوان” أنا والميمات” ماذا تقصد بهذا الاسم، وما أهم الأفكار ‏التى أردت طرؤحها فى هذا الكتاب؟
‏-‏ هذا كتاب جامع شامل لأفكار تداولتها حوارات مع الشباب”الحالمين ‏بالغد” ومع نفسي وأسرتى بدأته بفصل أسميته ” من أين أبدأ” أجبت ‏فيه عن أسئلة من الشباب والأصدقاء حول كينونتى وبذور نسيج ‏وجدانى، أما اسم الكتاب فأتناوله فى الفصل الأول، فهو يتكلم عن ‏الأفكار وكيفية انتشارها وربطها بنظرية التطور، وأعتقد أن أقوى ما ‏فى الحياة وأقوى من الجيوش هى “الفكرة” حينت يأتى أوان خروجها ‏للنور، والعقل الواعى هو القادر على احترام الفكرة حتى ولو لم يؤمن ‏بها، لذلك خصصت بضع صفحات للحوار حول الوعى وأهميته، ‏وللأفكار وكيفية انتقالها من إنسانم لآخر، من جيلٍ إلى جيل ومن زمن ‏إلى زمن.‏
‏”الميم بالإنجليزية”‏mem‏ ” هو مصطلح يقصد به فكرة أو تصرف أو ‏أسلوب ينتشر من شخص لآخر داخل ثقافة ما، غالبًا يهدف نقل ظاهرة ‏معينة أو معنى متمثل في هذه الفكرة، يعمل “الميم” كوحدة لحمل ‏الأفكار الثقافية أو الرموز أو الممارسات والذى يمكن أن ينتقل من ‏عقل لآخر من خلال الكتابة أو الحديث أو الإيماءات أو الطقوس أو أى ‏ظاهرة أخرى قابلة وللتقليد يربط بينها صورة عامة، قد تكون الفكرة ‏بسيطة، وقد تكون مركبة، ويعتبر مؤيدو المفهوم أن “الميم” نظير ‏ثقافي للجينات فى أنها تضاعف نفسها وتتحور وتتطور وتستجيب ‏للضغوط الانتقالية.‏
‏”الميمات” جعلته عنوانًا للكتاب، لأنه كتاب حول الأفكار والمفكرين ‏وهو دعوة للمجتمع لاستخدام أفضل ما فينا كبشر، وما ميزنا به ‏الخالق عن بقية خلقه، وهو العقل لنشر أفكارنا، الفصل التالى ‏خصصته للكتابة عن عظماء صنعوا وجدانى، ووجدت الحديث عنهم، ‏ومعهم، يوثق امتنانى لهذه الشخصيات واعترافي بجمالهم وجميلهم ‏وتأثيرهم الإيجابي على حياتى، وفي الفصل الثالث أركز على ميمات ‏القيم وأفكار تناولتها حواراتى مع الشباب والأسرة حول القيم وتلقيت ‏لومًا حادًا من بعضهم عن مسئوليتنا عن ضياع الكثير من معانى هذه ‏القيم، بثنائية تصرف جيلنا ومن سبقونا مع قلب وفلسفة هذه القيم ‏التى نتغنى بها، ونفاق المجتمع المتدين شكلًا، والمتعصب أحيانًا كثيرة ‏متناقضًا مع قيم الأديان التى تحث على السماحة والمحبة والمودة ‏والغفران، وفى الفصل الرابع أعود إلى “ميمات البهجة والسعادة” ‏وأذكر القراء بالاختلاف بين المتعة والسعادة علميًا. وفى الفصل ‏الخامس أسبح وأطير أحيانًا بمجموعة من الحوارات التى تبدو فلسفية ‏فى كينونة البله ومحاولات تبسيط فهم الزمن والمسافات والأكوان ‏المتوازية وأعود فيها إلى الأرض فى حوارات وأصعد مع أفكارى ‏لماهية الوعى وعلاقته بفيزياء الكم وتبجيل العلم والعلماء.‏
• آخيرًا…ماذا عن طموحاتكم على المستوى الشخصي والعام؟
‏-‏ طموحى الشخصي هو ذاته طموحى العام، أري أن بلدى بها أسس ‏الحضارة والقدرة على أن تحقق الاستدامة لأهدافها، وهذا يرضيني ‏شخصيًا وإنسانيًا ووطنيًا، فكل ما أريده لبلدى أن تكون مكانًا لأولادى ‏وأحفادى،ـ وأولادهم يحبون أن يعيشوا فيه. ‏

التعليقات

التعليقات