التعليم.. هو المدخل الأساسى للتنمية فى مصر
أؤيد تعيين وزراء سياسيين.. لا تكنوقراط
«عبدالناصر» ترك مصر فى حالة متدنية.. و«السادات» كان عبقرية استثنائية
30 يونيو ثورة شعبية ضد ميليشيات الإخوان
هو من رواد الفكر المستنير فى مصر، اتفق الجميع على نزاهته، وحبه لوطنه، ودعمه للانفتاح السياسى والديمقراطى، سجله حافل بالعمل والاجتهاد، إنه الطبيب البارز، والمفكر والسياسى المحنك، الدكتور حسام بدراوى، الذى لا يعرف معنى للفشل، ويؤكد أن التعليم هو ملاذ الدول للتنمية.
يكشف «بدراوى» خلال حواره لـ«الوفد» أن تصريحاته قبل 25 يناير 2011، كانت تشدد على خطورة تزاوج رأس المال بالسلطة، وهو الأمر الذى حذر منه كثيرًا ولكن لم يستجب له أحد.
وأكد «بدراوى» خلال الحوار على أهمية العلم والتعليم، وأشار إلى الدور الهام الملقى على عاتق الدولة فى تنمية الجيل الحالى، وبث المناخ الإيجابى والاهتمام الحقيقى بالشباب، والعمل على الاهتمام بالقوة الناعمة من ثقافة وفن وإعلام ومعرفة، لأنها التى ترتقى بالشعوب من أجل مستقبل أفضل لمصر، وإلى نص الحوار.
< حدثنا عن البداية والنشأة والمولد فى مدينة المنصورة؟
<< المنصورة جزء ومكون رئيسى فى حياة كل من ولد فيها، وهى بلد له مذاق خاص، والناس لهم طبع خاص، كورنيش النيل وجماله والهدوء، فضلًا عن العمق الثقافى للمنصورة فى حقبة الخمسينيات، فكانت مليئة بالمدارس الرائعة التى خرجت أجيالا من قادة المجتمع، كما أنه فى نفس الوقت انعكست طبيعتها الجميلة والهادئة على أبنائها، فعندما سافرت التقيت بعالم عبقرى رائد فى أبحاث الدم من المنصورة، كذلك التقيت بأديب وشاعر من المنصورة وكذلك كاتب صحفى محترم فيكون أيضًا من المنصورة، فلهذا البلد دور مهم فى حياتنا كلنا.
ولما انتقلنا من المنصورة إلى القاهرة عام 1961م كان هناك نوع من التواصل الخاص بين أطياف المجتمع القادمين من الصعيد ودمياط والمنصورة، وقد أرست المنصورة فينا بعض القيم التى استمرت معنا فى رحلة الحياة، وقد ولدت هناك فى منطقة «توريل»، ثم انتقلنا إلى كورنيش النيل أمام حديقة شجرة الدر التى اختفت، ونادى المنصورة الرياضى الذى اختفى، وأصبح مكانهما حاليًا كلية الطب، وكان عمرى خمس سنوات عندما وقعت حرب 1956، مازالت هناك ذكريات تلمع فى لقطات، منها زيارة رجال الثورة للمنصورة فى ذلك الوقت، والعائلات الكبيرة، العريقة، المحترمة، التى تتبادل الزيارات، شكل الحياة فى المنصورة أثر فى وجدانى، وأعتقد أنها أثرت فى كل من عاش فيها، والمنصورة فى رأيى بها أجمل كورنيش فى مصر، وأجمل مكان يمكن العيش فيه.
< ماذا تقول عن أهمية تطوير التعليم وبناء الإنسان المصرى؟
<< أولاً عندما كنت فى البرلمان ورشحت نفسى للجنة التعليم، طلب منى الحزب عدم الترشح للجنة التعليم، وقلت لهم إنى أرى أن هذه اللجنة تمثل المدخل الرئيسى للتنمية فى مصر، وطلبوا منى الترشح للجنة الصحة، فقلت لهم لجنة الصحة تمثل لى تضارب مصالح، حيث إننا عائلة تمتلك أحدى أكبر المستشفيات فى مصر، ولدينا شركة للتأمين الصحى الخاص، فأرى أن ذلك تضارب فى المصالح فقالوا عنى إننى مجنون.
ودخولى لجنة التعليم كان بإرادتى، وأنا أؤمن أن الحياة كلها اختيارات، فأنت تختار فى كل لحظة فى حياتك أن تتخذ أى مسار، وكانت فترة رئاستى للجنة من أهم خمس سنوات فى حياة التعليم فى مصر، حيث إننا وضعنا خطة تنمية استراتيجية للتعليم كاملة، شاملة، واضحة، محددة الأهداف، ومحددة المدد الزمنية ولكن للأسف الشديد، لم تأخذ بها الحكومات المتتالية.
وهذا الأمر يأخذنى إلى نقطة رئيسية، حيث يقول البعض أنت كنت داخل الحزب الحاكم، أقول لهم إننى كنت بداخل الحزب المفترض إنه حاكم، لكن الحزب الوطنى طيلة عمره لم يكن حزبًا حاكمًا، من يحكم مصر هو القصر الجمهورى فقط، وكل اللاعبين هامشيون، وإلا كان مجلس الوزراء يأتى من الحزب، وكان يؤخذ رأيى فى الوزارات المعنى بشئونها، وهذا لم يكن يحدث، وهناك مقوله للدكتور يوسف والى، أمين عام الحزب الوطنى عام 2001 “يا بنى اللى أنتم بتعلموه ده غلط، تشيلوا الهيبة من حوالين الحكم ومصر يجب أن تحكم حكم مركزى، ومينفعش الوزراء يأتوا إلى لجنة التعليم وهم قلقين خائفين، إحنا هنا البرلمان، شغل الحزب ينزل انتخابات، وليس تغيير سياسات”، وكان رجلًا حكيمًا، وهو يقول تجربته السياسية، وأنا قلت له إن رغبتنا السياسية تغيير ذلك، وفى نهاية الأمر كيف تتقدم الأمم من غير تغيير الوضع الحالى، ودائما هناك المستفيدون منه، وليس بالضرورة أن يكون المستفيدون سيئين، ولكن يظنون أن هذا هو مدخل الاستقرار ومدخل الأمان أن نظل كما نحن ولا نغير، مع أن التغيير هو أساس الاستقرار، والتطور هو أساس الاستمرار فى اللعبة التنافسية فى العالم الذى يجرى سريعًا إلى الأمام.
< كيف ترى تجربة التعليم حاليًا فى ظل الهجوم الكاسح على وزير التربية والتعليم؟
<< من حسن حظى أننى حضرت خطط التنمية على مستوى العالم وكنت مسئولًا عن التعليم فى الحزب الوطنى الحاكم الأسبق لمدة 10 سنوات، ولجنة التعليم بمجلس الشعب الأسبق لمدة 5 سنوات وتم استدعائى من النظام الحالى، ولى الشرف أننى كنت رئيس اللجنة التى وضعت خطة مصر الحالية (20-30) فى مجال التعليم والتى أعلنها رئيس الجمهورية وهى الخطة الاستراتيجية للتنمية الإنسانية فى مصر وهى خطة محترمة جدًا، وعندما تسألنى عن الذى يحدث الآن وأقول لك أنا لدىّ مرجعيتان الأولى هى الدستور والثانية هى خطة مصر (20-30 ) إذن أنا رابط بين الماضى والحاضر والمستقبل مع فكر متفتح لما يحدث وما يحدث الآن هو جيد جزئيًا، لكنه لا يمس الخطة التى وضعت والتى تتحدث عن الحوكمة ورقمية المدارس وخلق الشخصية والقدرة التنافسية.. هو فقط يتحدث عن إدخال نظم تربوية جديدة فى أولى ابتدائى وحضانة ويتحدث عن رقمية الاختبارات ويوجد نظرية تقول “إذا غيرت نظام الاختبارات ونظام التقويم يتغير ما قبله ليتناسب معه”، لكن هل تطبيق هذا الكلام جزء من رؤية مصر لخطة 20 ـ 30 كلها؟ لا نحن نطبق جزءًا منها، هذا الجهد جيد لكن هل هو فعال؟ «أشك».
< كيف تستطيع أن تحافظ على حب الناس؟
<< فى البداية توفير الوقت، وللعلم أن الجميع لديه الوقت، ولدينا المساحة التى تسمح لنا بالتواجد والمساهمة والمساعدة، وأنا رجل لا أعمل منفردًا، ففى العمل العام استعين بجمعيات أهلية، وكل جمعية أهلية من جمعياتى الفخور بها لها نظام عمل مختلف، وبداخلها نجوم، فعلى سبيل المثال جمعية «تكاتف» تسلم الدولة مدرسة كاملة البناء والتجهيزات كل سبعة أشهر فى أفقر الأماكن، فأنا أضع الخطة والتوجيه العام، ويعمل عليه أناس لديهم حب وشغف وقدرة على العطاء، كما أننا قمنا بتدريب قرابة 25 ألف تلميذ فى المدارس الحكومية، رفعنا من شأن 800 مدرسة، وهذه الأمور لا تُعلن على العامة، مع أن هذا الأمر مفيد، حيث إن الشيء الجيد مُعد، ولم نأخذ من الدولة مليمًا واحدًا، وهذا الدور يتم فى إطار منهجى علمى منضبط، وتمويل منا ومن المجتمع المدنى، جمعية «الحالمون بالغد»، أحب جمعية إلى قلبى فهى تتكلم عن الشباب، وكيف يواجه حياته، بعد التخرج ورغبته فى فرصة عمل والزواج والاندماج فى المجتمع، وهذه الجمعية تعمل منذ عام 1998م، وحتى اليوم، قدمنا سياسة الدولة للشباب، وهناك جمعية خاصة بنشر الثقافة وكان اسمها «فرنكلين» قديمًا، تستعين بمجموعة كبيرة من المتنورين العظماء، لأننى من المقتنعين أن القوة الناعمة فى مصر هى القوة التى يجب الاهتمام بها، وعملت فى إطار مكتبة الإسكندرية، والمجلس الوطنى للتنافسية، وأتقدم بالشكر لوزارة التخطيط لأنها وافقت بعد عشر سنوات أن تتعامل مع مؤسسة وطنية أهلية غير هادفة للربح، وأخرجنا تقريرًا للتنافسية العالمية بمعاييره الدولية، كما سيتم إصدار تقرير للتنافسية على مستوى المحافظات وفقًا لمعايير متفق عليها مع الدولة.
< الفساد أخطر عائق للتنمية.. ما الحلول للتصدى له؟
<< الفساد كلمة عائمة، وهو انطباع، وفى حال ضبطه يصبح جريمة، ولكن يظل الفساد انطباعا عاما لدى الناس، والحل الوحيد حوكمة الإدارة، فلو كان هناك الحق للمواطن للحصول على خدمة، يجب أن يحصل عليها بدون واسطة أو رشوة ولا ضغط، الدولة لها تاريخ طويل من تعطيل مصالح المواطن، فبالتالى منع الفساد ومكافحته لا يأتى بُحسن إدارة المؤسسات، فإذا كان يعمل فى مؤسسات الدولة 7 ملايين موظف وهى لا تحتاج أكثر من مليون ونصف المليون موظف، فنجعل من هؤلاء موظفين يعوقون العمل، ويجعل أداء الخدمة يحتاج وقتا أطول، وبكفاءة أقل وتكلفة أعلى، نعم، نحن نحتاج حوكمة إدارة مؤسسات الدولة، فينحصر الفساد لأنك تقاومه من أصله.
< عام 1991 تم انتخابك لعضوية النادى الأهلى.. ماذا كان يمثل الكابتن صالح سليم بالنسبة لك؟
<< أولًا الكابتن صالح سليم رحمة الله عليه كان شخصية كاريزمية، ولأنه يملك ثقة كبيرة بالنفس أحاط نفسه بنجوم، وكان يقال وقتها إن مجلس إدارة النادى الأهلى من الممكن أن يكون حكومة، ومن الممكن أن يكون مجلس إدارة مؤسسة ناجحة، وذلك لأنه كان على عكس ما يقال عنه إنه ديكتاتورى فى اتخاذ القرار، كان هو وعبد المجيد محمود وإبراهيم المعلم ومستشارين من الدولة، كل فرد فيه يقوم بعمله وواجبه على أكمل وجه، وهو لم يعطل أبدًا نمو من حوله، وشخصيته القوية كانت تحد من الفوضى، وهذا يأخذنا إلى أمر هام الحرية بدون تطبيق حازم للقانون فوضى.
< كان لك دور مهم فى صفوف الحزب الوطنى، وكنت من مؤيدى الانفتاح السياسى هل اختلفت قناعاتك بعد هذه السنوات؟
<< «ماذا لو؟» هو عنوان مقال لى كتبته عام 2010م، وقلت فيه: القضية الرئيسية أن يكون لديك جهاز عدالة ناجز فى الوقت والحكم، وجهاز يطبق الأحكام بدون انتقائية، فالانتقائية فى تطبيق القانون أسوأ من عدم وجود قانون، لأن فى هذه الحالة سينتهى الأمر بالظلم حيث إننى سأطبق على الضعيف ولا أطبق على الغنى، “ماذا لو” ما زال قائمًا إلى الآن، وهو جناحا الدولة، فالجناح الأول أن يكون لديك جهاز عدالة ناجزة فى الوقت والحكم، وجهاز يطبق الأحكام بدون انتقائية، والجناح الآخر هو بناء الإنسان من خلال التعليم والإعلام والثقافة.
< الاستعانة بالشباب لتغيير الواقع.. كيف قوبلت هذه الدعوة؟
<< هناك من قبل هذه الدعوة وهناك من رفضها، فالشباب المصرى دائمًا متهم بالتهور والتعصب، ومن خلال تجاربى وجولاتى فى المدارس والجامعات، فالشباب المصرى واعٍ ومتفهم تعطى له قيراطا من الاهتمام يقدم لك 24 قيراط إنتاج، ولكن لا تتركه بدون التعليم والتدريب والتنمية، وتعود لتتساءل لماذا هم هكذا، هم هكذا لأن إدارة الدولة لم تعطهم الاهتمام الصادق، وكان يجب أن تُخلق لهم الفرص وهم يعملون على التوافق مع هذه الفرص، حتى تكون لديه المسئولية، فشبابنا وشعبنا يمتلك جينات من الحضارة تظهر وقت اللزوم.
< لك تصريحات كثيرة حذرت فيها من تزاوج السلطة بالمال عام 2009 هل قابل رجال الأعمال الأمر بالرفض؟
<< لم يقابل برفض من رجال الأعمال، والرفض جاء من جهاز الحكم، فلما عرض عليّ تولى لجنة الصحة بمجلس الشعب وقلت هذا فيه تضارب مصالح، كانوا يعتبرونى مجنونًا، وبعض رجال الأعمال الذين دخلوا الحكومة قبل 25 يناير 2011 كان منهم رجال ناجحون جدًا، ومحترمون جدًا، لكن وضعهم فى هذا المكان سبب تضارب مصالح، ومن المعلوم أن الناس الناجحة هى التى تحقق النجاح، ولكن يجب أن نراعى الانطباع، والانطباع فى السياسة يصبح حقيقة حتى إذا لم يكن له برهان، فالاعتقاد بأن هناك فسادا لا يحتاج إلى برهان، لأن الجموع صدقت الأمر، لكن المجتمع المدنى من الجمعيات الأهلية والقطاع الخاص لديه الحق في أن يكون جزءا من إدارة الدولة، طالما هناك معايير ومحاسبية وشفافية، طالما الشخص لن يستفيد من موقعه لمصالحه الشخصية.
< بعد انتخابات 2010 ذكرت أن الحزب الوطنى خسر أمام المعارضة، ماذا كان رد فعلك بعدما صدقت نبوءتك؟
<< والله، مقولاتى قبل عام 2011م هى التى أنقذت رقبتى من المقصلة التى أطاحت بكل هؤلاء، والحمد لله أنه تم توثيق أقوالى وتصريحاتى ومواقفى هى التى جعلتنى أعبر هذه المرحلة، مرفوع الرأس، والناس لديها ثقة فيما أقول وما زالت قناعاتى أن التغيير فى مصر يجب أن يكون من الداخل وليس من الخارج، وما زلت مقتنعا أن البناء أفضل من الهدم، وما زلت مقتنعا أن لدينا فرصا ذهبية للتداول السلمى للسلطة، وهو الطريق الوحيد للتنمية، فلو السلطة فى مصر لا تنتقل إلا بالثورات والوفاة ففى كل مرة سنبدأ من الصفر، فمصر بلد قوية جدًا، وكبيرة، وصاحبة حضارة.
< أيهما الأصلح لمصر.. حكومة تتكون من التكنوقراط أم من سياسيين؟
<< شغل الوزير أساسًا سياسة وكل شيء يبدأ بالسياسة، ليس شغل الوزير تقنى ولا تنفيذى، فقط الشخص التكنوقراط يصلح لوكيل أول وزارة، فالشغل السياسى له جمهور، وعليك أن تأخذ هذا الجمهور إلى جانبك ولا تعاديه، من رأيى أننا نحتاج لسياسة فى التعامل مع مختلف الأزمات حتى يصبح الجمهور طرفًا فى حل المشكلة، وليس سبب المشكلة، لأن الوزير عندما يتحدث فكلامه يصل للداخل والخارج، ويمكن لتصريح أن يرفعه لعنان السماء ويمكن أن يهوى به في الأرض.
< عندما تُسأل فى الخارج عن مصر ماذا تقول؟
<< لا يوجد فى العالم كله دولة لها علم باسمها سوى مصر «إيجبتولوجي»، ولا توجد دولة فى العالم لا تدرس جزءا من تاريخ مصر، ولا توجد حضارة بناها أحرار مثل مصر، ولا توجد دولة تاريخها سابق للأديان إلا مصر، ولا يوجد شعب يحمل جينات مثل الشعب المصرى، وبالرغم من أنه خلال 1500 سنة فقد العديد منها، إلا أنها ما زالت متأصلة فى الشعب وتنتظر من يفجرها.
< ماذا تقول عن الرئيس جمال عبد الناصر؟
<< هو بالتأكيد كان زعيما وملهما وكاريزما، ولكن الحكم عليه تراكمى فهو ترك الحكم وسيناء محتلة وبلد منكسر ووضع متدن على كل الأصعدة.
< ما رأيك فيما يقوله الناصريون من أن فى هذا التوقيت مصر كانت تحتاج إلى ديكتاتور عادل؟
<< هذا الكلام خطير جدًا لأن الاحتياج للدكتاتور ينبع من سوء إدارة الحكم والذى يعتبر الحرية «فوضي» والديكتاتوية فى العالم أحيانًا يكون لها فوائد وأيضًا سلبيات مثل الصين وماليزيا وروسيا ولكنها تقتل الحرية الشخصية وفى نهايتها دائما إما فوضى أو هزيمة أو سقوط.
< وماذا تقول عن الرئيس أنور السادات؟
<< الرئيس السادات كان عبقريا قادرا على تغيير ما حوله وإقناعه بما يريده، وخلال فترة حكمه حدثت تغيرات غير عادية واستثنائية فقد أعد قوة عسكرية لا تقهر، واستطاع أن يعيد الأحزاب السياسية للمشهد مرة أخرى، ورغم انتصار مصر فى حرب أكتوبر، إلا أنها كانت محطمة اقتصاديا، لذا دخل المفاوضات ووقع معاهدة السلام مع العدو الإسرائيلى.
إن الذين لا يملكون الخيال لا يستحقون أن يكونوا رجال سياسة، لذا فالسادات يحلق خارج السرب، ولكنه وقع فى خطأ شديد بأنه حقن المجتمع بفيروس التطرف الدينى رغبة فى مقاومة التطرف اليسارى، والتى كلفت مصر الكثير من ضياع الهوية المصرية، وانتهت حياته بمشهد درامى على يد من منحهم قبلة الحياة، وللأسف العالم الآن واقع تحت تأثير هذه النظرية بمحاربة تيار متطرف بتيار آخر متطرف، مثل الموافقة على الدولة اليهودية فى المقابل الدولة المتطرفة الإسلامية، والحقيقة أننا نحتاج للدولة المدنية الحديثة التى فيها تداول للسلطة فى إطار من الحريات التى يضبطها القانون.
< وماذا عن الرئيس حسنى مبارك؟
<< الرئيس مبارك حكم مصر فى وضع كان فى منتهى الصعوبة: مقاطعة عربية وحالة اقتصادية سيئة وديون داخلية وخارجية، لكنه تغلب عليها واستطاع أن يخرج من تلك الأزمات خطوة بخطوة، لكنه وقع فى خطأ شديد عندما جلس فى الحكم لمدة 30 عامًا ولم يسمح بتداول سلمى للسلطة، فى رأيى هذا كان السبب الرئيسى فى سقوطه، وفتح باب الحريات قليلًا، ولم يعمل على العدالة الناجزة.
< البعض يردد أن الشعب المصرى غير مؤهل للديمقراطية؟
<< كتبت مقالة حول الجيل الرابع للديمقراطية، بهدف الحكم الرشيد، التاريخ يقول إن كل نظام سياسى ظهر خرج أمامه نظام سياسى معارض أو مختلف، وينشأ بين الاثنين تفاعل يظهر حاجة جديدة، نحن فى وقت تتجه فيه الدول الغربية للديمقراطية اليمنية المتطرفة، وهى التى تغذى الحكم الديكتاتورى فى الشرق، لأنهم يعتقدون أن نموذج الديمقراطية فشل فى هذه الدول.
< هل تؤيد وجود حزب لرئيس الجمهورية؟
<< أنا مع وجود حزب سياسى للرئيس، وتاريخيًا إذا أعلن الرئيس عن إنشاء حزب غالبية الأحزاب ستنضم إليه إلا الأحزاب التى لها أيديولوجية مختلفة.
< وماذا عن عام من حكم الإخوان؟
<< كتبت خلال عام الإخوان كثيرًا جدًا ضدهم، لكن أنا ضد فكرة محو اسم رئيس جاء بانتخابات، والشعب خرج ضده لأنه أساء إلى الديمقراطية بوضع نفسه حاكمًا تنفيذيًا ومشرعًا قانونيًا وتحصين جميع قراراته من خلال الإعلان الدستورى الذى أصدره، كما عمل على خلق ميليشيات إخوانية تهاجم المحكمة الدستورية وتمنع الإعلاميين والقنوات من دخول مدينة الإنتاج الإعلامى واقتحام حزب الوفد، وما عرفناه من اتفاقيات مع حماس وقطر وتركيا، استدعت أن هذا الحكم لا يستمر بإرادة الشعب فى ثورة 30 يونيو 2013. إذًا هى إرادة شعبية توافقت معها القوات المسلحة لوقف نزيف ما كان يحدث فى مصر، والتوجه بها لمكانة لا نرضاها، وأتمنى من المراكز البحثية إجراء أبحاث ودراسات عن كل فترة من فترات الحكم فى مصر، لنأخذ منها أفضل ما فيها ونتجنب سلبياتها.