السبت , 19 أبريل 2025
الرئيسية / أخبار / 2025 / د. حسام بدراوي يحضر مناقشة ثقافية في صالون د. حجازي في بيت الشعر العربي

د. حسام بدراوي يحضر مناقشة ثقافية في صالون د. حجازي في بيت الشعر العربي

بدعوه من الاستاذ أحمد عبد المعطي حجازي الكاتب والشاعر العظيم وفريق عمله ، حضر د. حسام بدراوي مناقشة ثقافية في صالون د. حجازي في بيت الشعر العربي في الحسين ليقول رأيه في في ” الشعر العربي في مناهج التعليم” بحضورد. يوسف نوفل ود. أحمد عمار والشاعر أحمد عابد وادارة الاستاذ محمد عبده بدوي.
عنوان كلمة د. بدراوي كانت ” تجديد تدريس الشعر العربي في المدارس”
قال د. حسام
اللغة ليست صوتًا فقط… بل وعيٌ في ثوب نغمة.
ما يجعل اللغة إنسانية بحق، هو أنها ليست فقط وسيلة تواصل، بل وعاءٌ للمشاعر، والتجربة، والذاكرة.
كلمة “حب” تتكون من حرفين، لكنها تحمل من المعاني أكثر مما تحمل مكتبات من الكتب. اللغة تُحمِّل الصوت بالمعنى، وتحوّل الهواء إلى فكرة، والنَفَس إلى فلسفة.
الحاجة إلى أساليب تدريس جديدة:
شهد وعي واهتمامات التلاميذ في العصر الرقمي تغيّرات جذرية، فلم تعد الأساليب التقليدية في تدريس اللغة العربية – وخصوصًا الشعر – تحقق الأثر المنشود. لقد اعتمدت طرق التدريس القديمة على التلقين وحفظ الأبيات وشرح المفردات شرحًا تقليديًا، مما أبعد الشعر عن روحه الحقيقية وأهدافه التربوية . في ظل انفجار المعرفة الحديث والتدفق المعلوماتي، أصبحت الحاجة ملحّة لتبني مداخل جديدة في تدريس الأدب تلائم أبناء هذا الجيل الرقمي . لا بد من إعادة النظر في الأساليب التقليدية التي ما زلنا نصر عليها، والانتقال إلى أساليب حديثة تركز على نشاط المتعلم وتفاعله مع النص الشعري، وعلى ربط المحتوى باهتمامات الطالب وميوله . فالتلميذ اليوم متفاعل رقميًا، معتاد على المحتوى المرئي والسريع، ويحتاج إلى منهجية تعليمية تجعل الشعر حيًا ومرتبطًا بحياته. فيما يلي مجموعة مقترحات توجيهية لتحديث تدريس الشعر العربي في المدارس المصرية، هدفها تشجيع التفاعل والإبداع وتنمية التذوق الفني لدى الطلاب، وجعل الشعر جزءًا من وجدانهم.
١-. تبني أساليب تدريس تفاعلية ومبتكرة
بدلًا من الاقتصار على أسلوب المحاضرة وشرح النص كلمة بكلمة، ينبغي اعتماد نهج تفاعلي يشارك فيه الطلاب بفعالية. من الأساليب الحديثة أيضًا القصة الخلفية: قبل قراءة القصيدة، يعرض المعلم سياقها التاريخي أو حكاية قصيرة مرتبطة بموضوعها لجذب الانتباه. المهم أن يكون دور الطالب محورياً: يقرأ، يسأل، يفسّر ويشارك، وليس مجرد متلقٍ سلبي. الدراسات التربوية الحديثة تؤكد عدم وجود طريقة واحدة مثلى تناسب الجميع، بل التنويع بين استراتيجيات متعددة وفق تنوع الطلاب والأهداف . بالتالي فالمعلم المبتكر يمزج بين الحوار والمناقشة، والعصف الذهني، ولعب الأدوار في شرحه للشعر لضمان مشاركة كل طالب في صناعة معنى النص الشعري وليس فقط حفظه.
. ٢- دمج التكنولوجيا والوسائط الرقمية في تعليم الشعر
لا يستطيع تعليم الشعر اليوم الانعزال عن التقنيات الحديثة التي أصبحت جزءًا من حياة الطلبة. يمكن توظيف التكنولوجيا لإثراء تجربة تعلم الشعر بعدة طرق مبتكرة:
العرض السمعي والبصري للقصيدة: بدل أن يكتفي المعلم بقراءة القصيدة بصوته الرتيب، يمكنه تشغيل تسجيل صوتي احترافي لإلقاء القصيدة مصحوبًا بالصور أو الرسوم المعبرة عن معانيها . هذا الأسلوب يجذب انتباه المتعلمين منذ البداية ويجعل القصيدة أقرب إلى قلوبهم.
الإنتاج الفني الرقمي: تكليف الطلاب بإنشاء مشروع رقمي يتعلق بالقصيدة. مثلًا، استخدام أدوات مجانية لصنع مقطع فيديو أو عرض شرائح يُضمّنون فيه أبيات القصيدة مع صور أو رسوم مناسبة ومع خلفية موسيقية..
المدونات والمنتديات الصفية: إنشاء مدوّنة صفية للشعر ينشر فيها الطلاب كتاباتهم وتأملاتهم حول القصائد. .
التعليم المدمج والفصول الافتراضية: يمكن اعتماد نموذج الصف المعكوس في بعض الدروس الشعرية، بحيث يشاهد الطلاب في المنزل مقطع فيديو عن الشاعر وظروف كتابة القصيدة أو مقابلة مع شاعر معاصر يتحدث عن أهمية الشعر، ثم يأتي الطلاب إلى الصف وهم على دراية بالسياق ومستعدون للنقاش والإبداع. في الحصة، يستخدم المعلم جهاز عرض أو لوحًا تفاعليًا لعرض أبيات القصيدة بشكل مشوّق مع مؤثرات بصرية، ويترك مساحة لتفاعل الطلاب مع المحتوى المعروض.
تقنيات الواقع الافتراضي (VR): كفكرة متقدمة، أظهرت دراسات حديثة أن استخدام الواقع الافتراضي يمكن أن يعزّز اندماج الطلاب وانتباههم عند تعلم الشعر.
الذكاء الاصطناعي (AI): يمكن أيضًا الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي لتخصيص تعليم الشعر. على سبيل المثال، هناك برمجيات تعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكنها إنشاء تمارين تفاعلية حول القصيدة، مثل تحليل الوزن الشعري وإعطاء تغذية راجعة فورية حول صحة عروض بيت ما، أو شرح الاستعارات والتشابيه الصعبة بشكل مبسّط . هذه الأدوات تقدم دعمًا فرديًا لكل طالب لمساعدته على إتقان تعقيدات الشعر العربي الكلاسيكي .
باختصار، التكنولوجيا ليست عدوًا للشعر، بل وسيط لجعله أقرب لجيل اليوم. عبر دمج الوسائط المتعددة والأدوات التفاعلية، نحول درس الشعر إلى تجربة حيّة تجمع بين متعة المشاهدة والاستماع وبين عمق القراءة والتأمل.
. ٣- أنشطة صفّية إبداعية لتعزيز التفاعل
إلى جانب تحديث أسلوب الشرح، من المهم تنويع الأنشطة الصفية المرتبطة بالشعر لجعل التعلم عمليًا ومشوقًا. فيما يلي بعض الأمثلة التطبيقية:
مسابقات الإلقاء الشعري والمسرحة:
التعبير الفني متعدد الوسائط:
كتابة الشعر والإبداع الأدبي: من أفضل الطرق لفهم الشعر أن يجرّب الطلاب كتابته بأنفسهم. يمكن للمعلم تخصيص جزء من الدرس أو نشاط لا صفي لتشجيع الطلاب على تأليف أبيات بسيطة – سواء على النمط العمودي أو شعر التفعيلة أو حتى الزجل – ثم يقومون بمشاركتها. الكتابة تساعدهم على استيعاب جماليات الشعر (كالوزن والقافية والصورة) بشكل عملي.
استخدام الأغنية والإنشاد: الموسيقى باب مباشر لقلب الطالب. يمكن استثمار ذلك بتحويل بعض النصوص الشعرية إلى أناشيد وأغانٍ يرددها الطلاب. العديد من القصائد العربية الفصحى أُلّفت لها ألحان وأغنيات معروفة – يمكن للمعلم تشغيل إحدى هذه الأغاني المستندة إلى قصيدة مقررة وتحفيز الطلاب على الغناء معها. هذا الأسلوب فعّال خصوصًا مع الطلاب الذين ينفرون من الشعر التقليدي، حيث ندخل لهم من باب اهتمامهم (الموسيقى) لنصل إلى غاية تربوية (حب الشعر).
باستخدام هذه الأنشطة، يتحول درس الشعر إلى ورشة إبداعية حافلة بالحركة والصوت واللون. هكذا يتفاعل الطالب بجسده وعقله مع النص، فيزداد تعلقًا به وتصبح الحصة تجربة ممتعة ينتظرها.
.٤- ربط الشعر بالقضايا والقيم المعاصرة
لكي يشعر الطالب أن الشعر ليس مجرد كلام من زمن غابر بعيد عن واقعه، يجب إبراز صلة الشعر بالحياة المعاصرة وقضاياها. من المهم اختيار أمثلة شعرية (أو جوانب في القصيدة المدروسة) تمس اهتمامات الجيل الحالي وهمومه.
عند تدريس قصيدة وطنية قديمة، نربطها بمفهوم المواطنة اليوم وما يقدمه الشباب لوطنهم في العصر الحديث.
قصيدة غزلية من عصر سابق يمكن مقارنتها بأسلوب التعبير عن المشاعر في زمن وسائل التواصل الاجتماعي – كيف عبّر الشاعر عن حبه قديمًا وكيف نعبر عنه نحن الآن؟
تضمين شعر حديث أو معاصر: بالإضافة للقصائد التراثية،
مناقشة القيم: كثير من القصائد تحتوي قيما أخلاقية أو إنسانية (كالشجاعة، الكرم، التضحية). على المعلم إبراز هذه القيم وربطها بمواقف من الواقع: أين نرى هذه القيمة اليوم؟ من الشخصيات العامة أو المواقف اليومية التي تجسدها؟ بذلك يدرك الطالب أن الشعر ليس مجرد جمال لغوي بل رسالة وقيم إنسانية تعيش عبر العصور.
أخيرًا، يمكن للمعلم أن يطلب من الطلاب البحث عن قصيدة (أو بيت شعر) بأنفسهم يعبر عن قضية معاصرة تهمهم، ثم تقديمه أمام زملائهم مع شرح لماذا اختاروه وما صلته بواقعهم.
٥- تحبيب الطلاب في الشعر وتنمية التذوق الأدبي
الهدف الأسمى من كل ما سبق هو أن يحب الطالب الشعر ويقدّره، لا أن يدرسه كمادة للاختبار ثم ينساه. لتنمية التذوق الفني وجعل الشعر جزءًا من وجدان الطالب، ينبغي اتباع استراتيجيات مشجعة وممتعة:
إثارة العواطف والوجدان: التركيز أثناء التدريس على جماليات القصيدة وصورها ووقعها الموسيقي، ودعوة الطلاب إلى التأمل في الشعور الذي تمنحه لهم الأبيات
الابتعاد عن التعقيد والتنفير:
التقدير والثناء المستمر: يجب على المعلم أن يخلق مناخًا إيجابيًا حول الشعر.
النشاطات اللامنهجية الشعرية: تنظيم نوادٍ أدبية أو أمسيات شعرية مدرسية يدعى إليها أولياء الأمور أو شعراء من المجتمع المحلي. عندما يرى الطالب أن الشعر يُحتفى به في مدرسته وأن جهوده الإبداعية قد تُعرَض أمام الجمهور، سيشعر بقيمة ما يتعلمه
خاتمة: نحو جعل الشعر جزءًا من الوجدان
في ختام هذه المقترحات، نؤكد أن تجديد أساليب تدريس الشعر العربي ليس ترفًا تربويًا، بل هو ضرورة تمليها طبيعة متعلمي اليوم وسرعة إيقاع حياتهم. عبر تبني النهج التفاعلي والتقنيات الحديثة والأنشطة الإبداعية، يصبح درس الشعر تجربة محببة ومؤثرة. هكذا يتحول الطالب من حافظٍ للشعر إلى متذوّقٍ وصانعٍ له. وعندما يتذوق الطلاب جمال الكلمة العربية ويشعرون أن القصيدة تتحدث إليهم وعنهم، سيتولّد داخله شغفٌ حقيقي يدفعه إلى قراءة المزيد من الشعر خارج المنهج أيضًا.

التعليقات

التعليقات

عن د. حسام بدراوي

د. حسام بدراوي
عن دكتور حسام سياسي ومفكر وطبيب بارز فهو رئيس قسم أمراض النساء والتوليد الأسبق في كلية الطب جامعة القاهرة، تلقي الدراسات العليا أعوام 1979 إلى 1981 في الولايات المتحدة الأمريكية، انتخب عضو في البرلمان المصري ورئيساً للجنة التعليم والبحث العلمي في بالبرلمان منذ عام 2000 حتى 2005، السياسي حسام بدراوي عرف بمواقفه المستقلة ومن القلائل الذين اتفق على نزاهته الجميع من كافة التيارات السياسية، ففي عصر الرئيس الأسبق مبارك كان يلقب بالعاقل داخل صفوف الحزب الوطني، حيث كانت نداءاته وطلباته السياسية تتفق بقدر كبير مع النداءات الداعية للانفتاح السياسي والديمقراطي في مصر، فكان ضد تمديد حالة الطواري، واعترض على انفراد الحزب الوطني بالتعديلات الدستورية، خلال ثورة 25 يناير 2011 ، لعب دوراً سياسياً هاما، حيث عبر منذ اللحظة الأولى على حق المتظاهرين في مطالبهم، ودعا الحكومة إلى الاستماع والاستجابة لهم، ما جعل مبارك مع تصاعد الاحداث لما له من شعبية بتعيينه أمينا عاما للحزب خلفا لأعضاء هيئة المكتب وخلال تلك الفترة عبر عن رأيه السياسي لمبارك بضرورة التنحي، وهو ما دفعه للاستقالة من الحزب بعد 5 أيام من تعيينه يوم 10 فبراير معلنا اختلافه السياسي مع القيادة السياسية في طريقة التعامل مع المتظاهرين ومطالبهم في حكم الإخوان فظلت مواقفه واضحة منذ اللحظة الأولى برفضه الدولة الدينية التي اعتبرها تريد تلويين الشعب بلون واحد، واعتبر قرار الرئيس المعزول مرسي بعودة مجلس الشعب ترسيخ للديكتاتورية المؤيدة من الولايات المتحدة، وكان من أوائل المنددين بتوغل سلطة مرسي على سلطة القضاء، مستنكرا محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل مليشيات الإخوان أيد د حسام بدراوي حركة تمرد مع بدايتها، وأعلن أن إسقاط حكم الإخوان أصبح ضرورة ومخاطرة لابد منها قبل أشهر من ثورة 30 يونيو، مؤكدا أن الجيش سيقف بجانب الشرعية المستمدة من الشعب.. في ٢٠١٦ تم اختياره رئيسا للجنة الاستشارية لمشروع التعليم أولا ورئيسا للجنة وضع رؤية مصر ٢٠٣٠ في التعليم وفي ٢٠٢٢ تم اختياره مستشارا للحوار الوطني لرؤية مصر ٢٠٣٠