الخميس , 20 فبراير 2025
الرئيسية / بقلم د حسام بدراوي / سلسلة الجرأة علي التفكير ‏ تنوير الإنسانية (٢) ‏ بقلم حسام بدراوي

سلسلة الجرأة علي التفكير ‏ تنوير الإنسانية (٢) ‏ بقلم حسام بدراوي

سلسلة الجرأة علي التفكير
‏ تنوير الإنسانية (٢) ‏
بقلم
حسام بدراوي
‎ ‎
‎ ‎
في خضم حملة شعواء ضد كل من يتجرأ علي إعلان رأي أو مناقشة أمر قد يختلف عليه الناس بدعوي أنه غير ‏مسموح لغير المتخصصين بالكلام في الدين ولا مساس بالثوابت ( بدون تعريف المقصود بالثوابت ) ، عدت إلي ‏مقال لي منذ سنوات كتبته بعدما تابعت اجتماع شيخ الأزهر مع بابا الفاتيكان وإصدارهم وثيقة عن التسامح ‏والمحبة والعقل والتنوير. ‏
كتبت قائلاً: “لقد تضمنت المبادئ الأساسية لفلاسفة التنوير في عصور النهضة إستخدام العقل والمنهج العلمي ‏والحرية الفردية، والتسامح الديني مقابل العقائد الثابتة للكنيسة الكاثوليكية الرومانية في ذلك الوقت. ‏
إن أهم ما يعوق التنوير والتطور في أي أمة هو راحة الإنسان لبقاء الأمر كما هو عليه لأن التغيير يستلزم جهداً ‏، وتنازلات مشتركة وانتقال من زمن إلى زمن جديد تتغير فيه المسئوليات ‏‎ ‎وتتعدد فيه التوجهات ، وطبيعه ‏البشر أنهم أعداء ما جهلوا. ‏‎ ‎يضاف الي ذلك أنه إذا استتب الحكم لطائفه سياسية أو دينية ، فلماذا يُعّرضوا أنفسهم ‏إلى هزات قد تسلبهم ملكاً أو تحكماً في الشعوب. ‏
‎ ‎
وفي الجانب الآخر ، فإن ‏‎ ‎على دعاة التنوير ، أن يفطنوا إلى أن الإسلام ليس هو الكنيسة، ‏‎ ‎فليس الدين ‏الإسلامي الذي نعرفه رافضا للعلم، ولا محارباً للعقل.‏
فرغم وجود رجال وشيوخ ‏‎ ‎كانوا ومازالوا يتمسكون بالماضي ويرفضون الحداثة ويؤثمون كل من يناقش ‏ويتفكر، ويعطون من يحرق الكنائس وكل منظمات الإرهاب باسم الإسلام مثل داعش وأمثالها تفسيرات ‏لنصوص وفتاوي دعماً ومرجعية ، فهناك شيوخ وقادة فكر دعوا ويدعون إلي انفتاح العقول وتنوير البشرية مثل ‏الأئمة محمد عبده وسليم البشري وعبد الحليم محمود وعلي عبد الرازق وأحمد الطيب وقادة فكر مثل طه ‏حسين والعقاد زكي نجيب محمود وغيرهم.‏
‏ هناك أصحاب فكر مُنعت كتبهم من التداول أو تعرضوا للإغتيال مثل نجيب محفوظ أو قتلوا لمجرد الجرأة ‏علي إبداء الرأي مثل فرج فودة ،وعلي العكس لا يوجد في التنوير والدعوة لاستعمال العقل من يفتي بقتل ‏المختلف، أو نفيه أو منعه من إبداء رأيه. ‏
‏ للأسف ‏‎ ‎لا يجب لبعض رجال الدين المتزمتين و بعض دعاة التنوير ، ‏‎ ‎أن يصوروا الأمر ‏‎ ‎على أنه صراع بين ‏الإسلام والعلم، بين الدين والعقل، ويتمسك هؤلاء بالماضي وأقوال السلف،حتي ولو كان لا يقبله العقل ويدفعوا ‏دعاة التنوير أحيانا ‏‎ ‎إلى حائط الإلحاد والكفر. ‏
ولو أنصف هؤلاء وهؤلاء أنفسهم لجعلوا العلم والمعرفة وانفتاح العقل ديناً وفريضة. ‏
ولعل أكثر المهام صعوبة، هو تحويل ‏‎ الصراع‏ الي حوار ، ونقله‎ ‎إلي حلبه جديده من الحداثة واستخدام العقل ‏والمنطق بلا تكرار لمعارك فكرية حدثت منذ مئات السنين في أوروبا ، ‏‎ ‎فلا الزمن هو الزمن ، ولا نطاق المعرفة ‏هو ما كان. ‏
‎ ‎
لذلك فقد ابتهجت وغمرني الأمل عندما شاهدت الصديق العالم ‏‎ ‎الإمام شيخ الأزهر يتحدث نفس لغة العقل ويتخذ ‏منهجا علميا في مواجهة حتمية تنقية التراث وتجديد الخطاب الديني عندما قال : ‏اليوم نتحدث عن معوقا لعب دورا خطيرا في تجميد ‎حركة التجديد وبعث نزعات التقليد والتعصب, هذا العائق ‏هو عدم التفرقة بين الشريعة كنصوص إلهية من القرآن الكريم أو نبوية من السنة الصحيحة وبين الفقه ‏كاستنباطات العلماء واجتهاداتهم في هذه النصوص, واستخراج الأحكام منها و إضفاء قدسية الشريعة على اجتهاد ‏فقهائنا السابقين واستدعاء فتاواهم وآرائهم التى قالوها ليواجهوا بها مشكلات عصرهم والتى كان رضى الله عنهم ‏يعلمون علم اليقين أنها اجتهادات بشرية ليست معصومة ولا هى فى منزلة نصوص الشريعة”. ‏
وقال ‏‎”‎وما الفقه إلا استنباطات بشرية استنبطها العلماء المختصون فى هذا الحقل العلمي الدقيق من الشريعة ‏الإلهية المعصومة, وإن أى خلط بينهما سوف يؤدى لا محالة إلى تأليه البشر وتقديس الفكر الإنسانى ،‎ ‎فالشريعة ‏نصوص مقدسة بينما استنباطات العلماء من فقهاء وأصولين و مفسرين ومحدثين ومتكلمين كلها معارف بشرية ‏أو تراث يؤخذ منه ويترك‎.”.. ‎
ويزيد قائلا‎” ‎يمكن أن نقول ونحن مطمئنون: “نعم تراثنا ليس كله قادراً على مواجهات مشكلات العصر ولكنه ‏أيضاً ليس كله بعاجز عن التعامل معها ويتطلب استمرار هذا التراث حياً مؤثراً، إلغاء عناصر وإبقاء عناصر ‏أخرى واستدعاء عناصر ثالثة من خارجه حسب حاجة المجتمعات ومصلحتها‎”. ‎
‏”والتراث حين يتخذ من التجديد أداة أو اسلوباً ليعبر به عن نفسه يشبه التيار والنهر السيال الذى لا يكف لحظة ‏عن الجريان، أو هكذا يجب أن يكون وإلا تحول إلى ما يشبه ماءاً راكداً آسيناً يضر بأكثر ما يفيد. والذين يظنون ‏أنهم قادرون على مواجة المستجدات بمجرد استدعاء الأحكام الجاهزة من تراث القرون الماضية يسيؤن من حيث ‏يدرون أو لا يدرون لطبيعة هذا التراث العظيم.” ‏
ويقول الشيخ الجليل‎”‎أن الجمود من سمات الموت وأن الحركة هى الخاصية الأولى للحياة ‏‎” ‎
ألا يتفق ذلك يا سادة مع ما يدعو اليه العقلاء من الأمة..‏
وأزيد للقارئ ما جاء بوثيقة ‏‎«‎الأخوة الإنسانية‎» ‎و فيها ما يثلج الصدر ويرضي العقل التنويري . حيث أعلن قطبا ‏الديانتين ‏‎ ‎باسم الحرية التى وهبها الله لكل البشر وفطرهم عليها وميزهم ، أعلن الأزهر الشريف – ومن حوله ‏المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها – والكنيسة الكاثوليكية – ومن حولها الكاثوليك من الشرق والغرب – ‏تبنى ثقافة الحوار درباً، والتعاون المشترك سبيلاً، والتعارف المتبادل نهجاً وطريقاً.‏
تقول الوثيقة ‏‎: “‎إننا نطالب أنفسنا وقادة العالم، وصناع السياسات الدولية والاقتصاد العالمي، بالعمل جديا على ‏نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، والتدخل فورا لإيقاف سيل الدماء البريئة، ووقف ما يشهده العالم حاليا من ‏حروب وصراعات وتراجع مناخى وانحدار ثقافى وأخلاقي‎”.‎
نتوجه للمفكرين والفلاسفة ورجال الدين والفنانين والإعلاميين والمبدعين فى كل مكان ليعيدوا اكتشاف قيم ‏السلام والعدل والخير والجمال والأخوة الإنسانية والعيش المشترك، و ليؤكدوا أهميتها كطوق نجاة للجميع، و ‏ليسعوا ‏‎ ‎فى نشر هذه القيم بين الناس فى كل مكان.
وتقول الوثيقة : “كما نعلن ــ وبحزم ــ أن الأديان لا يجب أن تكون أبداً بريداً للحروب أو باعثة لمشاعر الكراهية ‏والعداء والتعصب، أو مثيرة للعنف وإراقة الدماء، فهذه المآسى حصيلة الانحراف عن التعاليم الدينية، ونتيجة ‏استغلال الأديان فى السياسة، وكذا تأويلات طائفة من رجالات الدين ــ فى بعض مراحل التاريخ ممن وظف ‏بعضهم الشعور الدينى لدفع الناس للإتيان بما لا علاقة له بصحيح الدين، من أجل تحقيق أهداف سياسية ‏واقتصادية دنيوية ضيقة.” لذا فنحن نطالب الجميع بوقف استخدام الأديان فى تأجيج الكراهية والعنف والتطرف ‏والتعصب الأعمي، والكف عن استخدام اسم الله لتبرير أعمال القتل والتشريد والإرهاب والبطش.إن الله عز وجل ‏فى غنى عمن يدافع عنه أو يرهب الآخرين باسمه‎”. ‎
ومنذ سنوات و بعد انتهاء مائدة مستديرة لمناقشة المواطنة وحرية العقيدة في مقر ‏‎ «‎الكنيسة الأسقفية‎» ‎،بحضور ‏العديد من الشخصيات العامة المصرية المحترمة وممثلي الكنائس والسفراء، اقترب مني المطران “منير حنا ‏‏”مطران الكنيسة الأسقفية بمصر وشمال أفريقيا وقال لي: لقد قرأت مقالك الأخير عن الثقافة والدين وأريد أن ‏أقول لك: “سلم قلمك وفكرك الراجح و أسلوبك الدبلوماسي الرقيق”. ‏
‏”أتعجب يا صديقي من هؤلاء الذين يخشون من النقد وحرية التفكير. ويضعوا أنفسهم حراساً على الدين . هل ‏يحتاج الله إلى من يساعده فى حراسة كلماته؟ ‏
واستطرد قائلا:عندما كتب توفيق الحكيم مقالاته ‏‎”‎حديث مع الله‎” ‎قامت الدنيا ولم تقعد. فهل يرفض الله ان نتحدث ‏معه؟ على العكس ، إن الله مثل الاب الذى يستمتع بأسئلة صغاره ، و صلاة الانسان هي حديث مع الله. ‏
ثم استطرد قائلاً: عندما أخذ بعض الرهبان فى القرن الرابع عشر على عاتقهم ان يترجموا الانجيل من اللاتينية ‏إلى لغة الشعب ‏‎(‎الانجليزية‎) ‎تم الحكم عليهم بالحرق‎. ‎وكان اول هؤلاء “جون ويكلف” الذى رأى أن الخرافات ‏تملأ أذهان الشعب وتبعدهم تماما عن تعاليم المسيح وذلك لانهم لا يفهمون اللاتينية التى اصبحت فى أذهان قادة ‏الكنيسة لغةٍ مقدسة لايجوز ترجمتها .‏
إحتراماً وتحية لشيخ الأزهر وبابا الفاتيكان اللذان أكدا جوهر الدين وعادوا به نورا للعقول وأظهروا جوهر ‏الأخلاق والضمير فيه والنفس السوية لحماية البشرية. .‏
وتحية لصديقي المطران منير حنا والي كل من يتسع صدره بتسامح لقبول الآخر ومن يتسع عقله ليستوعب ‏تراكم المعرفة وجديدها وتجديدها.‏
وأعود إلي مقولة الإمام علي بن أبي طالب:‏
‏”رأس الفضائل وينبوع الأدب هو العقل الذى جعله الله تعالى للدين أصلاً وللدنيا عماداً” ‏
فلنتعقل ونتسامح ونتحاور بدون خوف و لا تهديد ولا منع. ‏
May be an image of ‎1 person and ‎text that says '‎والارهاب عمندافع والتطرف والتعصب อ้าร هتاك صحاب ضنعت كتبهم التداول أوتعرضو اللدغتيال تجبب محفوط أوقتلو المجر لجراأ جرآ أعلى إبداءالرأء طثل فودة وعلى العكص ليوجد حدهی التنوير لأستعمال والدعوةلانستعمال العقل منبفتی بقتل ،المختلف، وتقبه وحنعه منإبحاء_رابه على مقهی الحا الحالمون بالغد حسام بدراوی يكتب الإنسانية (۲) تحمید التحديد نزعات التفكير الرهبان وقاد البشر فهناك سلسلة الجرأة ضد کل كل يتحرا على بطتف الكلام خطم حملة شعو منائشة مساب التصسامع الغانكا الناس والع الشاروا ،الجریان هكذا هزات الحظة علده المو وفتاری داعشی وآمثالها تقسيرات‎'‎‎

التعليقات

التعليقات

عن د. حسام بدراوي

د. حسام بدراوي
عن دكتور حسام سياسي ومفكر وطبيب بارز فهو رئيس قسم أمراض النساء والتوليد الأسبق في كلية الطب جامعة القاهرة، تلقي الدراسات العليا أعوام 1979 إلى 1981 في الولايات المتحدة الأمريكية، انتخب عضو في البرلمان المصري ورئيساً للجنة التعليم والبحث العلمي في بالبرلمان منذ عام 2000 حتى 2005، السياسي حسام بدراوي عرف بمواقفه المستقلة ومن القلائل الذين اتفق على نزاهته الجميع من كافة التيارات السياسية، ففي عصر الرئيس الأسبق مبارك كان يلقب بالعاقل داخل صفوف الحزب الوطني، حيث كانت نداءاته وطلباته السياسية تتفق بقدر كبير مع النداءات الداعية للانفتاح السياسي والديمقراطي في مصر، فكان ضد تمديد حالة الطواري، واعترض على انفراد الحزب الوطني بالتعديلات الدستورية، خلال ثورة 25 يناير 2011 ، لعب دوراً سياسياً هاما، حيث عبر منذ اللحظة الأولى على حق المتظاهرين في مطالبهم، ودعا الحكومة إلى الاستماع والاستجابة لهم، ما جعل مبارك مع تصاعد الاحداث لما له من شعبية بتعيينه أمينا عاما للحزب خلفا لأعضاء هيئة المكتب وخلال تلك الفترة عبر عن رأيه السياسي لمبارك بضرورة التنحي، وهو ما دفعه للاستقالة من الحزب بعد 5 أيام من تعيينه يوم 10 فبراير معلنا اختلافه السياسي مع القيادة السياسية في طريقة التعامل مع المتظاهرين ومطالبهم في حكم الإخوان فظلت مواقفه واضحة منذ اللحظة الأولى برفضه الدولة الدينية التي اعتبرها تريد تلويين الشعب بلون واحد، واعتبر قرار الرئيس المعزول مرسي بعودة مجلس الشعب ترسيخ للديكتاتورية المؤيدة من الولايات المتحدة، وكان من أوائل المنددين بتوغل سلطة مرسي على سلطة القضاء، مستنكرا محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل مليشيات الإخوان أيد د حسام بدراوي حركة تمرد مع بدايتها، وأعلن أن إسقاط حكم الإخوان أصبح ضرورة ومخاطرة لابد منها قبل أشهر من ثورة 30 يونيو، مؤكدا أن الجيش سيقف بجانب الشرعية المستمدة من الشعب.. في ٢٠١٦ تم اختياره رئيسا للجنة الاستشارية لمشروع التعليم أولا ورئيسا للجنة وضع رؤية مصر ٢٠٣٠ في التعليم وفي ٢٠٢٢ تم اختياره مستشارا للحوار الوطني لرؤية مصر ٢٠٣٠