وسط جنون التطرف والعنف وقطع الرقاب باسم الإسلام، وجدتنى أفكر فى عيد مولد سيدنا محمد بشكل مختلف، أفكر فيه كإنسان جميل، دمث الأخلاق، من قبل أن يكون رسولًا ونبيًا يمثل قلب وركيزة الدين الإسلامى فى كلامه وأفعاله.
حكمته فى نشر رسالته بالحسنى والموعظة والمودة والرحمة، حتى فى لحظة انتصاره يوم فتح مكة.
وإدراكه لبشريته عندما يقول لأنصاره أن يناقشوه، بل يصححوا قراراته فى الحرب، هو رسالة باللجوء إلى التخصص وقت اللزوم.
وعندما وافق على صلح الحديبية، رغم اعتراض أقرب مستشاريه على عدم ذكر أنه رسول الله فى الديباجة، وعندما أقر شعائر الحج كما هى قبل الإسلام، وأعطى «أبوسفيان»، قائد الكفرة، مكانه وقيمته، كان سياسيًا لبيبًا، يرى المستقبل ولا يغرق فى اللحظة، وجامعًا للناس وليس مفرقًا بينهم.
قوته فى إعلان أن الله لا يغير مواثيقه لبشر عندما خسفت الشمس أثناء دفنه ابنه «إبراهيم» هى درس إنسانى من الدرجة الأولى لعدم استغلال الفرص كذبًا لإعلاء رسالته مهما توافقت الظروف.
حبه لابنته، واعتراضه على زوج ابنته عندما أراد الزواج عليها، كان إنسانيًا بامتياز.
سيدى وحبيبى محمد كان رجلًا جميلًا فى أخلاقه، رحيمًا بمَن حوله، حكيمًا فى قوله، حافظًا لعهوده، وجمع بين الوالد الراعى، والزوج الرائع، والقائد الناجح، والسياسى اللبيب، والنبى الحبيب، والفيلسوف، والإنسان.
هو الوحيد الذى أكمل رسالته ووثَّقها وعاش كلام الله مَثَلًا يُحتذَى به.
فى ذكرى يوم مولدك، أُغمض عينىَّ وأرسل لك رسالة حب وشكر وعرفان واحترام، فأنت المَثَل الأعلى بين خلق الله.